الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيخ لوعاد

جمال الهنداوي

2012 / 8 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل ما يزيد على السبعة عشر عقداً أوفد الشيخ التحديثي المجدد الرائد رفاعة الطهطاوي إلى باريس مدينة النور,وعندما عاد بعدها إلى المحروسة مشبعاً بقيم العدل والمساواة أطلق كلماته الخالدة: هناك في فرنسا يوجد إسلام من دون مسلمين. وهنا في مصر يوجد مسلمون من دون إسلام.
والمؤلم ليس مدى انطباق هذه العبارة على واقعنا الراهن فحسب ,بل في أن عبارة تبلغ من العمر عتيا تطرح تصورا أكثر حداثوية وملائمة لحياتنا المعاصرة من الطروحات السائدة في مجتمعنا الإسلامي في القرن الواحد والعشرين..
ولو قدر الآن لفضيلة الشيخ-رحمه الله- أن يطل علينا وعلى عالمنا،لوجد عالما يتحدث فيه الجميع عن الإسلام ,ولرأى أشكالا من الإسلام يصعب التفريق بينها تتصارع وتتجادل فيما بينها وكل يتبوأ مقعده من المحجة البيضاء ويحتكر لقب الفئة المنصورة ..وسيرى عندها انه لم يعد هناك لا إسلام ولا مسلمون,وسيرى ان الشهر الفضيل يعود علينا والمسلمون بين قاتل وقتيل وشاتم وشامت.
بل سيلاحظ بلا كبير جهد, مجتمعات قهر وظلم واستبداد وفساد وتخلف تتصارع على أحقية الاستيلاء على تراث الرسول الكريم لاستخدامه كوسيلة لسوق شعوبهم كالعبيد,ولوجد أن الإسلام والأمة الإسلامية اليوم يتخذان عدة صور تختلف وتتباين تبعا للمسافة التي تفصل دعاتها عن الحاكم..
سيكون فضيلة الشيخ أمام مجموعة من الاجتهادات المحملة بشحنات هائلة من الكراهية والانقسام المتشتت حد التكفير واللاجئة إلى القتل والإقصاء كخيار أول في منازعتها للآخر المساوي في الخلق والمناظر في الدين..اجتهادات مهدت لدول تنتظر سنويا تقرير الأمم المتحدة للدول الفاشلة لتتيه الدولة العاشرة في الترتيب المهين على الدولة التاسعة فخراً,اجتهادات لم تنجح في إيجاد صيغ لحل أي مشكلة ..ولا في استقراء أو حتى تلمس تصور ممكن لاشتراطات حياتنا المعاصرة,والاجتهاد الوحيد في حل إشكالية تخلفنا كمجتمعات هو في العودة أربعة عشر قرنا إلى الوراء,اجتهادات لم تفلح في تحديد وبيان الأسلوب الشرعي والسليم لتداول السلطة.. وأدخلتنا في نزاع مستمر ومتقادم على السلطة منذ سقيفة بني ساعدة وحتى الراهن من أيامنا..ودون أن يرف جفن لأعلامنا الأعلام وسادتنا الأجلاء وهم يباركون سحق الشعب تحت أحذية حكام التغلب والانقلابات ..
أما الإسلام كصلة روحية تربط المخلوق بخالقه. الإسلام كدين ينادي بالحرية والثورة كدافع للتقدم والتنوير والعدل . الإسلام الممثل للكثير من قيم المعروف والتقوى والصلاح. الإسلام كدين يدعو للعدالة الاجتماعية والمساواة. وكدين تآخ ورحمة وسلام. الإسلام كدين يدعو إلى الحكمة والموعظة الحسنة..الإسلام الذي يهذب المسلم على تقوى الله وان دم المسلم وماله وعرضه حرام,فهو موجود,وقد يشغل المساحة الأكبر من الطيف الإسلامي المعاصر,ولكنه مدفون تحت ركام من التشويش الفقهي المبرمج للحفاظ على المكتسبات المادية والاجتماعية لدعاة السوء وفقهاء الطغيان,مما يصعب علينا تمييزه وتلمسه,وبالتأكيد لن يلاحظه فضيلة الشيخ الطهطاوي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah