الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج54

محمد الحداد

2012 / 7 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



الباحث : نعم وضح لي الموضوع أكثر يا عم ...
المؤمن : اذا توجه الإنسان الى عبادة المال مثلاً .. يهيئ الله له كل الظروف لتنمية هذه العبادة .. ويتوهم الإنسان بأن كل المشاكل تحل بالمال .. و يعطيه الله المال .. وعند أي مشكلة يفزع هذا الإنسان الى الهه الحقيقي .. وهو المال .. فتنحل تلك المشكلة بكمية من المال .. فيزيد اعتقاد الشخص بأن المال هو الفاعل الحقيقي في العالم .. وتزيد عبادته له .. فاذا وصل الإنسان الى القمة في هذه العبادة .. تبدأ المنغصات من الخوف على الثروة والارتباك وغيرها .. ثم تأتي الضربة الإلهية الى اله المتوهم فجأة .. فاذا هو سراب .. عندها يتعقل الإنسان بأن المال لا شيء .. و أن هناك أمور كثيرة في الحياة لا يمكن أن يعوضها المال ...
الباحث : مثل ماذا يا عم ؟
المؤمن : مثلاً يفقد ابن عزيز بمرض السرطان ولا يستطيع المال انقاذه .. أو تأتيه ضربة في الشرف ولا يستطيع دفعها بالمال .. سينهار هذا الاله في ثواني معدودة ...
التربية الإلاهية هي أن يصل الإنسان الى قناعة بأن هذا الاله وهمي .. فلو أن الله سحب المال من هذا الانسان منذ البدء .. فلن يقتنع الإنسان .. لأنه سيبقى متشوق الى جمع المال .. ويبقى الى الأبد يعتقد بأن المال هو جهة السعادة الحقيقية .. وهذا خطر جدا ...
الله سمح له بالحصول على المال .. وسمح له بعبادة المال مؤقتاً .. لكي يختبرها اختبار حقيقي .. ثم يكتشف بنفسه أن هذه العبادة وهمية .. وهي نفسها من ستجر عليه الويلات في نهاية المطاف .. و أن هذا الاله لن يستطيع انقاذه في أهم الأشياء في الحياة .. مثل الصحة والشرف والحياة والموت .. وغيرها الكثير .. عندها سيكتشف بأن الهه وهمي .. و تسقط هذه العبادة .. وهذا ما يريده الله .. أن يصل الإنسان الى قناعة حقيقية .. وهذا هو الحجر الذي كان الإنسان يعتقد بأنه يكفيه .. من اعتقد بحجر كفاه .. يكفيه الله في البدء .. ثم يكتشف أن هذا الحجر لا يكفيه في النهاية ...
الباحث : شرح رائع يا عم .. أحسنت ...
المؤمن : كلما تعلق الإنسان بجهة .. وتوله قلبه بها .. صارت هذه الجهة اله له .. يجعله الله يرتفع معها الى أقصى الحدود .. ليرى الإنسان أقصى قابلية ذلك .. ثم أن الله المربي لا يترك الإنسان .. بل يقلعها من قلبه بتجربة صعبة مؤلمة .. و ما أصعب اقتلاع شيء من قلب الانسان ...
و هكذا لو توله قلبه بالجنس .. أو الطعام .. أو حب الرئاسة .. فكلها الهة موهومة ...
الباحث : الله يغذي الفكرة في البداية ...
المؤمن : نعم هو الله .. ويساعده حتى نهاية المطاف .. لكي لا يبقى في قلب الإنسان شك أن في تلك الجهة سعادة .. و يعتقد أنه محروم منها .. لأنه لم يحصل عليها ...
وهذا هو السر في من يعبدون قبور الأولياء والصالحين .. هم يعتقدون أن بيدهم قضاء الحوائج .. و الحقيقة أن الله هو الذي يقضي حوائجهم .. ويجعلهم يسيرون مع الأولياء في هذه العبادة الموهومة الى نهاية المطاف .. ثم يكتشفون أنها وهم و سراب .. فلا يبقى في قلب الانسان إلا الله الواحد ...
الباحث : نعم يا عم ...
المؤمن : الله يريد من الإنسان أن يصل الى قناعات حقيقية .. وليس مجرد قناعة زائفة .. هل فهمت يا بني ؟
الباحث : نعم أشكرك يا عم ...
المؤمن : اشكر الله يا بني ...
الباحث : يا عم .. أنت تؤمن بالأديان السماوية ...
المؤمن : نعم ...
الباحث : هناك كلام في قرآن المسلمين سبب لي ارتباك كبير عندما كنت مسلماً في أيام صباي .. وهو قول القرآن .. في قلوبهم مرضا فزادهم الله مرضا .. اذا كان الله يزيد مرض القلب عند الإنسان فما الفائدة ؟!!
المؤمن : مرض القلب هو الشك الداخلي بالوجودية الإلهية .. أو بالعدل الالهي .. و الاحساس بأن الخلق والكون عبث .. وهذه مرحلة من حياة الإنسان هي الأصعب والأقسى .. يكاد صاحبها أن يتمزق داخلياً .. لأنها عكس الفطرة الإنسانية .. واذا كان لصاحبها تدين ظاهري .. والتزام قهري .. فهذه هي المشكلة الكبرى .. لأنها سوف تسحق روحه من الداخل .. وقد يصل الإنسان المتدين الشاك هذا الى فقدان العقل .. أو الى مرض الكآبة المزمن .. والنظر الى الحياة والناس والوجود برمته نظرة سوداوية .. لأن نار جهنم الحقيقية ستكون في قلب هذا الانسان ...
الباحث : نعم يا عم .. لقد مررت بهذا في صباي .. وحاولت الانتحار مرات عديدة .. انها حالة نفسية هائلة .. لا يمكن أن توصف من شدة قساوتها ...
المؤمن : هل تعلم لماذا يبقى بعض الناس لسنوات طويلة في هذا الكابوس المرعب القاسي .. وهو مرض الشك بالوجود الإلهي ؟
الباحث : لماذا يا عم ؟
المؤمن : انها 6 أسباب ...
الباحث : ما هي يا عم ؟
المؤمن :
1. انه بعد البحث في أماكن خاطئة .. يتصور بأن جميع الشكوك والأسئلة الوجودية المحيرة بداخله .. ليس لها حل .. و أنه سيقضي حياته في هذا الظلام .. وليس له أمل مادي في هذه الدنيا لشدة قساوتها .. و في الآخرة مصيره جهنم .. لأنه بلا ايمان .. و الحقيقة عكس ذلك .. فهذه المرحلة من الشكوك هي مرحلة مؤقتة و ضرورية في حياة الانسان المفكر .. و أن جميع أصحاب العقول المفكرة لابد أن يمروا بها .. و لو لفترة قصيرة .. و هو حتماً سوف يعبرها الى الفضاء الأوسع .. الرحب .. والايمان والأمل قائم .. و لابد لكل قيد أن ينكسر .. و لو أن الإنسان وجد الطريق العقلي الصحيح .. لخرج من هذا الكابوس .. كابوس الشك بسرعة ...
2. الخوف والخجل من المجتمع أن ينكشف أمره .. و يعرف الناس أنه يشك بوجود الله .. تجعله يعيش حالة من النفاق الهائل .. حيث أنه يتظاهر بالتدين أمام الناس .. لكي لا ينكشف أمره ...
3. يتصور بأنه الوحيد الذي يعاني من مرض الشك .. و لا يستطيع البوح بذلك خوفاً من أن يكفره المجتمع .. و يقولون هو ملحد .. و الحقيقة أن أكثر أهل الأرض قد مروا بهذه المحنة الأصعب و الأشد في حياة كل انسان .. وكل واحد لا يستطيع البوح للآخر .. لأنه يتصور أنه وحده الذي يشك .. فيبقى يعاني داخلياً .. بدون أن يعلم به أحد فتزداد حالته سوءاً ...
الباحث : نعم يا عم أكمل .. ما هي أسباب الشك في وجود الاله .. وما هو علاج هذا الشك ؟
المؤمن :
4. معظم الديانات محرفة .. ولا تناغم الفطرة الإنسانية اليوم .. و لذلك فهي لا تعطي أجوبة صحيحة و شافية لمرض الشك .. فتولد عند معتنقيها اليأس من الحصول على جواب .. فيقول الشاك في نفسه .. علماء و عظماء ديانتي لا يستطيعون الإجابة عن شكوكي .. اذا فشكوكي ليس لها جواب .. فيمرض أكثر .. و يزداد الشك أكثر .. فالكبت الغريزي والحرمان العاطفي والاضطهاد الفقهي والقمع الفكري في تلك الديانة .. مع عدم الحرية في التعقل .. وتطبيق القوانين الشرعية بدون قناعة داخلية .. تؤدي الى ضغط هائل .. وزيادة الشك .. حتى أن مجرد ذكر اسم الله أمامه يزيد الشك في قلبه .. وهذا معنى كلام القرآن .. في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا .. أي كلما ذكر اسم الله أمامه .. زاد مرض الشك في قلبه .. و زاد الرعب من هذا الشك المتفاقم .. ان اي ديانة اليوم بعيدة عن الفطرة الالهية الصحيحة هي السبب الرئيسي في تولد مرض الشك وزيادته .. وقد يقول هذا الانسان المتدين الشاك .. كيف أترك ديني و أعود الى نقطة الصفر لأبحث عن دين الفطرة الالهية الصحيحة ؟ .. مسكين هذا الإنسان .. أنت يا من تعيش مع هذا الشك المرعب .. ليس لك دين أصلاً لكي تتخلى عنه .. و ليس المطلوب منك العودة الى الصفر .. بل الخروج من تحت الصفر .. ثم الانطلاق في طريق الايمان .. وهذه ليست دعوة للخروج من الأديان من أجل الانحلال الأخلاقي .. كلا .. بل دعوة للخروج من مرض الشك .. لأن مرض الشك أشد فساداً في نفسية الانسان من غيره .. و لا يعرفه إلا من جربه .. أليست الغاية هي الفكر القلبي .. فما الفائدة اذا كان القلب مليء بالظلام ؟!!
الباحث : صح يا عم .. أنا عانيت من هذا في صباي .. عانيت جداً ...
المؤمن :
5. قد يتصور هذا المتدين الشاك بوجود الله أنه ارتكب حراماً عظيماً .. وهذا فهم خاطئ .. لأن الاعتراف بالوجود الالهي أو العدالة الالهية ليس مفروضاً على الانسان بالإكراه .. بل لابد من قناعة عقلية .. و هي لا تأتي بالزجر والأمر .. بل لابد من أن يبحث بهدوء .. وبدون اضطهاد ديني .. أو قمع فكري .. أو كابوس فقهي مفروض عليه .. كما هو الحال في الأديان اليوم .. والتي تزيد الشك وتنميه .. فمع هذا الاضطهاد الديني لا يستطيع العقل أن يفكر ...
6. قد يعتقد أن الجواب عن أخطر شكوكه الوجودية موجود في كتب الفلسفة العالية .. وهذا فهم خاطئ أيضاً .. فاذا واصل البحث في الفلسفة .. و وصل الى قمة الكتب الفلسفية .. و لم يجد أجوبة على مسائله الفكرية و شكوكه .. سيصاب بذهول عقلي وانهيار نفسي .. قد يؤدي به الى الالحاد الحقيقي .. أو جنون وتوحد .. لأن تلك الكتب الفلسفية العالية تناقش مسائل الوجودية بطريقة مناقضة للفطرة الإنسانية .. و لا تعطي أجوبة حقيقية .. عندها سيصاب الباحث بإحباط شديد .. قد يجره الى أمراض نفسية متفاقمة .. فيشعر بأن الوجود عبث .. والحياة تافهة .. وقد يحاول الانتحار ...
الباحث : كيف عرفت هذا يا عم ؟!!
هذا ما حدث معي بالضبط .. فاذا كانت الأديان اليوم تنمي الشك .. و دراسة الحكمة والفلسفة تؤدي الى تلك الامراض النفسية .. فما هو علاج الشك يا عم ؟
ما هو ؟ أرجوك ...

نقلها لكم
محمد الحداد
29. 07. 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السفسطوف
عبد الله اغونان ( 2012 / 7 / 30 - 05:52 )
ايها السفسطوف ما دمت في لجة الشك لانفي ولااثبات فماذا افدتنا سوى مزيد من الجهل والحيرة؟ام ان لهذ المسلسل ان ينتهي انت هنا كشريط ينتهي بالاستيقاظ من النوم مجرد حلم وكابوس وصدق الرسول عليه السلام حيث قال
الناس نيام اذا ماتوا انتبهوا

اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah