الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما شأن الله بالدستور؟

داود روفائيل خشبة

2012 / 8 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



الدستور عقد أو ميثاق بين جماعة من الناس يعيشون فى نطاق معيّن، يحدّد الأسس أو القواعد التى يتراضون على العيش معا بموجبها. الدستور على هذا يحدّد القواعد التى تحكم علاقات أفراد المجتمع فى الشؤون التى يتحتم بطبيعة الأشياء أن تكون مشتركة فيما بينهم، ويترك ما هو خاص بالأفراد للأفراد. هكذا ينبغى أن يكون فهمنا للدستور المدنى.
لكن الدين على العكس من ذلك يحكم أخص خصوصيات الفرد. الدولة المدنية والدين إذن يقومان على أساسين نقيضين، لا يمكن أن يجتمعا ولا يمكن المزج بينهما، وأى محاولة للمواءمة بينهما تنتهى حتما بنفى أو إقصاء الواحد أو الآخر. وحين تحايل الإسلاميون فحدّثونا عن دولة مدنية بمرجعية إسلامية كانوا يكذبون كذبا خبيثا. وها هم منذ اغتصبوا الجمعية التأسيسة لصياغة الدستور يعملون دائبين على إنشاء دولة دينية صريحة.
لم يكتفوا بمحاولاتهم المستميتة لتطوير المادة الثانية – التى ما كان ينبغى أصلا أن يكون لها مكان فى دستور مدنى – ليجعلوا أخكام الشريعة الإسلامية، أو الشريعة الإسلامية على إطلاقها، المصدر الرئيسى للتشريع. ثم حاولوا النص على أن يكون الحكم على مطابقة القوانين للشريعة من شأن سلطة دينية تتمثل فى الأزهر، الذى هم ليسوا راضين عنه حاليا لكنهم يحلمون بأن يضعوه تحت سيطرتهم فى مستقبل قريب. إذا ما أجيز هذا النص – هممت أن أقول "لو أجيز هذا النص" لكنى عدلت عنها، فهم برغم استبعاد النص حاليا إلا أنهم لم ولن ييأسوا من محاولة العودة إليه – إذا ما أجيز هذا النص فإن هذا يعنى عمليا أن الحكم فى دستورية القوانين سيُستلب من المحكمة الدستورية لصالح السلطة الدينية.
والآن خرجوا علينا باقتراح مادة نصها: "الذات الإلهية مصونة ويحظر المساس أو التعرض لها، وكذا ذوات أنبياء الله ورسله جميعا، وأمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين". هذا النص يكمل أسلمة الدستور ويقضى تماما على حرية الفكر وحرية التعبير وحرية الإبداع. كيف يمكن أن تكون هناك أى مناقشة فلسفية للدين فى ظل هذا النصّ؟ كيف يمكن أن تكون هناك أى دراسة علمية أو تاريخية لنشوء وتطوّر الأديان فى ظل هذا النص؟ كيف يمكن أن تكون هناك معالجة تاريخية أو فنية لأى شخصية ورد ذكرها فى التراث الدينى؟ هذا النص اغتيال لحرية الفكر وحرية التعبير وحرية الإبداع.
إما أن نحارب دستور الدولة الدينية هذا أو نستسلم للغرق فى مستنقع التخلف والجهالة. علينا أن نقاتل فى سبيل دستور مدنى حضارى لدولة مدنية حضارية.
القاهرة، 1 أغسطس 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اللهم حكم فينا شرعك-قل امين
سلامة شومان ( 2012 / 8 / 1 - 18:22 )
وهل هناك دستورا افضل من دستور الخالق ؟
هل دستور البشر يقارن بدستور خالق الكون كله وهو اعلم به من مخلوقين محدودين الفكر والعقل
اذا كنت تتصور ان الاسلام فيه ما حدث فى العصور الوسطى العصور الكنيسية والتى كان يحكمها القساوسة والرهبان
فالاسلام لايوجد فيه هذا الظلام والعتمة فالاسلام يحكم بمدنية مرجعيتها اسلامية والاسلام لايحكمه شيوخ بل يحكمه حاكم يكون مسلما مؤمنا بدستور الخالق وليس بدستور البشر المنحرف المتحرر العارى
فاعلم ان الكون كله ملك لله ويجب علينا التحاكم الى دستور الخالق
ودستور الخالق به كل شىء واصلح شىء لكل المجتمعات ولكل زمان ولكل مكان
وياريت العالم كله وهذا ما يحدث الان الكل يبحث عن دستور واحكام وقوانين الاسلام الالهية
فاللهم حكم فينا شرعك ---امين
تحياتى


2 - ضاع البلد
أحمد التاوتي ( 2012 / 8 / 1 - 19:14 )
هؤلاء يصونون ذاتا وهمية و يسبون الانسان و يحتقرون انجازاته
أنا محتار... ما كل هذا الحقد الدفين الجرار الذي تكنه الديانات للانسان؟
ضاع الانسان في بلد الجان


3 - الاستبداد باسم الدين
يسار زين ( 2012 / 8 / 2 - 11:10 )
عندما يصبح الدين مصدرا للتشريع فهذا يعني قمع كل الافكار التي تختلف معه بحجة الدستور ، وهي ليست خطوة قمعية و ارهابية ثقافيا بل تنم عن خوف و عن ضعف من بناء انسان ناقد متنور قارء للتاريخ ، فهذا محفذ لزيادة و تكثيف النضال التنويري لازالة الشوائب التي تعيق تطور المجتمعات العربية وأولها تحريم التفكير و النقد مع العلم أن الفقه الديني بحاجة ماسة لاعادة قراءته تاريخيا نظرا لكثرة فقهاء السلاطين الذين حرفوا الدين بما يوافق مصالح البلاطات ، هؤلاء هم أعداء دينهم لانهم أولا ارتضوا بعدم الكشف عن تلك التحريفات وثانيا اعداء الشعوب لانهم يريدون الابقاء على تسلطهم عليها باسم الدين


4 - النباهة
باسم نبيه ( 2012 / 8 / 2 - 15:25 )
أعتقد أنه لا مكان لأى إنسان مفكر أو مثقف أو فنان فى مصر فى ظل هيمنة الإسلام السياسى. و إن استمر الوضع على ما هو عليه، ستكون مصر سودانا آخر فى بضع سنوات، حيث فاتها أهلها و هاجر معظمهم إلى بلاد الغرب و ما زال البعض الآخر يحاول الهجرة إلى الأن.


5 - سلامة شومان
باسم نبيه ( 2012 / 8 / 2 - 17:22 )
تعليقى أوجهه إلى سلامة شومان: التعليم فى مصر يحتاج إلى إصلاح و نتاج التعليم المصرى للأسف و على مر حوالى ثلاثين سنة أنتج كائنات لا تستطيع تحليل الإمور و التفكير، بل جعل منها كائنات منقادة تنفذ دون وعى و تردد الكلام كالببغاوات تماما.


6 - الاسلامجيه وخراب مصر
على سالم ( 2012 / 8 / 2 - 23:48 )
لاشك انه وقت ذهبى لهؤلاء الاسلامجيه المجرمين الارهابيين ,من ساعدهم فى ذلك بدون شك هو المجلس العسكرى الفاسد والخائن والمجرم ولولا حكم العسكر البغيض طوال ستين عام سوداء ماكان حال مصر من التردى والانهيار والضياع ,اعتقد ان جرم العسكر اكثر بكثير من جرم الاسلامجيه الارهابيين

اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تستهدف أحد قادة الجماعة الإسلامية في لبنان


.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: نفذنا عمليتين بالاشتراك مع




.. تجربة المحامي المصري ثروت الخرباوي مع تنظيم الإخوان


.. إسرائيل تقصف شرق لبنان.. وتغتال مسؤولاً بـ-الجماعة الإسلامية




.. 118-An-Nisa