الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الأفكاء بدأت

الحايل عبد الفتاح

2012 / 7 / 7
المجتمع المدني


حرب الأفكاء بدأت

الآن دخل العالم مرحلة ما يسمى ب "صراع الأفكار". وفي كل صراع يوجد منهزم ومنتصر. والسلاح المستعمل من لذن المتصارعين فكريا هو الثقافة، أي مجموعة الأفكار الرائجة في كل مجتمع ومدى قوة الإقتناع والإقناع بها.
فالحضارة الإنسانية واحدة، ولا يمكن اعتبار حضارة مجتمع ما هي الحضارة الأمثل والأقوم والأحسن لكل الناس.
- فالثقافة الإنسانية واحدة رغم وجود خصوصيات إقليمية أو وطنية أو إديلوجية. فهي في آخر المطاف تصب في اتجاه واحد مع مرور الزمان...
- من يقول ب" بصراع الحضارات" فهو يعترف بوجود مستويات في ترتيب الحضارات، ومن ثم تصبح الحضارة الإنسانية حضارات متعددة. والحضارات لا ترتب بحسب معطيات إقليمية ووطنية وإديلوجية، بل هي واحدة ولا تشطر. فلو كانت هناك حضارات لما وصلتنا أفكار أفلاطون وأرسطو وغيرهم من المثقفين القدماء ولاحتفظت كل حظارة بمثقفيها. وهكذا، فكل المجتمعات تعرف أفلاطون وأرسطو وتستعمل أفكارهم بدون حرج رغم بعد تواجدهم الزمني والمكاني واختلاف لغتهم عنا وعن غيرنا...
وكل ما في الأمر أن اختلاف الثقافة يخلق في ذهن بعض المثقفين شبهة وجود صراع حضاري.
أما "صراع الحضارات" فلا وجود له إلا في عقول بعض المثقفين المحدودي الثقافة وذووا النظرة الضيقة لمفاهيم من قبيل مفهوم الإنسان والثقافة والعقل والمنطق....
أما القول بوجود "صراع حضاري"، كما يدعي البعض ( مثلا الدكتور المهدي النجرة) فهو قول لا أساس له من الصحة ولا يستقيم مع العقل والمنطق.
والقول بوجود "صراع الحضارات" يؤدي في آخر المطاف إلى خلق نعرة عنصرية أو انتقامية...
فكلمة "حضارة" Civilisation مشتقة من اللغة اللاتينية على حد قول العديد من المثقفين.
dérivé indirectement du latin civis signifiant « citoyen » par l intermédiaire de « civil » et « civiliser »
وتعني باللغة اللاتينية القديمة "المواطن" لا غير.
وهي كلمة صعبة التحديد والتبيان، لأن لها عدة معاني وتختلط بالعديد من المفاهيم...واستعمالها في مجال دون آخر أو في لغة دون أخرى يزيد من تعقيد فهمها. وفهمها لدى المؤرخ يختلف عن فهمها لدى عالم الإجتماع ولدى الأرتبلوجيين...
ومن ثم فالعديد من المثقفين يتحدثون عن الحضارة البابلية والحضارة الآشورية والحضارة الفينيقية والحضارة الإغريقية والحضارة الغربية والحضارة العربية الإسلامية...
لكن في الحقيقة أن كل هذه الحضارات هي حضارة واحدة وإنسانية. وهي في الأصل مجموعة الأفكار الإنسانية السائدة في زمان ومكان محددين...والأفكار في الحقيقة لا مكان ولا انتماء لها لأنها تصدر من كائن بشري اسمه الإنسان مهما اختلف زمان ومكان عيشه.
بل أن من المثقفين من يستعمل كلمة "حضارة" ليقدح في جهة معينة أو يستغلها. والأدهى أنها استعملت كإديلوجية أو استراتيجية للتفريق والتميز بين الناس...فبعض مثقفي الدول الأوروبية بهذا المعنى سمحوا لأنفسهم بالقول أنهم استعمروا عدة مناطق "لتحضيرها"...ومن ثم خلقت مفاهيم التخلف والبداوة كضد للحضارة...
فعلى من يصف نفسه بالمثقف ويجد في ذاته القدرة على خوض هذه المعركة الفكرية السائدة حاليا، أن يحترس من الأفكار المسمومة الرائجة... وفوق ذلك عليه أن يراجع أفكاره قبل أن يتكلم مع الجهال او يكتب أو يتصرف...ألا ترون أن الأحداث تتشابك وتتراكم وتتكاثر من حولكم ؟ فاين هب الحقيقة؟
فانتم منذ الآن تعرفون أن البقاء للأقوى والموت للضعيف فكريا. وبما أنكم تعتقدون أنكم لستم ضعفاء الفكر، ولكم نظرة واعية، تستمد إديلوجيتها الصائبة من دفاعكم عن الشعب وعن الديمقراطية كأساس للحوار الجدي، فمن واجبكم التبيان والتوضيح ما أمكن لمن هو في غفلة من حولكم. وشروط انخراطكم في التوعية يجب أن ينطلق من مسلمات إنسانية متعارف عليها ومجربة محليا ودوليا.
وستضعون في الحسبان دوما وأبدا أن لا حوار ولا جدال ولا اتفاق مع من لا يؤمن بالديمقراطية التي تحتوي على مبدأين أساسيين: التعدية الحزبية وحرية التعبير.
هذا ويجب أن يفهم الجميع أن من يجد له منبرا خطابيا واسعا نسبيا فهو يستطيع التاثير على غيره بأفكاره، سواء كانت أفكاره هدامة أو بناءة. من ثم فنشر الفكر المسموم او المداوي يخلق إما شوشرة في أفكار وتصورات الشعب أو يرشد الشعب لفهم الواقع بما فيه من مغامرات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية.
وبما أن حرب الأفكار بدأت فمن الواجب والضروري على كل مثقف أن يساهم ما أمكن ولو بمقال ولو بالوسائل المتاحة له لنصرة الحق والمصلحة العامة الإنسانية ولدحض الأكذوبات المصلحية والنفاق الضيق الهدف.
إذن هيت لكم سلاحنا وأفكارنا في هذه المعركة الفكرية التاريخية الدائرة حاليا، لكي لا يقال في يوم من الأيام التاريخية أننا لم نقم بواجبنا ولم نرشد غيرنا على فهم الواقع ومواقع مصلحة الشعب ومصلحة الإنسانية. فلنمت على حق إنساني ونحيا عبر التاريخ بكلمة حق. وفوق ذلك، فنحن نعي ونفهم الموقف التاريخي الذي تعيشه الإنسانية حاليا، ونرى أن تاريخ العرب المسلمين وأفكارهم بدأ اليوم بجدية...
كفانا تسترا بإديولوجيات ومصالح شخصية ومفاهيم بائدة معرضة ومغلطة. كفانا استهتارا بالشعب العربي الإسلامي والدولي والإنساني. فالسكوت في معرض الكلام موافقة على ما هو أكاذيب وطمس للحقيقة.
إذن علينا كفاعلين ثقافيين واجب التبيان والتوضيح. ف"ما قيمة الإنسان معتقدا إن لم يقل للناس ما اعتقدا"، كما يقول المفكر المهجري...
هذا، وأن العديد من المثقفين العرب المسلمين وغير العرب وغير المسلمين يحملون في جمجماتهم أفكارا وتصورات مغلوطة...وهي سبب إخفاقهم وانهزامهم أمام الفكر الوروبي...( تابع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين