الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أذكروا محاسن موتاكم

سونيا ابراهيم

2012 / 7 / 6
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


اذكروا محاسن موتاكم
( أبوكِ بيتقلب بتربته ، خليه يرتاح )
كان والدها قبل وفاته بسنين قد تأكد من أن رجل ذكوري سيضعها تحت أسره ، ويغلق عليها بالقفص الصغير ، بعد أن يتأكد أنها لن تستطيع أن تصطحب أحدًا من الصغار إذا فكرت بالخروج من الحبس الصغير إلى حريتها المطلقة بعيدًا عن أوامره ، وخدمته المجانية إلى الأبد . هل كان عليها أن تنتظر وفاته ، أم تهرب من أسر والدها ، إلى أسر رجل تستطيع أن تتوهم أنه سيكون خلاصها ، ومنقذها إلى حياة ملؤها الحب والأحلام .. وفي وسط هذا الحلم الذي كانت تخطط أن تلجأ اليه ، أيقظتها لسعة من صديقتها بأن خلاصها يكبرها ، وعمره ضعف عمرها ، وأخبرتها كيف أن الرجل قد لا يستطيع أن يخلص لإمرأة واحدة ، قالت لها جملة جعلتها تصحو قليلًا من بحر الخوف ، الذي أغرقها والدها بمساعدة والدتها فيه : ( الرجال اللي بيكونو في سنه بيتزوجو عشان يقضو شهوتهن ، هاد ما بينفعك ، افسخي خطوبتك ) .
عادت حزينة من مدرستها الثانوية ، وهي تأسر دموعًا أخرى في عينين لا تعرف ما جدوى هذه الحياة ، وتحدثت إلى والدتها بنبرة العصفورة ، التي تتألم كل يوم منذ ولادتها داخل هذا القفص الأليم ، وهي وحيدة ، ووالدتها تقول لها بنبرةٍ آمرةٍ : ( ما في عنا بنات بيطلقو ، أنتِ هلقيت مكتوب كتابك ، يعني بصير اسمك مطلقة ) .
تعود العصفورة ، وبعد أن قضت أكثر من عشر سنين في خدمة المأمور الجديد ، وهي تحاول أن تقنعه بأن يعطيها حريتها ، هي كانت مخطئة ، فهي الآن لا تستطيع حتى أن تتحرر من نفسها ، كل يوم يزداد عمقها في هذه العادات والتقاليد ، رجل واحد مسئول عنها ، وكأن حياتها لا معنى لها بدون سجان .
وتقول لها ذاكرتها الأم : لا تستطيعي أن تنطلقي ، ووالدتك تذكرك كل مرة بأن والدك يتقلب في تربته ، لا تزيدي أوجاعه ، وهو ميت , ارجعي إلى بيتك ، وزوجك سوف يتحسن معك ، وعلى طول مدى هذه السنين ، تأتي الوالدة ، التي ارتاحت من عصفورتها ، وهي تحولها إلى ساقطة رخيصة بحبل للربط ، ثم إلى امرأة ناقصة بعيدة عن الأنوثة بكل الطرق الممكنة ، وهي تكبلها بكلمة " الله يرحم أبوكِ " ، " لو كان موجود والله ما صار هالكلام اللي بتحكيه " ، " أنا من امبارح مش عارفة أنام بسببك ، روحي لزوجك " .
وتنسى والدتها ، وهي شريكة المأمور في وضع هذه الأقفال ، بأن ابنتها ما زالت على قيد الحياة ، بينما زوجها ، وشريكها قد توفي ، وهو الذي كان شريكها في هذه المأساة ، التي تعيشها ابنتها الشابة مع رجل يبلغ من السن ضعف عمرها وشبابها . وتصر الوالدة صاحبة كل هذه العذابات ، وشريكة المرحوم ، في مساعدة زوجها بأن يتقلب أسرع في تربته ؛ فتحرض ابنتها على ابنها من زوجها ، ومن ثم تصر الوالدة على أن تميز بين ابنتها وابنها . الولد يحق له ما لا يحق لأخته البنت . وقد تساهم الأم في صنع جحيم آخر لابنتها الأخرى ، التي تعيش معها ، وكأنها تريد أن تحول حياتها إلى جحيم بكل الأحوال .
الوالد يتقلب في تربته ؛ فهو شريك في صنع حياة بائسة لابنته التي تزوجت بالاكراه ، وهي تعيش مع زوج عاجز ، بعد أن وضع له كل مجتمع " العادات والتقاليد " ، والذي أسس قضبان القفص ، كل الأعذار الممكنة ، والأسوأ من ذلك أنهم يتهموا العصفورة الصغيرة بذلك .. يقولون لها : " زوجك عاجز بسببك ، أنت من سببتي له هذه الأزمة !!"
هل يا ترى يتقلب الوالد في تربته – كما تدعي شريكته في مناماتها التي لا تراها إلا وهي نائمة – ليناديها لتنضم إلى جحيم صنعه لها ، مكافأةً على مبدأ الشراكة التعاوني ، في خلق قضبانٍ ، وأسواٍر مقفلةٍ لسجانٍ ما زال يحترق شوقًا للحرية المجهولة – قد تكون جحيمًا آخر حيث يتقلب براحته في تربته – واعظًاً ومربيًا ومسئولًا ، عقله ينتج كل ما هو ذكوري بفيضٍ وبلا ملل . وانتهى إلى ما لا نهاية ........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول مكتب عقاري بإدارة امرأة في مقاطعة الرقة


.. مسرحية بترا




.. العنف ضد المرأة في تزايد الأسباب متعددة والحلول غائبة


.. ضغوط نفسية وتحديات معيشية معاناة مزدوجة تعيشها نساء غزة




.. تفاعلكم | تفاصيل مفجعة عن شبكة لاغتصاب الأطفال عبر تيك توك ف