الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج34

محمد الحداد

2012 / 7 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المؤمن : والآن اشرح لي شكوكك حتى أجيبها ... فقد تشتت الموضوع ...
الباحث : لقد جئنا الى الدنيا بدون اختيارنا ... وفرضت علينا حياة ليست من اختيارنا ... فالبعض وجد نفسه في بيئة فاسدة ... وبحكم التربية المنحرفة والاختلاط صار غير صالح ... والبعض وجد نفسه في عائلة فقيرة ... فكابد الفقر دهره ... بينما البعض الآخر وجد نفسه في بيئة صالحة ... فانصلح حاله ... وآخر وجد نفسه في عائلة غنية ومجتمع مرفه ... فعاش حياته بيسر وهناء ....
كل ذلك تم بدون اختيارنا ....
والكثير من الناس لا يحب هذه الحياة ولا يريدها ... فلماذا أجبره الله عليها ؟!!
أين الحرية في هذا ؟!!
أين العدل يا عم ؟!!
شعوب مرفهة .. وشعوب مضطهدة .. تعاني حياة البؤس والشقاء .. فاذا ولد الانسان ووجد نفسه في حياة هو مرغم عليها .. سيعاني ويعاني ... فأين العدل في هذا يا عم ؟!!
فأطرق المؤمن برأسه الى الارض فترة .. ثم بادرني بابتسامته الهادئة المعتادة ...
الباحث : هل عجزت عن الجواب يا عم ؟!!
المؤمن : لا أبدا يا بني .. ولكن تحت هذه أسرار لا ينبغي أن تكشف .... ولم يكشفها أحد.... لذا تراني حائر حقاً .. هل أقول ؟؟ وهل ستتقبل ذلك مني ؟؟؟
الباحث : أمضيت عمري كله أبحث يا عم ... فأخبرني أرجوك ....
المؤمن : الجواب عن هذا الامر في مسألتين يعرفهما كل مؤمن رأى ملكوت الله ....
في العالم الاول .. الحضرة الإلهية .. عندما شهد جميع الناس بالربوبية ...عرض الرب مسيرة الحياة كلها على جميع البشر ... بما فيها الدنيا وما بعدها ... وخيرهم بالسير فيها ... و لو أن إنساناً واحداً رفض الخطة الربانية .. لغيرها الرب .. ولكن فعله محكم .. متقن جداً ... وعندما شاهد البشر الحياة الدنيا وصعوباتها الأكثر رفضوا ... فتابع العرض .. شاهدوا عالم البرزخ ما بعد الموت ... فقبل البعض ورفض البعض .. ثم شاهدوا القيامة وموازين العدل الربانية .. فقبل البعض ورفض الآخر ... وبعدها شاهدوا الجنة والنار .. فقبل من في الجنة ورفض من في النار ... ولكنهم لما شاهدوا ما بعد الجنة والنار ... عالم الرضوان الاكبر .. الأكثرية قبلوا ... وقلة بقوا متحيرين ... وعندما شاهدوا عالم الحضرة الإلهية ... الوطن الاصلي ... وعظمة ذلك العالم ... والسعادة المطلقة للإنسان .. والملك العظيم ... لم يبق أحد من البشر إلا وقبل بالخطة جميعها ... عالم هائل من البهجة والسرور ... وملك لا يمكن ان يوصف ... وقف جميع البشر مذهولين مبهورين من الرحمة الربانية التي تنتظرهم .. فهان عليهم الطريق الشديد .. وقبلوا بالمسير عن قناعة تامة ... و لو أن واحداً فقط من البشر رفض ... لما حدثت هذه المسيرة أبداً ... و لتغيرت الى أخرى ... ستشاهد كل ذلك .. وتتذكره عندما تصبح مؤمنا إن شاء الله ...
الباحث : وهل حدث ذلك حقا يا عم ؟!!
المؤمن : الرب عندما قال للملائكة ... أني جاعل في الأرض خليفة .. اعترضت الملائكة .. وقالوا .. أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء .. فأجابهم الرب .. أني أعلم ما لا تعلمون .... فمن أين عرف الملائكة أن البشر يفسدون ويسفكون الدماء ؟!!
