الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج37

محمد الحداد

2012 / 7 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



الباحث : سؤال كثيراً ما يردده اخواني الملحدين الأعزاء .. ما حاجة الرب الى الكرسي والعرش الذي تحمله الملائكة ؟!! وما حقيقة القول .. لم تسعني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن .. فهل الرب محدود حتى يستوي على عرش تحمله الملائكة أو يكون له كرسي ؟!! ثم أن قلب الانسان محدود فكيف يسع الرب ؟!!
المؤمن : كنت أريد الاجابة عن شكوكك الوجودية أولاً ....
الباحث : أضف هذا السؤال الى شكوكي وأجبني عليه ....
المؤمن : قد لا تحتمل الاجابة ولن يقبلها أحد منك ... انه سر من الأسرار ....
الباحث : السؤال مطروح يا عم في الفيس .... لا بد من الاجابة عنه أولاً .....
فأطرق المؤمن برأسه طويلاً .. وكنت أراه متردداً جداً في الاجابة .. ولكنه بادرني بابتسامته المعهودة .. وقال .. أتقبل مني اذا قلت لك ....
الباحث : أنا استمع لك فقط ... وما لم تعطني الدليل على كلامك كما وعدتني ... فلن أقبل ... أريد أن أعرف جوابك الآن ...
المؤمن : بسم الله ... يا بني .. الرب مطلق .. وفوق الاطلاق .. لا يحده حد .. ولا تدركه صفة .. فمن حده فقد عده .. ومن عده فقد أشار اليه .. وكل هذا مستحيل في حق الرب .. الرب خلق الانسان كون كامل .. فيه سبع سموات و أرض .. وكل ما يخطر في بالك وممكن أن تتصوره وتتخيله .. هو داخل هذا الكون الانساني .. ثم أن الرب أمر أقرب خلقه اليه .. الملائكة .. بالسجود و الانقياد والخضوع لهذا الانسان .. ومنحه الهبة الإلهية .. وهي أمانة الرب الكبرى .. ملك هذا الكون العظيم .. ثم أعد العرش لهذه الهبة .. وجعل الملائكة تحمله .. لأن الملائكة خدم للإنسان .. ووضع له كرسي الإحاطة بالسموات و الأرض ....
الباحث : يعني العرش ليس للرب ؟!! ولكنه يقول عرش ربك !!
المؤمن : نعم الملك الحقيقي هو للرب .. ولكنه منحه للإنسان .. إنه عرش وكرسي الهبة .. الرب لا يحد بحد .. ولا يستوي على عرش .. ولا يحمله كرسي .. الكرسي هو الملك .. والملك هبة من الله للإنسان ...
الرب فوق ذلك كله .. بل أنه فوق الاطلاق .. انها الأمانة الكبرى التي منحها الرب للإنسان .. لم يستطع الانسان حملها .. ولم يطق ذلك .. لأنه كان ظلوماً بصفاته النفسية ونواقصه الذاتية .. جهولا بمعرفة دقائق هذا الكون عن تجربة عملية .. فأدخله الرب داخل نفسه .. الكون .. ليرى نفسه وكونه العظيم من الداخل ....
الباحث : قلها يا عم .. يعني ليس العرش والكرسي للرب .. بل هو معد للإنسان ....
المؤمن : معد للهبة الإلهية .. الهبة العظمى التي وهبها الرب للإنسان .. الرب الآن هو الذي يقود الكون العظيم .. وهو اله الكون .. هو الذي يمارس دور المربي للإنسان حتى يوصله الى حمل الهبة ويجلس الانسان على عرش مملكته وكرسيه ... انها مرحلة بعيدة الآن و أطوار متعددة ....
الباحث : كل الناس ستحمل الأمانة والهبة الإلهية ؟!!
المؤمن : في النهاية .. نعم كل الناس ....
الباحث : وماذا يعمل الرب بعد أن يسلم هذه المملكة للإنسان ؟!!
المؤمن : ماذا يعمل !! عجيب !! هل تظن أن هذا الكون العظيم بملائكته و سماوته والناس والجن والشياطين ..هذا الكون العظيم كله هو المخلوق الوحيد عند الرب العظيم ؟!!
الباحث : نعم يا عم .. فلم نسمع بغيره ...
المؤمن : لا .. لا يا بني .. هناك أكوان أخرى خارج الكون الانساني .. عوالم أخرى عند الرب ....
الباحث : عوالم أخرى ليس فيها جبرائيل وميكائيل ولا سموات أو أرض .. ليس فيه هذا العرش والكرسي ؟!!
المؤمن : نعم أكوان أخرى مختلفة تماماً لا يعلمها حتى جبرائيل نفسه ولا الملائكة المقربون .. نظام آخر من الأكوان عند الرب .. خارج هذا الكون المعروف الإنساني .. خارج عن جبرائيل وميكائيل والملائكة المقربون الخدم المطيعين للكون الانساني فقط ... فلتلك الاكوان الأخرى نظام مختلف .. ليس سموات أو أرض كما هي هنا معدة للإنسان أن يجلس على عرشها ....
الباحث : كم عدد تلك الأكوان ؟
المؤمن : لا نهاية لها أبداً .. عدد لا متناهي من الأكوان عند الرب .. خلقها مختلف تماماً عما تجده في هذا الكون .. ليس فيها جبرائيل ولا أحد من الملائكة الخادمة للإنسان ...
الباحث : هل رأيت أحدها يا عم ؟!!
المؤمن : نعم ... كون آخر يغمره الماء كله ...
الباحث : لعلك رأيت هذا البحر عندنا ...
المؤمن : لا .. كون آخر ليس فيه سموات وأرض .. ولا ملائكة .. و لا شيء من هذا الكون .. كون يغمره الماء كله خارج الكون الانساني هذا ...
الباحث : كنا نظن أن هذا الكون بسمائه وأرضه وملائكته هو الكون الوحيد عند الرب ...
المؤمن : لا يا بني .. الرب أعظم من أن يحد بحد الرب .. أعظم .. و أعظم .. و أعظم ... هل تتصور معنى الاطلاق ...
الباحث : أتصوره فقط تصور ...
المؤمن : الرب أعظم من معنى الاطلاق نفسه ... هذا الكون بسماوته وأرضه وكواكبه ونجومه هو للإنسان .. إنه عرشه وكرسيه .. معد له اعداد من الرب عندما يحمل الامانة الكبرى ... كان المسيح يتكلم عن هذا .. عندها يجلس ابن الإنسان فوق كل سلطان وكل مجد .. فلم يكن المسيح يتكلم عن نفسه فقط .. كان يقول ابن الانسان وكان يقصد جميع الناس ... نعم جميع الناس سيجلسون على كرسي المجد ولم يقصد المسيح نفسه فقط ... فاشتبه المسيحيون بكلامه وظنوا أنه الرب ... فهذا المجد وكرسي الملك معد لكل الناس ... عندها لا تكون الجنة و لا النار و لا البرزخ .. وكل العوالم لا تكون إلا جزءاً صغيراً داخل مملكة الانسان العظيمة ... ولكن كل الاكوان وكل الممالك التي ليس لها عدد و لا نهاية لها خاضعة للرب الواحد الذي ليس لعظمته حد ... رب جميع العالمين ... الذي لا تحده الصفات ...
الباحث : و كيف وسع قلب الانسان الرب .. والرب غير محدود ؟!!
المؤمن : لم ولن يسع قلب الانسان الرب ... لقد وسع قلب الانسان الهبة الإلهية الممنوحة للإنسان من قبل الرب ... تلك الهبة هي هذا الكون العظيم بعرشه وكرسيه وملائكته و سماوته ... فقلب الانسان وسع هبة الرب .. ولم ولن يستطيع أي شيء أن يسع الرب ... بل ولا حتى الصفات تسعه أو تشير اليه ....
الباحث : كيف لا تشير اليه الصفات وهو وصف نفسه بها في الكتب السماوية ويسميها البعض بالأسماء الحسنى ؟!
المؤمن : نعم أجيبك عن هذا ....
.................................
ملاحظتي عن هذه الحلقة
أن الموضوع بكامله تحول من كونه بحث عن إجابات لأسئلة تراود الباحث والكثير منا في أحيان كثيرة، الى موضوع يبحث في الميتافيزيقيا، أي ما وراء الطبيعة.
فبدأ يفرض لنا وجود أكوان أخرى متعددة، مع عدم حله لإشكالية وجود كوننا هذا.
كما أنه أخذ الفرضيات الإسلامية كاملة وبدأ يجد لها مبررات جديدة، أعتقد جازماً أن كثير ممن يسمون أنفسهم بعلماء دين مسلمين لن يرضوا عنها.
فالملحد مثلا لا يقول بشيء أسمه عرش الرحمن، أو السماوات السبع، ومع هذا قد تبناها الباحث وهو ما زال غير مؤمن، ليسأل عن تفسيرها، وهذا يدل على دخول الباحث بهذا البحث والنقاش بخافية اسلامية بحتة، وليس كما قال مسبقاً بأكثر من حلقة من أنه تخلص من كل خلفية سابقة، اسلامية كانت أم غيرها، حتى لا يؤثر على بحثه.
وأخيراً، فأنه لا فائدة ترجى من طرح اسئلة لي على الباحث، أو على المؤمن، لأننا نتحدث بلغتين مختلفتين، فأنا أستخدم لغة العلم التجريبي التطبيقي، وهو يستخدم لغة الفلسفة الميتافيزيقية.
ولولا أني عهدت على نفسي بإكمال نشر هذه السلسلة، لما أكملتها، ولكنت توقفت عند هذه الحلقة.
ولكني واحتراماً لعهدي، واحتراما لقرائي الذين ينتظر بعضهم نهاية هذه القصة، وكذا حتى لا أترك عملاً ناقصاً دون اكمال، سأستمر بنشر باقي الحلقات، مع رفضي الشديد واعتراضي على ما يأتي فيها من كلام وفرضيات.

نقلها لكم
محمد الحداد
10. 07. 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جواب
فيلسوف الشرق ( 2012 / 7 / 10 - 21:17 )

هذا الجزء معد للاجابه على اسئلة الملحدين في الفيس واستهزائهم بالاديان السماويه فهم يقولون (ما حاجة الرب الى عرش وكرسي تحمله الملائكه )فاجاب المؤمن بان العرش والكرسي ليس للرب بل هو معد للانسان ...................ثم ان سؤال الباحث عن تفسير تلك الامور ليس من باب التسليم والايمان بها بل فقط لفهم ما يقوله المؤمن انه يريد فقط ان يفهم ما يقوله المؤمن


2 - جواب
فيلسوف الشرق ( 2012 / 7 / 10 - 21:23 )

المسائل الغيبيه لاتخضع للعلوم التجريبيه التطبيقيه بل تحتاج في كثير من الاحيان الى تحليلات ميتافيزيقيه ...........فكيف تخضع امور ماوراء الطبيعه الى قوانين الطبيعه ...........ان فهم الامور ما وراء الطبيعيه من خلال التجربه والتطبيق شيء مستحيل ولذلك جائت الحاجه الى الفلسفه لتفسير تلك الامور الما ورائيه


3 - جواب
فيلسوف الشرق ( 2012 / 7 / 10 - 21:30 )

علنا بعض الاحيان ان نفترض ولو جدلا احتمال وجود تلك الامور الميتافيزيقيه ولو جدلا ثم نبدء بفهمها ثم نجكم بقبولها او رفضها ...........اما ان نحكم مسبقا بنفي تلك الامور الميتافيزيقيه نفيا قاطعا عندها يستحيل ان نقيم جسر جدلي للتفاهم بين المؤمن الميتافيزيقي والانسان المادي التجريبي ...........ونحن بحاجه شديده الى ذلك الجسر لوجود الاديان في طبيعة حياتنا ولان هناك امور لا يمكن تفسيرها وفهمها الا عن طريق ذلك الجسر


4 - جواب
فيلسوف الشرق ( 2012 / 7 / 10 - 21:37 )

لكي يكون (الحوار المتمدن) متمدنا بحق عليه ان يسعى الى توفير جسر رابط بين المؤمن الميتلفيزيقي والانسان المادي التجريبي لكي تكون هناك لغة حوار بنهما .............اما ان يقف الحوار المتمدن في جهة العلوم الماديه التجريبيه فقط رافضا كل الرفض علوم ما وراء الطبيعه فهو تحيز واضح يؤدي الى غلق الباب امام مليارت البشر الذين يؤمنون بالاديان السماويه وامور ماوراء الطبيعه وعندها سيكون الحوار من طرف واحد ولذلك ارى من الظروره القصوى ان يسعى الحوار المتمدن الى مد تلك الرابطه وانشاء ذلك الجسر بين الميتافيزيقي والتجريبي


5 - أخي فيلسوف الشرق
محمد الحداد ( 2012 / 7 / 10 - 22:14 )
أخي فيلسوف الشرق، لا علاقة بالحوار المتمدن بالنقاش بيينا، والحوار المتمدن ينشر لكتاب من عدة مشارب، اسلامية والحادية ومسيحية وشيوعية وقرآنية
الخلاف بين اسلوبي في التفكير، واسلوب المقالات، ففي بداياتها لم تكن تنوا هذا المنحى الميتافيزيقي، ويبدوا لي أن قراءتي المسعجلة لكل السلسلة لم تجعلني أنتبه تماما لذلك الأمر
أنا كاتب من كتاب عدة تنشر في الحوار المتمدن، وقبلها كنت أنشر في مواقع أخرى، كموقع الحزب الليبرالي العراقي عندما كنت مديرا للدائرة الثقافية فيه، كما نشرت في كتابات، وأهل القرآن، وبعض المواقع العراقية التي لا أتذكرها الآن
فلا تحمل الحوار المتمدن ما أقوله أنا، فهو يمثلني أنا فقط، ولا يمثل غيري
بالنسبة للكتاب في الحوار المتمدن، فهو على ما أعتقد يفتح بابه لكل من يريد النشر لديه، وتستطيع أنت أو من تعرفه من جهتك أن تطلب منه ببعث مقال لينشره لديهم، ليرى هل سوف يغلقون الباب بوجهه أم سيبقى مفتوحا
مع تحياتي

اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah