الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دين أبوهم اسمه ايه؟

إكرام يوسف

2012 / 8 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم أجد أفضل من عنوان قصيدة شاعرنا المبدع العبقري جمال بخيت تعبيرا عما دار بخاطري طوال حفل إفطار المحبة الذي تشرفت بحضوره ـ السبت ـ في كنيسة قصر الدوبارة للعام التالي على التوالي. وضم الحفل ـ مثلما حفل العام الماضي ـ كوكبة من الكتاب والإعلاميين والساسة وشباب الثورة.
ذهبنا إلى الإفطار، ومازال في القلب غصة جراء جرائم هددت أمن الوطن مؤخرا، أحدثها جريمتا ترحيل مصريين من بيوتهم الآمنة في قرية دهشور، لمجرد انتمائهم لدين تورط ـ بالصدفة ـ أحد معتنقيه في مشاجرة انتهت للأسف، بمقتل شاب ينتمي لدين الأغلبية! ثم، مجزرة قتل الجنود في رفح؛ حيث ذكر أحد الناجين من الموت إن المهاجمين كانوا يهتفون "الله أكبر"، وهم يقتلون بدم بارد جنودًا بسطاء بدأوا لتوهم الإفطار عقب آذان المغرب! وظل يطن في ذهني عنوان القصيدة " دين أبوهم اسمه ايه؟".. فعلا، أي دين، ذلك الذي يدعو تابعيه إلى ترويع الناس وإرهابهم، وإخراجهم من بيوتهم؟ وأي دين ذلك الذي لا يردع تابعيه عن قتل العباد غدرًا وهم يؤدون فريضة دينية؟ دين أبوهم اسمه إيه؟
وفي قصر الدوبارة ـ الكنيسة الرمز، منذ اليوم الأول للثورة ـ كان القسيس سامح موريس، راعي الكنيسة، يرحب في ود ومحبة حقيقيين بالضيوف، بعد أن تستقبلهم من باب الكنيسة حتى قاعة الإفطار في الطابق الثاني، صفوف من فتيات الكنيسة الرائعات، وشبابها الرائعين، بابتسامات تشع، من قلوب أصحابها، صفاء. ثم، الجميلة إيفا بطرس، كبيرة المتطوعات لخدمة الكنيسة، دينامو جميع الفعاليات وطاقة العطاء الهائلة، وهي تتحرك بنشاط وتشرف على تقديم أفضل خدمة للصائمين. ويتألق الأستاذ فوزي وهيب، القادر على أن يشعر كل ضيف على حدة أنه الصديق الأقرب والضيف الأهم، وهو يتولى ببراعة وحضور ملفت، تقديم المتحدثين. كما تزدان باقة المضيفين الكرام بالقساوسة: ناجي موريس، ومنيس عبد النور، وسامح حنا، ومعهم المهندس لبيب مشرقي، والأستاذ ماجد عادل. وبأصوات ملائكية، يترنم المنشدون في حب الوطن الواحد الذي يعيش فينا. أجدني أتطلع في وجوه المضيفين المحبة، وأعجب لمن يحاولون تمزيق لحمة الوطن، ويعاود التساؤل الطنين: " دين أبوهم اسمه إيه؟".
وقبل أيام، نشرت جمعية ـ تزعم أنها خيرية ـ إعلانا عن تنظيم دورة تدريبية، يومي الجمعة والسبت على مدار ثلاثة أسابيع، برسم التحاق قدره مائتي جنيه فقط، يحاضر فيها أربعة، يزعمون أنهم علماء في الدين الإسلامي! ويوضح الإعلان عنوان الجمعية في مدينة نصر، وأرقامًا تليفونية للاتصال. وتحمل الدورة عنوانًا ملفتًا: "نقد المسيحية"!.. ويقول أصدقاء يقطنون بالقرب من العنوان، إنهم اتصلوا بالجمعية، وتأكدوا من المعلومات. بل أن منهم من قيل له أن من لا يمتلك الرسوم المطلوبة، باستطاعته الالتحاق بالدورة "على أن يذهب بنية القرض الحسن"!
ويثير الإعلان عدة تساؤلات؛ حول أهمية دراسة نقد المسيحية في هذا الوقت بالذات! وما مدى تفقه المحاضرين أصلا في علوم دينهم؛ قبل أن يتكبدوا عناء تدريس نقد دين آخر؟ وماهو الأولى هنا: أن يتعلم الناس دينهم أم نقد عقائد الآخرين؟ وماذا لو نظمت جمعية "خيرية" أخرى دورة تحت عنوان "نقد الإسلام"؟ وهل سيكون موقف السلطات وقتها هونفس التساهل والتجاهل؟ وإذا كان من يلتحق بدورة تعليمية، يحصل على شهادة تؤهله لعمل ما.. فماهو على وجه التحديد العمل الذي سيؤديه الحاصل على هذه الدورة؟ خاصة وأن الإعلان لم يشترط أن يكون المتقدم حاصلا على أي قدر من التعليم! ولا أي قدر من التفقه في دينه هو أصلا!
يذكرني الإعلان، بعناصر إشعال الفتن على مواقع الإنترنت والمنتديات الحوارية الافتراضية. وهم غالبا، شخصيات على قدر متواضع من التعليم، تستخدم أسماء مستعارة، بزعم انتمائها إلى الدين الإسلامي. وبدلا من أن تدعو إلى دينها أو تحاول شرحه وتفسيره، تصب جهدها على الطعن في المسيحية بدعوى نقدها. وتجد هؤلاء لايحسنون صياغة عبارة سليمة باللغة العربية، ولا تخلو جملة يكتبونها من أخطاء إملائية فادحة؛ تفضح عدم تمكنهم من لغة القرآن! ولكن عباراتهم تصبح فجأة سليمة وبليغة عندما يتعرضون بالطعن لآيات الإنجيل! مما يكشف أن ما يكتبونه منقول من مصادر، سلمتها لهم جهات معينة. وعادة ما ينشط هؤلاء قبيل وقوع جريمة فتنة طائفية، كما لو كانوا مكلفين بتمهيد الرأي العام، لعدم التعاطف مع الضحايا باعتبارهم كفارًا!
و إذا كانت جهات خارجية تعمل ـ كما هو معروف ـ منذ زمن بعيد على زرع بذور الفتنة لفصم لحمتنا الوطنية، تطبيقا لمبدأ فرق تسد. فقد رعى هذه البذور عملاء في الداخل ـ توغلوا داخل ميادين الثقافة والإعلام والتعليم، فضلا عن المؤسسة الدينية ـ لإذكاء الاحتقان الطائفي في نفوس الفقراء؛ فإذا بهم يوجهون، سخطهم على ما يعانونه من بؤس، في الاتجاه الخاطئ: شركاءهم في الوطن والفقر، بدلا من الحكام المسئولين عن هذا البؤس! وتحولت الفتن، في مناسبات عدة، إلى وسيلة لإلهاء المواطنين، عن جرائم ارتكبها النظام في حق الوطن والشعب الواحد.
وشارك في إذكاء نيران الفتنة، مأجورون ادعوا لأنفسهم علما فقهيا لا يملكونه بقدر ما يمتلكون من قدرات تمثيلية، مكنتهم من تضليل البسطاء.. وليست دورة "نقد المسيحية" سوى محاولة جديدة، لصب المزيد من البنزين على نيران فتنة، يشعلها أعداء الشعب الواحد. ولا شك أن دين هؤلاء يختلف عن الدين الذي تعلمناه، وتربينا عليه، وآمنا به! فلم نسمع من قبل، عن دين أرسله الله لتقطيع أواصر العلاقات بين أخوة الوطن الواحد! ولم نسمع عن دين يدعو لإشعال نيران الكراهية في قلوب أتباعه تجاه غيرهم من عباد الله الواحد! أو دين يتعبد أتباعه لله بقتل من يختلف معهم حتى لو لم يؤذهم أو يحاربهم. كما لم نسمع عن دين يسمح لأتباعه أن يقيموا من أنفسهم أوصياء على أفكار وعقائد الناس، يحددون بأنفسهم المؤمن والكافر. ولم نسمع عن دين، يسمح لأتباعه بتحديد مقاييس رحمة الله ـ وفق أهوائهم ـ ضاربين بعرض الحائط قوله تعالى "وسعت رحمته كل شيء".. فمن يكون هؤلاء بالضبط؟ ودين أبوهم اسمه إيه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأسلام....الأسلام
elias melbourne ( 2012 / 8 / 12 - 13:46 )
سيدتي العزيزة
دين أبوهم اسمه ايه؟
الأسلام....الأسلام


2 - الحول الفكري
وجدي الشربيني ( 2012 / 8 / 12 - 15:54 )
بعض الكتاب يصيبهم نوع غريب من الحول عندما يطالعون المواقع الالكترونيه
فلا يرون غير جانب واحد من الصوره -ولاشك ان الكاتبه لو التفتت قليلا يمينا او يسارا فوق او تحت علي نفس الموقع الذي تكتب به لوجدت كما معتبرا من المقالات التى تهاجم الاسلام وتسب نبيه باقذع الاوصاف ومنها ما هو موقع باسماء
مستعاره او غير مستعاره مسيحيه او مسلمه -ناهيك عن المواقع التبشيريه المسيحيه التى تحوي كل الوان التعريض بالاسلام والنبي والمسلمين جميعا ولكنها ابدا ابدا لم تحرك ساكنا لدي السيده اكرام
حقيقه المره ان بعض الكتاب الذين يحملون ايديولوجيات منتهيه الصلاحيه لم يعد لديهم ما يقدموه للناس بعد ان تقادم حطابهم وتهالك-وهم في الوقت نفسه غير قادرين علي التوقف عن الكتابه ربما لاسباب نفسيه فلم يعد لديهم الا العزف علي معزوفه النقد للخطاب الاسلامي بحجه الدفاع عن الوحده الوطنيه او عن الحداثه والعلمانيه حسب الظروف في كل مره -فاذا كانت المساله تتعلق بنقد للمسييحيه فلا يجوز بحجه ضروره الحفاظ علي وحده عنصري الامه
اما اذا تعلق الامر بما ينطوي علي تعريض بالاسلام فهو عندهم من صميم حريه الفكر والابداع التى لا تمس


3 - السيدة اكرام يوسف
مروان سعيد ( 2012 / 8 / 12 - 17:53 )
تحية لك وللجميع
مقالك جيد ومفيد ولكن للبعض ام من كان الجهل راكبه فلايفيد معه شيئ لاانهم كبروا على كراهية الاخر وهذا للمتعصبين ومن دخل الكره لنفسه يكره حتى نفسه لذا لاينفع معه علم ولا ثقافة
ونحن المسيحيين نحبذ ان ينقدوا المسيحية ليقراْوا الانجيل ويروا قليلا النور لتنفتح عيونه ويخرجوا من الظلام
ومع مودتي واحترامي


4 - سؤال للمثقفين اليساريين
محمد البدري ( 2012 / 8 / 12 - 20:20 )
ما الذي يجبر المصريين علي الانحباس في مشتقات الدين التوراتي العبراني والبقاء اسري حروبه وتناقضاته مع ذاته وكراهيته للمصريين ولكل من يريد الاحتكام الي العقل بعلمانية. انا لا افهم ان تجبر الدولة شعبها علي الخضوع لاديان تحمل الكراهية فيما بينها ويصبحوا بالتالي ضحية. والاهم لماذا نبقي علي الهوية العربية الكاذبة التي فرضها علينا اكثر حكام مصر فشلا واورثنا بفشلة اسوا حكام جاءوا من بعده. ومتي سيفيق المثقفين من غيبوبة الهوية وغيبوبة الوعي وحصروا انفسهم وفقط في فقراء واغنياء رغم ان الهوية العربية ومعها ثقافة الاسلام لا حل عندها لتلك الاشكالية. متي يسدرك المثقفون انه بسبب تلك الهوية تمت سرقة مصر لصالح البداوة العربية لـ 1200 عام كانت تنهب اما داخليا واما للخارج دون اي احترام لشعبها.


5 - اللغه
مجدى رفعت ( 2012 / 8 / 12 - 23:50 )
الم تجد الكاتبه عنوانا اخر للمقال اقل سوقيه
العنوان يشعرك بانك تجلس في احد مواقف الميكروباس في احد الاحياء العشوائيه
هل انتقلت ثقافه الميكروباس الي عقول بعض المثقفين


6 - ازمة امة
مؤمن مسلم ( 2012 / 8 / 13 - 01:54 )
مرحبا ست اكرام نحن في العراق عانينا من هذا الامر بشكل اكبر واعمق وهو قتل المواطن العراقي وحتى المسلم على الهوية الطائفية ضمن الدين الواحد حتى بلغت الحالة بنا لاتعرف من يقتلك وعلى ماذا
وكان لدينا جار مسيحي
فترة عملي في بغداد المسكين خرج ليشتري حاجة لبيته ففوجئ بمجوعة من المسلحين الملثمين
في الشارع اعتقلوه امام الناس التي تنظر اليهم بلا حول ولا قوة
فسئلوه اعترف انت سني لو شيعي المسكين تلعثم فضربوه فظن في نفسه بما ان الجماعة سئلوه
سني ام شيعي انهم ام من جيش المهدي يريدون قتل السني او من القاعدة يريدون
التبرك بدم الشيعي فقال انا مسيحي فما كان منهم الا اعدامه باطلاق النار عليه وهذا الشخص
رحمه الله من المحظوظين لان المتدينين امسكوا به في كمين مؤقت تم نصبه للكافرين
فلم يمتلكوا الوقت لذبحه مثل الشات وجعله يتشحط بدمه ويتعذب في موته قربة لله تعالى
فهكذا كفا الله مصر والمصريين يحدث عندما تطلق عنان الحرية للحركات الاسلامية
فكلها يريد القتل وتخليص بلاد المسلمين من الكافرين
لكن ما هو تعريف الكفر كل حركة وحزب ديني له تفسير مختلف والقتل مستمر


7 - ارجو دراسه الاسلام
على سالم ( 2012 / 8 / 13 - 20:23 )
السيده الكاتبه يبدو انها لاتعرف الاسلام جيدا , وارجو منها دراسته بعمق ,بالطبع الناسخ والمنسوخ يعمل اشكاليه كبيره لفهم الاسلام ,الايات التى تدعو الى التسامح والمحبه ماهى الا ايات مكيه وتم نسخها تماما بسوره السيف الرهيبه عندما انتقل محمد الى المدينه وظهرت الايات المدنيه التى تدعو الى الذبح والقتل والسبى والغزوات والسرقه ,ايات يجب التفقه فيها مثل قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم ,او كتب عليكم القتال وهو كره لكم وغيرها من الايات الدمويه البربريه

اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تستهدف أحد قادة الجماعة الإسلامية في لبنان


.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: نفذنا عمليتين بالاشتراك مع




.. تجربة المحامي المصري ثروت الخرباوي مع تنظيم الإخوان


.. إسرائيل تقصف شرق لبنان.. وتغتال مسؤولاً بـ-الجماعة الإسلامية




.. 118-An-Nisa