الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين.. والسيرة (3-3)

وديع العبيدي

2012 / 7 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الدين.. والسيرة (3-3)
"الكتاب المقدس هو سيرة الاله!"

يبتدئ الكتاب المقدس بسفر التكوين المتضمن لقصة نشأة الخليقة وظهور الانسان الأول والعائلة الأولى والعشيرة الأولى وصولا إلى طوفان نوح وبداية الخليقة الجديدة من أبناء نوح الثلاثة وصولا إلى اصطفاء ابراهيم وذريته. الاعتقاد السائد ينسب الكتب الخمسة الأولى إلى موسى النبي، وتعرف بالتوراة في اللغة العبرية، أو (pentatuch) أي الأسفار الخمسة. لكن سفر التكوين يتناول مرحلة تنتهي قبل ولادة موسى بكثير، ما دفع بعض المؤرخين اللاهوتيين لتفنيد نسبته إلى موسى، وترجيح نسبته إلى يوسف بن يعقوب والذي ترد قصته في (تك 33- 50). كما تتضمن قصص السابقين من أبائه وأجداده. ويزعم البعض أن يوسف (اللقيط) عندما نال حظى لدى فرعون مصر، وتقرر زواجه من ابنة رئيس كهّان مصر، لم يشأ أن يبدو غريبا مجهولا في عيون أنسبائه، فوضع هذا السفر الذي يتحدث عن عائلته ومكانتها الدينية والمميزة عند إلههم، فترتفع صورته في أعينهم ويكون زواجا رفيع المستوى. أما سيرة موسى فترد في سفر الخروج وتستمرّ في الكتب الثلاثة التالية حتى قصة موته في الاصحاح الأخير من سفر التثنية (34: 7). وبعدها سفر يشوع خليفة موسى في قيادة شعبه. وكثير من أسفار التناخ تحمل أسماء الشخصية الرئيسة في كل منها.
يقسم كتاب التناخ إلى ثلاثة مجاميع من الكتب، توراة، تاريخية، نبوية. لكن الملحوظ أن قصص الأشخاص (السير الشخصية) تتداخل مع قصص الأحداث في معظم الأقسام. ولا ينجو من الخلط غير أسفار محددة في القسم النبوي.
وتختلف الكتب المسيحية (الأناجيل) في تخصيصها لسرد سيرة السيد المسيح وأعماله وأقواله، رغم أنها تحمل أسماء الكتاب (متى، مرقس، لوقا، يوحنا). ويعنى سفر (أعمال الرسل) بسرد قصص الأحداث التي تمت بعد موت يسوع وقيامته. وفي رسائل بولس التالية يمكن ملاحظة اهتمام بولس الرسول بعرض جوانب من سيرته الذاتية والصعوبات التي واجهها في سبيل كرازته بكلمة الربّ. كما يهتم بتقديم نبذ سريعة عن العاملين معه مثل تيموثاوس أو تيطس وفيليمون وغيرهم.
وتتخذ رؤيا يوحنا اللاهوتي مكانة وأهمية خاصة في اهتمامها بسرد ما يحدث في نهاية الأيام وقصة المجئ الثاني. ويذكر أن إشارات للموضوع سبق أن وردت في أسفار دانيال وزكريا.
ان ما يميز قصص الأسفار التوراتية واليسوعية هو أنها رغم تقديمها لحيواة شخوص وقصص أحداث تاريخية، فأن العامل الرئيس والمحرك فيها هو روح الإله ويده. وليس العامل الانساني بالمفهوم العلماني.
ويمكن ملاحظة ذلك من خلال السرد العجائبي وظواهر المعجزات العصية على منطق العلم والعقل حتى الآن، مثل شق البحر، لعبور بني اسرائيل، وذلك بضربة عصا موسى. وهي العصا التي أخرجت الماء من الصخر. وقصص أخرى كثيرة تدخل في باب الخوارق. وقد عقد ميخائيل كوغان فصلا لدراسة الخلاف بين ملك أشور سنحاريب وملك يهوذا حزقيا، والمقارنة بين التفسير الديني لانتصارهما وهزيمتهما والتفسير التاريخي العلماني*. ويشاركه الرأي توماس تومبسن* فيما إذا تخليص قصص التناخ من صور الخرافة والمعجزات، يجعلها صالحة لكتابة تاريخ علمي أو علماني.
يتعلل فريق من المسيحيين بعلة الخطاب الفني والاسلوب الأدبي لتعليل علل المبالغة والتكرار والتناقض في مرويات الكتاب (المقدس) وفي ذلك يقول الدكتور نعمان عبد الرزاق السامرائي ".. لا يعقل أن تكون التوراة وحي الله تعالى، ثم تتضارب وتختلف نصوصه وأخباره، وبهذه الكثرة الكاثرة. فالله تعالى حق، ولا يصدر عنه إلا الحقّ، فالتناقضات في نصوص التوراة صارخة، ويستحيل الجمع بين المتضارب من رواياته.."*.
ويحفل القرآن بطائفة من الرموز والاشارات القصصية والمختلة في طواعية لغة السجع أو البلاغة الشعرية. والغالبية من تلك القصص تنتسب إلى مصادر توراتية (اسرائيليات) أو تراث الثقافات المجاورة. ونتيجة الابتسار والضبابية التي تكتنف تلك القصص ظهرت كتب مصنفة بالقصص القرآني أو قصص الأنبياء. وقد تناول المؤرخون والباحثون الدينيون* تفصيل تلك القصص وتحليلها، وكشف ما بينها من تداخل واختلاط ونسبة تخطئة في الزمان والمكان. ومنها الخلط بين شخصية مريم اخت هارون (النبية) في مصر وسيناي، وبين شخصية مريم العذراء أم يسوع في فلسطين وبينهما حوالي ستة عشر قرنا.
ويمكن تصنيف القصص الاسلامية إلى قسمين، قسم يتعلق بالقرآن ومرحلة صدر الاسلام؛ وقسم يتعلق بالقصص المتأخر في العهد العباسي وما تلاه، من اضطراب سياسي وديني، وانتشار الانقسامات والبدع والهرطقات، وانسيابها في المخيال الشعبي، خاصة بعد توقف حركة التوسع العسكري وحاجة الناس لشيء يملأون به عقولهم ووقت فراغهم. وقد استطاع كل رهط بابتداع أحاديث وخطب نسبوها لرموز الاسلام وقادته، حتى اختلط الصحيح بالزغل.
ان القصص الاسلامية تتصل بالتراث المتعاقب لمجتمعات حوض البحر المتوسط أكثر من اختصاصها بالاسلام وقرآنه تحديدا. والمعروف أن سكان البلاد كانوا قد عرفوا جملة من الديانات القديمة المجوسية واليهودية والمندائية والمسيحية والمانية قبل الاسلام، وقد تمازجت آثار تلك الديانات والعقائد والثقافات المتعاقبة مع بعضها وأعادت صياغة نفسها في معتقدات وطقوس متجددة انطلت بصبغة الالاسلام الخارجية وما هي من الاسلام حقيقة. كما أن الاسلام نفسه ليس منقطعا عن العقائد والطقوس السابقة.
*
نماذج تطبيقية من سير خرافية..
- العهد القديم مجموعة قصص مماثلة لقصص سانتاكلوز أو بابا نويل.*
- إن النبي ابراهيم، قبل المسيح، لم يكن يتغذى بحليب، بل و بعد أن خبأته أمه في كهف بعيد عن أنظار الناس و أعدائه، و جدته قد وضع اصبعه في فمه، يمص فيه. و بهذا المص (الاصبعي) كان يتغذى و يكبر و يكبر. ففي يوم واحد كان الطفل يكبر و كأنه قد عاش اسبوعا. و في اسبوع يكبر و كأنه عاش شهرا. و في شهر يكبر و كأنه عاش عاما كاملا.... و هكذا... و لم يحدد كاتبوا هذه الخرافة عدد الأيام التي عاشها ابراهيم في الكهف لتـُخرجه أمه منه و تريه للناس. و كم كان وزنه و حجمه؟
و كتب كذلك الحائري (الذي حيَّر عباد الله و المؤمنين الذي يمجدون بكتاباته) أن الحسين لم يذق طعم حليب أمه أبدا، بل كان النبي محمد يأتي في وقت غذائه فيُدخل لسانه في فم الحسين و عن طريق لسان النبي كان الحسين يتغذى و يكبر و يكبر.. أي أن لعاب النبي يتحول إلى ما يشبه الحليب لتغذية الحسين.
.. وعلى شاكلة هذا القديس (يوحنا المعمدان) يقول أهل القاهرة المصريون أن رأس الحسين موجود عندهم في الوقت يقول الكربلائيون أن الرأس قد أرجعوه من دمشق و هو الآن عندهم مدفون مع باقي الجسد. أما الشاميون فيقولون: لا أن الرأس لا يزال عندهم. /*
- بينا أنا نائم في الحِجر إذ جاءني جبريل فهمزني بقدمه، فجلست فلم أرَ شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثانية فهمزني بقدمه، فجلست فلم أرَ شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه، فجلست، فأخذ بعضدي، فقمت معه، فخرج بي إلى باب المسجد، فإذا دابة أبيض، بين البغل والحمار، في فخذيه جناحان يحفر بهما رجليه، يضع يده في منتهى طرفه، فحملني عليه، ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته.. ومضى جبريل معه حتى انتهى به إلى بيت المقدس، فوجد فيه ابراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء، فأمّهم رسول الله فصلّى بهمثم أتى بإناءين، في أحدهما خمر، وفي الآخر لبن. فأخذ رسول الله إناء اللبن، فشرب منه، وترك إناء الخمر. فقال له جبريل: هديت للفطرة، وهديت أمتك، وحرمت عليكم الخمر./*
..
ــــــــــــــــــــــــــ
• اسماعيل محمود الفقعاوي- اعصار المهدي المنتظر يضرب غزة هاشم مرتين خلال 64 عاما، لكن بلا خسائر- مجلة الحوار المتمدن ع3799- 25 يوليو 2012.
• ابراهيم فوزي- تدوين السنّة- رياض الريس للنشر- بيروت- ط3/ 2002
• د. صادق جلال العظم- نقد الفكر الديني- دار الطليعة- بيروت- ط6/ 1988- ص6
• م. ن. ص7، 8
• م. ن. ص8
• Mechael Coogan, The Old Testament- A Very Short Introduction, Oxford , 2008, Chapter 9- Hezekiah and Sennacharib: another deep probe, Pp. 91-99.
• Thomas L. Thompson, The Messiah Myth,- The Near Eastern Roots of Jesus and David, Pilmico Ed. 2007, London.
• د, نعمان عبد الرزاق السامرائي- التوراة: بين فقدان الأصل وتناقض النص- دار الحكمة- لندن- 2001.
• د. رفيق عماري- حلقات برنامج الدين والتاريخ- قناة الحياة الفضائية المسيحية.
• رياض قسيس- لماذا لا نقرأ الكتاب الذي قرأه المسيح.. نحو فهم أفضل للعهد القديم- منشورات (ptw)- د. ت.
• محيي هادي- خرافات دينية 3: البقايا المقدسة المسيحية- مجلة الحوار المتمدن- ع 3790 - 2012 / 7 / 16
• ابن هشام- السيرة النبوية- تحقيق وتخريج وفهرسة: جمال ثابت/ محمد محمود/ سيد ابراهيم- دار الحديث- القاهرة- ط2/ 1998- ج2- ذكر الاسراء والمعراج عن رواية الحسن- ص7،8








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت: نتنياهو لا يري


.. 166-An-Nisa




.. موكب الطرق الصوفية يصل مسجد الحسين احتفالا برا?س السنة الهجر


.. 165-An-Nisa




.. مشاهد توثّق مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة في المسجد الحرام