الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العالم بعيون سيدة منقَّبة

عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)

2012 / 8 / 15
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


كنت فتىً غضاً، عندما كانت عدوى الخمينية تجتاح المنطقة. وفي إحدى تلك الأيام لمحت بطرف الدكان هالة سوداء ثابتة، لم أعرها انتباها، لأني ربما ظنتها "برداية" أو شيء من هذا القبيل، فجأة تحدثَتْ بصوت حاد؛ فجفلتْ، كانت سيدة ترتدي النقاب الكامل، شعرت بالإحراج من نفسي، لأني ربما سببت لها إحراجا لتصرفي وردة فعلي العفوية.

مرّت فترة طويلة وأنا كلما لمحت سيدة منقبة أتساءل في نفسي، كيف ترانا من خلف نقابها ؟ كيف ترى العالم ؟ هل تراه أسْودا، أم مظللا ؟ بل وكيف يراها الناس ؟ وكنت أفترض إجابات محددة، لست متأكدا من صحتها.

فمثلا عندما ترى طفلةٌ سيدة منقبة ستسأل أمها: لماذا تغطي وجهها بالكامل ؟ هل تحاول أن تختبئ من أبيها ؟ ستجيب الأم: إنها تطيع عائلتها، وقد يتساءل طفل آخر: هل هي شبح ؟ أما الطبيب فسيقول: ربما تحمي وجهها من أشعة الشمس، خبير التغذية: لكنها ستعاني من نقص فيتامين D، مدرب اليوغا: تحتاج للهواء أن يلامس وجهها لتغبَّ منه غباً، الشرطي: ربما تكون أحد الهاربين من السجن، رجل المخابرات: ربما إرهابي يحمل متفجرات، سيدة تعمل في ال NGO’s هذا انتهاك لحقوق المرأة، منظمات حقوقية: تلك حرية شخصية، أحزاب ليبرالية: إنه عبارة عن سجن متحرك، أحزاب إسلامية: هذا تكريم للمرأة وحماية لها، مثقف: دعوها وشأنها، متثاقف: ربما تخفي عيبا خَلقيا ؟ مثقف آخر: هذا ظلم ولا يجوز أن نسكت عنه، طالبة في كلية الشريعة: هذا تطبيق لشرع الله، طالبة من كلية الآداب: بل هي ثقافة وهابية، امرأة فلاحة: كيف ستساعد زوجها في الحصيدة ؟ لاعبة الجمباز: لن تتمكن من المشاركة في الأولمبياد، عالمة الأحياء: ربما تستطيع رؤية الأحياء تحت المجهر، لكنها أبدا لن تستطيع الغوص في البحر بحثا عن سمكة ضاعت من كتاب العلوم، سافرة: كيف تطيق كل هذا الحر ؟! محجبة عصرية: هذا تطرف وغلو، محجبة ملتزمة: ربما أفعل مثلها، لكن لا ضرورة لذلك الآن، محجبة أخرى: هذه مبالغة ولا داعي لها، مستثمر: ما هي الأقمشة المفضلة لصناعة النقاب ؟ الأجنبي: مسكينة، شاب يافع يتأمل عيونها قائلا: هذا ما فعلته بي عيونها الساحرة، فكيف لو رأيتها كلها ؟! فضولي: كيف يا ترى وجهها ؟ متطفل: هل يخفي هذا النقاب جمالا يحبس الأنفاس، أم أنها فعلت خيرا بستر قبحها به ؟ رجل حِمِشْ: زوجها يدخر جمالها لنفسه ؟ فنان تشكيلي: ربما تصلح لوحة سريالية، فنان آخر: هذا تعدي على الجمال، شاعر: سأكتب قصيدة غزل في جفونها، شاعر آخر: سأكتب قصيدة رثاء لحياتها المعذبة، عالم نفس: هذا قد يؤدي إلى الشعور بالعزلة والاكتئاب، عالم آخر: قد يمنحها النقاب شعورا بالتميز والعظمة، موظف: إنها توفر على زوجها نفقات المكياج، موظفة: توفر على نفسها الكثير من الوقت، فهي حتى لا تحتاج أن تمشط شعرها، عالم أزهري: هذا فرض من الله سبحانه، عالم آخر من نفس الأزهر: ليس فرضا ولكن لا بأس به، عالم ثالث من نفس الأزهر أيضا: لا علاقة للحجاب بالدين، فإنه عادة اجتماعية، مُلَّة نجفي: النقاب فرض وزواج المتعة حلال، رجل دين عصري: هذا إساءة للإسلام، رجل دين ترك دياره وارتحل صوب أوروبا: الكفار يعتدون على حرياتنا الشخصية، زوج منقبة في أمريكا: نحن متهمان بالإرهاب حتى لو طالبنا بعودة بوش الأب والابن، زوج منقبة سعودي: النقاب ضروري في البلاد، وعبء علينا عند السفر، صاحب مطعم: ستواجه مصاعب في الأكل، ياباني: سنخترع طريقة لإيصال الطعام لفمها دون نزع النقاب.

مسلمة محجبة عادية قالت: خديجة بنت خويلد، التي كانت تجارتها تعدل ثلث تجارة قريش، رفيدة الأسلمية التي داوت الجرحى بيديها في الخندق، وكانت أول ممرضة في الإسلام، أم عمارة، التي دافعت بنفسها عن الرسول في أُحُد، وبُترت يدها أثناء القتال في اليمامة، سكينة بنت الحسين، التي كانت تستضيف الأدباء والشعراء في صالونها، خولة بنت الأزور التي قاتلت بسيفها كأشجع الفرسان، شفاء بنت عبد الله التي عينها الخليفة ابن الخطاب مسؤولة عن السوق تراقب التجار وتقاضي كل من يخالف أو يغش، هؤلاء الصحابيات الجليلات وغيرهن كثيرات، لم يكن يرتدين نقابا كالنقاب الذي نشاهده اليوم.

ولكن كيف ترى المنقبة نفسَها ؟ قد تكون أي من التصورات والفرضيات السابقة صحيحة أو خاطئة، وقد يكون بعضها صحيحا والآخر لا علاقة له بالواقع، لا أتحدث هنا عن فتوى شرعية، فهذا ليس اختصاصي، ولكن لا بد من طرح الموضوع ورؤيته من جميع الزوايا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصديق الغالي الاستاذ عبد الغني سلامه المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 8 / 15 - 08:27 )
تحيه وتقدير
سفره ممتعه في عقول الجميع سطرت فيها كل ما يجول فيها في لحظة الصدمه التي مرت عليك
لكن لم تصل الى الصدمه التي اصابتني ساحكيها لك
في طريق زيارتي الاولى والاخيره للعراق بعد الاحتلال وذلك عام2009 اضطررت للمبيت في الكويت ليله في منطقة الفروانيه وفي ظهيرة اليوم التالي جلست في مطعم لتناول الغداء جاء رجل و معه منقبه فاثارة عندي سؤال وهو كيف ستاكل ورغم اتمامي تناول ما طلبت انتظرت لارى كانت قد اعطت وجهها للحائط وعندما هممت بتناول ما طلبت رفعت البرقع ليظهر وجهها الذي غطته امواج الوان الماكياج وانا اراقب الموقف بحذر شديد وبين (لقمتين وثالثه)تعيد رفع النقاب
المهم عرفت كيف تتناول طعامها واين تجلس في المطاعم و مقدار الماكياج والحركة الدائبه لراسها والحركه الدائبه اكثر لراس مرافقها
اكرر التحية ايها الصديق الصادق


2 - قصة طريفة
عبد الغني سلامه ( 2012 / 8 / 16 - 07:28 )
صديقي العزيز عبد الرضا
كل عام وأنتم بخير فها هو عيد الفطر على بعد أيام معدودات
قصتك بالفعل طريفة، ولا أدري لماذا يرغب المحتمع بحبس النساء داخل هذه الخيمة المتحركة، ويعزلونهن عن العالم .. ولا أرى في ذلك إلا استمرار لثقافة الحريم
تحياتي ومحبتي


3 - الاسلام انقذ ايران
البغدادي عبد الله ( 2012 / 8 / 21 - 20:24 )
لم تعرف ايران طريق العز والکرامه والتقدم والتطور الا بعد الثوره الاسلاميه التي قادها الامام الخميني العظيم

اخر الافلام

.. جون مسيحة: أرفض ارتداء الحجاب في فرنسا


.. شاهدوا الفتاة التي اختارها بيو من أجل جاك ??




.. الأردن: ما وراء ارتفاع مؤشرات العنف ضد النساء؟


.. العراق.. -سوسو- تنتزع لقب ملكة جمال القطط • فرانس 24




.. إحدى المشاركات سعدية العسري من مدينة قلعة مكونة بجنوب المغرب