الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عورة الأعراب في الأولمبياد

علي جديد

2012 / 8 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن نقد الفكر العروبي و الوهابي أصبح فرض عين على كل إنسان على وجه الأرض .. لأن أصحاب هدا الفكر الإقصائي بارعون في التمويه ولا يتوانون في استغلال جميع الطرق و الأسلحة ليضعون يدهم على مقدرات البشرية ..
كلما أراد العرب أن يرفعوا من قيمتهم صغر شأنهم بين الأمم مصداقا للمثل القائل «المتكبر كالواقف على جبل يرى الناس صغارا و يرونه صغيرا ".. فما الشعوب الأخرى في اعتقادهم إلا مجرد عبيد سخرهم الله لخدمة أسيادهم العرب لأنهم أولى بقيادة العالم و ليس أمريكا .. فحكم العالم يجب أن يتداوله العرب فيما بينهم حتى ولو اضطرهم دلك إلى تحريف كلام الله كما تؤكد الحكاية التالية عن كتاب "الأمازيغية في خطاب الإسلام السياسي" لأحمد عصيد عن أبو بكر بن القوطية في تاريخ افتتاح الأندلس(ص63) يقول فيها " ابن القوطية عن الصميل بن حاتم زعيم القبائل العربية القيسية في الأندلس و في وصف له بأنه كان مستخفا بالدين يشرب الخمر لكنه كان شديد الاعتزاز بعروبته وقد استمع ذات يوم إلى معلم يقرئ الصبية قوله تعالى (وتلك الأيام نداولها بين الناس) فوقف الصميل و نادى المعلم و قال له (و تلك الأيام نداولها بين العرب) و لما أجابه المعلم بان الآية هكذا نزلت قال ( ما أرى و الله إلا انه سيشركنا في هدا الأمر العبيد و الارادل و السفلة) " .. قد يكون نزول القران بالعربية السبب الأساسي في هدا التكبر المرضي و الغرور القاتل الذي يعاني منه العرب ..
الجدل الذي اثارته المشاركة السعودية أطول من الثمانين ثانية التي استغرقتها فوق الحلبة قبل ان تتلقى ضربة قاضية أرتها نجوم لندن نهارا ..إن السماح لوجدان شهرخاني السعودية بالمشاركة في الأولمبياد مرتدية الحجاب يعد غلطة كان يجب ألا يرتكبها المنظمون لان دلك سيعتبره "الفاتحون الجدد" انتصارا آخر للحق على الباطل ينضاف لانتصاراتهم في معارك "منهاتن" و "نيويورك" و باريس و البيضاء و مراكش توجد وراءها مصالح ذاتية تفوق خطورتها مشاكل اليورو ..
يقول أحمد أمين في ضحى الإسلام أن بنو أمية "إذا اختاروا وليا راعوا عروبته و إذا اختاروا قاضيا أو إماما يصلي بالناس راعوا ذلك" كما قال احمد أمين في كتابه ضحى الإسلام.. وعلى خطاهم يمشي أحفادهم الآن حتى عند اختيارهم لمدرب لفرقهم الوطنية .. فكل السنة الرياضية تمر في الدول العربية كلها صراع بين الأقلية التي ترغب في مدرب أجنبي و أغلبية تريده وطنيا وفاء لعقيدة الأجداد التي جعلت "النسب العربي" أساس التمايز الطبقي و الشرف و النبل و كأنهم لم يأخذوا العبرة من قصة النبي يوسف الذي دخل مصر عبدا و ضيعا وتدرج في سلم المهام إلى أن وصل قمة الهرم السياسي المصري رغم أنه أجنبيا كنعانيا و من وصول أوباما الإفريقي لرئاسة أعظم دولة في التاريخ الحديث و ساركوزي المجري رئيسا لفرنسا وكلهم تفانوا في خدمة هده أوطانهم ولو طبقت عليهم المقاييس العربية لما حضوا حتى بشرف حراسا للعمارات في الدول العربية ..
من الواضح أن العرب لم يتخلصوا بعد من ثقافة العنصرية.. وقد لا يندمون على هزالة حصاد الاولمبياد لكونهم لا يودون المشاركة أصلا مع بعثة أبناء اوباما و الأفارقة دوي البشرة السوداء و أبناء عبيدهم الأسيويين فلا يجب يجوز أن يتسابق ابن العربي (الحر) مع ابن الأمة (بفتح الميم) لأنه معيب ..
لقد لعبت مداخيل الحج و البترول دورا كبيرا في نشر الرذيلة و الكسل و الإحساس بتفوق الجنس العربي على كل الأجناس الأخرى.. لقد كان بودهم لو يحكموا العجم و العالم عوض التنافس معهم على ميداليات لا تساوي في نظرهم ما يخسره أفقر أغنيائهم في ليلة واحدة في لندن.. فلماذا يتجشم عناء التداريب المضنية فالمسابح في نظرهم أنشئت للتسلية مع الجواري و الغلمان في المنتجعات و ليس للتباري مع أبناء الفقراء و المعدمين ..
مما لا شك فيه أن هؤلاء الأحفاد لا يؤمنون أصلا بفكرة و فلسفة الألعاب الأولمبية لأنهم لم يتربوا على الاختلاط بالآخر و على ثقافة التنافس و يفضلون عنها فلسفة الغزوات في شمال إفريقيا المبنية على مبدأ "لكل يد ما أخذت" ليرجعوا إلى ديارهم وكل واحد منهم ثريا كجدهم عبد الله بن أبي سرح في غزو افريقية إذ بلغ سهم الراجل من الغنيمة ألف دينار و سهم الفارس ثلاثة ألاف وأعداد كبيرة من الرقيق..
فبالرغم من أن الرسول الأعظم أوصاهم بتعليم أبناءهم السباحة و الرماية و ركوب الخيل وهي بالصدفة من بين الألعاب الاولمبية إلا أنهم يرجعون منها بخفي حنين .. مما يدل على أن ما يدعونه ما هو إلا تبجح مفضوح فالرماة العرب منشغلين في هدا الظرف العصيب بقنص الأطفال و العجائز و الصحفيين في شوارع حمص و حلب وفي عدد كبير من الدول العربية وهي المهمة التي كانت الأنظمة على اختلافها تدرب هؤلاء عليها مند عقود ..
وأين ذلك "الفرس العربي" الذي لا يتوقف الحديث عنه أم انه موجود فقط في حكايات سيف بن ذي يزن و الشعر الجاهلي و مسلسلات تاريخ "العرب" وفي الفضائيات و مزارع الحكام .. هناك فرضيتان لذلك أما الفرس العربي ليس بالمميزات التي يوصف بها أو أن العرب لا يملكون من الشجاعة ما يمكنهم من تحقيق الإنجازات ..
أما السباحة فلن تترك لهم أمريكا موطئ قدم ..فقد حقق السباح الأمريكي مايكل فليس أسطورة الألعاب الاولمبية ب 20 ميدالية وقد استحق كل التقدير و الاحترام فأين انجازات الدين تستهوليهم الأحاديث المناقضة للعلم كالتي قال فيها الأمام احمد "إن للقرشي قوة الرجلين من غير قريش" فلو كان هذا صحيحا لحصد العرب كل الميداليات بدون استثناء ..هذا واحدا من الآلاف من الأحاديث الموضوعة و التي مازالت تستهوي العرب .. ألا يقال أنه "عند الامتحان يعز المرء أو يهان " .. وقد يكون هذا الفرس "العربي" ليس عربيا أصلا و إنما سماه العرب كذلك قسرا كما فعلوا مع "الخليج العربي" و "المغرب العربي" و الجمهورية "العربية" السورية وجمهورية مصر "العربية" و أبناء الأكراد و الأمازيغ و الأقباط الذين سموهم أسماء عربية ظلما و عدوانا ..
لن أتكلم عن الرياضة النسوية لأنه إذا كان هذا موقف العرب من الرجل فكيف سيكون موقفهم من المرأة التي يتفننون يوميا في وأدها بطريقة عصرية خشية الاختلاط تمشيا على عادة الأجداد الذين كانوا يئدون بناتهم خشية الإملاق .. فهل الذين يؤمنون بفكرة "للذكر حظ الأنثيين" سيعطون "سيرينا ويليامز" نصف ميدالية لو شاءت الأقدار أن تنظم قطر الألعاب الأولمبية أم أنهم سينظمون ألعابا أولمبية للمنقبات فقط وتنقل حصريا على "قناة مارية" لتشاهدها مجتمعات الكسل و الخمول فقط ..
أم ترى أنهم تركوا المجال للعملاق الصيني ليجتاح الميدان الرياضي كما فعل بالسينما و الفضاء و التجارة و الصناعة رغما عن أنف بنكيران الذي شبه يوما تفيناغ بالشينوية ساخرا .. ولو تحلت بعثة بنكيران بعشر حب "البوذيين" الصينيين للعمل لأسمعوا نشيدهم الوطني عشرات المرات للعالم في المحافل الدولية .. ولكن الذنب ليس ذنبهم بل ذنب بنكيران الوزير الإسلامي الذي أرسلهم و هو يجهل عن البودية و الصينية كل الشيء الكثير.. ولو كان يعرف تاريخها و ثقافتها لما شبه حروف الأمازيغية ساخرا ب"الشنوية" .. أين هو الآن ليضحك ملء فيه على عدائيه وهم يطردون منحنئي الرؤوس بسبب تناولهم للمنشطات وهي أنكر الرذائل أمام الشعوب ولكن "إذا كان صاحب البيت للدف قارعا // فشيمة أهل الدار كلهم الرقص" كما قال الشاعر..
من أكبر العيوب أن يكون رصيد المسايفة العربية صفرا في الألعاب الاولمبية خاصة وهم متعلقون بالسيف في ثقافتهم إلى حد العبادة و يفتخرون بكونهم أبناء من دانت الرقاب لهم ذات يوم.... فالعلم السعودي يتوسطه سيف كبير ولا يحتفلون إلا وهم يلوحون بالسيوف.. أما اليمنيون فهم يتأبطونها يوميا في أحزمتهم .. كان ذلك قبل أن يستبدلوها بالأحزمة الناسفة.. ولكن رغم كل هذه المظاهر لا اثر لهذا في الألعاب الأولمبية إلا ما يقوم به الجيوش "العربية" في حلب و طرابلس و المنامة و القطيف و دارفور من قطع للرؤوس وليس هذا بجديد عن حفدة قتلة الخلفاء الراشدين و أبناءهم عمر و عثمان و محمد بن أبي بكر وعلي و الحسين في صراع على السلطة مازال مستمرا..
معظم المفاهيم عند العرب معكوسة فغالبا ما اعتبروا الانهزام انتصارا .. فمجرد مشاركة فتاة سعودية واحدة مرتدية للحجاب يعد أكبر انتصار .. فالهدف من وراء ذلك هو تحويل الألعاب الاولمبية إلى مناسبة لاستعراض الزي الإسلامي والى تحويل لندن لمكان للحج و تحويل ساحة (ترافالغار) من ساحة للحرية إلى ساحة للإعدامات العلنية للكفار و الملحدين انتقاما لشهداء معركة "لندن الأولى" .. وعندما تنتشر مظاهر الإسلام في المجتمع الغربي تبدأ التعبئة و مطالبة جيمس كامرون بالشهادة و البابا بتسليمهم مفاتيح الفاتكان و سيتم تحطيم الأصنام كتمثال الحرية و برجي ايفل و بيغ بين ..
لقد قضي الأمر وستبدأ أوروبا فصلا آخر من الظلم و سيخيم الظلام و تنتشر الرشوة و العنصرية و التزوير و النفاق و المؤامرات وسيرخي الفساد سدوله على الغرب بأكمله وعليه أن يتوقع فاجعة عظيمة ستحل به حين يقسمه "الفاتحون الجدد" الذين لا يتوانون عن كل مكيدة إلى إمارات العبودية و محاكم التفتيش من جديد .. اللهم اشهد أني قد بلغت..
كان للمسيحية شأن عظيما و إمبراطورية لا تغرب عنها الشمس ولكنها لم تستمر لأنها لم تتمكن من تحقيق المثل الأعلى الذي ضربه نيتشه فيما يلي "ربما يأتي دلك اليوم العظيم الذي سيطلق فيه شعب تميز بالحروب و الانتصارات و تفوق بمنظماته العسكرية و ذكائه الحربي و تعود على أن يقدم اكبر التضحيات في سبيل هده الأشياء أن يطلق صيحة تقول "سنكسر السيف" و من ثم يهدم منظماته الحربية من أساسها و يقتلعها من جذورها. أن نرمي بسلاحنا حين نكون في ذروة التفوق في تسلحنا هي الوسيلة الوحيدة للسلام الحقيقي"..(1)
لم تشهد المسيحية هذا اليوم العظيم لأنها لم تسلم سلاحها طواعية بل انتزعته منها قوى العلمانية التي دشنت عصر الثورة العلمية و الحداثة والحضارة والتنوير و التسامح.. فهل يا ترى سيستوعب دعاة الإسلام وجهاديوه الدرس قبل أن يكون مصيره كمصير الديانتين السماويتين اللتين سبقتاه إلى الوجود بسبب ظلم أهلهما و طغيانهم؟ ..
د.صادق جلال العظم – "نقد الفكر الديني" ص126 المرجع(1)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي