الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عائشة ج2

محمد الحداد

2012 / 8 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


طفولة عائشة وزواجها :
لا نجد ذكر لطفولة عائشة قبل زواجها من النبي، فهي كأي طفلة ولدت، في الإسلام أو قبله، لا تجد لها المؤرخين حتى تكون شيئاً كبيراً، أو حدثاً مهماً، لذا فمن الطبيعي أن لا نجد أي ذكر لطفولتها قبل زواجها.
أما بعد ذلك فتتزاحم الأخبار وتكثر، وترد القصص، تختلف ببعض التفاصيل ولكنها تتفق بالعموم، والآن لنرى كيف كان الزواج، وكيف جاءت الفكرة للنبي بالزواج من طفلة.
بعد وفاة خديجة زوجة الرسول الأولى، والتي لم يتزوج عليها في حياتها، وكان هذا الحدث في مكة، جاءت خولة بنت حكيم الى النبي، وقالت له :
يا رسول الله، كأني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة.
فقال: أجل، فقد كانت أم العيال، وربة البيت.
قالت: أفلا أخطب عليك.
قال: بلا، فإنكن معشر النساء أرفق بذلك.
هذا نص لكلام دار بين النبي وخطابته يذكره ابن سعد، ولا نرجح أن يكون الخطاب بالضبط هكذا، أو غيره، ولكن نستفيد من مجمل ما قيل ويقال أن النبي كان يشكوا الوحدة، فعرضت عليه امرأة أن تخطب له، وقد عرضت عليه امرأة وطفلة، حيث جاء في مسند أحمد التالي:
لما هلكت خديجة، يقصد ماتت، جاءت خولة بنت حكيم، امرأة عثمان بن مظعون، يقصد زوجته.
قالت: يا رسول الله، ألا تزوج !
قال: من ؟
قالت: إن شئت بكراً وإن شئت ثيباً !
قال: فمن البكر ؟
قالت: ابنة أحب خلق الله اليك، عائشة بنت أبي بكر.
قال: ومن الثيب ؟
قالت: سؤدة بنت زمعة، قد آمنت بك واتبعتك على ما تقول.
قال: فاذهبي فاذكريهما علي.
من الحديث أعلاه لو كان صدقاً ما حدث وبالنص، نجد أن الخطبة تلك لم تكن من بنات أفكار النبي، بل حالة طارئة، تم اقتراحها من قبل امرأة، لها حديث مع الرسول، بل وحديثها معه له من الوثوق بحيث أنها تقترح عليه ان تقوم بالخطبة له، وهذا لا يحدث لولا وجود ثقة متبادلة بين الطرفين، النبي وخولة بنت حكيم.
كذا نستخلص من الحديث أن محمداً كان يشكوا فقدان خديجة، كزوجة، وكأم لأطفاله، وكربة بيت، وكذا لمكانتها في حياته السابقة، قبل البعثة وبعدها، من دعمه بمالها وأهلها، لذا ففقده لها كان كبيراً.
ثم نستخلص أيضاً من الحديث بينهما أنه كان راغب بالزواج، بل ومنتظراً أن يفاتحه أحد بذلك، ولم يقم من ذاته بالحركة الأولى بالاختيار، وطلب الزواج، وهذا ما حدث بالضبط بزواجه من خديجة سابقاً، فهي من خطبته وطلبته للزواج.
وهذا يدل على أنه ما زال حينها يخجل أن يطلب امرأةً للزواج، وينتظر أن يقوم الغير بالنيابة عنه ؟!
وأخيراً نجد أنه يسأل عن البكر والثيب، أي أن لديه رغبة عارمة بأن يحصل عليهما معاً، بينما طرحت عليه خولة الاختيار بين البكر أو الثيب ؟!
وحول طرح خولة لاسم عائشة دلائل كثيرة، أولها يبدوا أنه لم يكن عاراً ولا عيباً أن يتزوج الرجل طفلة في مجتمع ذاك اليوم، فها هي تطرح اسمها دون تحرج أمامه، وهو يوافق دون أدنى تفكير، ولو للحظة واحدة بأنها طفلة، عمرها لا يتجاوز 6 سنوات.
من هذا نجد أنه كان طبيعياً في مجتمع مكة هكذا زيجات، بحيث أن النبي الجديد والذي عليه أن يحصن نفسه من أي شائبة قد يستغلها أعداءه ضده، يوافق على خطبة طفلة، بما يعني أنه لم يكن من العيب عندهم الزواج من طفلة، وإلا لكان محمد قد ابتعد عن فكرة معيبة كهذه، ممكن أن يستغلها أعداءه حينها للطعن بقيمه الاخلاقية والمجتمعية، والذي هو بأشد الحاجة اليهما في بداية دعوته، وضعف امكانياته المادية، وقلة عدد مؤيديه.
وهو دليل إضافي أن هذا الزواج جاء بمحض الصدفة، وليس كما قالت عائشة لاحقاً بأنها زوجت من محمد بأمر من الله حين أراه صورتها بكف جبرائيل.
ودليل آخر بعدم علم محمد أنه سيتعرض للنقد الجارح مستقبلاً كما يحدث بعصرنا بسبب تلك الزيجة، وعدم علمه أيضاً بما سوف يؤسس زواجه ذاك لحالات زواج رجال طاعني السن من أطفال، وما يترتب على هكذا زيجات من مشاكل نفسية ومجتمعية.
وهذه كلها أدلة على بشرية تصرف محمد، وعدم وجود حكمة بالغة تقودها قوة جبرية عاقلة تتحكم بتصرفات محمد وأفعاله وقراراته.
كذا فإننا لا نجد لا محمد ولا خولة قد فكرا بفرق العمر بين محمد وعائشة ولو للحظة واحدة، والذي هو 44 سنة كاملة ؟!! بل ولم يطرأ أبداً مثل هكذا فكرة على عقل محمد النبي، وهو الذي لا ينطق عن الهوى ؟!!
وأخيراً يبدوا لي أنه بذلك المجتمع الصحراوي كان يصعب ايجاد النساء البكر لسبب ما، أما لقلة النساء، أو لكثرة الطلب على البكر، أو لأي سبب آخر، بحيث وجدت خولة أن البكر الوحيدة الصالحة لمحمد هي طفلة، أسمها عائشة، وليست حتى صبية من الصبايا ؟!!
نعود لمواصلة حوارات خولة حول خطبتها عائشة لمحمد، حيث جاء التالي:
دخلت خولة بيت أبي بكر، فقالت:
ماذا أدخل الله من الخير والبركة.
قالت أم رومان، أم عائشة: ما ذاك ؟!
قالت : أرسلني رسول الله أخطب عليه عائشة.
قالت أم رومان: انتظري ابا بكر.
فجاء ابو بكر، فقالت خولة:
ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة.
قال ابو بكر: وما ذاك؟!
قالت: أرسلني رسول الله أخطب عليه عائشة.
قال: وهل تصلح له ؟! إنما هي ابنة أخيه.
فرجعت الى محمد، وذكرت له ذلك، فقال لها:
أرجعي فقولي له: أنا أخوك وأنت أخي في الإسلام، وابنتك تصلح لي.
من نص المحاورة أعلاه لو صدقت حقاً نستنتج التالي: أن ابا بكر استغرب خطبة النبي لعائشة فقط لأنه يعتقد في قرارة نفسه أنه أخ محمد، ولا وجود لأي سبب آخر يمنع هذا الزواج، كفرق العمر مثلاً، أو خطبتها المسبقة كما سنرى ذلك بالمحاورة التالية، وسنرى ركضه السريع كي يتخلص من خطوبة ابنته لشخص آخر كي يزوجها محمد بمجرد سماعه لرأي محمد بأن أخوتهما ليست بالنسب حتى يحرم الزواج، بل هي بالدين فقط، لنكمل المحاورة.
فرجعت، أي خولة لبيت أبي بكر، وذكرت ذلك له، أي كلام محمد بأن الاخوة في الدين فقط.
قال أبو بكر: انتظري.
وخرج ابو بكر، فقالت أم رومان: إن مطعم بن عدي قد ذكرها على ابنه، فو الله ما وعد موعداً قط فأخلفه، تقصد أبا بكر.
فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي، وعنده امرأته، يقصد زوجته، فقالت:
يا ابن أبي قحافة، لعلك مصب صاحبنا، تقصد يصبأ ابنها، أي يغير دينه الى الإسلام، مدخله في دينك الذي انت عليه اذا تزوج اليك.
قال أبو بكر لمطعم : أقول هذه تقول، يقصد هل أنت مؤيد لكلامها.
قال مطعم : انها تقول ذلك.
فخرج أبو بكر من عنده، وقد أذهب الله ما كان في نفسه من عدته التي وعده، أي أنه لم يعد هناك وعد بالزواج أو خطوبة، فرجع، فقال لخولة :
ادعي لي رسول الله، فدعته، فزوجها اياه، وعائشة يومئذ بنت ست سنين.

06. 08. 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حدوثة
بلبل عبد النهد ( 2012 / 8 / 6 - 20:05 )
الكل يعرف هذه الحدوثة فما هو الجديد


2 - الصبر جميل
محمد الحداد ( 2012 / 8 / 6 - 23:43 )
لا أعرف لم سمة الاستعجال هذه
فالصبر جميل
ولو قرأت بتمعن لعرفت سبب هذه المقالات
فهي تبين كيف جاء نكاح الصغيرة ومن الذي أسس له وكيف
ولم تمعنت أكثر لوجدت أشياء أكثر
قد تكون قد عرفت هذه الحدوثة أو الحدوتة على مقولة المصريين
ولكن هل تمعنت بتفاصيلها ؟
وكما قلت بالجزء الأخير من عندما كنت ملحداً
فتستطيع بضغطة بسيطة أن تتجاوز هذا المقال
أو أي مقال آخر لا يعجبك أو يضايقك
بدل أن تتعب نفسك وتكتب كلمتين مع ذكر اسمك وبريدك
ومع هذا أشكرك لتعليقك


3 - لا تعليق أو تقييم بعد اليوم
محمد الحداد ( 2012 / 8 / 6 - 23:57 )
من يوم غد عندما ينزل الجزء الثالث لن يكون هناك أي مجال للتعليق أو التقييم
وهذه آخر مقالة لي يسمح بها بذلك
مع أسفي الشديد لذلك


4 - صبرا جميلا
sokrat al habib ( 2012 / 8 / 7 - 09:22 )
حسن ستفعل لان مواضعك اصلا لا يقرؤها اي احد فانا هنا نزلت من اجل قراءة التعاليق فقط ويا ليتني ما نزلت فوجدتك تلوم المعلق الوحيد الذي اتعب نفسه واطلع على ما كتبت والحقيقة في بعض الاحيان تكون مرة فالمعلق لم يقل الاالحقيقة هذا الكلام لا جديد فيه الكل يعرفه وانت لم تبدل اي جهد بل نقلت فقط لتبرر زواج محمد من طفلة عمرها ستة سنوات واذا كانت عامة الناس في ذالك الوقت تقوم بذالك قد يكون ذالك شئ عادي اما ان يفعله رسول ونبي بعث للعالمين ويعلم انه قدوة لامته الى ان تقوم الساعة وان ما يفعله هو سنة تتبعها امته في كل زمان فهذا شئ اخر فصبرا جميلا يا اخ محمد


5 - ادعم ادعائك بامثله من الزمن نفسه
الكلداني ( 2012 / 8 / 7 - 11:32 )
اذا كان تحليلك ان هذا النوع من الزواج كان متعارف عليه في ذلك الزمان ارجو ان تذكر وتدعم على الاقل حالتين او ثلاث لهذا الزواج في الجاهليه تحياتي


6 - الكلداني
محمد الحداد ( 2012 / 8 / 7 - 17:10 )
تحية طيبة
كان هناك أنواع كثيرة جدا من الزيجات قبل الاسلام، وتستطيع القراءة حولها بسهولة بمواقع نت عديدة
أما أن آتي لك بدليل، فهذا صعب، لأن كتاب التأريخ الاسلامي لم يكتبوا عن العامة، بل ذكروا الخاصة فقط، اي رجال بعينهم، ونساء، ولكن بعد الاسلام كان هذا الزواج موجودا بكثرة، كزواج فاطمة بنت النبي مثلا
مع هذا فاني لن انسى سؤالك، وساحاول الاجابة عليه مستقبلا حين عثوري على أدلة خاصة بأسماء بذاتها لاناس قاموا بهذا الزواج قبل الاسلام وسيكون بمقال لوحده
أما انتشار الزواج من الصغيرة فهو معروف عند أقوام عديدة، وليس فقط العرب، وليس فقط قبل الاسلام او بعده
كزواج كليوباترة او الزواج بين بعض الاسر الحاكمة في اوربا العصور الوسطى قبل النهضة، ولكن لا تحضرني الاسماء بالضبط
وأخيرا أرجوا أن يكون مفهوما أني ضد هذا الزواج وليس معه، ولكن الحيادية توجب علي ذكر عدم وجود اعتراض من غير المسلمين، او بما يسمون مشركين لهذا الزواج، بينما كان هناك اعتراض على زواجه من زوجة ابنه بالتبني زيد
مع تحياتي


7 - الاهتجان
بلبل عبد النهد ( 2012 / 8 / 8 - 09:54 )

زواج الاهتجان: هو الزواج في الصغر. اهتجنت فلانة : افتضّت قبل البلوغ أو تزوجت صغيرة. وهي الهاجن والمهتجنة. ولتزويج الذكور صغاراً يقال كذلك : التَبَأ ابنه: أي زوّجه صغيراً. وهذا النوع من الزواج كان قبل الاسلام فطبقه محمد بعد ما جاء بدينه بدينه الحنيف


8 - تحليل رائع
البهلول الكوني ( 2012 / 8 / 20 - 23:40 )
تحليل رائع اخ محمد انك لا تسرد القصه فقط بل تقوم بتحليل الاحداث شيء رائع حقا ...............ولكني اتمنى ان تتراجع عن قرارك بمنع التعليقات لان التحليل لا يكمل بدون تعليقات ...............................استمر ايها الاستاذ

اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة