الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة الدينية بدعة

جورج حزبون

2012 / 7 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



حين كلف علي ابن ابي طالب العباس مفاوضة الخوارج ، قال له : لا تجادلهم بالقران فهو حمال اوجه ، وبمتابعة الحراك الجاري للاسلام السياسي في البلدان التي حصلوا فيها على السلطة نجد تضارب بالمفاهيم ، ما بين تونس ومصر وليبيا وحتى السعودية ، رغم ان الكافة ينتهون الى اعادة الخلافة ، كاساس مقصود على طريق توحيد الامة الاسلامية ! لتواصل طريقها لاحتلال العالم وفرض عقيدتها ، لتنهي رسالتها التي تقول انها بها مكلفة ، من الله والرسول ، فما زالت الاجتهادات والقراءات حمالة اوجه ، فالدكتور محمد بديع المرشد العام للاخوان المسلمين في مصر صرح في اخر رسائله الاسبوعية لعام 2011 ، ان اعادة الخلافة هي الهدف الاعظم لجماعة الاخوان المسلمين ، التي تؤهل المسلمين لاستاذية العالم ، معتبرا ان ثورات الربيع العربي قد جعلت المهمة العظمى اقرب الى التحقيق !!، في حين صرح راشد الغنوشي| تونس | في 4 فيراير 2012 ، ان حركة النهضة اكدت فيما يتعلق بعلاقة الدولة بالدبن التزامها بمقومات الدولة المدنية الديمقراطية التي لا سند لشرعيتها ، غير ما تستمده من قبول شعبي تفصح عنه صناديق الاقتراع ، والسيد يسري حماد المتحدث باسم حزب النور السلفي المصري اكد في تصريح لاذاعة الجيش الاسرائيلي : ان الحزب يحرص على الحفاظ على الاتفاقيات الدولية مع اسرائيل ، وترحيبه بالسياح الاسرائيلين في مصر ، والمادة 13 من برنامج حزب العدالة والتنمية تقول : ان الحركة تعمل على قيام مجتمع مدني منظم مستقل يسعى الى تحرير الافراد واشراكهم في الشان العام ...، .
واضح ان المتغيرات الموضوعية في العالم لم تعد تسمح بقيام انظمة خارج نمط العلاقات التي تم ارسائها ، بعد حروب وكوارث وتجارب يشرية طويلة ، وما كان العالم لينتظر حتى تستعد ديانة معينة للتوحد على عداء الفكر البشري وتجربته الطويلة ، وما كان كان يمكن ان تقراء تجارب الشعوب خارج الفكر البشري ، والا اصبحنا مثل ذلك المفكر اليوناني القديم | ديوجين > يمحل قنديلا للبحث عن الحقيقة ، الموجودة امام الجميع ، واذا كان القران حمال اوجه ، وان الاديان السماوية الثلاث ، تعارض بعضها وتتصارع ، على ايهما اصوب ، بل واقرب الى جنة الله ، فان العالم يبحث اليوم عن الجنة في الارض ليعيش باحترام وحرية كريما عزيزا بلا وصاية من احد .
لقد تحركت الجماهير العريضة هادرة ، مسقطة لحكام الانظمة الاستبدادية ،لنيل حريتها وتحسين شروط حياتها ، ومحاربة البطالة ، والفقر ، وقد وصل معدل البطالة في العلم العربي الى 12 بالمئة وهو من اعلى المعدلات في العالم ، وبلغت البطالة بين الفئات العمرية من 15 الى 24 الى 25 بالمئة، بمعنى انها قنبلة موقوته ، وبلغت نسبة من يقعون تحت خط الفقر في مصر 42 بالمئة من السكان- حسب بيانات البنك الدولي - ، وبالتاكيد في حالة الثورات تزايدت الازمة ، مما يضع امام السلطات المنتخبة ، وبغض النظر عن عقيدتها ، مسؤلية مواجهة هذه المعطيات ليس فقط من حيث هي اهم حوافز انطلاق الشباب للثورة ، بل لان مهمة النظام العدل محاربة الفساد والفقر والبطالة ، فكيف يمكن لنظام يجعل او يهتم بالمسائل العقائدية اولا وتطبيق الشريعة ، ان يحقق النمو الاقتصادي المطلوب ليستطيع تنفيذ هذه المهام .
لقد استبط علماء الشريعة من القران والسنه النبوية ما اطلقوا عليه مقاصد الشريعة ، وهي حماية النفس والدين ، والنسل ، والعقل والمال ، وتحقيق هذا يتفق ويتوافق مع دولة مدنية عصرية حضارية ، تتعامل مع المجتمع الداخلي والاقليمي والدولي ، بقيم العصر محافظة على مقاصد الشريعة ، اما مواجهة الناس بقيصر جديد على راي امل دنقل حيث يقول : لا تحلموا بعالم سعيد ، فخلف كل قيصر يموت، قيصر جديد ، وخلف كل ثاءر يموت احزان بلا جدوى ، ودمعة سدى !!.
ويبدو ان الليبين انتبهوا للامر فرغم قوة الحركات الاسلامية ، صوت الليبين للقوى اليبيرالية ، فقد انتبهوا لما امامهم وما ينتظرهم ، وهذا ما سيكون سبيل الاسلام السياسي في كل المواقع التي فاز بها ، بحكم الامر الواقع وطبيعة توازنات القوى ، لكنه لن يستطيع الفوز مرة اخرى ، وهذا ما تنبهت له حركة حماس فاستقر قرارها على امارة غزة ،وترفض في الواقع الانتخابات وتحالفت مع اخوان مصر !! ، وعموما تجربة الجزائر حاضرة والسودان وسواها ، ليس عداء للدين الذي يدعون الوصاية عليه ، بل لانهم لا يستطسعوا اكل الكعكة والاحتفاظ بها .
لقد واجهت العقائد الدينية والعقائد الوضعية ، تفسيرات تتلائم مع واقع كل بلد وكل قومية ، فالمسيحية تصارعت منذ القرن الثالث ، وتشتت افكارها وتفسيراتها ،ووصلت الى ان الاقضل لها ان تبتعد عن الدولة ، فكانت للدولة كيانها المتطور وانطلقت نحو الابداع والرخاء ، الشيوعية كان لها تفسيرات ، حسب الظروف الموضوعية للبلد ، والاسلام يحمل اكثر من سبعون مذهب وطريقة ، وبهذا لا يستطيع ان يكون دولة ، فهو لايستطيع القبول بدولة مدنية ، ولا يمكن ان ينعزل عن العالم ، فالافضل ان يظل دينا دون دولة كما كانت الحياة ايام الرسول دون مللك ، ويتخذ لذاته مكان الموجه والرقيب والناصح فتللك حدود العصر، وقيم البشرية وحركة التاريخ .
الم يقول الرسول لمن ساْله عن زراعة النخيل : انتم اعلم بشؤون دنياكم ، لقد دعى الناس للدين الجديد وللاسلام ، داعيا الا ان لا اكراه في الدين ، والذي يجري في مصر مجرد فوز الاخوان بالانتخابات تشكلت مجموعات الامر بالمعروف ... المنقولة عن التجربة السعودية البائسة ، وهذه بدايات نموذج حكم الاسلام السياسي، ولن يكون فزاعة لاحد لانه بحكم المنطق والواقع والدين ايضا ، سيفشل في ادارة الدولة ، خاصة حين لا يتمكن من تحقيق تنمية وحرية ورخاء للشعب ، لانه لا يملك القاعدة المؤهلة ولا الكادر الذي يفهم ماهية الدولة ، التي يرونها كيانا مثل يثرب قبل 1450 عاما ، فمن يضع نفسه خاج الواقع سيظل خارج حركة الحياة والتاريخ ، ومرحلة عابرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سيدي الفقيه
محمود فنون ( 2012 / 7 / 10 - 13:07 )
نشرت تعليق على مقالتك في الحوار المتمدن بعنوان تعليق على مقالة الدولة الدينية بدعة جورج حزبون ,لا يوجد له متسع في مكان التعليقات رجاء ان تتسلّى به
تعليق على مقالة جورج حزبون على الحوار المتمدن
محمود فنون 9|7|2012م
نشر الرفيق جورج حزبون مقالة بعنوان الدولة الدينية بدعة .
وهو يدعم آرائه احيانا من مصادر دينية اسلامية .ويجوز له ذلك
الاصل ان ان يستقريء تاريخ تجربة دولة الخلفاء والامويين والعباسيين ولا حاجة لاستقراء الدولة العثمانية التي يقال انها مثلت آخر خلافة اسلامية وقضى عليها الغرب المتآمر على الاسلام .
لقد احسن جورج حزبون اذ تطرق الى هذا الموضوع الذي يخشى الكثيرون التطرق اليه وخاصة بعد علو موجة التيارات الدينية ,
لقد رأيت ان اساهم معه بتغطية بعض الجوانب فوجهت له هذه الرسالة


سيدي الفقيه :تحية واحترام وبعد
قرأت مقالتك بعنوان الدولة الدينية بدعة .وقد استثارتني بعنوانها بل ان فكرة مشاركتك في ميدان كهذا هي كذلك ملفتة .واسجل ملاحظات اساسية :
اولا:لم يتعرض الموضوع لمسألة كيفية تعيين او انتخاب المسؤولين في الدولة الرشيدية والاموية والعباسية وما بعدها العثمانية ,وكلها كانت سلطات استبداد


2 - شكوى
محمود فنون ( 2012 / 7 / 12 - 14:38 )
علق عل صديق ومقال صديق فكيف اتعارض مع قواعد النش لا يوجد في التعليقات ما يخالف قواعد النشر ارجو افادتي على البريد الالكتروني .اناأعلق عل صديق ومقال صديق فكيف اتعارض مع قواعد النش .وقد تم نشر التعليقات من خلال صفحتي وهي منشورة بالتمام والكمال وليس فيها ما يسيء لأحدار

اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah