الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيكولوجيا الحرف- 3

سامي فريدي

2012 / 7 / 14
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


سامي فريدي
سيكولوجيا الحرف- 3
ثلاثة عوامل رئيسة ساهمت في تدمير الثقافة العربية..
- النظام الأيديولوجي
- فورة النفط
- مجانية التعليم
تمثل النظام الأيديولوجي بنظام جمال عبد الناصر واستنساخه في البلاد العربية لاحقا. بينما أسفر انعكاس بعض آثار فورة أسعار النفط – عقب حرب تشرين 1973- في تحسن المستوى المعيشي للفرد العربي عموما، إضافة للاهتمام بنشر التعليم ومجانيته سيما في المراحل الأساسية. هذه الخطوات غير المدروسة انعكست سلبا لاحقا، أمام عدم قدرة الدولة العربية على التطور سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، فوجدت الدولة نفسها في مواجهة أزمات مستعصية صارت تقرض في جانب كلّ من الدولة والمجتمع.
دولة الأيديولوجيا هي أيضا دولة الاعلام (والجيش) كما سبقت الاشارة. وفي دولة عبد الناصر لعب محمد حسنين هيكل دورا ايديولوجيا في الاعلام المصري، ولكل نظام ودولة شخص أو أشخاص هم أدوات أمنية أيديولوجية رخيصة بيد الحاكم، شديدة على المجتمع، تلك هي صورة الاقطاع الفكري، أو الاستبداد والارهاب.
دولة الأيديولوجيا هي أيضا دولة ترهيب وترغيب، وفقا للنص الاسلامي (يعبدون الله خوفا أو طمعا).
وقاعدة (الخوف والطمع) عامل رئيس وفاعل في توسيع قاعدة النظام وحاشية الحكومة وطبقة (الاقطاع الفكري) حسب تعبير عبد الحي دياب أو (وعاظ السلاطين) حسب تعبير علي الوردي.
قطاع الاعلام ليس المصدر الوحيد – بقدر ما هو واجهة مباشرة- لتوسيع طبقة الاقطاع الثقافي وانما هناك قطاعات أخرى مساهمة منها –بحسب المثال العراقي-..
- قطاع الدراسات الاكادمية العليا في الجامعات العراقية أو البعثات الخارجية بقي محصورا بمنتسبي الحزب الحاكم والحاصلين على درجات حزبية متقدمة إضافة للمعدل الدراسي العالي.
- العناصر الأكادمية في مؤسسة المخابرات والذين يتمتعون بامتيازات خاصة لاستكمال دراساتهم العليا والتنسيب في دوائر داخلية أو دبلوماسية خارجية بحسب التخصص.
- خريجي معهد الأمن القومي الخاص من حملة الشهادات العليا والفروع الحساسة.
- امتيازات خاصة لمنتسبي الجيش العراقي باكمال دراساتهم العليا منذ الثمانينيات.
- قطاع الطلبة العرب الدارسين على حساب الحكومة العراقية أو نفقة الحزب الحاكم، وهم من بلدان مختلفة، وتكون دراستهم سواء داخل العراق أو خارجه وعلى نفقة الدولة والحزب، ولابدّ أن كثيرا منهم يسخرون أنفسهم وشهاداتهم ضمن طبقة الاقطاع الثقافي أو الارهاب الفكري لأيديولوجيا النظام.
- عناصر خاصة يجري احتضانها وتكفلها دراساتها وحصولها على اختصاصات عليا لأغراض خاصة بكفالة أشخاص من النظام.
وبالتالي.. فأن محاولة اجراء مسح أولي لحملة الشهادات وتاريخها أو القطاع المنتسب إليه، يكشف عن حجم طبقة –محسوبة على الثقافة والأكادميا- انما هي من صناعة النظام والمعشعشة في أحضانه. وهذه تمثل يد النظام وعيونه – خوفا أو طمعا-. وهؤلاء يتوزعون داخل العراق وخارجه وفي مؤسسات وجامعات متعددة، وقسم منهم انضووا في خدمة مؤسسات اعلامية وغير اعلامية لبلدان اقليمية أو عالمية طمعا في استمرار الأعطيات، وضمان الحماية من أي اعتداء أو ثأر سابق.
ليس هذا غير جانب من الصورة، قد يكون رئيسا، ولكنه يبقى ناقصا بدون استكمال زوايا الصورة.
المفارقة التي أسفرت عنها تسعينيات الحصار في العراق، هي فتح مجال الدراسات المسائية في الجامعة المستنصرية، إضافة للدراسات العليا، إضافة للسماح بظهور معاهد ومؤسسات دراسية أهلية. مجال الدراسات الخاصة سمح لبعض حملة الشهادات الاكادمية الحصول على شهادات اكادمية في تخصصات أخرى، ولم يكن هذا مسموحا في القانون العراقي قبله. وبغض النظر عن التسهيلات الدراسية أو مدى الجدية الاكادمية لتلك الجامعات. لكن واقع الحال يكشف عن أرقام مهولة لخريجي دراسات المستنصرية المسائية وشهاداتها العليا، والتي كان لها دور في التغطية على سواهم من أرباب شهادات النظام وامتيازاته.
كما أن الانفلات والفوضى التي شملت قطاعات الحياة العراقية -عقب الغزو الأمريكي-، بضمنها التعليم العالي من ظهور امعت جديدة وأهلية وفروع لجامعات خارجية ومنها الجامعات المفتوحة، زادت من نسبة أعداد الدارسين وحملة الشهادات العليا. والاشكالية.. أنه بدلا من التفاؤل بهذه الأرقام والمسميات، باحتسابها على جانب العلم والعقل والثقافة والتقدم العلمي، فأنها في واقع الحال عامل في تدمير الحاضر والمستقبل العراقي، لعدم الكفاءة الأكادمية لغالبية حملة الشهادات تلك، أو عدم نزاهتها العلمية، أو صعوبة فرز الشهادات المزورة والتجارية من الشهادات العلمية والأكادمية الحقيقية.
ان أية شهادة علمية بدون ممارسة تطبيقية تبقى ناقصة الأهلية. كما أن الانقطاع الوظيفي أو الاكادمي لمدة تزيد عن ستة أشهر إلى عامين، تجعل من الصعوبة بمكان اعتماد تلك الشهادة في مجال العمل. وان واقع العراق المتقدم في مجال الفوضى والخراب منذ الثمانينيات، زاد من كبقة البطالة الأكادمية جراء نقص فرص العمل وصعوبة شروط التوظيف، وهو ما يصدق على واقع ما بعد الغزو الذي يقارب العقد من السنوات دون بوادر استقرار أو حياة عادية، مما يدفع كثيرا من تلك الشهادات إلى سلة الخسائر الوطنية.
وفي قوائم أسماء الكتاب كثيرون من حملة الدال، بنفس مستوى الأسماء المزورة، سيما في النشر الالكتروني، وبعضهم يضيف تخصصه الوظيفي المستشار أو المحامي أو المدير التنفيذي، مما لا يخدم في مدى جودة النص. فاللقب العلمي، جاهة.. لا تختلف عن جاهة القبيلة أو المركز الوظيفي/ السياسي السابق. فالوزير أو النائب أو الرئيس الأسبق أو الاستاذ الدكتور ليس بالضرورة كاتبا جيدا، ولا يضمن كون موضوع مفيدا للقارئ، بقدر ما هو تنفيس للوحدة أو تعويض للنرجسية ونقص الجاه.
التواضع سمة للعلم، والتعلّم صفة للباحث الحقيقي. المؤلفات العلمية والثقافية الأجنبية لا تحمل على غلافها القابا علمية، ولا تعنى بسيرة نرجسية مضطربة بكثرة المنجزات الفكرية والدراسية. فمؤلفات ماركس أو فرويد لا تضع دالا أمام أسمائهم، ولا ينتقص ذلك من مضامين كتبهم أو مكانتهم التاريخية العالمية.
ثقة الكاتب بنفسه أهم كثيرا من صوره وألقابه ومدائحه الذاتية. واعتماد على نفسه وتجاربه الذاتية الصادقة أولى من حشر اراء مؤلفين سابقين ومعروفين، لا يحتاجها القارئ –لشهرتها وتيسرها في مضانها-، مما يشكل حشوا وترهلا في الموضوع، وهو حال كثير من كتب المقالات المستهلكة، أو تآليف منهجية تستطرد في المقدمات العامة والتاريخية دون ظهور إضافة حقيقية للكاتب، وأن كانت لا تتعدى صفحتين حافلتين بالانشاء وبلاغة اللغة البديعية.
هؤلاء يملؤون وسائل الاعلام والجامعات والمؤسسات المختلفة، فيما يطبع التخلف والفساد والجريمة، صورة المجتمع والدولة!.
سامي فريدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسؤول إيراني لرويترز: ما زلنا متفائلين لكن المعلومات الواردة


.. رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية يأمر بفتح تحقيق




.. مسؤول إيراني لرويترز: حياة الرئيس ووزير الخارجية في خطر بعد


.. وزير الداخلية الإيراني: طائرة الرئيس ابراهيم رئيسي تعرضت لهب




.. قراءة في رسالة المرشد الإيراني خامنئي للشعب حول حادث اختفاء