الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث عن الحقيقة - الوهم المطلق

إبراهيم حسن

2012 / 7 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يتراءى لبعض العوام وحتى بعض الفكرين، أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة، وانهم هم وحدهم من يمتلكونها ولهم الحق في إلغاء آلاخر وتهميشه على اعتبار انه مخطئ. وعلى اساس ذلك اشتعلت الفتن والمعارك عبر التأريخ. والذي يتفحص التأريخ جيداً، يرى أن اغلب الخصومات والمعارك الفكرية والحربية انما جرت بسبب الاختلاف في العقيدة الدينية. واذا ما اردنا ان نغور في اعماق هذه المسألة ونشبعها تحليلاً وتفكيكاً وبرؤية سوسيولوجية -انثروبولوجية صارمة فأننا نبدأ من نقطة ولادة الفرد، وعمليات تشكيله وتنشئته. ان كل انسان يولد بين اهلهِ وعشيرته وذويه، وتقع على عاتق الاسرة - الوحدة الاجتماعية الاولى التي يتربى فيها الفرد - مسؤولية تربيته وتلقينه العقائد والدين والثقافة بما تحملهُ من اعراف وتقاليد وعادات. انه يولد بريئاً كل البراءة لكنه حالما يشتد عوده، ويبدأ يكبر شيئاً فشيئاً حتى يتعلم تماماً اعراف وتقاليد مجتمعه ودينه الذي يجب ان يلتزم به ويعتنقه، وبالتالي يصبح مؤدلجاً. وهو لا ذنب له في ذلك انما وجد اهله وعشيرته يسيرون بهذا الطريق وتلك العادات وهذا الدين فشاركهم رغم انفه دون ان يشعر، وهو مجبور ان يسايرهم في هذا الامر. هذه العملية برمتها تعد اكبر واعظم عملية في تأريخ الانسان واخطرها. وشئ طبيعي ان تعمل كل المجتمعات على تنشئة وتربية افرادها وفق ثقافتها وتأريخها ودينها، وكل انسان يرى ان دينه هو الحق وألاخر هو الباطل، فلو افترضنا انني نشأت وولدت في الهند، عندها اي دين سأعتنق ؟ واي ثقافة اتقمص ؟ بالتأكيد انني سأكون هندياً واعتنق المذهب البوذي او البرهمي واتقمص الثقافة الهندية واتشربها . وهكذا اذا ولدت ونشأت في روسيا او لندن وغيري ايضا كذلك. وبالتالي فأنني ارى ديني وثقافي هي الاصح والافضل، لكن هي صحيحة في ضوء ثقافتي ومنطقي ورؤيتي. اما اذا نظرنا اليها من خارج ذواتنا ( اي بموضوعية ) فأننا لا نستطيع البتة اطلاق اي حكم لصالحنا او لغيرنا . فكيف استطيع ان اثبت ان ثقافتي وديني هما الاصح ؟ وكيف يستطيع الاخر ان يثبت ذلك ؟ كل منا يدّعي ان الحقيقة معه وحده ويصادر فكر وحرية الاخر بحجة انه لا يمتلك الحقيقة، او انه مخطئ في كل الاحوال. اذن اعود واقول : المسيحيون يقولون ان ديننا هو الاصح . والبوذيون يقولون ان ديننا هو الاصح . والمسلمون يقولون ان ديننا هو الاصح. والبرهميون يقولون ان ديننا هو الاصح. والصابئة يقولون ان ديننا هو الاصح. الخ.اذن من منا الاصح ؟ ومن يمتلك الحقيقة دون غيره ؟ وهل الحقيقة واحدة ام مجزأة ؟ هل الحقيقة موضوعية بحد ذاتها ام انها مؤدلجة ؟ هل الحقيقة خارج ذواتنا ام انها معنا نستطيع الوصول اليها ؟؟

حتى الملحدون يرون انفسهم هم الاصح ؟ لكن احبتي من منح لكن هذا الحق في التصريح ؟ من قال ان الحقيقة معكم وان الله غير موجود ؟ ومن منح للمسلمين وجميع المؤمنين بكافة الاديان ان يقولوا ان الله موجود ؟ ومن منحكم حق إلغاء آلاخر وتهميشه ؟

اننا نرى ان هذه حقائق من وجهة نظرنا نحن، وهي ليست حقائق اطلاقاً ، انما نحن بسذاجتنا جعلناها حقائق وصدقنا بها. وبالتالي اصبح لكل انسان حقيقة ولكل مجتمع حقيقة يؤمن بها ويراها ويعتقد ويلتزم بها ايضاً ويلغي آلاخر من اجلها. بالتالي علينا ان نحترم الآخرين مهما كانوا دينيين او محلدين او لا ادريين او غيرهم. الجميع يجب ان يُحترم لانه مؤمن بقضية، مؤمن بشئ اسماه الحقيقة وهو ليس بحقيقة. لكنه لا يستطيع ان يعيش بدون حقيقة. فقط الحيوانات تستطيع ان تعيش بلا حقيقة. لذلك نحن اخترعنا لنا مجموعة من الايديولوجيات والتي اطلقنا عليها اسم " حقائق" وصدقنا بها وهنيئاً لنا !! فالحقيقة ليست معنا ولا مع آلاخر، لكن في كل الاحوال علينا احترام انفسنا واحترام آلاخر لانه مثلنا تماماً يستحق الشفقة !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التنشئه مهمة في بناء الانسان ولكن الظروف الماديه ا
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2012 / 7 / 9 - 14:57 )
تحياتي المخلصه عزيزي السيد ابراهيم الساعدي وتهنئه لعودتك المباركه للكتابة في الحوار المتمدن من جديد بعد ان اخذت الدراسة الجامعية وسنة التمهيدي للماجستير جل وقتك
نعم ان التنشئه عامل مهم في تكوين الشخص-الفرد وكذالك بناء المجتمعات معرفيا وثقافيا بل وحتى نفسيا وفي مجتمعاتنا المتخلفه يلعب درا مهما نوع خاص من التنشئه وهي المحاكاة والتقليد هذا صحيح ولكن المحرك الاساسي لتكون وعي الانسان والمجتمع هو الوجود اي الظروف الماديه للحياة وبالاخص الانتاج وما يترتب عليه من استهلاك واشباع للحاجات
والمجتمعات تختلف اساسا باختلاف ظروفها المادية تلك لابل ان اهل بلد واحد واحيانا سكان مدينة واحده يختلفون عن بعضهم بسبب ظروف عيشهم -انتاجهم واستهلاكهم ونمط حياتهم بل انك احيانا تستطيع رؤية الاختلاف بينا بين ابن المنصور مثلا وابن الثوره واي منهما لايحمل من الماضي العائلي الا القليل وانما المتحكم والمقرر هو ظروف ونمط الحياة منذ الولاده
لذالك اذا قمنا بتنمية بلدنا بتصنيعه وتحويل زراعته الى عصريه مما يؤدي الى رفع متنامي للدخل الوطني وحلول الرفاه بدل الفقر والجهل والمرض فانك سترى ناسنا يصبحون اكثر هدوء واحتراما لل

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah