الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار أملاه الحاضر

عبد المجيد حمدان

2012 / 8 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تسييس الدين .... وتحفيز العلمانيين ( 1 )
أمركم غريب ، ولا أقول عجيب ، أنتم أبناء تيارات الإسلام السياسي ، قلت لمحدثي . وكيف ذلك ؟ رد علي متسائلا . قلت : تمارسون العمل السياسي منذ عقود . اختطتم لأنفسكم نهجا محددا في الممارسة السياسية . صغتم له قواعد . سرتم وحافظتم عليها بدقة بالغة . فجأة وبعد الثورات العربية ، غيرتم نهجكم ، واخترتم العبور من بوابة الديموقراطية . فعلتم هذا وأنتم تعرفون أن للديموقراطية قواعد ملزمة ، أنتم لا ترتضونها . قبل الثورات كنتم ترون في الديموقراطية بدعة ، فضلالة . أما قواعدها فكنتم لا تقبلون مجرد النظر فيها . وبعد انقلابكم هذا على نهجكم ، واصلتم رفض النظر إلى قواعد الديموقراطية . وفي الممارسة تتجاهلونها ، وتتصرفون على أنها غير موجودة . أعاد محدثي السؤال : ولكن ، ومرة أخرى ، كيف ذلك ؟ قلت : لعلك سمعت بمبدأ تداول السلطة . وربما تعرف أن هذا المبدأ يشكل أحد أهم مبادئ ، والأصح لنقل قواعد ، الديموقراطية . أنتم بالطبع لا تؤمنون بهذا المبدأ . قناعاتكم تقول إن صعدتم للسلطة فالواجب يحتم عليكم الحفاظ عليها . عدم تركها أو النزول عنها . يجب الاستمرار عليها إلى الأبد . هذا رغم أنكم تعرفون أن السلطة الإسلامية تبدلت . جرى تداولها . أي منها لم يستمر سوى لفترة محدودة . الخلافة الراشدية استمرت لثلاثين سنة . الأموية لواحد وتسعين سنة . العصر العباسي الأول – الذهبي – لقرن وربع تقريبا . وهكذا الخلافة الفاطمية والعثمانية . والأمر ذاته سرى على الممالك ، السلطنات والإمارات ...الخ . دائما كان يحدث تداول للسلطة ، لكن بوسائل عنيفة ونهايات مأساوية ، بشعة ، أو لنقل غير سعيدة . ومع ذلك تصرون على مبدأ رفض تداول السلطة . إن صعدتم فلا رجوع . والديموقراطية التي عبرتم بوابتها ترونها طريقا باتجاه واحد . وسيلة تنتهي صلاحيتها بعد عبوركم الأول .
احتج محدثي بأن ما أقوله اتهام غير صحيح ، وفي غير محله ، ويأتي في إطار الحملة الشاملة وغير المنصفة ، المتحيزة ضد فرق الإسلام السياسي ، بل والمتصيدة للهفوات والأخطاء ، والتي يشنها إعلام ومثقفو التيار الليبرالي العلماني المغتاظون من ، والكارهون لِ ، نجاحات فرق الإسلام السياسي المتتالية في أكثر من بلد عربي . – تأدب محدثي ولم يصفني مباشرة بالكاره للإسلام ، والحاقد على المسلمين ، وغيرها من الأوصاف التي تصلني من أفواه غيره - . قلت : ما قلته الآن دليل على صحة ما أقول . دعني أسألك : كيف ، في رأيك ، يتم تطبيق مبدأ تداول السلطة ؟ قال بواسطة صناديق الانتخابات . قلت : وكيف تعمل هذه الآلية حتى يتمكن حزب ، أو ائتلاف للمعارضة ، من الفوز على الحزب ، أو الائتلاف ، الممسك بالسلطة ، لينزل الأخير ويصعد الأول مكانه ؟ ذلك كما تعرف هو تداول السلطة . قال : تجري جولة جديدة للانتخابات . ترشيح وبرامج ودعاية وتنافس ، ليحسم صوت المواطن ،عبر الصندوق ، هذه المنافسة ، ومن ثم يصعد الفائز ، وينزل الخاسر . قلت : وما بين جولتين ، ما الذي تفعله الأحزاب والأشخاص الراغبون في الترشح والفوز ؟ قال : يواصلون الدعاية لبرامجهم ، وإقناع المواطن بأنه الأفضل لمصلحته . قلت : ولكن كيف يقنع المواطن بأن برنامجه هو الأفضل ، ورموزه هم الأكفأ ، إذا لم يتعرض لممارسات الحزب الحاكم بكلمة ، وعلى العكس ، يمدح ، أو حتى يسكت على ، كل ما يفعله هذا الحزب الحاكم ، ويعلن الثقة بالمسئولين ، ولا يقترب من أخطائهم أو تجاوزاتهم ؟ قال : ولكن نستحق إعطاءنا فرصة ، وليس كما هو الحال الآن ، في مصر مثلا ، يقفون للإخوان بالمرصاد ، ويحاسبونهم على الصغيرة قبل الكبيرة . هذا تربص ، يصدر عن كراهية وأماني بالفشل ، وقبل ذلك وبعده ، هو كره للإسلام والمسلمين .
الفرصة :
قلت : قبل أن تسترسل ، مع أنني لا أعرف ما هي علاقة هذه بتلك ، أليس عليكم واجب ، وأنتم تطالبون بالفرصة ، وتطلبون الثقة ، أن تتخلصوا من سياسة الغموض ، وأن تأخذوا بمبدأ الشفافية ، أحد مبادئ الديموقراطية ، هذه البدعة التي ترفضونها ، فتعرفوا المواطن بالأسس التي بناء عليها تختارون المسئولين ، وبالخطوات التي ستتبعونها لتطبيق برامجكم ؟ وهل حقيقة لا تعرفون أن الغموض ، الذي هو عدو الصراحة والمكاشفة ، لا يكسب صاحبه ثقة ، حتى ثقة أقرب مقربيه ؟ وهل لا تعرفون أن الاستمرار في مواصلة الغموض ، من جماعة تربت على التقية ، الضرورية في العمل السري ، بعد زوال عدوها ، وبعد تسلمها هي قيادة الدفة ، مواصلة الغموض هذه ، أمر يستدعي سوء الظن ، فتقليب الأفعال ، والتنقيب في الأقوال ، حتى لا يفاجأ الناس بما لا يمكن أن يتقبلوه ؟ وهل تظن أن مجرد قولكم ، بأنكم تعتزمون إعادة عصر الإسلام الذهبي ، كاف لمنحكم الثقة ، فالفرصة التي تنشدون ؟ والأهم تخليق قناعة عند المنافسين ، بقدرتكم على حل المشاكل التي تغرق فيها البلاد والعباد ، وأن كل شيء سيغدو سمن على عسل ؟
قال : ولكن ما لكل هذا وقاعدة تداول السلطة ، التي تتهمنا برفضها ؟ قلت : ما دمتم اخترتم تغيير نهجكم ، والدخول من بوابة الديموقراطية ، فلا بد أن لديكم ولو بعض الاطلاع ، على الكيفية التي تتصرف بها الأحزاب ، الفائز قبل الخاسر في الانتخابات . قال : نعم أظن ذلك . قلت ك إذن تعرف أن الحزب ، أو الائتلاف ، الخاسر ، ملزم ، ومنذ اليوم الأول ، بإتباع عدة خطوات ، ليتأهل لاستلام السلطة في الجولة التالية . تبدأ خطواته بصرف القيادة الخاسرة – في العادة هي تبادر للاستقالة ، بعد إعلانها تحمل مسئولية الخسارة – تليها خطوة تعديل البرنامج ، فنهج التعامل مع الجمهور ، ثم ، وهو الأهم ، الوقوف بالمرصاد ، أو على سن ورمح حسب تعبيرنا الدارج ، للحزب الفائز ، وحكومته وبرنامجه ، وخطواته في التطبيق ....الخ . بدون هذا لا تصح قاعدة تداول السلطة . إذن فواجب الحزب ، أو الائتلاف ، المتطلع لاعتلاء السلطة ، في الجولة التالية ، ليس فقط محاسبة الحزب الحاكم على كل صغيرة وكبيرة ، بل وضرورة إقناع الناس بأن قيادته أفضل ، وبرنامجه أكثر تحقيقا لمصالحهم ، من خلال الكشف عن أخطاء الحكومة ، من جهة ، ومن خلال نقد خطوات تطبيق برنامجها من جهة أخرى .
وواصلت القول : أما مسؤولية الحزب الحاكم فتتلخص في ضرورة تحلي كوادره المسؤولة بالكفاءة والنزاهة من جهة ، ومصارحة الجمهور وإقناعه ، عمليا وعقليا ، بأن ما يفعله يحقق مصالح هذا الجمهور ، وبالتالي يغلق كل المنافذ ، أو الثغرات ، التي قد يستفيد منها الخصم ، كي يأخذ منه مقاليد السلطة ، في الجولة القادمة .
تحفيز العلمانيين :
قال محدثي : ولكن ما يحدث هو تصيد للأخطاء ، وحتى أن الأمر بلغ بالوقوف علانية ضد التوجه لتطبيق الشريعة ، وبما يبدو وكأن هؤلاء المنافسين يرفضون الإسلام كدين ، قبل أن يكون مرشدا لشؤون الدنيا . قلت : نكون هكذا قد وصلنا إلى لب المشكلة . أنتم ، فيما يبدو ، لا تدركون أنكم بتسييس الدين ، وبدخولكم معترك السياسة من بوابة الديموقراطية ، تعرضون الدين نفسه لمخاطر ، ما كان غيركم يجرؤ على مجرد التفكير فيها ، أو أنه بدا ، في فترة سابقة ، غير معني بالدخول إليها . قال متحفزا : وكيف يكون ذلك ؟ قلت : كما لا بد تعرف أن قواعد الديموقراطية ، كما سبق وأشرت ، تلزم المنافس بالوقوف على طروحات الخصم ، مناقشتها ، نقدها ، معارضتها ، وحتى إثبات عدم صلاحياتها ، فرفضها . وإذا ما لجأ طرف إلى استخدام الدين ، عزز طرحه بآية أو بحديث ، يكون قد فتح الباب ، ليس فقط لمناقشة الآية أو الحديث ، بمعنى توافقها أو اختلافها مع المسألة المطروحة ، وأيضا بمعنى صحتها أو عدم صحتها .
هاج محدثي قائلا : وهل الآيات المحكمة ، والأحاديث الصحيحة ، تحتمل التشكيك فيها ؟ أليس ذلك اعتراضا على الدين نفسه ؟ أليس من يفعل ذلك كافرا ؟ وهل من الممكن ، باسم الديموقراطية ، أو قاعدة تداول السلطة السماح بذلك ؟ قلت : ولكن هذا ما جلبتموه ، وتجلبونه أنتم لأنفسكم وللدين . أنتم تصرون على تسييس الدين ، أي وضع المقدس تحت مقصلة التحليل والنقد والاعتراض ...الخ . سأقول لك كيف ؟ مثلا أحكام الشريعة التي تريدون فرضها على الدستور . أنتم تنكرون أن عشرات الآيات ، إن لم يكن مئات الآيات ، الخاصة بالتشريع ، طالها النسخ ، وبحيث بطل حكمها وبقي نصها . وحين تستشهدون بواحدة منها ، يكون الآخرون مجبرين على القول لكم : قفوا ، هذه الآية كذا وكذا . رفضكم ، أو إنكاركم للنسخ يعني عند الآخرين أنكم تعارضون الصواب . أكثر من هذا عندما تعارضون قانونا من قوانين الطبيعة ، بآية ، تضعون هذه الآية في موضع الأخذ والرد . ولأنكم تفعلون هذا فأنتم من يتحمل اللوم ، والمسئولية ، إذا عمد المنافس إلى البرهنة علميا على خطأ الآية المستشهد بها .
