الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النهاية في الخطاب العسكري الغربي

لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)

2012 / 8 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الناظر في تاريخ الحروب الأوروبية داخل القارة الأوروبية وخارجها والحروب الأمريكية باعتبارها لا تختلف من حيث التخطيط والاستراتيجية و الأداء عما هو سائد في القارة الأم- أوروبا- التي اكتشفت بالأمس القريب القارة الأمريكية وعمرتها بأبنائها وجعلتها تسير على سنتها، يلمس خطابا واحدا تتكرر فيه كلمة (النهاية) ، أو ما يراد فهمها أو يفسر معناها. فالنهاية كلمة يفتتح بها كل قائد عسكري أو ضابط سامي في الجيش خطاب الانتصار، في ميدان المعارك في الأرض غير المسيحية، وقد تظهر في خطب رجال السياسة بعد تتويجهم تعبيرا عن الانتصار، أو بالأحرى تحقيق الوحدة في عصر نشوء الدولة القومية الأوروبية. وفي فلسفة التاريخ الغربية ذكر طويل للنهاية، من ذلك مثلا تحقيق المطلق في الفلسفة لدى هيجل، وفي الدين عند المسيح عيسى، وفي السياسة عند فريدريك كيوم الثالث، ومنه تحقيق الشيوعية وانتصار البروليتاريا لدى ماركس الذي قلب دياليكتيك هيجل. وفي القرن العشرين عبروا عن النهاية بالتزامن والسكون الواضحين في الفلسفة البنيوية التي ظهرت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وقبلها فلسفة الصيغة (الجيشطالتية ). وباختصار فالنهاية غاية في ذاتها في كل خطاب ذي علاقة بالانتصار انتصار الدولة القومية الألمانية وانتصار الشيوعية في الفكر الماركسي وموت التاريخ في الفلسفة البنيوية، ونهاية التاريخ لدى فرانسيس فوكوياما، ومن قبل انتصار المسيحية الذي أعلن عنه البابا بالفراسة والتشوف في معركة ليبانت بين الأتراك والمسيحيين سنة 1673، حيث نظر في الكوة وصاح (انتصرنا ولنشكر الرب). وفي الميدان أمثلة أخرى ترفع اللبس عن النهاية التي تطبع الفكر الحربي الأوربي ففي سنة 1917 دخل اللورد اللمبي القدس محتلا وصاح قائلا: ( والآن انتهت الحروب الصليبية) ، أما القائد الفرنسي جورو فقد قصد قبر صلاح الدين الأيوبي بدمشق قائلا (نحن هنا يا صلاح الدين‼) أو بعبارة أخرى تفيد (لقد عدنا يا صلاح الدين ). إن مخاطبة صلاح الدين بعد رقدته في قبره سبعمائة وسبعة وعشرين سنة، تعبير واضح عن النهاية، نهاية صلاح الدين الروحية ونهاية الحروب الصليبية العملية في تقدير جورو، و إن شئت كل أشكال المقاومة للغزو الأوروبي، وذلك ما ينبغي أن يكون، مادام الواقع يكذب مضامين الخطب العسكرية. ولم يختلف كلام بوش عن كلام اللمبي أو جورو في الشكل والمضمون. لقد قال بوش يوم احتلال بغداد (9 أبريل 2003):(انتهت الحرب على العراق) فالحرب حرب أمريكية على العراق، ولا خطأ في نعتها بالصليبية والعراق جزء من الشرق الأوسط الذي استهدفه الصليبيون القدماء والجدد. وللنهاية أسس عقائدية يهودية/مسيحية. فالنهاية الحقيقية المنتظرة السيطرة على أرض فلسطين في انتظار نهاية العالم الذي يأتي عقب معركة (هرمجدون) قرب جبل ماجدو بفلسطين، يتم فيها القضاء على ملايين الجنود من الشرق. وهؤلاء هم الشيوعيون، وإن كان الاعتقاد يميل اليوم إلى أنهم العرب والمسلمون. و(هرمجدون) عقيدة تأسست بناء على تفسير نصوص كتاب العهد القديم. وفي تلك العقيدة أن المسيح عيسى بن مريم سيخرج بعد هرمجدون ليحكم العالم ويسود الأمن والسلام. وللنهاية علاقة بكلمة أخرى ذات أهمية في الخطاب السياسي والعسكري الغربي. فعقب كل نهاية يتم الحديث عن جديد ما كالنظام الدولي الجديد الذي روَّجوا له ما استطاعوا بُعيد سقوط المعسكر الشرقي، وكانوا نعتوا القارة الأمريكية يوم اكتشافها بالعالم الجديد وصدر في أمريكا قانون يسمى القانون الجديد في عهد روزفلت. وقبل سنوات فقط قالت كونداليزا رايس بالشرق الأوسط الجديد وقس على ذلك. والغريب أن الجديد الغربي الأمريكي يحمل معه الموت والإبادة، نهاية سكان الأرض الجديدة، إن تعلق الأمر بالأوطان والدول. فاكتشاف العالم الجديد استصحب معه إبادة الهنود الحمر وتدمير حضارات إنسانية عريقة المايا والإنكا والأزتيك، ورافق انتهاء الحرب على العراق الذي يعد حدثا لإنشاء عراق جديد تدمير الآثار وتخريب العمران وإبادة الشعب العراقي، والآن يخرب التراث المعماري بسوريا، وللغرب اليد الطولى في ذلك. أما الشرق الأوسط الجديد فقد استصحب معه إبادة الشعبين اللبناني والفلسطيني لكن المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله والشعب الفلسطيني لم تترك مجالا لإعلان النهاية على شاكلة بوش واللمبي ولن تسمح ببناء الشرق الأوسط الجديد على شاكلة العالم الجديد الذي قُضي فيه على جل الهنود الحمر. فمتى تنج منطقة الشرق الأوسط من حروب النهاية والإبادة بالنار لتحقيق الحلم اليهودي المسيحي الغربي الاستعماري؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قال النائب الفرنسي الذي رفع العلم الفلسطيني في الجمعية


.. لا التحذيرات ولا القرارات ولا الاحتجاجات قادرة على وقف الهجو




.. تحديات وأمواج عاتية وأضرار.. شاهد ما حل بالرصيف العائم في غز


.. لجنة التاريخ والذاكرة الجزائرية الفرنسية تعقد اجتماعها الخام




.. إياد الفرا: الاعتبارات السياسية حاضرة في اجتياح رفح