الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهادة جميلة بوحيرد تكريما لوالدتها

أميمة أحمد

2012 / 7 / 24
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية



لم تكن باية الصفاقصية الأصل الجزائرية الهوى أن تكون في هذا المكان ، سجن بربروس الرهيب وسط العاصمة ، وإلى من جاءت ؟ إلى ابنتها الوحيدة جميلة ، الجميلة الشقراء ، ذات العينين الخضراوين ، والخدين الأسيلين ، يستحي منهما الورد الجوري بحمرة الخفر، وفمها المبتسم دوما ، تنفرج الشفاه عن لؤلؤ أسنانها، يا إلهي مالذي أتى بابنتي إلى هذا المكان الموحش ؟ لكن باية التي ترعرت في بيئة دينية مؤمنة بأقدار الله ترى أن قدر ابنتها أن تكون هنا ولها الشرف أن تكون مناضلة.
تسكت باية عن هواجسها الخائفة ثم نستعيذ بالله من الشيطان عندما تذكرت أن وحيدتها حكم عليها بالإعدام ، فتقول ربي كبير ، وتستغفر الله أن يتلطف بأولاد الجزائر ليشمل بلطفة ابنتها جميلة ، التي طالما حلمت كيف تزفها عروسا بثوبها الأبيض لبيت عريسها ، فتشجع نفسها ، سأزفها عندما تخرج من السجن . صرير الباب الكبير يوقظها من أحلامها وشرودها ، فترى ابنتها متهللة الوجه بايتسامة شعت نورا في وجهها الصبوح ، والسجانة الفرنسية تترفق بساعد جميلة ولا تغادر المكان، هكذا الأوامر لايترك السجناء مع ذويهم حتى لايتواصلون بشأن الثورة .
تسلم على ابنتها من خلف الشبك الحديدي ، تسألها عن صحتها ، تكابر باية دمعة طفرت فتوقفت بالمآقي ، بلعتها قبل أن تراها جميلة ، وجميلة هى الأخرى تظاهرت أنها لم تر دمعة الأم .
فقالت لأمها مازحة : أمي قد تأتي المرة القادمة وترين اسمي فقط على الباب ، أكون في الدنيا الأخرى . فاجأت جميلة من قوة شكيمة امها وهي تجيبها : ياسعدك ياحبيبتي أن تكون شهيدة ، وياسعدي أن أكون أم الشهيدة . وأنت لاتموتين بسبب عار وإنما تموتين بشرف الدفاع عن استقلال الوطن ودفاعا عن الإسلام واللغة العربية . حبيباي لاتخافين من الموت ، كل الناس يموتون ، واحد يموت مريضا أو حادث والموت كأس على كل الناس ، ومحمد صلى الله عليه وسلم سيد الخلق مات ، وحتى الموت نفسه يموت . هنا قالت الحارسة انتهى الوقت ، والدة جميلة أصلحت حائكها ولوحت لابنتها مودعة وداع الموت وهي تقول ، نلتقي عند الله . وخرجت من سجن بربروس

جواب الأم مفاجأة عقدت لسان جميلة عن أي كلام ، فقط قالت : أمي ابقي على خير
كانت السجانة المرافقة لجميلة خرجت من باب آخر لتلتقي بجميلة في ساحة السجن ، وطلبت من السجانة أن تذهب لزيارة مناضلات أخريات بالسجن كن يضحكن ويتحدثن ، والتفت إلى السجانة فوجدتها تبكي بمرارة ، سألتها جميلة : هل تذكرت زوجك الذي قتله المجاهدون ، قالت السجانة : لا أنا التقيت اليوم بمريم العذراء ، فردت جميلة كل الأمهات هكذا ؟ فأجابتها السجانة : لا ليس جميع الأمهات هكذا، أنا لم ألتق بامرأة عظيمة مثل أمك حتى في بلادي فرنسا .
ودلفت جميلة بوحيرد باب زنزانتها تتأمل بكلام باية التي ستذهب إلى ابنيها السجينين الياس والهادي أيضا ، سجنا لأجل الثورة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم