الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والنورانية

حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)

2012 / 7 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الدين حاجة
الدين شعور. ولا دين لمن لا يملك شعور. من يفقد الشعور يفقد الإحساس بالمسؤولية. لذا، يرتبط الدين بالمسؤولية. المسؤولية إيمان والتزام.
الشعور، نشاط دماغي. هو وعي وجودي مباشر بالذات والعالم الخارجي، والارتباط بينهما.
وللشعور الفردي تاريخ سابق على لحظة الخلق الذي يبدأ بعملية إخصاب بين أبوين. العاملان البنائيان، الأنثوي والذكري، يحملان، كل من جهته، انجذابا نحو الآخر، يدفعهما، كلا على حدة، نحو الارتباط بالآخر، في كيان يوحد الإثنين. وبوحدة الإثنين، يبدأ شعور بالذات، ينمو، وتنمو به الذات، نموا عضويا، فرديا ونفسيا واجتماعيا وروحيا.
الدين، باعتباره نشاطا شعوريا، يصاحب الوجود الفردي، منذ بدأ تأسيسه.
الفرد، كل فرد، لا يوجد مستقلا، ولا يبقى مستقلا. وجود كل فرد مرتبط، ارتباطا طبيعيا، بوجود آخر. ارتباط الفرد الطبيعي بالآخر، هو حاجة ضرورية. الوجود الفردي يحتاج، احتياجا طبيعيا ضروريا، لوجود آخر. وجود الآخر، هو شرط ضروري لوجود الفرد.
الوجود الإنساني يبدأ من حاجة عامل خَلقي (بويضة أو حيوان منوي) لعامل خَلقي آخر, في الحاجة للآخر، تكمن إمكانية الوجود، ابتداء واستمرارا. للعاملين المؤسسين للإنسان، حاجة ضرورية لآخر أكبر.
ماهية الشعور طبيعية ضرورية مباشرة تلقائية. يبدأ الشعور من الحاجة الضرورية للآخر. وينمو مع نموها، فيتطور إلى حاجة واعية، دون أن يفقد ماهيته.
يتسع الشعور بتطور الحاجة الضرورية إلى حاجة واعية. الشعور النامي هو حاجة ضرورية واعية، تطورت عن حاجة ضرورية خَلقية. الأخيرة، تتطور إلى حاجة خُلقية. الشعور ينمو من حاجة ضرورية خَلقية، إلى حاجة ضرورية خُلقية. الأخيرة حاجة روحية. الحاجة الروحية هي أم الدين.
الحاجة، هي آلة وجود وبقاء.
الدين آلة وجود وبقاء. وهو حاجة روحية تربط الكيان الفردي بالكيان الجمعي، بالكيان الكوني.
ولأن الدين شعور، ولأن الشعور ضروري الارتباط بالكيان الواعي، فالدين ضروري للكيان الفردي، لا ينفك عن الكيان الفردي، ويظل مرتبطا به ارتباطا ضروريا خَلقيا وخُلقيا) في مراحل نمو الشعور الفردي إلى شعور جمعي وشعور كوني.
كل من يمتلك شعورا واعيا، وعيا فرديا جمعيا كونيا، هو له دين.
الدين شعور بالحاجة إلى البقاء، يبدأ منذ اللحظة التي يكون فيها الفرد بحاجة للآخر. وهو -الدين- فعل يحقق هذا الشعور. وهو -الدين- شعور واع، لكن وعيه ذو مستويات تتفاوت بينها، وفقا لتفاوت مستوى العقل الذي يملكه المتدين. كل إنسان يملك عقلا، ولكن العقول متفاوتة، أو مختلفة باختلاف الخبرة الفردية.
عناصر النورانية:
(1) الحرية: ضرورة طبيعية، وحق طبيعي..
(2) البهجة: شعور فردي وحق/واجب فردي خَلقي، وحق/واجب جمعي كوني خُلقي..
(3) العقل: وعي فردي جمعي كوني، ينمو بنمو الخبرة الفردية الذاتية الجمعية الكونية..
(4) الحب: منهج خُلقي/علاقة الفردي بذاته الفردية والجمعية والكونية..
النوراني هو من يمتلك رؤية قوامها العناصر الأربعة المبينة أعلاه..
لكل دين رؤية. بعض الأديان لها رؤيا. النورانية رؤيا ورؤية..
الرؤيا خيال مبدع منتِج منفتح، منتَج من مقدمات تنتمي للخبرة الشخصية، تتفاعل في الشعور الخفي.. وتظهر في النور مبدأ موحَدا، مؤسِسا وموحِدا، لعناصر بناء رؤية أو منهج. والرؤيا تتخذ مسميات متعددة: نور، نبوة، الهام، حدس، بصيرة، تجلي، كشف، عرفان، تصوف، خبرة عقلية باطنية. وهي شعورية واعية ومرحلة قبلية لمرحلة الصيرورة إلى الرؤية أو المنهج. ولا تنفك الرؤيا عن الرؤية، إلا عندما تقع الرؤية أو المنهج في الجمود المميت.
الرؤيا روحية غير منفكة عن شرطي الزمان والمكان. وتكتسب منهما خاصية إمكان الانفتاح على أفق أوسع. والرؤية فكرية واقعية.
الرؤيا تمنح الرؤية إمكانات تحقق منفتح.
إذا انفكت الرؤية عن رؤياها، تصير الرؤية أيديولوجيا. والإيديولوجيا منغلقة.
في الحضرة النشطة للرؤيا، تمتلك الرؤية خاصية التجدد.
الرؤيا تكتمل وتلج دائرة الفعل، بامتلاك رؤية أو منهج.
الرؤيا تمتلك خاصية التجدد بفعل أن الرؤيا تستمد ذاتيتها من مبدأ الحرية.
الحرية مبدأ تكويني في النورانية. الحرية في النورانية، حق طبيعي ملازم لكل وجود فردي، مستمد من طبيعية الوجود المطلق (المطلقية=الحرية).
في النورانية، الحرية مبتهجة بذاتها: مبتهجة بالتحرر الوجودي من الغياب الفردي الصائر إلى الحضور الفردي الجمعي الكوني.
رؤيا النورانية وعي نوراني روحي عقلي فردي منفتح على خبرته الذاتية الشخصية الجمعية الكونية، النورانية رؤيا عقلانية متجددة بالحرية المبتهجة الفردية الجمعية الكونية. هذه الحرية هي الروح.
فردية الحرية والبهجة والعقل قد تتحول إلى أداة تهدد أمن فردية أخرى. لذا، اضافت النورانية، إلى عناصرها التكوينية، مبدأ الحب.
الحب علاقة ارتباطية، طبيعية روحية، بين الفرد والآخر. هو ارتباط يؤسس خلقا جديدا. وارتباط يحفظ الحياة ويدفعها للنمو. وهو، مع البهجة، آية السواء الصحي الفردي الاجتماعي الجسدي الروحي.
"بهجة الحب جوهرة الحكمة وسيدة الدواء".
الحب علاقة الفردي بذاته الفردية الجمعية الكونية. بالحب تلتزم الفردية الحرة المبتهجة العاقلة بمسئولية أخلاقية تجاه الآخر.
الحب النوراني أخلاق ترتبط بالحرية والبهجة والعقلانية، ربطا يجددها بتجدد الحياة، أي: ربطا حرا مبتهجا عاقلا.
الحرية النورانية حرية حب.
البهجة النورانية بهجة حب.
العقلانية النورانية عقلانية حب.
النورانية دعوة روحية عقلية منفتحة متجددة إلى بناء إنسان حر مبتهج محب.
التجدد قانون كوني طبيعي ضروري روحي. التجدد يحفظ الحياة من الفناء. التجدد يمنح الممكن وجوديا فرصة الحضور في النور الوجودي. النور الوجودي متجدد حر مبتهج محب. العقل النوراني يعي وعيا منفتحا خاصية تمتع الوجود، تمتعا طبيعيا ضروريا، بالحرية والبهجة والحب.
النورانية رؤيا تمتلك أداة ذاتية تحفظها من خطر التحول إلى دين جامد. الجمود خطر مميت. هي دعوة إلى مجد الإنسان الذي يتحقق، ويبقى متحققا، بالتنور العقلي والتنوير الوجداني.. ولا تنور وتنوير بدون انفتاح على خير الإنسان، خيرا حرا عاقلا فاعلا منتجا محبا مبتهجا مشاعا.. هذا الانفتاح، يحفظ دعوة النورانية من السقوط في الجمود المميت.. ويبقيها دعوة منهجية عقلية روحية، إلى كرامة الإنسان..
*الكاتب: إمام دعوة النورانية الروحي ومؤسسها.
فلسطين – قطاع غزة – بيت لاهيا – 29/7/2012م.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah