الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحبب نفسك والشياطين.. الحب بين الإسلام والنورانية

حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)

2012 / 7 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الحب في الإسلام هو حب من الله وله وفيه. وللمتحابين في الله، مقام عال في الدار الآخرة، يتمناه الأنبياء والشهداء. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من عباد الله لأناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء, يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم في الله". قالوا: يا رسول الله, تخبرنا من هم؟ قال: "هم قوم تحابوا بروح الله, على غير أرحام بينهم, ولا أموال يتعاطونها, فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم على نور, لا يخافون إذا خاف الناس, ولا يحزنون إذا حزن الناس. وقرأ هذه الآية: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
وقال عليه الصلاة والسلام: "إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي".
وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله ذكر منهم: "ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه, وتفرقا عليه".
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكاً, فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية, قال: هل لك عليه من نعمة تربُّها؟ قال: لا, غير أني أحببته في الله عز وجل, قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه."
ويربط القرآن بين الإيمان والموالاة (الحب). جاء فيه: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر". ويواصل المؤمنون المتقون علاقة الحب في الحياة الآخرة. لكن الأخلاء الكفار يصيرون أعداء: الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين".
ويربط الإسلام الإيمان ودخول الجنة، بالحب بين المؤمنين: قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". وقال أيضا: "لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابّوا".
ولخص الشيخ محمد بن صالح المنجد علامات محبة الله للعبد كما يلي:
1- اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قال تعالى في كتابه الكريم "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم".
2 - الذلة للمؤمنين ، والعزة على الكافرين ، والجهاد في سبيل الله ، وعدم الخوف إلا منه سبحانه.
وقد ذكر الله تعالى هذه الصفات في آية واحدة ، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم".
3- القيام بالنوافل: قال الله عز وجل – في الحديث القدسي - : "وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه".
ومن النوافل: نوافل الصلاة والصدقات والعمرة والحج والصيام.
4- الحبّ، والتزاور، والتباذل، والتناصح في الله.
وقد جاءت هذه الصفات في حديث واحد عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: "حقَّت محبتي للمتحابين فيَّ ، وحقت محبتي للمتزاورين فيَّ ، وحقت محبتي للمتباذلين فيَّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيَّ".
5 - الابتلاء ، فالمصائب والبلاء امتحانٌ للعبد، وهي علامة على حب الله له؛ إذ هي كالدواء، فإنَّه وإن كان مُرّاً إلا أنَّـك تقدمه على مرارته لمن تحب - ولله المثل الأعلى - ففي الحديث الصحيح: "إنَّ عِظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإنَّ الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط".
وبيَّن أهل العلم أن الذي يُمسَك عنه هو المنافق ، فإن الله يُمسِك عنه في الدنيا ليوافيه بكامل ذنبه يوم القيامة .
فالحب في الإسلام، يرتبط بالإيمان، فهو علاقة بين الله والمؤمنين به، وبين المؤمنين بعضهم بعضا. ما يعني أن الحب الإسلامي يتحرك في دائرة إيمانية، لا يتجاوزها إلى الصعيد الإنساني المفتوح المتعدد الألوان.
والتراحم أحد تحققات الحب. والإسلام يصف علاقة المؤمن بالمؤمن بصفة التراحم. لكنه لا يبسط خلق التراحم ليشمل الكفار: (المؤمنون) رحماء بينهم اشداء على الكفار.
والمؤمنون بعضهم أولياء بعض. لكن المؤمن لا يوالي الكافر. ويأمر القرآن المؤمنين به، بقتال الكفار "حتى يكون الدين كله لله". وعندما يكون الدين كله لله، ويؤمن الناس جميعا بالإسلام، سيتسع مفهوم الحب الإسلامي ليشمل الإنسانية.
وإلى أن يكون الدين كله لله، ستبقى علاقة المؤمن بالكافر، علاقة عدائية.
النورانية لا تدعو إلى علاقات عدائية مطلقا. الإسلام يقول أن الله يحب المؤمنين به والمتحابين فيه، حبا لا يسع الإنسانية كلها، وعلى وضعها الكائن. النورانية دعوة إنسانية مفتوحة على كل إنسان، من غير نظر لمعتقده أو لونه أو جنسه أو مكانته أو مشاعره.. في النورانية: أحبب شيطانك وكل شيطان.. لماذا؟ تقول النورانية: أحبب نفسك وأحبب كل إنسان، وشيطانك من نفسك، وكل شيطان من نفس صاحبه.. الحب في النورانية علاج روحي لمرض الكراهية بين الإنسان ونفسه، وبينه وبين غيره. الحب النوراني دواء لمرض انقسام الذات الفردية والذات الجمعية والذات الكونية المطلقة. الحب النوراني سلام نفسي اجتماعي كوني.
الحب النوراني قانون فردي اجتماعي كوني. هذه القانونية ناتجة عن كون الحب هو قوة الإبداع الكوني. كل كون يخرج لنور الوجود بالحب. دخول أي كون فردي أو اجتماعي أو مادي أو روحي، في الحياة، يبدأ من فعل حب. فعل الحب مؤسس للحياة. وهو يحفظ بقاء الحياة. كل كون فردي أو اجتماعي أو مادي أو روحي، يمتلك الحب امتلاكا تأسيسيا، وامتلاكا أداتيا. الحب حقيقة كل كون دخل الحياة أو الوجود. الحب قانون الحياة أو الوجود. والحياة أو الوجود حق يملكه كل كون ملكية لا تفارقه. والمختلفون معنا، لا يفقدون حقهم في الحب. الحب ليس منحة نعطيها برغبتنا لهذا أو ذاك.
في النورانية، الحب حق. ويزيد اصالة هذا الحق، بارتباطه بالبهجة. النورانية تقول إن البهجة هي المعنى المطلق لكل كون. والحب، كقانون ومؤسس لكل كون، أداة للبهجة. وهو يضمن أن لا تنقلب البهجة إلى عدوانية ضد النفس أو الآخر الاجتماعي أو البيئي أو الكوني المطلق.
الحب اعتراف فعلي بحق الآخر في الوجود المبتهج. والعدوانية فعل ينتهك حق الآخر في الوجود المبتهج. الحب يجاهد كل فعل ينتهك حرية الآخر الحبية المبتهجة النورانية. لذا، تدعو النورانية إلى احتكام الحياة البشرية لقانون الحب. وتعي النورانية، أن الحب والسلام توأمان. لكن هذه التوأمة مهددة بواقع الظلم. العدل يعالج الظلم.
الحب في دعوة النورانية بهجة وسلام وعدل. الحب النوراني يسع الكون كله. يبدأ الحب النوراني من حب الإنسان لنفسه، بما في ذلك شيطانه. الذي يحب نفسه حبا نورانيا، يحقق حبه، بالتحرر من الظلم ومن الجهل. وشيطان النفس، وشيطان الاجتماع، وشيطان الكون المطلق، هو فعل الظلم والجهل. الظلم والجهل مرض عقلي نفسي اجتماعي روحي، ودواؤه هو الحب النوراني المبتهج بالحرية. ولحبك لنفسك، عليك أن تعالج نفسك من دائها. والنفس فردية، تنبسط لتسع الحياة الاجتماعية والبيئية والكونية المطلقة. حبك لنفسك، هو حب للناس كافة وللخلق كافة وللكون كافة، ولربنا الذي هو حبنا ويحبنا، وهو بهجتنا، الذي خلقنا ببهجة، لبهجتنا.. ربنا هذا هو نورنا..
وبإيماننا بربنا الذي هو نورانا، نهتدي إلى أن نحب أنفسنا المنبسطة، ونحب شياطيننا: جهلنا وظلمنا.. حبا يحررنا من جهلنا وظلمنا.. بالعقل المحب، نتحرر من جهلنا، وبالعدل المحب، نتحرر من ظلمنا.. وبالحب النوراني، نحيا في سلام، أحرارا مبتهجين ببهجة العقل والحب والحرية والنورانية!
*الكاتب: إمام دعوة النورانية الروحي ومؤسسها
فلسطين – قطاع غزة- بيت لاهيا- 28/7/2012م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - !!!!~
شاهر الشرقاوى ( 2012 / 8 / 13 - 20:50 )
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

!!!!!!!!!!!!!!!
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah