الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغاربة وتحدي الحد من إضعاف المدرسة العمومية

سامر أبوالقاسم

2012 / 8 / 1
التربية والتعليم والبحث العلمي


هذه المقالة تروم الرجوع بالنظر إلى ما سمي بالبرنامج الاستعجالي الخاص بالمنظومة التربوية، من حيث التصور والتقييم والتوقعات، وتفسر إيلاءنا ـ في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ المغرب الحديث ـ قطاع التربية الوطنية أهمية خاصة، على اعتبار أنها تشكل في نظرنا قاطرة للتنمية من ناحية، وعلى اعتبار أنها أعلنت في الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 1999 القضية الوطنية الأولى بعد قضية الوحدة الترابية.
تحدونا كفاعلين تربويين رغبة قوية وجامحة في تجاوز واقع منظومتنا التربوية والتكوينية، الذي يعمل ـ حسب تقرير الخمسينية ـ على تكريس موقف سلبي من المدرسة المغربية، والذي يساهم في إشاعة الإحساس بلا جدوى التربية لدى البعض، ويقوي منحى تعميم فقدان الثقة في المدرسة لدى البعض الآخر.
ولكي نكون مساهمين في رفعا تحدي الحد من إضعاف المدرسة العمومية، علينا تجاوز حالات الاكتفاء بالتفرج والانتظار وعدم التفاعل مع مستجدات هذا الحقل، والانخراط بالتالي في العمل الجدي، للوقوف على مقومات وخصائص السياسات والإصلاحات المعتمدة في النظام التعليمي، ورصد عوامل نجاح المدرسة المغربية، ووضع الأصبع على معيقات هذا النجاح وعلى أصناف الاختلالات التي تعاني منها منظومتنا التربوية، والغاية طبعا هي المساهمة، من مواقعنا إلى جانب باقي الفاعلات والفاعلين بمختلف مشاربهم الفكرية والسياسية والثقافية، وإلى جانب كل المؤسسات والإطارات الوطنية، في ملامسة مداخل تحسين نظامنا التعليمي.
لقد جاء هذا البرنامج على إثر دعوة ملكية، في الخطاب الافتتاحي للدورة التشريعية لخريف سنة 2007، وذلك بغرض تسريع وتيرة إنجاز الإصلاح، بعدما تم التوصل إلى أن عملية إصلاح النظام التعليمي بالمغرب، الذي انطلق العمل به ابتداء من سنة 2000، على قاعدة أجرأة مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، بالرغم من مشارفة العشرية الأولى للإصلاح على نهايتها، ورغم التعبئة الكبيرة وكل المجهودات المبذولة، ورغم النتائج الملموسة في عدد من المجالات، كانت الانتظارات حينذاك لا تزال كبيرة والتحديات عميقة والطريق طويلا. وهكذا تم "الالتزام" بتقديم خارطة طريق تحدد برنامج استكمال إصلاح منظومة التربية والتكوين.
إزاء هذا التحدي المرفوع، وضعت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي آنذاك برنامجا استعجاليا، "يروم إعطاء الإصلاح نفسا جديدا"، معتمدا في مرجعيته ـ حسب البرنامج ذاته ـ على توجيهات الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
وقد تزامن وضع البرنامج الاستعجالي هذا مع إصدار المجلس الأعلى للتعليم سنة 2008 وثيقة بالغة الأهمية، وهي التقرير الوطني الأول حول حالة المدرسة المغربية وآفاقها، الذي يعد وثيقة مرجعية على المستوى الوطني، فتم اعتمادها ـ ودائما حسب البرنامج ـ على مستوى هندسة المحاور الاستراتيجية المعتمدة في البرنامج.
فهل كان التصور العام للبرنامج الاستعجالي في مستوى ما كان ولا يزال منتظرا من إصلاح قطاع التربية والتكوين؟ وبما أن البرنامج هو خاص بتسريع وتيرة الإصلاح التي انطلقت مع الميثاق الوطني للتربية والتكوين الصادر سنة 1999، وبما أن عشرية إصلاح المنظومة التربوية تزامنت مع صدور تقرير الخمسينية سنة 2006، وهو التقرير الذي يتناول قضايا التربية والتكوين من خلال تقييم حصيلة مسار المنظومة طيلة خمسة عقود، وبما أن التخطيط للبرنامج الاستعجالي تزامن مع صدور تقرير المجلس الأعلى للتعليم سنة 2008، أي قبل أن يتبلور المخطط في صيغة برنامج نهائي، فهل استقام أمر استحضار كل هذه المرجعيات التي اعتمدت كأساس في التصور العام للبرنامج الاستعجالي؟
هذه الأسئلة تعد منطلقا أساسيا في إطار التقييم العام لنتائج البرنامج الاستعجالي، خاصة وأن البرنامج لم يف بوعده على مستوى الالتزام بتقديم الحصيلة السنوية لمجمل تدابيره وإجراءاته، الشيء الذي يزيد من صعوبات تقييمه في أدق تفاصيله وجزئياته، والمجلس الأعلى للتعليم بدوره لم ينتظم في إصدار تقاريره السنوية فيما يخص تتبعه لمجريات الأمور داخل المنظومة.
وهكذا لا يمكننا الوقوف سوى على التقرير الصادر في ماي 2009 والمتعلق فقط بدراسة عينة حول مستويات التحصيل الدراسي، وتاريخ الصدور هذا يذكرنا بالعمر الجنيني للبرنامج الاستعجالي الذي انطلق في نفس السنة. دون أن يتم إصدار التقارير السنوية المرتبطة بـ 2010 و2011، ولعل هذا الأمر يعتبر من بين أهم الانتقادات الموجهة لكافة البرامج الإصلاحية السابقة من حيث عدم توفرها على العُدَّة التقويمية المرحلية والإجمالية.
كما لا يمكن الاعتماد على منهجية محددة للخروج بتوقعات مرتبطة بمآلات التدابير والإجراءات الخاصة بالبرنامج الاستعجالي، سواء في ارتباطها بمستويات التنفيذ والأجرأة داخل المنظومة التربوية، أو في علاقتها بالتغير الطارئ الناتج عن التغيير الحكومي إبان هذه السنة التي تعتبر الأخيرة ضمن الأربع سنوات من عمر البرنامج الاستعجالي، خاصة وأن الوزير الحالي شرع في إرساء مقومات مخطط جديد لمباشرة إصلاح المنظومة التربوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو