الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحلام : الرمز والمعنى - 1

إبراهيم حسن

2012 / 7 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا يوجد أحداً منا لا يتحلم، او لا يتذكر حلم من الاحلام التي خاضها اثناء النوم في حياته. وقد اختلفت تفسيرات ورؤى العلماء بخصوص الاحلام وطبيعتها وكيفية تفسيراتها ومنابعها. كان ابرزهم عالم النفس الشهير سيغموند فرويد، الذي يرى ان الاحلام انعكاساً للواقع، و تلبية للرغبات المكبوتة داخل النفس الانسانية. طروحات فرويد تأتي في وقت كانت النمسا تعيش حالة يمكن ان يقال عنها انها كانت السبب في تفسيرات فرويد هذه، وهي ان كانت صحيحة في النمسا فأنها ربما لا تصح في مجتمع آخر. وعلى العموم فأن وضع آراء فرويد ضمن اطار عالمي يثير الكثير من الامتعاض

وبغض النظر عن اراء فرويد وأريك فروم وغيرهم من الباحثين في علم النفس والاجتماع والانثروبولوجيا ، فإن كثير من الاشخاص يؤمنون بالاحلام ايماناً قاطعاً . وتؤثر على حياتهم وسلوكهم وقراراتهم. وهنا يتبادر فوراً الى ذهن القارئ المجتمعات التقليدية. التي دائما ما تتعامل بجدية وخوف من الامور الغيبية والميتافيزيقية وغيرها.

وكنموذج يمكن لنا ان نسترشد بالمجتمع العراقي ، الذي يؤمن الكثير من افراده بالاحلام. وبما يرونه في احلامهم من احداث وصراعات او افعال او غيرها. وقد وجدت الكثير من التناقضات اللامبررة في تفسيراتهم للاحلام. فعلى سبيل المثال عندما يحلم شخصاً ما انه نجح في الامتحان، يُفسر الحلم من قبله او من قبل المفسرين بعكس ما حدث في الحلم نفسه. فيفسر على ان الطالب واقعا هو راسب او مكمل على اقل تقدير. واذا رأى احد الافراد في منامه انه يقتلع احد اسنانه معناه ان ثمة خبرا مؤسفاً سوف يبُشر به قريبا بموت احد افراد عائلته او اقربائه. وفي حالةٍ اخرى تثير الاستغراب، وهي محاولة للتخلص من الحلم او افساد ما سوف يقرره الحلم في الواقع الحقيقي. يعمد الكثير من الافراد الذين يحلمون بأحلام تشاؤمية تكون تفسيراتها تنبئ بموت احد افراد العائلة او الاقارب او الطلاق الى كتمان هذا الحلم ، وسرده في مكان نجس لكي يُفسِد ما جاء في الحلم، ويقطع عملية التنفيذ التي ممكن ان تحدث في وقت لاحق . المسألة تبدو وكأنها تراجيدية تارة و كوميدية تارة اخرى . غير ان الواقع العراقي يشير الى ايمان راسخ بهذه القضية . والايمان انما جاء بتعزيز ديني او ثقافي عام.

- الرمز والمعنى

يقال ان مفهوم الرمز هو ذلك الشئ الذي يرمز او يشير الى شئ آخر، و قطعاً فإن حياتنا العملية كلها رموز ابتداءاً من اللغة : الكلمات - الاحرف - الى الملابس وغيرها. فكل حياتنا هي عبارة عن رموز ثقافية يتفق على معناها افراد المجتمع. والرمز في الحلم يكون مطابقاً للرمز في حياتنا العملية - من الناحية الشكلية فقط -غير انه يختلفُ تماماً في دلالاتهِ الثقافية ومستوى وضوحه.

الرمز في الحلم كـــ السيارة مثلاً التي يراها النائم في حلمه تعني السفر او الحياة . فإذا كانت السيارة مثلا تسير الى الامام يفسر هذا الحلم على ان ثمة تقدماً في حياة الشخص الذي حلم بهذا الحلم. واذا كانت السيارة تسير الى الخلف فمعنى ذلك ان ثمة رجوعاً او تخلفاً او تلكؤاً في حياتهِ العملية. وهكذا فإن آلية تفسير الرموز في الحلم تتطابق من حيث الشكل مع الرموز في الحياة الواقعية غير انها تختلف في دلالاتها الثقافية.

تفسير الرموز في الاحلام وتفكيكها للحصول على معنى ما. يتبع في الغالب اصل ديني. معنى ذلك ان الفرد يعتمد على احدى التفاسير المختصة بتفسير الاحلام كتفسير ابن سيرين وتفسير الامام الصادق. غالباً يلجأ اهل طائفة معينة من المسلمين الى اتباع منهج ابن سيرين في تفسير احلامهم. وطائفة اخرى تتبع تفسير الامام الصادق. بعض المفسرين، يلجأون الى الخبرة في تفسير الحلم، وهو امر يقتضي اجتهاد شخصي مستند الى خبرة شخصية في هذا المجال.

المعنى الذي يمكن ان يحصل عليه الفرد، يؤثر على حياته او قرارته. والمعنى بهذا المجال يصدر من المفسر للحلم او من قبل الشخص الحالم نفسه. وقد يكون للرمز اكثر من دلالة ثقافية - اي اكثر من معنى. حسب الموقف والظروف التي يراها الشخص في الحلم، وهو الامر الذي يعطي مجالاً للاجتهاد الشخصي من قبل المُفسر. في الموقف الاسلامي من الحلم نجد تعزيزاً واضحاً بالايمان بالاحلام. فأحاديث نبوية وآيات قرآنية تدل على ذلك. بيد ان ثمة تمييزاً يضعه الاسلام بهذا الخصوص. وهو التمييز بين رؤية النبي واهل بيته، وبين الحلم الذي لا يشمل احداً منهم. فالشيطان لا يتمثل النبي في الحلم كما جاء نصاً عن لسانه. كذلك نجد تمييزا صارماً بين الحلم وبين الرؤيا. وهو تمييز غير مبرر من الناحية العلمية او النفسية . فالرؤيا بنظر الاسلام يراها الشخص في اوقات الفجر ، وحينما يكون على طهارة فقط، ولا اعرف الى الان كيف يمكن للفرد ان يعرف انه رأى حلما ام رؤيا لانه تماما لا يعرف الوقت الذي رأى فيه هذا الحلم بالضبط . وفي الحلم وفي الرؤيا ايضاً توجد سلسلة من الاحداث وتوجد رموز ووقائع. ويوجد تفسير لهذا الحلم. اذن من الناحية الشكلية والمضمون الحلم والرؤيا شئ واحد .

وفي النهاية اتساءل : هل ان الاحلام يمكن لها ان تخبرنا بما هو مستور لنا في المسقبل فعلا ؟ وهل تفسيرات الاحلام تستند على اساس علمي ام تقليدي ثقافي بحت ؟ وهل يمكن ان نجد لها آليه علمية لتفسيرها ؟ وهل ان تفسيرات الاحلام التي ينتجها الافراد هي تفسيرات ام تأويلات ؟ وايهما اصدق و اصح : التفسير ام التأويل ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح