الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة لقراءة وقائع الفتح العربي لمصر من مصادر متعددة – 1

محمد وجدي
كاتب، وشاعر، وباحث تاريخ

(Mohamed Wagdy)

2012 / 7 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



تمهيد : -

يتم تجاهل تفاصيل الفتح العربي لمصر من المصادر القبطية وأشهرهما على الإطلاق " مخطوطة يوحنا النقيوسي " و " ساويرس بن المقفع " بحجة أنهما قبطيان متحاملان على العرب وشهادتهما مقدوح فيها ... لذا فقد غلف الصمت الرهيب هذين الصوتين وغيرهما ؛ لأنهما خالفا الحالة العامة التي تتغنى وتغرد وتسبح بحمد الفاتحين الغزاة ، وأن أقباط مصر استقبلوهما بالأحضان ، وحاربوا معهم الرومان ، ولم تسل قطرة دم قبطي واحد على أرض مصر ؛ لأن ابن العاص فتحها بأغصان الزيتون وكلمات السلام الممنون .
ولكن ....

في الأصوات العربية التي لم تخرج عن رضا الحاكم كان الطبري والسيوطي أشهر صوتين اتفقا مع النقيوسي وابن المقفع القبطيين ... وذلك في مقاطع وإشارات عارضة تجاهلها الكثيرون الكثر ، ولكنها لا تغيب عن أقل باحث مدقق يسعى لسبر غور الحقيقة وإماطة لثامها .


بضع لقطات لأحداث الغزو : -


لقطة أولى :-

يقول الطبري بأن الجيش العربى الفاتح / الغازي قد أسر أعداداً كبيرة من المصريين ، أو أن صفوف العبيد من القبط امتدت من مصر إلى المدينة ، فينقل عن رجل من أهل مصر - أو بمعنى أصح عن عربي سكن أرض مصر - وكان في جند عمرو بن العاص أثناء الفتح / الغزو أنه قال لما فتحنا "باب إليون" (بابليون أي مصر القديمة ألان) تدنينا قرى الريف فيما بيننا وبين ألأسكندرية قرية فقرية ، حتى إنتهينا بلهيب - وهى مدينة الزناطرة بالبحيرة ، ومحلها اليوم فزارة بمركز المحمودية - قرية من قرى مصر - يقال لها الريش وقد بلغت سبايانا المدينة ومكة واليمن ) [الطبرى : تاريخ الطبرى - الجزء الرابع ص 105]
وتنقل هذه الرواية الصفوف الطويلة من العبيد والجواري الذين انتزعهم الجيش العربي الإسلامي من قراهم وبعث بهم في ذلة وانكسار إلى مدن الجزيرة العربية بعد فقدان حريتهم ووطنهم مصر.

هذا يعني بداية أن جيش عمرو بن العاص المعزز ببدو سيناء لم يحارب الرومان فقط ، وإنما واجه مقاومة قبطية شديدة كانوا بمئات الألوف ... فإذا كان السبايا بتلك الأعداد التي ذكرها الطبري فكم عدد من حاربوا ؟ وكم عدد من قُتِلوا ؟ وكم بلغ عدد الذين فروا من ساحة المعركة بعد أن حلت الهزيمة بساحتهم ؟؟؟ .. هو مجرد استنباط منطقي ، ولا أظن أنه يخالفني فيه الكثير إلا لو كان لديه مخرج يقول بأن تلك الأعداد من أقباط مصر كانت أعدادا ً قليلة ، وأن الطبري كاذب في سرده .



ولكن .. هل كانت تلك الإشارة إشارة " طبرية " فقط ؟؟؟ .. الحق أنه لا .. فإن " البلاذري " في " فتوح البلدان " ينبر ويذكر ويشهد عن تلك الواقعة فيقول :


( وكانت قرى من مصر قاتلت فسبى منهم والقرى بلهيت والخيس وسلطيس ، فوقع سباؤهم بالمدينة (1) ) [البلاذرى - فتوح البلدان - القسم ألأول ص 253] .... وهنا يحضرني سؤال :


إذا كان كل من الطبري والبلاذري قد أشارا لوقوع تلك السبايا والأسرى في صفوف أقباط مصر من الجيش الغازي – الفاتح – فلماذا استنكر المستنكرون إشارة النقيوسى إلى أن العرب : نهبوا الكثير من الأسلاب واسروا النساء والأطفال وتقاسمهم فيما بينهم ، ولا نستنكر إشارات الطبرى والبلاذرى وابن عبد الحكم إلى السبي المصري الذي تم إرساله إلى المدينة بعد القهر الحربي لهم ؟؟؟؟ .. مجرد سؤال .


وإشارة البلاذرى وأبن عبد الحكم إلى أن عمر بن عبد الحطاب رد هؤلاء المصريين (حينما صيرهم وجماعة القبط أهل ذمة) أو أنه طلب إيقاف وقود السبى الجديد ، بينما تغاضى عن ما تفرق فى أيدى العرب لأنه لا يستطيع لهم رداً ، هل كانت هذه الإشارة تعنى تسامح إبن الخطاب مع القبط ودفاعه عن حريتهم ... ؟ !! أم كانت تعنى انه ينظر بعين الحاكم العملى الذى يريد ترسيخ نوع آخر من العبودية الجماعية ، هى عبودية العمل وأداء الجزية ومختلف أنواع الضرائب (مجرد فرض الأموال على الأقباط وجبايتها) التى تعود على بيت المال بفائدة أكبر ، وهو نفسه القائل : ( لجزية قائمة تكون لنا ولمن بعدنا من المسلمين أحب إلى من فئ يقسم ثم كأنه لم يكن ) [ تاريخ الطبرى - ص 105]

*****************

والحادثة لم تقف الإشارة فيها فقط عند هذين المؤرخين ، ولكن ابن عبد الحكم يشير إلى نفس الواقعة متفقا ً مع النقيوسي القبطي – مع الإشارة أن ابن عبد الحكم اختلف مع النقيوسي في توقيت الحادثة . فابن الحكم ذكر أنها جاءت مع الفتح الثاني للإسكندرية .

يصف ابن الحكم ما فعله جنود عمرو في " الخربة " فيقول عن أهلها : " كانوا كلهم رهباناً ... ومع ذلك قتلهم عمرو بن العاص جميعاً وخرب المدينة خرابا لم تشهد مثله من قبل حتى سميت بعد ذلك وحتى الآن بالخربة . "
**************

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #ترامب يهدي #بايدن أغنية مصورة و النتيجة صادمة! #سوشال_سكاي


.. التطورات بالسودان.. صعوبات تواجه منظمات دولية في إيصال المسا




.. بيني غانتس يهدد بالانسحاب من حكومة الحرب الإسرائيلية


.. صحفيون يوثقون استهداف طاي?رات الاحتلال لهم في رفح




.. مستوطنون ينهبون المساعدات المتجهة لغزة.. وتل أبيب تحقق