الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إبتكار عراقي بإمتياز .. الحسينيات المتحركة

عامر الدلوي

2012 / 7 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




لم تتوقف حركة الإبداع والتطوير والإبتكار في بلدنا الحبيب ( العراق ) منذ التاسع من نيسان عام 2003 ولحد اللحظة .. وهذا بالتأكيد لم يتأتى من فراغ .. بل عبر التطبيق العملي لما تشبعت به القيادات السياسية من أفكار ليبرالية وتحررية خلال أكثر من ثلاثين عاما ً من النضال ( المسلح ) ضد النظام الدكتاتوري الفاشي حتى تم لها إسقاطه وتحقق نصرها المبين عليه .. هذا التضال المسلح الذي أبتدأته وأنتهت إليه في دول الشتات التي أحتضنتها طيلة تلك الأعوام .
إن الأفكار الهائلة التي جاءتنا بها تلك القيادات لم تستطع ساحة الوطن بكل ما تمتلك من طاقة وأيدي عاملة عاطلة من أستيعابها .. لذا كان أول الإبتاكارات التي طبقت على أيدي أبناء عمومتها اللذين هبوا لمساندتها في عملية تحرير العراق والقضاء على النظام الفاشي .. عندما بادر أبناء العم بإستحداث شركات لإستيراد الأيدي العاملة من بنغلاديش والهند وباكستان .. للعمل في قواعدهم التي نصبوها في العراق كضيوف على أقاربهم اللذين تربوا في أحضانهم , لأن العراقيين ممن بقوا في الداخل وتحت حكم النظام الفاشي كانوا كلهم من أولاد الكلب الجاحدين للنعمة .. لذلك خشى الضيوف من أن يقوم هؤلاء بأعمال متعمدة تؤدي لخسارة أرواح الخليط الأممي الذي جلبوه ليقاتل من أجل تحقيق الديمقراطية في العراق .
هذا الخليط من المهاجرين الشرعيين منهم وغير الشرعيين والذي جرى إغرائه إما بالحصول على الجنسية والجرين كارد أو بالقبول في الجامعات مجانا ً وعلى نفقة وزارة الدفاع ( عند أولاد العم ) ومقابل رواتب مغرية بلغت بحدود 7 آلاف دولار للعسكري الواحد شهريا ً وهو مبلغ قد لايحلم بالحصول عليه حتى أصحاب الشهادات العليا هناك .
المهم كان أول الإبتكارات .. هو إستيراد الأيدي العاملة ..و لإن العراق سوق إقتصادية كبيرة وهائلة في حجمها .. صار هؤلاء اليوم موجودين في الكثير من المحلات التجارية والمطاعم والمواقع السياحية لا بل حتى شركات التنظيف التي أنتشرت كالفطر والأشنات .. في إبتكار من نوع آخر يسعى لألغاء دور الدولة والحكومات المحلية في تحمل تلك المسؤولية .. لأن دولتنا المبجلة وحكوماتها المحلية ... عندها من الهم الوطني والمسؤوليات الجسام ما يكفيها ويسبب للمسؤولين فيها من التعب الذهني والجسدي ما يسبب .. لذا صار لزاما ً التخفيف عن كاهلها حتى تتفرغ لأنجاز مفردات الخطة الوطنية الشاملة للتقدم والتي رسمتها القيادات المناضلة والحكيمة بمساعدة المستشارين من دول الجوار والشتات التي قطنت فيها تلك القيادات .
وكان الإبتكار الرائع الثاني الذي سارعت هذه القيادات الوطنية الغيورة .. حال تشكيل مجلس حكمها الإسطوري .. هو تقسيم وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ( الباغية ) إلى وقف شيعي و وقف سني و وقف مسيحي وووووووووووووو .. إلخ ولم أدر يومها لماذا لم يكن هناك وقف عربي و وقف كردي و وقف تركماني ووووووووووو .. إلخ لتدق به وتزرع بذرة التخندق الطائفي المقيت .. لتتحفنا بعدها بإبتكارها الثالث الذي سقته بالمياه المدعمة بالأسمدة الكيمياوية بعد أن لاحظت إندفاع الجماهير المظلومة ( مباشرة بعد سقوط النظام .. في حركة بدت لأول وهلة وكأنها عفوية .. لكن الحقائق التاريخية أثبتت بأنها كانت ممنهجة ومخطط لها مسبقا ًمن خلف الحدود كما خطط لعمليات السلب والنهب ) لأداء الزيارة الشعبانية راجلة وبأعداد قدرت بالملايين لتتخذ هذه القيادة الرعناء منها وسيلة لأظهار الثقل الجماهيري المؤيد لها , عبر الدعوات التي أطلقها كل حزب وتيار غير آبهين بتعطيل الحياة العامة في البلد , عالمين علم اليقين بأنها بدعة .. ولكن لأجل التستر تحت غطاء حب المذهب .. ظلوا يدفعون بتلك الجماهير للتوجه لتلك المسيرات الراجلة رغم المآسي التي أكتنفتها ولا نزال منذ تسع سنوات .
أما الإبتكار الذي ما بعده إبتكار والذي هو محور حديثنا اليوم .. فهو هذه الحسينيات المتحركة في الشوارع .. وأعني بها الخطوة التي يمكن إعتبارها إنجازا ً بحق لوزارة النقل .. ألا وهي تسيير الباصات المكيفة الهواء الحمراء ذات الطابقين والطابق الواحد في بغداد .
ما فات على السيد وزير النقل ومدرائه العامين ( وأنا مدرك إن ذلك الأمر لم يغب عن بالهم .. وإنما هو أمر لربما بقصد ) إن هذه الباصات مشتراة بأموال عامة .. وأعني بذلك إنها أموال كل العراقيين .. وكما صنفهم التقسيم الأرعن لوزارة الأوقاف .. شيعة .. سنة .. مسيح .. صابئة .. إلخ .. وكذلك التقسيم الأسود تاريخيا ً للشخصيات التي تمثلت في مجلس الحكم .. عربا ً .. كردا ً.. تركمانا ً .. أيزيدين .. شبك .. إلخ .. وإن كل أبناء هذه المكونات هم من يستعمل هذه الباصات في تنقلاتهم في العاصمة .. وإن سواق ومحصلي الأجرة و المفتشين المعينين كما يبدو في أمر لافت للنظر من مكون واحد .. هو المكون الشيعي .. بدلالة إنك ما أن تضع قدمك في الباص المجهز بكل وسائل الراحة على مايبدو .. حتى تتناهى لسمعك .. إما لطمية .. أو محاضرة للشيخ أحمد الوائلي .. أو يتناهى لك صوت باسم الكربلائي من باص آخر .
إن ما يجري وإن سيتطافر البعض من هواة ( إنصر أخاك ظالما ً أو مظلوما ً ) الدفاع عن المذهب بحمية الجاهلية الأولى لتقريعي والدفاع عن المسؤولين الوطنيين .. لا يكاد أن يكون في وجهة نظري المتواضعة إلا محاولة لغسل الأدمغة بالعافية كما يقول أخوتنا المصريين .. أو محاولة بائسة أخرى لأثارة الفتن الطائفية .
صحيح إن أبناء عمومتنا أنعموا علينا بالديمقراطية .. والحريات الشخصية .. وحرية التعبير المكفولة دستوريا ً ... إلخ ما تحويه هذه الأسطوانة .. ولكن ثمة سؤال يطرح نفسه .. أولا ً هل أنا مجبر وضمن ممارسة سواقيكم والمحصلين على الإستماع لمثل هذه الإمور التي صارت تدور وبدون أي مسوغ على مدار السنة .. وثانيا ً لو أن أحد السواق أو المحصلين كان يؤمن بالشيوعية أو منتمي للحزب الشيوعي .. و وضع بعض من أغنيات الحزب في الإذاعة الخاصة بالحافلة .. هل سيمضي عليه شهر في الوظيفة قبل أن يفصل .
مجرد تساؤلات أطرحها على السيد وزير النقل والسيد مدير الشركة ( العامة ) لنقل المسافرين والوفود ... مع ملاحظة الرجاء بالأنتباه لما هو بين قوسين والذي يؤكد بأن هذه الحافلات هي ملكية عامة وليست حسينيات تابعة لهذا الحزب أو ذاك التحالف أو التيار .
دمتم ودام العراق والديمقراطية بخير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أبتكار أخر لم تذكره
علي الشمري ( 2012 / 7 / 12 - 20:36 )
الاخ الكاتبعامر الدلوي المحترم
هناك ابتكار أخر ,وهو المرافق الصحية الكمتنقلة والحمامات ,تنصب في أي مكان وحسب الحاجة ,ويسخر لها سيارات حوضية لنقل المياه؟وعيش وشوف
تقبل تحياتي


2 - ابن بطني يعرف رطني!!!
فهد لعنزي السعودية ( 2012 / 7 / 13 - 04:51 )
بما ان الانسان حريص على ما منع ولقد عانى الشيعة في العراق ابان الحكم الفاشي منعا عن اقامة الشعارات ـ اي المواكب المليونية ـ وشبعة العراق الطيبيين لا يهمهم العيش الكريم بقدر ما يهمهم اقامة هذه الشعارات لذى لجا اهل السياسة الى السماح لهم باقامتها مع ما تتحمله من مخاطر التفجيرات وغيرها بل ونسبوا لمن يموت في سبيلها بانه شهيد ـ مع صمت رجال الدين الذين نراهم على مقاعد البرلمان ـ حتى اصبحبت الشهادة بلادة خالية من المضمون.لو ان هذه المسيرات المليونية صوبت اتجاهها الى بغداد واطاحت بهذه الحكومة واستبدلتها برجال العراق المخلصين المستقلين من التبعية للشرق والغرب لكان افضل من الاتجاه الى كربلاء لان الحسين قاوم الظلم وهو ليس بحاجة الى اللطم لاجله فاذا كان هناك لطم فليلن لطما للظالمين.ان تدجين العقول واستغلال العواطف ببيع احاديث تجارية لا تمت للحقيقة بصلة كـ حديث من زار الحسين في يوم كذا كمن زار الله في عرشه ـ تعالى الله عن المكان والزمان علوا كبيرا ـ مع علم اهل الشان انها فبركة والا ماذا يستفيد الحسين من هذا كله؟؟. لا شيء.لماذا لا تقتتصر هذه الشعارات في الحسينيات فقط؟؟.
انها المصلحة السياسية.


3 - ملينا
ليث ( 2012 / 7 / 13 - 16:27 )
اخي العزيز لايفيد هذا الكلام الطيب مع كل هؤلاء ,,الحل بفضح الدين الاسلامي كله على حقيقته وبيان عوراته ومواجهتهم بها لتظل اعناقهم قائمه لهول المخازي المحشوره في الفقه والدين..الاسلام هو سبب كل الخرافات وكل التخلف وكل الانحطاط وبالوثائق والادله


4 - ما أكثرها يا أخ علي
عامر الدلوي ( 2012 / 7 / 13 - 21:57 )
والله لو أردت ذكرها جميعا ً لأحتجت لمجلد
شكرا ً لمرورك الكريم


5 - إنهم يفضحون انفسهم بأيديهم
عامر الدلوي ( 2012 / 7 / 13 - 23:01 )
الأخ العزيز ليث
أولا ً شكرا ً لمرورك الكريم
أنا لا أمتلك أي مشكلة لا مع الإسلام ولا مع غيره من الأديان فهو في وجهة نظري عقيدة كل إنسان حر في إختيارها ليؤمن بها أو لا ..مثلما أخترت أنا عقيدتي بملْ إرادتي
لكن مشكلتي مع المتفيقهين وأدعياء الأعلمية ومن يتعبهم كالأعمى ويحاول المتاجرة بالشعارات الدينية على حساب الوطنية وحقوق المجتمع
هنا تكمن مشكلتي الأصلية .. إنهم يريدون أن يتمتعوا بكل حدود الحرية في الوقت الذي يريدون حرماني وحرمانك في التمتع بتلك الحدود للتعبير عن رأيك .. وهم هنا لا يمثلون الدين ابدا ً بل يمثلون مصلحة الطبقة المستغلة .. فالدين أي دين مهما كان رأيك الذي أحترمه فيه ..يبقى حاملا ً لبذور الحركات الإصلاحية في التاريخ في جانب كبير من تعاليمه ..التي تنكر لها الأدعياء .. وأحالوه كما في حال الدين الإسلامي إلى هوية دموية وحشية

اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي