الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانيون على قارعة الربيع...!؟

جهاد نصره

2012 / 7 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ تسعينات القرن الماضي، عادت الحرارة نسبياً إلى مسار السجال الدائر حول العلمانية بعد أن ثبت فشل الأنظمة القومية الحاكمة في استنهاض بلدانها ووضعها على طريق الحداثة والمواطنة وفي الوقت نفسه ظهرت حيوية الجماعات الإسلامية وتصاعدت أمواج الثقافة الدينية لتغطي كافة أوجه الحياة دون أن تعير الأحزاب والسلط الحاكمة انتباهاً إلى ما ستجنيه أيديها الآثمة بعد حين...!؟ وقد شهد هذا السجال حالات من المد والجزر تعرض العلمانيون خلالها إلى مختلف صنوف الترهيب والوعيد التي عمل عليها حراس الدين بما يملكونه من وسائل متعددة الأشكال وأنظمة الحكم التي نافست رجال الدين على هذا الصعيد تماماً كما فعلت سلطة البعث السوري الذي أثبتت النكبة الراهنة انتهاء صلاحيته بعد استنزاف الفرصة التي أتيحت له طيلة خمسين عام...!؟
وهكذا فإن جسامة المأزق الذي واجه العلمانيين كمنت في تحالف ذراعين شموليين يمكن القول إنهما وجهان أيديولوجيان لعملة واحدة..! إضافةً إلى حقيقة غياب الحامل الاجتماعي منذ أن نجحت الأنظمة الحاكمة في عملية تدمير الطبقات الوسطى في مجتمعاتها.
وعلى هذا فقد فشل العلمانيون في محاولتهم تعميم السجال الثقافي القيمي وإخراجه من المقصورة النخبوية بما يعني الاقتراب والاحتكاك بالقاع المجتمعي المستلب كلياً من وجهي العملة الواحدة هذه ويمكن القول المرتهن كلياً لثقافة النصوص المقدسة دينية كانت أم دنيوية..! وقد كشفت النكبة السورية الراهنة عن الحجم المهول لهذا الارتهان بحيث يبدو أنه لم يعد مجدياً الاستمرار في التنظير عن العلمانية كتاريخ وصيرورة والتفكير بدلاً من ذلك على نحو آخر أكثر جدوى وإن كان سيبقى هناك من تتغلب عنده الطموحات والشهوات فيحاول استثمار ما يعتبره فرصة متاحة لتسويق الذات ولو إعلامياً...؟
لقد عمل حراس النصوص المقدسة طوال الوقت وبلا كلل على تنمية مناعة الكتل الشعبية لمواجهة ثقافة العلمنة والحداثة فهم لاحقوا المفكرين والعلمانيين بفتاوى التكفير والتفريق.. وزادوا على ذلك بأن نجحوا تدريجياً في قضم أطراف الأنظمة الحاكمة عبر المداهنة والمراوغة والمساكنة على أمل ابتلاعها لاحقاً وهو ما حدث ويحدث في هذه الأيام الكالحة..!؟
لا شك في أنه كان متوقعاً أن تنتج سياسات أهل السلط الحاكمة وفسادهم المستشري وقمعهم اللامحدود البيئة الناضجة القابلة للانفجار وأن يجد فيها الخارج كل الخارج مسرحاً مكشوفاً للدخول السهل والتشبيك مع كل الأطراف الداخلية..! وبالرغم من وجود الدول ذات الدساتير الدنيوية منذ زمن طويل، وبالرغم مما قدمته من حقائق دامغة وبالغة الوضوح عن نجاح العلمنة كمنهج لإدارة شؤون المجتمع، وتخليق المواطنة الحقة من خلال ترك مسألة التدين تبعاً لحرية الإنسان بعيداً عن شؤون الدولة بما هي دولة قانون ومؤسسات مدنية تعنى بشؤون الحياة الدنيا وليس بشؤون عالم الغيب، وبالرغم من تلمس الإسلاميين لهذه الحقائق التي اختبرها بعضهم الذي يعيش في تلك الدول، فإن الإسلاميين لم يساوموا مطلقاً على قضية تديين الدولة والمجتمع وهي مسألة يفترض أنها بديهية عند أصحاب العقول إلى أن تبين العكس هذه الأيام..! وفي الأمس القريب رفض الإسلاميون السوريون في مؤتمر القاهرة بحزم تضمين النص الختامي ـ شعار الدين لله والوطن للجميع ـ فخرج جميع الذين ادعوا يوماً أنهم علمانيون ليقفوا غير مأسوفٍ عليهم عراة على قارعة مؤتمر المعارضة وهو على كل حال مؤتمر شروي غروي كشف عن مزيد من انحطاط النخبة السورية...!؟

وهكذا فقد وجد النفر المحدود من العلمانيين العرب والسوريين على وجه الخصوص أنفسهم أنهم أمام مأزق شائك ومعقَّد الأمر الذي أحال معظمهم هذه الأيام إلى مقاعد المتفرجين على ما يجري من مصائب وويلات سبق وأن تكرر حدوثها مرات ومرات على مدى التاريخ الإسلامي..! وقد كان لافتاً مسارعة عدد من هؤلاء العلمانيين لملاقاة الحراك القائم بغض النظر عن كل التفاصيل وقد يرجع ذلك إلى جهلهم الفاضح بهذا التاريخ أو إلى رغبة عارمة للثأر من سلطة جائرة ياما نكَّلت بهم سجناً ونفياً وترويعاً...!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah