الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة الشكلية والعدالة الجوهرية

عائشة خليل

2012 / 7 / 22
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


أرسل الثعلب دعوة إلى أبي منجل لتناول الطعام في منزله، ثم قدم الثعلب الطعام لأبي منجل في وعاء مسطح، فلم يستطع الأخير تناول الطعام، واستمتع الثعلب بالطعام كله. وبعد أسبوع دعا أبو منجل الثعلب إلى منزله، وقدم له الطعام في وعاء أسطواني، فلم يستطع الضيف تناول الطعام، واستمتع المضيف بالطعام كله.
هكذا بدأ الدرس الأول عن "اتفاقية السيداو" - الذي تقدمه مؤسسة التضامن النسوي للفاعلية الدولية - بهذا الفيلم الكرتوني القصير، وكانت الحكمة المدرجة في نهايته: عامل الناس كما تحب أن يعاملوك؛ فالثعلب حين قدم الطعام إلى أبي منجل لم يراعِ منقاره المعقوف، وقد رد عليه الثعلب بالمثل؛ فلا يكفي أن تدعو الناس لتناول الطعام، بل عليك أن تهيئ لهم الظروف الموضوعية لتناوله. وهكذا الأمر بالنسبة لمنح المرأة حقوق متساوية، لا يكفي أن نمنحها حقوقا متساوية بشكل اسمي، بل يجب أن تؤدي الظروف الموضوعية إلى مساواة جوهرية.
ولقد تشدق الكثيرون بالحريات والمساواة بين النساء والرجال في المجالات المختلفة في بلادنا ولكنهم تغاضوا عن الظروف الموضوعية التي تميز ضد المرأة على أرض الواقع. وهكذا جاء مجال حقوق الإنسان ليفرق بين "العدالة الشكلية أو الاسمية" و"العدالة الجوهرية أو الحقيقية" وهما مفهومان محوريان لقياس الحقوق التي تحصل عليها المرأة (أو الأقليات) في مجتمع ما. فهدف حقوق الإنسان هو تكريس "العدالة الحقيقية" في المجتمعات البشرية.
وأرغب في أن أطبق هذا المبدأ على مجال العمل خارج إطار المنزل، فلقد كرست المرأة حقها المشروع في العمل، ولكنها لا تجد الظروف الموضوعية للمنافسة على قدم المساواة مع الرجل، فتحقق لدينا شرط "العدالة الاسمية" ولكن "العدالة الحقيقية" لا تزال بعيدة المنال. ونحن لا نتحدث هنا على عدم المساواة في الأجر، وتأخير الترقيات (وبالتالي قلة المعاش) وغيرها من الأمور التي ناقشتها الباحثات، بل نتحدث عن أمور أكثر دقة مثل: دعم الزوجة للمسار المهني للزوج في مقابل مسارها المهني وذلك بتحمل عبء رعاية الأسرة الذي ينعكس إيجابًا على مساره المهني، وسلبًا على مسارها. فمثلا، يستطيع الرجل قضاء ساعات أطول في عمله، لأنه يعلم أنه يعود إلى منزل دافئ، وطعام مُعَّد، وملابس نظيفة، وأطفال أصحاء. بينما يتعين على المرأة أن تعمل بدوام جزئي أو لساعات أقل، وفي كل الأحوال لا تستطيع إمضاء ساعات إضافية بالعمل خارج المنزل، لأن عليها العودة ومواجهة "الوردية الثانية" والمتمثلة في الأعمال المنزلية اللانهائية من تنظيف وطبخ، وغسيل، وكنس، ومسح ... إلخ. والتي فرضها عليها المجتمع البطريركي لرفاهية كل أفراد المجتمع: الرجال، والنساء، والأطفال. وبسبب تحمل الزوجة للأعباء المنزلية يستطيع الزوج قضاء ساعة مع زملاء العمل "على المقهى" حيث يدعم علاقاته، ويكون الصدقات، ويحصل على آخر الأخبار، وبالتالي تزيد قدرته على المنافسة والترقي في المجال العملي.
كما أن مهام الرعاية الأسرية للأطفال والمسنين عادة ما تُوكل إلى النساء في مجتمعاتنا، ففي مرحلة ما من حياتها تجد المرأة نفسها مضطرة للخروج عن مسارها المهني لرعاية أطفال صغار أو مسنين أو مرضى، ولا يفرض المجتمع على الرجال القيام بالمثل حتى ولو كان كبار السن هؤلاء هم الأنساب، فيذهب الزوج إلى عمله تاركا والدته المسنة في رعاية زوجته!! ونعرف أيضًا أنه إذا مرض أحد الأطفال يتعين على المرأة أن تتقدم بإجازة مرضية للذهاب بطفلها إلى الطبيبة أو مراعاته في المنزل، ناهيك عن رعاية الطفل الوليد. ولقد تنبهت البلدان الغربية إلى هذا الأمر وأخذوا في تشريع قوانين تمنح الأب إجازة وضع لرعاية طفله حديث الولادة. وهو الأمر الذي لم نسمع به إلا عندما حصل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على إجازة لرعاية وليده في بداية ولايته منذ عامين تقريبًا.
ولأن المجتمع لا يهيئ للنساء الظروف الموضوعية - والتي هي شرط أساسي لتحقيق "العدالة الجوهرية" - تتأخر مساراتهن المهنية مقارنة بالرجال. وسيادة "العدالة الاسمية" مازالت أملا لم تحققه كثير من البلدان في مجالات شتى، ولكن الزمن قد تخطى ذلك، وأصبح البحث عن "العدالة الجوهرية" هو الأمل والمآل. فلنا أن نختار البقاء خارج إطار التاريخ، أو الانخراط فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وهل يوجب قلب ارحم من قلب الام ليعتني بالطفل الوليد
رافد الجشعمي ( 2012 / 7 / 23 - 10:51 )
سيدتي الفاضله انا لا اعارضك في انشادك لحرية المرأة
لكن سؤالي هل ياسيدتي يوجد قلب ارحم من قلب الام على الطفل الوليد والشيخ المريض
كلنا نعرف ان قلوب الرجال اكثر صلادة من قلوب النساء لذلك هم ليسوا مهيئين لتربيه الاطفال وطول البال معهم كلنا عرفنا ان امهاتنا هي من كانت صاحبه البصمه الاولى في الحنان الذي تلقيناه في طفولتنا
لكن في نفس الوقت الاب هو كان الشخص الاول القادر على حمايتنا من الاخطار صاحب القلب الذي لايرحم اذا مس شخص اصبع من اصابعنا
معنى كلامي ايها الاخت الفاضلة نحن من صنع الله وعبيده ولكل منا صفات ووميزات لاتوجد في الاخر لا ينبغي لنا ان نتناسى هذا الشي
تريدين ان تطالبي للرجل باجازة وضع لكي يربي طفله ؟
هل كان بحسبانك الرجل الذي يكسب عيشه يوما بيوم
اذا جلس عن العمل فمن سيطعم المرأة الواضعه والطفل الموضوع
بالله عليك اما كان هذا في حساباتك
اتريدين ايضا ان يدخل الرجل في دورة حيض وياخذ اجازة ارضاءا لك
اتريدين الباسه الحجاب في حاله طالبك هو فيه ليتم تسويتك به
الرجل والمرأة كفان لميزان واحد
فارجوك انظري لميزانك قبل ان تزني فيه
مع التقدير

اخر الافلام

.. فيديو مرعب يُظهر التفاف ثعبان ضخم حول جسد امرأة في تايلاند


.. اتهامات للملياردير المصري الراحل محمد الفايد باغتصاب موظفات




.. السودان،رائدات فيد تطالبن بإشراك النساء في قضايا الحرب والسل


.. رئيس منظمة إنسانة مها الفكي




.. رئيسة منظمة رائدات فيد آمنة بخات