لقد شاهدوا العرض و القصة كاملة حينما عرضها الرب أمام البشر ... فشاهدوا الإفساد وسفك الدماء ....
الباحث : فلماذا لم يقتنعوا كما اقتنع البشر ويسلموا الأمر لله اذا ؟!!
المؤمن : لم يدركوا الحكمة كاملة كما أدركها البشر ....
الباحث : أنهم ملائكة يا عم !!
المؤمن : وهل الملائكة إلا أرواح مرسلة لخدمة الإنسان ... ليس لهم قابلية الادراك التي يملكها الانسان أبداً .. ولن يستطيعوا أن يصلوا إلا الى مقدار الخدمة والطاعة للإنسان ... وإلا لم يأمرهم الرب بالسجود للإنسان ... فالإنسان هو المخلوق الأحب والأقرب الى الرب .. لقد كرمه الرب كرامة لا يمكن وصفها .... ولا عجب أنك ترى الانسان الآن رافضاً للرب ... رافضاً لحياته .. لأنه في الاصل رفض هذه الحياة الدنيا .. ولم يرض بعيشه فيها منذ عالم الحضرة الاولى ... وما الحياة الدنيا إلا ظهور لما كان يخفيه الانسان في تلك العوالم ....
الباحث : لن يصدق أحد بكلامك هذا !!!
المؤمن : كل من يسلك طريق الايمان يعرف ويشاهد ويتذكر ما أقوله ... يقول المسيح .. ان كنت قلت لكم الارضيات ولستم تقبلون فكيف ان قلت لكم السماويات ... ويقول المسيح أيضاً ... نحن نتكلم بما نعلم ونشهد بما رأينا ولستم تقبلون شهادتنا ... ويقول نبي الاسلام ... لولا تمزيج في قلوبكم لرأيتم ما ارى و لسمعتم ما اسمع ... ولقد رأى معظم الأنبياء ذلك ... ولما بدأوا يتكلمون ببعضه ... اتهمهم الناس بالجنون ... ولا عجب فهذا أمر اعتاد عليه الناس ... فالإنسان عدو ما يجهل ...
هل يكفيك هذا ؟!!
الباحث : لا .. لا يكفيني .... أخبرني عن الأمر الثاني يا عم .....
المؤمن : لن تتقبل .. ولن يتقبل أحد بالأمر الثاني ... أنه صعب القبول جداً جداً....
الباحث : تكلم يا عم .... نحن نسمع ولا نحكم ......
المؤمن : حسنا سأخبرك....
................................
أقول لصديقي فيلسوف الشرق، ومنه للعم المؤمن، ما الحكمة من كل هذا الدوران في العوالم المختلفة، عالم الحضرة الإلهية، الحياة الدنيا، البرزخ، القيامة والحساب، الثواب والعقاب، ثم العودة لعالم الحضرة الإلهية، فما هي الحكمة من كل هذا الدوران، أيعقل أن يكون فقط حتى يتأهل الانسان نفسيا ليحكم في ملكوته !!
فقد كان بمقدور الخالق أن يجعل نفس الإنسان سوية من البداية، ونلغي كل هذه العوالم، لنصل النهاية مباشرة، هذا أولاً، وثانياً، لم نسي الناس كلهم تلك العوالم، ونسوا أنهم رأوا ذلك، مما أوقع الكثيرون في حيرة حكمة الخلق، كما وقع بها الباحث، أو لم يكن الأجدر أن لا ينسى الإنسان حتى يستطيع عبور كل هذه العوالم بعزيمة أكبر !!

نقلها لكم
محمد الحداد
07. 07. 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من الذي يهدي
صباح الطائي ( 2012 / 7 / 7 - 20:53 )
يقول الله في كتابه ( الله يهدي من يشاء ويظل من يشاء ) أتسائل من هو الذي يشاء هل هو الله أم البشر ؟


2 - جواب
فيلسوف الشرق ( 2012 / 7 / 8 - 23:11 )
الذي يشاء هو الله وليس البشر يشاء الهدايه لمن وجد عنده استعداد لها

اخر الافلام

.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على


.. 174-Al-Baqarah




.. 176--Al-Baqarah


.. 177-Al-Baqarah




.. 178--Al-Baqarah