الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صرخات أنثى غزية

سونيا ابراهيم

2012 / 7 / 22
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



القصة هي نتيجة زواج مبكر لامرأةٍ غير متعلمةٍ ، تربي أبنائها كما ربتها أمها ، ولكن دون كره للأطفال الذين أنجبتهم من زواج مبكر!!

وتشرح لي حالتها بأسفٍ وحزنٍ شديدين : لا أدري لم توقفت عن الابتسام ، وعن الضحك .. ما زلت أشعر أنها تؤلمني كل تلك الذكريات الكئيبة ، في طفولتي لم أجد شيئاً يمنعني عن الحب ، ولكن مُنعت أن أمتلك قرارت حياتي ، ودخلت في قسوة الحياة ، ومرارتها ، وتمرغت فيها .. وكأني أشبه بامرأةٍ تندب أمواتها.. كنت أندب موتي بكل ثانيةٍ ، وبكل لحظة.. صفعات والدي ، صراخ أمي ، وكل ما نعتوني به ، ومعاملة أختي الأكبر مني ، كانت أكثر واحدة تنتقدني في الفترة الأخيرة ، وكانت تؤلمني بكل الطرق , دائماً تساند أمي وتدعمها ضدي .. ما زلت أكره حقيقة أن أمي تزوجت زواجاً مبكراً.. ومازلت أكره أني أتيت إلى هذه الحياة وأنا صغيرة..
وما عدت صغيرة.. و لكنهم هنا لا يرون أني كبيرة بأي شئٍ ، سوى بالألم !!


كيف يبدأ العنف الأسري، ونعتقد جميعنا بأننا مجتمعات لا تعاني من العنف ؟؟!

تتابع حديثها : نعتتني أمي في احدى المرات بالشيطانة ، ولم أعلم ماذا أقول لها ؟؟ صُدمت أنها أمي وأنني ابنتها !! كنت الأقوى لأني لم أرد أن أصدق أنها أمي ، وبأنها شخص يمت لي بصلةٍ.. كنت الأكثر ألماً لأن أحداً لم يرد أن يشاطرني هذه الآلام !!
وتقول لي بحسرةٍ وألم : تحدثت كثيراً عن هذا الألم ، الذي يعتصرني مند الصغر ولكنني للآن لم أجد من يستطيع أن ينقذني .. ثم أجلس ساعات وأتساءل – بغضبٍ - هل يهم إن كان هناك من سينقذني اذا كانوا أهلي هم من فعلوا ذلك بي؟؟
أصبحت حياتي مشقة بكلِ شئٍ ، و لم أتخصص بالكلية التي أريدها.. والدتي لا تعتقد أن الأنثى يناسبها أي عمل غير التدريس ، ورغم أنها تعلم عن معاناة أخواتها ممن عملن بالتدريس ، إلا أن ذلك لم يغنها عن أن تكون استبدادية ، وتهددني بعدم دفع تكاليف دراستي الجامعية اذا لم ألتزم بخيارها ، وبأنها ستبقيني محبوسة في المنزل ؛ لأخدمها ، وأخدم من في المنزل ، وكأنني عمالة رخيصة (!!) ..
ومن وجهة نظرهم هل تصلح المرأة لغير ذلك ؟؟ حتى و إن كانت ممن يحملن الشهادات الجامعية ، ولديها القدرة على أن تثبت نفسها في مجتمعها كعضوٍ فعالٍ ، وليس كفردٍ سلبيٍ ، يأخد ما يعطونه ، وليس ما يطالب به !!


هل تستطيع المرأة في مجتمعنا أن ترفض العنف الأسري ، وأن تطالب بحقوقها ؟؟

وتردد ، وهي تسخر من حالتها البائسة : ما يضحكني دائماً عنما أستمع إلى قصصهم ، أو عندما يستمعون إلى قصتي – حسب روايتهم – هو أنهم يُكونون لديهم نفس ردة الفعل .. وكلهم بصوتٍ واحدٍ يمثلون أنهم يقدمون النصيحة ، ويقولون : " اذا لم تكوني تريدين ما نريده لك ، اذن يجب أن تعاني" (!!) . وأن تعاني يشمل الاهانة ، والعنف المعنوي والجسدي .. وهذا تماماً ما حصل معي ، وفي مجتمعي الغزي الضيق الأفق ، عندما طالبت بحقي ، بعيداً عن وجهة نظر مختار العائلة ، أو الأعمام ، أو ذكور الأسرة ..
وتعبر لي عن سخطها من هذا المجتمع : ظلت الكلمات واقفة في وجوههم ، لا تستطيع امرأة غزية أن ترفض العنف الأسري ؛ لتجد من يساعدها ويحميها ، لأنه يبدو أن من هم " مسئولون عن حماية المجتمع أو الشعب " ، هم نفسهم من يمارسونه ل ( العنف ) ، و بكل عين وقحة.. وبكل فخرٍ ، وكأنهم ينتظرون أن يحصلوا على جائزة .. عنوان الجائزة " أليس هو هذا الرجل في مجتمعنا الذكوري المتخلف"!!


المرأة ناقصة عقل ودين .. أهذا فقط ما يفهمونه ويتعلمونه من تعاليم دينهم :" الاسلام - الذي كرم المرأة - " ؟؟

وتجيبني - وفي عينيها تخبئ بقية الأسئلة - : غريب كيف ينادوننا بأن ننهض بمجتمعاتنا - بخطبهم الدينية - ونحن لا نملك أدني حقوق كمواطناتٍ كريماتٍ.. المرأة في مجتمعاتنا العربية ما هي إلا وعاء لانجابِ الأطفال ( في عائلات قبلية ، لا تقبل أن تسمي الطفل إلا باسم عائلة الوالد ) ، و لا يوجد في وطننا العربي أي احصائيات دقيقة عن العنف الأسري ، الذي تعاني منه المرأة !!
هي – بالنسبة لهم – مجرد وعاء للانجاب ، وبالواقع فإن ذلك ليس لأنها أقل انسانية ، بل لأنهم منعوها ، وحصروها بجسدٍ لا يلمسه إلا من هم يريدون ، وليس من هي تريد .. يجبرون المرأة على أن تفكر بما يريدونها أن تفكر فيه ، وهكذا يصبح أسهل عليهم أن يسيطروا عليها..خوفاً من أن تحصل على حريتها ، وإنسانيتها الكاملة !!
وعاء إنجاب ؛ لأنها بنظرهم " كالبقرة تُباع ، وتُشترى " (!!) و في أمور الزواج ، يقدرونها بالمهر " حفنة أموال " إن كثرت أو قلت ، فلا يعني ذلك بالضرورة أنه سيضمن لها حقها في حياة سعيدة .. وفي كثيرٍ من الأحيان يتم تقليصه لأقل قدرٍ ممكن ، لِكونِ الرجل من أبناء العم ! أما إذا كانت العائلة غنية ، فإن المهر يمكن أن يبلغ أكثر من المطلوب ؛ حتى يستطيعون المبالغة (!!) .. ولكن هناك سؤال مهم يطرح نفسه : هل تحتاج كل امرأة " المهر" وهو شئ مادي معين مقابل رباط مقدس مثل الزواج ؟؟ ولماذا يعتبرونه تقديراً لابنتهم ؟؟ إذا كانت تزوجت مثلما تزوجت والدتها ، وجدتها ، دون أن يأخذوا رأيها ، أو يعطونها حريتها ، وحقها في اختيار الشريك المناسب – حسب شخصيتها ، ورغبتها !

نقد فكرة أن المرأة عبء لدرجة أن الأهل يبكون فرحًا بعدما يستغلون نصف مهرها لمصلحتهم الخاصة ؛ فهي أخيراً تزوجت ممن اختاروه لها ! كما يقال عن المرأة "بنظرهم" ناقصة عقل ودين !!

وتقول لي بكلماتٍ أخيرةٍ : وإذا كان الأهل فعلاً يريدون الحصول على المهر من أجل " قيمة " ابنتهم و" تقديراً " لها ، لماذا لا يقفون إلى جانب ابنتهم – المرأة - والتي تعاني من عدم المساواة والتمييز الجندري ؟؟ وهنا أقصد أيضاً ، وبالتأكيد نبذ العنف الأسري ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | تفاصيل مفجعة عن شبكة لاغتصاب الأطفال عبر تيك توك ف


.. دور قوى وجوهرى للمرأة في الكنيسة الإنجيلية.. تعرف عليه




.. اغنية بيروت


.. -الذهنية الذكورية تقصي النساء من التمثيل السياسي-




.. الحصار سياسة مدروسة هدفها الاستسلام وعدم الدفاع عن قضيتنا ال