الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يريد محمد مرسي حقا إعادة مجلس الشعب بالشكل الذي كان عليه؟

منعم زيدان صويص

2012 / 7 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم أستطع أن أفسر تحدي رئيس مصر الجديد محمد مرسي للمجاس العسكري والمحكمة الدستورية ودعوة مجلس الشعب للإنعقاد بعد أيام قلائل من إنتخابه رئيسا للجمهورية. فمن ناحيه، هو يعلم أنه كان يخالف المحكمة الدستورية ومن ثم الدستور ومعنى هذا أنه حنث بيمينه الذي اقسمه عدة مرات وفي أماكن مختلفة -- في المحكمة الستورية بكامل هيئتها، وبين الجماهير في ميدان التحرير، وأخيرا يوم تنصيبه وتسلمه مهامه الرئاسية من المجلس العسكري-- بأنه سيخضع للدستور. ومن ناحية ثانية فإن مجلس الشعب ، بتشكيلته هذه، سيكون حجر عثرة في طريق مرسي وطريق الحكومة وسيشوه رئاسته كلما تبنى، أو تبنت حكومته، أي قرار لا يروق للنواب الإسلاميين الذين يشكلون أكثر من ثلثي أعضا المجلس إذا رأوا ان هذا القرار يتعارض مع معتقداتهم الدينية بشكل أو بآخر، فمعظمهم -- وخاصة خصومه السلفيون -- ليس لديهم ما يخسرونه ومستعدون أن يفعلوا أي شيء ليثبتوا للناس البسطاء الذين صدقوهم وانتخبوهم أنهم عند وعدهم بأن يطبقوا تعاليم الإسلام، كما يفسرونها هم، عند إتخاذ أي قرار.

إن انتخابات جديدة لمجلس الشعب حتما ستفرز نوابا مختلفين عن هؤلاء وسوف لن يحصل الإسلاميون بشقيهم، الإخوان والسلفيين، علي الأغلبيه، لأننا رأينا في الإنتخابات الرئاسية أن مرسي حصل فقط على ربع الأصوات وليس كما كانوا يتوقعون، فالشعب المصري الذي أعطى أحمد شفيق وحمدين صباحي وعمرو موسى مجتمعين ضعف ما حصل عليه مرسي سوف لن يعيدوا الإخوان والسلفيين إلى المجلس بنفس النسبة.

ولا أدري إذا كان قادة الإسلاميين المصريين على علم مسبق بأن المجلس العسكري سيحل البرلمان الذي كان يسيطرعليه الإسلاميون. نحن نعلم أن الكتاتني، رئيس مجلس الشعب، إجتمع مع المجلس العسكري في نفس اليوم الذي قرر فيه المجلس حل البرلمان ومن المحتمل أنه بُلّغ بالقرار وأنه بلّغ قادة الإخوان ولم يصدروا اي تصريح إلى أن أصدر العسكر قرارهم بعد الإجتماع بساعات، لأن الجانبين يعرفان أن برلمانا غالبيته العظمى من الإسلاميين سيكون في هذه المرحلة الإنتقالية من تاريخ مصر على الأقل مصدر إزعاج وإحراج للرئيس وللحكومه. وسيزايد أعضاؤه على الرئيس والحكومة في مسائل عديدة.

بعد أن ربح الإسلاميون الإنتخابات في تونس ومصر، أصبح عددٌ لا بأس به من العلمانيين يفضلون أن يتورط الإسلاميون في المشاكل السياسية في عالمنا المعاصرويرتكبوا الأخطاء وتنكشف قلة خبرتهم في إدارة الدولة، وعدم مرونتهم السياسية، ويضطروا إلى قبول ما قبل به الحكام السابقون الين كانوا يعارضونهم، وبذالك تنكشف عدم مقدرتهم على تحقيق مبادئهم أمام الناس البسطاء الذين انتخبوهم. ففي مقال بعنوان "دعوا الإسلاميين يحكمون،" دعا كاتب هذه السطورإلى ذلك، واقترح العفيف الاخضر، الكاتب التونسي الكبير، نفس الفكرة في مقال عنوانه "دعوا اقصى اليمين الإسلامي يحكم." ولكن الإسلاميين لم يفعلوا ما توقعه هؤلاء العلمانيون، فأعلنوا أنهم سيدعون الأحزاب والتيارات الأخرى للإشتراك معهم في الحكم، حتى إذا ما واجهوا مشكلة لا يتلاءم حلها مع ايديولوجتهم يستطيعون أن يقولوا للشعب: إننا لا نستطيع أن نقرر الحل لوحدنا لان لنا شركاء في الحكم. ومن الواضح أنه لو بقي مجلس الشعب كما هو بدون حل ستكون الحكومة القادمة ضعيفة وستعم الفوضى وعدم الإستقرار وستحكُم العواطف بدل العقول، وهذا سيكون كارثيا على البلاد. فلقد رأينا مثالا بسيطا من تصرف أعضاء المجلس عندما وقف عضو إسلامي خلال جلسة لمجلس الشعب، صارخا ألله أكبر، عندما رُفع الأذان خارج القاعة، مطالبا الأعضاء بإقامة صلاة الجماعة على الفور، فأسكته سعد الكتاتني بسرعة وخشونة. ولو بقي المجلس، وهو مفروض أن يمثل الشعب، فإنه سيسبب مشكلة كلما أقرت الحكومة الجديدة أتفاقية -- سياسيه أو إقتصادية -- أو اقترحت قانونا لا يروق للإسلاميين من الناحية الدينية. كيف يستطيع مرسي أن ينفذ خططه، مثلا، في السياحة، التي شدد عليها في خطاباته يوم التنصيب، إذا اعترض عليها معظم أعضاء المجلس ذوي الآراء المعروفة عن السياحة؟ كيف ستكون ردود فعل السلفيين وغيرهم من الأسلاميين عندما يستقبل مرسي الزعماء الغربيين ويتفاهم معهم؟ وما هي الطريقة التي كانوا سيعلقون بها على إجتماع مرسي بهيلاري كلنتون وتبادل الإبتسامات العريضة معها وكيف قهقه معها بصوت عال طغى على كل الاصوات؟

على الإسلاميين أن يتعاملوا مع الغرب، فهم مضطرون للتعامل معه إذا أرادوا لحكمهم ان يستمر وإذا أرادوا أن يتجنبوا الصعوبات الإقتصادية العديدة التى لا تنحل إللا بالتفاهم مع العالم. لقد أعلن محمد مرسي منذ مدة طويلة أن رئيس وزرائه لن يكون من الإخوان أو من حزب الحرية والعدالة وأن واحدا من نوابه سيكون قبطيا وواحدا سيكون إمرأة، وهكذا. وهذا يعني أنه سيترك أمورا كثيره، لا يستطيع الإسلاميون أن يبتوا فيها، لغير الإسلاميين من شركائهم، وكلما تبين أنهم لا يطبقون ما وعدوا مؤيديهم من عامة الشعب به سيقولون ببساطه انهم جزء من تحالف وأنهم لا يستطيعون أن ينفردوا بالقرار. وقد إكتشفوا ذلك في بدايات الثورات العربية، فبدأوا يستعدون للتغيير والإنفتاح على العالم تدريجيا.

لقد تخلى الإسلاميون السياسيون عن كثير من مبادئهم، ونحن نعرف تأثير الإسلاميين الهائل على الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي، فلم نعد نسمع شعار "الإسلام هو الحل." فقضية السياحة في مصر، مثلا، اصبحت من القضايا الاساسية وركز عليها مرسي في خطابه يوم 30 يونيو حزيران عندما قال "يجب أن ننهض بالسياحة" لانه يعرف أنه بدون سياحة لا تستطيع مصر أن تعيش وستعم البطالة والجوع فيها، والكل يعرف كيف كانت مواقف الإسلاميين من السياحة. هذا التغيير الأساسي في افكار الإسلاميين السياسيين سيكون حتما مفيدا للشعوب العربيه ولقضية العلمانيه التي بدونها لن تكون هناك ديقراطية حقيقية في الحكم أو حرية حقيقية للشعوب.

يجب على العلمانيين، إذا كانوا يحبون مصلحة شعوبهم، أن يشجعوا الإسلاميين في هذا الإتجاه وأن يشتركوا معهم في الحكم، إن أمكن، لأن الهدف الأسمي هو تقدم البلاد العربيه وتعاونها وتنمية قدرات الشعوب نتيجة تبني الديمقراطية والتحرر الإجتماعي وحرية التفكير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب