الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خروج الكرد من النظام الدولي سقوط في الحضيض

خالد يونس خالد

2005 / 2 / 13
القضية الكردية


التكتيك والاستراتيجية والأعداء والاصدقاء
هناك مشكلة إزاء القضية الكردية في الشرق الأوسط، وهي أن الأنظمة التي تتحكم بكردستان لا تفهم لغة الحوار والديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها. وبدأ الكرد يفهمون أنه لابد أن يكونوا طرفا في المعادلة الدولية في الشرق الأوسط. فالمنطقة قادمة نحو التغيير والتفاعل مع التطورات الدولية بفعل النظام العالمي الجديد ومشروع الشرق الأوسط الكبير، وضرورة مقاومة الإرهاب، والتحول نحو الديمقراطية والحرية بأساليب جديدة وفعالة مبنية على الفكر النير والممارسة السلمية والتعاون الدولي. ومن هذا المنطلق نؤكد على ما يلي:
1- التأكيد على الأصدقاء من أية دولة كانت، وتقوية العلاقات الاستراتيجية معهم.
2- العمل على كسب المحايدين وتحولهم إلى أصدقاء أو البقاء في الحياد لئلا يتحولوا إلى أعداء.
3- تحييد الأعداء أو العمل على اقناعهم أن يقفوا موقف الحياد إن أمكن.
الوضع الكردستاني والأقليمي والدولي يتطلب من القوى الكردستانية كافة أن تميز بين الأصدقاء والأعداء بعيدا عن الأهواء، وبعيدا عن الإرهاب وعبادة الشخصية. فالقضية الكردية تبلورت بشكل فعال في الساحة الشرق أوسطية، وإمكانية الاستفادة منها في المعادلة العراقية نحو هدف معين يؤدي إلى التوازن الإستراتيجي في المنطقة لصالح عملية السلام الشرق أوسطي، وتحقيق الاستقرار الاستراتيجي الذي يحكمه القطب الواحد. وأنا لا أعني هنا أن الاستقرار الاستراتيجي هو الاستقرار والأمن في المنطقة فحسب، بل تحقيق ما يصبو إليه المجتمع الدولي ضمن الاستراتيجية المرسومة في سياسة الأمن القومي في المنطقة لصالح أطراف المعادلة.
ولكن بالنسبة للكرد هناك عدة سيناريوهات تحكم القضية:
1. عراق ديمقراطي فدرالي تعددي برلماني يتمتع فيه الشعب الكردستاني بحقوقه ضمن وحدة العراق، ودخول العراق في الاستقرار الاستراتيجي ومعادلة السلام العربي الإسرائيلي فيما اذا نجح ذلك السلام.
2. احتمال تشكيل دولة كردستانية في الأقليم الجنوبي الذي يسمى بكردستان العراق، ومساحته حوالي 73 ألف كليومتر مربع، للقيام بعملية توازن استراتيجي.
3. تحريك الكرد في عموم كردستان للدخول في المعادلة الدولية بالتوافق مع المصالح الدولية لمواجهة المد الارهابي على الصعيدين القومي والديني.
4. احتمال ضرب الحركة التحررية الكردستانية أو تهميش الدور الكردستاني إذا تطلب الاستقرار الاستراتيجي ذلك، وعليه ينبغي، بل يجب على الشعب الكردستاني التعاطي الجاد مع النظام الدولي بشكل يجعل القضية الكردية عامل الاستقرار الاستراتيجي.
5. بقاء القوات الدولية في العراق الى أن يتحقق الامن والاستقرار فيه.
6. امكانية تشكيل نوع من الإتحاد بين العراق وبعض دول الجوار، مثل الأردن، يضمن للكرد حق الاستقلال الذاتي.
7. الإبقاء على الحالة الراهنة في العراق، وخلق المتاعب والاضطرابات في الداخل من قبل بعض دول الجوار مما يؤدي الى تقسيم العراق، لذلك يجب على الشعب الكردستاني مواجهة التطور المحتمل، والاستعداد لإدارة وطنه، وضرورة وجود استراتيجية موحدة وخطاب كردستاني موحد.
8. إعطاء دور مميز لبعض القيادات الكردستانية في العراق وتوحيدها، وتصفية المعارضة الكردية المعادية لتطلعات الشعب الكردستاني في الحرية.

الإشكاليات الكردستانية التي تحكم القضية الكردية في المعادلة الدولية
قلنا أكثر من مرة بأن القضية الكردية دخلت اللعبة الدولية، ولكن هناك في هذه اللعبة إشكاليات من قبل الكرد وقياداتهم بشكل يُضعف القضية الكردية على كافة المستويات الكردستانية والأقليمية والدولية، وعليه لابد من معالجتها. ومن أهم هذه الإشكاليات:
1. التطرف الديني المذهبي الكردستاني الذي يحكم بعض الجماعات الحزبية الإسلاموية وربطها بالجهات الإرهابية.
2. الميوعة في مواقف بعض الأكراد بسبب التأثيرات الدينية المزيفة او البرامج النظرية الديماجوجية لخداع الجماهير.
3. العفوية والجهل بأهمية الشخصية الكردستانية ودورها في اثبات الوجود.
4. الجهل في فهم الفكر الديمقراطي وممارسته، والتقوقع في التحزب السياسي بدلا من الجماهير الوطنية المخلصة، مما يساعد على تحول المجتمع الكردستاني الى مجتمع التحزب بدلا من ان يكون مجتمعا مدنيا قائما على التنظيم والتعددية البعيدة عن الصراع الحزبي الذي أدى غالبا للمواجهة العسكرية والاقتتال الداخلي.
5. احتكار الموارد المالية من قبل جهة واحدة مما يؤدي الى خلافات وصراعات بين التوجهات السياسية التي تشعر بالغبن والحرمان.
6. احتكار القطاع التجاري والاقتصادي من قبل جماعة معينة في بعض المناطق الكردستانية.
7. التجسس من قبل بعض المصادر الحزبية والمكاتب الحكومية في الخارج على الكتاب والباحثين المستقلين، وتهديدهم فيما إذا انتقدوا الوضع الداخلي.
8. عدم تربية القواعد على تقبل التعددية الفكرية لتقبل الأحزاب الوطنية الاخرى مما يعود الى خوف بعض العناصر القيادية من فقدان مسؤولياتها.
9. لازال تدويل القضية الكردية على مستوى محدد أقليميا رغم أن هذا التدويل دخل اللعبة العالمية ولكن بشكل غير مؤثر.

الأسباب الرئيسة لعدم توسيع الدائرة الدولية للقضية الكردية
أولا: عدم توحيد الإرادة الكردستانية، على الأقل على نطاق كردستان العراق، بانتخاب زعيم كردستاني واحد يترأس الحركة التحررية الكردستانية، لأن كل حركة تحررية بحاجة الى رئيس واحد. ويجب أن يكون هذا الاختيار من قبل الشعب في انتخابات ديمقراطية تحت رعاية ومراقبة دولية، وليس توزيع الألقاب بمعزل عن الشعب.
ثانيا: عدم وجود خطاب كردستاني موحد في المحافل الدولية.
ثالثا: العداء المبطن بين الأحزاب والقيادات. فبينما نجد بأن قياديي الكرد، يتبادلون القبلات في كل مناسبة صغيرة كانت أم كبيرة، نرى في الجانب الآخر القلق وعدم الثقة والشكوك تحكم العلاقات بين القواعد. كما أنه إذا ما إنحاز مستقل لهذا الجانب أو ذاك، يصبح الجانب الآخر ضده.
رابعا: العقلية الحزبية، والانتماء الحزبي هو المعيار للوطنية، في حين أن الكفاءات تقف عادة في الصفوف الاخيرة، مما جعل آلاف الكوادر الكرد يهاجرون إلى الخارج، أو عدم رجوع المغتربين والمهاجرين الكرد الى الوطن.
خامسا: الخوف من الآخر. وأعني خوف الكردي من الكردي بسبب فقدان الحصانة السيكولوجية، وعدم وضوح الرؤية.

خروج الكرد من المعادلة الدولية سقوط في الحضيض
كثيرا ما نسمع في المؤتمرات والسيمينارات بين الباحثين والمتخصصين من الكرد وغير الكرد بان الخوف يتأتى من هذا الحزب الكردستاني أو ذاك إذا وجد الحزب بأن دوره مهدد من قبل الحزب الآخر حتى ولو كان بوسائل ديمقراطية. وبمجرد تحليل بسيط للوضع في أي جزء من أجزاء كردستان يعطينا الدليل. فقد نجد هذا التنظيم في تعاون مع دولة أو جهة لضرب الحزب الآخر واضعافه. ونجد الحزب الآخر في تعاون مع جهة أخرى لمواجهة التحدي واسترداد قوته. وعلى أي حال لا نحتاج الدخول في تفاصيل هذه المأساة ولكن نؤكد بأن المخاطر موجودة، وأن نية الاحتكام الى القوة واردة من هذه الجهة أو تلك للاحتفاظ بالسلطة، وهذا دليل على فقدان استراتيجية موحدة، وفقدان الثقة بالآخر. وانا لا اعني استراتيجية التحالف الوحدوي وشن ثورة كردستانية شاملة لأن النظام الدولي لايسمح بذلك، كما أن الواقعية السياسية الكردستانية لا تقرها. لكنني أعني استراتيجية عدم التحالف مع أية جهة معادية للشعب الكردستاني في عموم كردستان لضرب قوى قومية ووطنية كردستانية اخرى، مع الاقرار بحق الجميع في اقامة علاقات حسن الجوار مع جميع الجهات والدول طبقا لما تقتضيه الظروف، على أن لا تنزل الاستراتيجية الى مستوى التكتيك.
لست بصدد نقد مايعانيه الكرد من هزائم، وما حققوه من انتصارات، بقدر تأكيدي على ضرورة اعترافهم بأنهم كلهم ساهموا في الأخطاء والبناء بشكل او بآخر، وان المسؤولية القومية والوطنية تتطلب أن يقروا بما يعانوه لتجاوز السلبيات من اجل مصلحة شعبهم، واحترام قياداتهم، والابتعاد عن المهاترات، وتقبل النقد. يجب أن لا يدوروا في حلقة مفرغة لأنهم يخافون من النقد، ويخافون من الآخر، ويخافون من الذات، ويخافون من السلطان. وبنفس الدرجة يخاف الناس من الممارسات الاستبدادية التي تمارسها الأنظمة التي تحكم كردستان، ولا سيما الأنظمة التي تحكمهم بالعلاقات الاستعمارية.
ينبغي أن يكونوا صريحين في قول الحقيقة، بأن تدويل القضية الكردية يجب أن يكون على أساس عالمي وعلى أسس جديدة تكون الحلول فيها دولية، أو بضمانات دولية ليتمكن الكرد من القيام بدور توازن من أجل السلام والاستقرار في المنطقة. وأنا لا أعني بالأساس العالمي حتمية تشكيل دولة كردستانية في الوقت الحاضر، إنما أعني ضرورة الاستقرار والتوازن على المحور الكردستاني العراقي أولا، وعلى محور الشرق الأوسط ثانيا وعلى المحور الكردستاني العام ثالثا ثم تحقيق التوازن والسلام رابعا. وكل هذه المحاور متتالية ومترابطة، ولايمكن مثلا تحقيق المحور الرابع قبل الاول. أما وأن تكون الحلول جزئية وبدون ضمانات، فإن ازمات الشرق الأوسط ستظل تحكم المنطقة. كما أن تكرار القيادات الكردستانية في عموم كردستان لأخطاء الماضي يعني خروج الكرد من التاريخ وسقوطهم في الحضيض.

* باحث أكاديمي وكاتب صحفي مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما مدى خشية تل أبيب من إصدار المحكمة قرار باعتقال نتنياهو وغ


.. الجزء الثاني - أخبار الصباح | الأمم المتحدة تعلق مساعداتها إ




.. أطفال فلسطينيون يطلقون صرخات جوع في ظل اشتداد المجاعة شمال ق


.. الأمم المتحدة: نحو نصف مليون من أهالي قطاع غزة يواجهون جوعا




.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