الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو لم يتم إنتخاب الطالباني لأي منصب سيادي في العراق؟

نزار جاف

2005 / 2 / 11
القضية الكردية


منذ الاعلان رسميا عن ترشيح السيد جلال الطالباني لأحد المنصبين السياديين في العراق من منتجع صلاح الدين ، وردود الفعل تتباين و تتضارب بل وتتخذ أبعادا قد تکون في بعض الاحيان غريبة و شاذة على کل ماهو مألوف . ولاغرو أن مکمن العلة في الإعتراض على هذا الترشيح و بالتالي رفضه من قبل البعض الذي قد لايکون " قلة " بالتأکيد هو في الانحدار العرقي للسيد الطالباني قبل و بعد أي سبب آخر . وهذا الاعتراض و الرفض هو المبرر القوي بيد التيار الکوردي الرافض للتقارب مع بغداد و يحبذ الانفصال على الاستمرار في لعبة يکون القلق و الريبة من المستقبل هما السائدين عليها . وقد يکون من المناسب أن نشير هنا أن الطالباني هو من أبرز الوجوه السياسية الکوردية الداعية الى مسألة الحوار و تعايش الاعراق القومية الى جانب بعضها ولامناص من الاقرار بأنه يتحمل عبئا ثقيلا من التحامل عليه من قبل تيار واسع من المثقفين الکورد الذين يرون فيه " عراب " البقاء ضمن البوتقة العراقية و رفض الانفصال عنها . لذلک فإن الامين العام للإتحاد الوطني الکوردستاني بدخوله حلبة التنافس السياسي على واحدة من المنصبين السياديين في العراق هو في ذات الوقت بمثابة عملية إستعراض لقوة هذا السياسي المخضرم على أرض الواقع من جهة و عملية إختبار قوية في مغزاها للجانب العراقي بشکل عام و بالاخص العربي " بشقيه الشيعي و السني " من ناحية المراهنة على مستقبل التعايش الاخوي بين الاطياف العراقية المختلفة . ولعل أن رجلا کالطالباني حين يرشح نفسه بمبارکة من حليفه الاستراتيجي السيد مسعود البارزاني فإنه يعني مايفعل و يحدد بدقة مايريد ، بيد إنه في ذات الوقت لايعتبر الامر فرضا إجباريا على الاخرين ولابد من الاخذ به " کما يبدو من بعض الطروحات على الساحة العراقية حاليا" بل إنه و حين يرشح نفسه فإنه يريد أن يقول للعراقيين جميعا دون إستثناء ، لقد آن الاوان کي نثبت لبعضنا أن حب العراق و الاخلاص له لايختص بعرق دون آخر ولا بطائفة معينة دون سواها . رسالة مام جلال هذه قد تکون مفهومة و مقبولة من قبل قطاع واسع من المثقفين العراقيين لکنها في نفس الوقت قد تکون عرضة لتشويه و تحريف إستثنائيين من قبل قوى شخصيات و قوى سياسية محددة قد تدفع بالامور في سياقات قد لاتکون لها عواقب محمودة على مستقبل عملية التعايش العرقي والديني بين عموم الاطياف العراقية ولاسيما لدى الکورد . ورغم أن ترشيح زعيم أحد الفصيلين السياسيين الکورديين القويين في الاقليم الکوردي يحظى بدعم ضمني من لدن واشنطن و لندن و تفهم محدد من قبل دول معينة في الجوار ، إلا أن الطالباني مع ذلک يرغب أن يرى ثمرة جهوده المتواصلة للدعوة الى التعايش الاخوي في عراق ديمقراطي فيدرالي موحد عبر سنوات النضال و الکفاح ضد النظم الدکتاتورية المتعاقبة على حکم العراق بفرض من الخارج. وبرغم سعي جانب قوي من التيار الشيعي " متمثلا في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق " في إرضاء العرب السنة بمنصب" قد يکون فخريا" رئيس الجمهورية مع إستحواذهم على منصب رئيس الوزراء الذي سوف يکون تنفيذيا و حيويا في بنية النظام السياسي القادم للعراق ، مع محاولة إرضاء الکورد بأعلى منصب في السلطة التشريعية العراقية وهو أمر يبدو واضحا أنه يلاقي رفضا من قبل معظم التيارات السياسية الکوردية . إلا أن مسألة إرضاء الکورد و الحد من تطلعاتهم الانفصالية مع هذا يظل هاجسا مهما لا بالنسبة للقوى السياسية العراقية و الاقليمية فحسب و إنما حتى الدولية منها ، سيما وأن أنقرة تنظر بقلق بالغ الى التطورات الدراماتيکية على صعيد الاقليم الکوردي وتتخوف من إنعکاساته و تداعياته السلبية على مناطقها ذات الاغلبية الکوردية ، وهي " أي أنقرة" تحبذ تواجد الطالباني على کرسي الرئاسة في بغداد على أن تجلس الى طاولة المفاوضات مع ممثلي الکورد في ديار بکر و ماردين و وان لبحث إستحقاقاتهم السياسية في الدولة الترکية . وقد تکون بعض الاشارات الضمنية الصادرة من قبل دوائر سياسية و إعلامية قريبة من مراکز القوى الترکية تبين الرغبة الترکية المستقبلية بهذا الخصوص . أما إيران فقد لاتکون رغبتها بتلک القوة لوصول السيد الطالباني الى منصب سيادي في العراق ، خصوصا وهي لاتأتمن جانبه بخصوص الکثير من المسائل لکنها مع ذلک لا ترغب إطلاقا في البوح بذلک تحت دائرة الضوء ، برغم أن الايرانيون يعلمون أن الثبات و الاستقرار السياسي في العراق قد يکون من أهم تداعياته التفرغ الامريکي للملف النووي الايراني و متعلقاته وهذا السبب قد يکون دافع قوي کي تقوم إيران بلعبة سياسية إرباکية ما على الصعيد الداخلي في العراق هدفه الاساسي هو کسب عامل الزمن في لعبة القط و الفأر مع الغرب . في حين تقف سوريا مبهوتة و مترددة إزاء تداعيات اللعبة السياسية في العراق والموقف السوري الغير مستقر منها سيما وهي ترى أن لاطرف مهم لديها تراهن عليه في مواجهة الاجتياح الشيعي العارم لصناديق الاقتراع وأن الورقة البعثية التي حاولت دمشق أن تلعبها مع أمريکا إنقلبت عليها وبالا لامن قبل الامريکان وحدهم وأنما حتى من قبل العراقيين أنفسهم . غير أن دمشق مع ذلک لاتحب أن ترى حليفها السابق مام جلال في القصر الجمهوري ببغداد وتود بقاء الکورد أساسا محجمين في رقعة جغرافية محددة و حتى منقطعة عن العالم إن أمکن . ومسک الختام أن ترشيح الطالباني برغم کل الذي تردد و قيل فهو خيار و إختبار في نفس الوقت ، خيار للعراقيين کي يحتووا الجنوح الکوردي نحو التفرد و يضمونه بحنان الى الحضن العراقي الدافئ . وإختبار صعب و حاسم قد يکون بوسعه تحديد مستقبل العلاقة العربية ـ الکوردية وفق سياقات قد لاتکون إيجابية بالمرة !

کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأونروا: أكثر من 625 ألف طفل في غزة حرموا من التعليم بسبب ا


.. حملة اعتقالات إسرائيلية خلال اقتحام بلدة برقة شمال غربي نابل




.. بريطانيا.. تفاصيل خطة حكومة سوناك للتخلص من أزمة المهاجرين


.. مبادرة شبابية لتخفيف الحر على النازحين في الشمال السوري




.. رغم النزوح والا?عاقة.. فلسطيني في غزة يعلم الأطفال النازحين