ولننتقل إلى الحديث – السنة - ، حيث المسألة هناك أكثر وضوحا . تقولون بتقديس ، وبالتالي إخراجها من مجال المناقشة ، ما تصفونه بالسنة الصحيحة . وحين تُسْألون عن السنة الصحيحة ، تجيبون بأنها الأحاديث التي وردت في كتب الصحاح الستة . قال : ذلك صحيح ، فهذه الأحاديث ، قبل تدوينها في الصحاح ، خضعت لعمليات تدقيق وفرز طويلة ، استبعدت ما هو موضوع ، وما هو ضعيف ...الخ . وبالتالي غدا ما ورد في هذه الصحاح خارج إطار أي نقاش ، ولا يحتمل التجريح ، أو حتى عدم القبول . قلت : هنا لب المشكلة . أنا لا أريد أن أتوقف عند جهود الإمام البخاري مثلا . وأختصرها بالقول أن المادة التي وضعت بين يديه حينها – ستمائة ألف حديث في رواية ، وثمانمائة ألف ، في رواية أخرى ، تحتاج مؤسسة بحث ، مزودة بأحدث منجزات التكنولوجيا ، وبعشرات الباحثين ، إلى سنوات عدة لفرزها . للفصل بين ما هو صحيح ، وما هوغث منها . والبخاري ، وهو غير عربي ، أنجز ذلك لوحده ، وفي سنوات قليلة . ومن له معرفة بأبسط شروط البحث ، لا بد أن يستنتج أن الصواب لا بد قد جانبه أحيانا . صرخ محدثي : هذا غير معقول . هل يمكن أن يصل الحال إلى التشكيك في أثبت ثوابتنا ؟ قلت : أعيد هذا ما جلبتموه وتجلبونه أنتم ، على أنفسكم ، وعلى الثوابت ، بإصراركم على تسييس الدين . قيل ويقال لكم : نرجوكم ، أبعدوا الدين عن وحل السياسة وأنتم ترفضون . تصرون على تلويث الدين بالسياسة . وإذا فكرتم أن العنف والقمع سينفعكم فأنتم بلا شك مخطئون . ودعني أعرض عليك حكاية وقعت لي .
حكاية :
منذ سنوات قرأت صحيح البخاري . ومثلي حين يقرأ لا يمر على ما يقرأ مر الكرام . صدمني حينها أن صحيح البخاري يضم أحاديث عديدة ، بين متناقضة وغير صحيحة . المتناقضة تعرفها بمقارنتها بعضها ببعض . أما غير الصحيحة ، فالأمر يحتاج إلى إعمال للعقل ، إما باكتشاف عدم معقوليتها ، أو مناقضتها لنص القرآن . آنذاك لم أهتم للمسألة . وباختصار نسيتها . وجئتم لتذكروني بها . قال متحفزا : مثل ماذا ؟ قلت : في الحلقة السابقة " عفوك يا سماحة المفتي 3 " شرحت براهيني بعدم صحة الحديث " ما فاز قوم ولوا أمرهم – شئونهم – امرأة " . والآن اكتفي بإيراد حديث آخر جاء فاتحة لصحيح البخاري . ففي مقدمة الناشر ص4 ، المجلد الأول – الصادر عن دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – فتحت صحيح البخاري وعرضت الحديث عليه - جاء الحديث التالي : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ " . كل ما حدث ، إثر قراءتي لهذا الحديث أن ضحكت ، قلت في نفسي هذا حديث غير صحيح يأتي فاتحة لكتاب يعتبره كل مسلم أصح الصحيح . ثم نسيت الأمر . بعدها وأثناء قراءة أبواب فضائل الصحابة ، في صحيحي الشيخين البخاري ومسلم صدمني الحديث التالي : ( 1) عن ...عن .. عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتفض حراء قال : " أسكن حراء فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد " وكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد ، وسعيد بن زيد – أيضا أورده مسلم والإمام أحمد على لسان أبي هريرة . مرة أخرى ضحكت عندما قرت هذا الحديث ، ثم نسيت الأمر . وبعد فترة قرأت في باب فضائل الصحابة ، وباب مناقب عمر الحديث التالي : عن ..... عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد أحدا ومعه أبو بكر وعمر فرجف أحد فضربه برجله وقال : " اثبت أحد فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان " . إذن لندع القول فيما شعرت هذه المرة ، والحديث ذاته تكرر عند أبي داود والترمذي ، وأسألك : هل تعتقد أن هذه الأحاديث صحيحة ؟ قال : لقد وردت في الصحاح وهذا يكفي . قلت هذا كاف لك . لكن عندما تقحمون ما تصفونه بالسنة المحكمة في السياسة ، وأحاديث الصحاح في مقدمتها ، تجبرون منافسيكم على مناقشتها ، وتهيئون لتيار العقل ، العلمانيين ، فرصة الدخول إلى حقل ، هم كانوا قد حظروه على أنفسهم . دخول ، تحليل ، نقاش ، والبرهنة على عدم صحة ما تستندون إليه .
نقاش :
قلت لمحدثي : اسمح لي أن أعرض عليك تحليلي ، الذي أوصلني إلى التأكيد على عدم صحة الحديث الأول :" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ " . واسمح لي أن أعرضها في نقاط .
1. أول ما يلفت الانتباه في مثل هذا الحديث أنه يحمل اتهاما ضمنيا للنبي بالتقصير في أداء رسالته . حاول محدثي أن يحتج فأسكته بإشارة من يدي ، رافضا مقاطعته . قلت : فحديث كهذا يؤسس لمثل هذه القاعدة في التشريع ، لا يسر به لفرد ، أو لبضعة أفراد ، وإنما يقال للجماعات ، في خطب الجمعة مثلا ، في الجلسات الإرشادية ، مرة بعد مرة ، ليعرفه ويعمل به كافة المسلمين . وأستدرك لأذكرك أن جمع الحديث تم بعد وفاة النبي بمائة وخمسين سنة ، وفي العهد الراشدي كله ، لم يكن هناك تداول للحديث . ولا أظنك إلا وتذكر أن عمر بن الخطاب منع أبوهريرة من تقول الحدث ، وهدده بإبعاده إلى اليمن ، وإعادته إلى قبيلته دوس إن عاد وفعل . ونتيجة هذا التهديد صمت أبو هريرة كل ولاية عمر . والمسلمون عندما ثاروا على عثمان ، وعندما غرقوا بعدها ، في خلافة علي ، في وحل الحرب الأهلية ، كان أول ما فعلوه أن خالفوا وصية النبي هذه ، إن صح الحديث ، وعن وعي كامل . وهذا أمر لا يقبله أي عقل .
2. هذا الحديث يوحي بأن النبي كان يعرف الغيب ، وهو ما يتعارض بشكل صارخ مع النص القرآني . فالقرآن ، وفي آيات عدة ، أكد على أن معرفة الغيب هي لله وحده ، ونفت الآيات ، وبشكل قاطع معرفة النبي بالغيب ، فكيف يأتي هذا الحديث لينقض القرآن ، وتختمون على صحته ، وتطالبون منافسيكم بذلك ؟ قال : ولكن هناك شواهد كثيرة على النبي كان يطلع على الغيب . قلت وهذا يناقض القرآن ، وعليكم أن تقرروا من هو الصحيح من هذين النقيضين . وعليكم لوم أنفسكم حين تدفعون غيركم إلى الخوض في هذا الأمر .
3. النبي ، كما يعرف أي صاحب اطلاع بسيط على التراث ، لم يترك لأصحابه ولو إشارة ، عن شكل الحكم من بعده . ولو كان هذا الحديث صحيحا ، فكيف تفسر حيرتهم على توصيف إمارة أبي بكر ؟ تعرف أن بعضهم اقترح تسميته بخليفة الله ، فرفض لما تضفيه هذه التسمية من قدسية على تصرفاته ، فحظر معارضتها . وقبل بتسميته – هو اقترح ذلك – بخليفة رسول الله ، والخليفة اختصارا . وعندما تولى عمر ، تكررت الحيرة ، فكان من اقترح : خليفة خليفة رسول الله . وهنا سأل هو : وماذا عن الذي بعدي ، والذي بعده ....الخ . قال : إنما أنتم المؤمنون وأنا أميركم ، وصار الاسم الرسمي أمير المؤمنين .
4. لم تلحق صفة الراشد أو الرشيد بأي من الخلفاء الأربعة . ولو كان الحديث صحيحا لما كانت الحيرة التي أشرنا إليها ، ولالتصقت هذه التسمية بكل منهم ، وهو ما لم يحدث . والمطلع ، ولا أقول الملم بالتراث ، يعرف أن هذه التسمية – الراشدين – جاءت متأخرة ، للتمييز عن الأمويين والعباسيين ...الخ
5. والأمر الأهم أن الخلفاء الراشدين لم يسيروا على سنة واحدة ، كما يفترض الحديث . والمسلم لن يعرف ، وبالتأكيد ، المطلوب منه إتباعه من سننهم . ولا أظنك بحاجة للتذكير أن عهد عثمان ، ساير عهد عمر ، وطريقته في الحكم ، أو سننه ، في النصف الأول منه –عهد عثمان- ، وناقضه في النصف الثاني . وأن عهد علي كان عهد الحرب الأهلية وما حملت من مصائب على الإسلام والمسلمين . وعلى كل حال حاول علي اقتفاء عهد عمر ، مع اجتهاد واضح ، ولم ينجح . والمهم أن عهده جاء نقيضا لعهد عثمان . فهل معقول أن النبي طالب المسلمين بإتباع هذا المجهول ، والوقوع بين فكوك متناقضاته ؟
6. لكل ما تقدم أقطع بعدم صحة هذا الحديث . تبسم محدثي وقال : لأكون صادقا معك ، أنا أيضا أشك في صحته .
يتبع :.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ترف فكري
أبو لهب ( 2012 / 8 / 8 - 11:48 )
الجميع يدرك أن الاسلاميين لا يأتيهم الباطل لا من خلفهم ولا من أمامهم، فهم قد فتحوا خط اتصال بالله و رسوله لذلك هم طيلة الوقت على صواب وعلى حق،وهذا هو جوهر السلفية فالدخول معهم في نقاش مضيعة للوقت ، لان كل طرح بعد القرآن كما يؤولونه والسنة هي خط أحمر ثابت بالنسبة لهم لا يمكن أن يقبلوا به النقد أو التطوير والاجتهاد وأحيانا لا يقبلون عليه حتى القياس وبالذات في الاحكام والتشريعات، وهذا هو السبب الذي أدى بالدين الاسلامي الى التراجع بعد أن أصبح لا يواكب التطور الاجتماعي والاقتصادي،أما لماذا بدأ الاسلاميون العمل بالسياسة فهذا ما دفعوا له من قبل مستعمليهم من قوى الردة والامبريالية حيث وكما أوردت يناقضوا عقيدتهم عن الديموقراطية فهي بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، لكن براغماتية مستعمليهم يمكن أن تفصل لهم من الفتاوي ما يبرر لهم ذلك ، لذا الدخول في النقاش معهم لا يمكن الا أن يكون مضيعة للوقت و ترف فكري يمكن أن يستغل بابراز أهدافهم و أغراضهم الخفية في خدمة مستعمليهم ، وسيرة وسلوك الاسلاميين تاريخيا من الاخوان الى السفليين والقاعدة دليل صريح على صدق الموقف منهم، فلا تتعب نفسك بهذا الاتجاه


2 - مباركة جهودك
لا مبالي ( 2012 / 8 / 8 - 16:35 )
بارك الله فيك او كما قال عليه افضل الصلوات والزكاة والسلامات- بارك الله في الرجل الشعور الغيور، وفي المرأة الحلساء الملساء- انت بلا شك تطلب منهم فوق طاقتهم ، فما بقي عليك الا ان تطلب منهم
ان تتساوى المراة مع الرجل
وان تتساوى حقوق المسلمين والكفار واهل الكتاب
وان يحافظوا على الاصنام في بلاد الاسلام
وان يسمحوا ببيع الخمور بترخيص من الائمة
وان تدرس وجهات نظر مناقضة للاسلام في المدارس والجامعات
وان يتم السماح للمسلمة الزواج من مسيحي كما هو العكس مسموحا ومحبذا
وان تشارك الدول الاسلامية في مباريات السباحة وغيرها من الرياضات
وان تعطى المساحات الكافية لتشغيل العقل وفي توجيهه بالطريقة الصحيحة بما فيها مناقشة صحة الايمان بهذا المعتقد الديني او ذاك وتاثيره على حياة الفرد والمجتمع
ان تعطى الفرصة للناس بان يحترموا ذاتهم لذاتهم، وليس وما خلقت الانس والجن الا ليعيدون
اقول قولي هذا ،ولعمر حدا ما حوش




3 - حوار أملاه ألآخر
سامي بن بلعيد ( 2012 / 8 / 10 - 05:35 )
حوار أملاه ألآخر المسيطر وفرضه واقعاً
نحن جميعاً نفكّر بعقول غيرنا ونرى بعيون غيرنا
دُمي تتحرك على أجهزةٌ حساسة
نحن نعيش في غيبوبة

اخر الافلام

.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت


.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان




.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر