الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى الإسلامي رئيس وزراء المغرب

علي جديد

2012 / 8 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سيدي الرئيس
" يتولى أمرنا ثم يغفل عنا" كان هذا ما قالته امرأة مسكينة عن عمر بن الخطاب احتجاجا على تقصيره في الاهتمام بأمور بعض المستضعفين من رعيته كما هو الشأن بالنسبة لكم سيدي الرئيس.. فبعد تسلم حكومتكم الإسلامية –كغيرها من حكومات الربيع العربي- انقلبت الكثير من المفاهيم رأسا على عقب ولم تعد تتكلم عن وزراءك و خصومك كبشر يأكلون الطعام و يمشون في الأسواق بل عن ملائكة و أنصاف آلهة أرسلهم الله لتخليص العباد من قبضة الشياطين ولنشر العدالة و التنمية في ربوع البلاد .. قليلون هم الذين يعرفون مدى خطورة برامجكم اللا واقعية لكونها تدعوا إلى الرجوع بنا إلى عصر البداوة و الإقطاع ..
سيدي الرئيس
لا يحتاج المرء لكثير من الذكاء ليلاحظ أنك تعطى الانطباع للمغاربة بأنك ولي أمرهم و أنت خيرهم لأن تعيينك رئيسا لوزراء المغرب "آية من آيات الله" و بأن وزراءك طاهرين لأنهم يقتبسون من نور مصباحك ما يستنيرون به في الدروب المظلمة لملفات الحكومات المتعاقبة.. لقد كانت لك اليد الطولي في تعيين وزراء حكومتك كما ذكرت إلا المهمين منهم لم تجرؤ على الاقتراب منهم لكي لا يكون مصيرك الطرد كسيدنا ادم حين طرد من الجنة عندما اقترب من شجرة التفاح التي أمر ألا يقترب منها.. لقد انتهت مائة يوم وهي المهلة التي تعطى عادة لرئيس الوزراء لتقييم قبل تقييم أداء حكومته وتبعتها مائة أخرى و لكن يبدو أنك غير مستعجل أمرك و أنك مازالت في خلوة الأنبياء تصلي شكرا لله على ما أنعم عليك من نعم..
ولكن لا تنس أن البقاء في السلطة أصعب من الوصول إليها .. لم يكن محمد(ص) زعيم حزب سياسي ليلتجئ إلى الكذب و التملق للوصول إلى السلطة و لم يستهزئ يوما بلغة شعب كالأمازيغ مستجديا أصوات خصومهم ولم يكن ليفعل ذلك حتى لنشر الإسلام لأنه جاء ليتمم مكارم الأخلاق ومجرد عن التعصب و الأهواء و لم يأت لاجتثاث لغات الشعوب العجمية و القيم الإنسانية كما تفعلون.. لقد مر من الوزراء كثيرون مكانك وكانوا من إيديولوجيات مختلفة ولم تدم لواحد منهم فتهاوت أحزابهم بسقوطهم لأنهم يفتقرون إلى الحد الأدنى من الحس الإنساني ولا أرى أن حكومتك تختلف عن حكوماتهم إن لم تكن الأسوأ في تاريخ الحكومات المغربية.. و أسوأ من ذلك كله أنه إن كان سقوط هؤلاء أضر بأحزابهم فإن سقوطك سيكون و بالا على الإسلام لأن حزبك يقدم بفخر على أنه "حزب الله" و يحكم باسم «الله" وسقوط حكومتكم ستدفع الكثير من مريديكم إلى تغيير نظرتهم الإيجابية السابقة للإسلام.. وستكون سيدي الرئيس المسئول عن الأذى الكبير الذي سيلحق بهذا الدين الحنيف..
أما في الميدان التعليمي فإن مهمتك سيدي الرئيس أسهل مما تتصور فلست في إسرائيل لتطلب من رجال التعليم أن يبدلوا جهدهم لكي يفوز عشرة طلاب بجوائز نوبل في السنة لأننا لا نملك عقلية إسرائيل .. ولا أن تحث طلاب الطب على السعي إلى تغيير مسار الطب كما في الغرب الذي يسعى لإنقاذ الأرواح و ليس لإزهاقها .. فقط نريد أن نثير انتباهك إلى أن الميزانيات التي تصرف على اللغة العربية لن تجدي نفعا لأنها لن تصبح اللغة الأم للمغاربة أبدا لأنها لم تكن يوما كذلك و لا بإمكانك صنع الأسلحة النووية بها لأن اللغة تتبع الفكر وفكر أتباعك سيد الوزير لا يسير في هدا الاتجاه و كل الانجازات العلمية تجري في دار الكفر.. أما اعتقادكم أن زيادة شحنة التعريب باستعمال الدين والمزيد من القرارات التعسفية سيمكن للعربية بالمغرب فهدا تبسيط ساذج لأمور و أفكار معقدة..
و في مجال استقلالية القضاء سيدي الرئيس و أنت مسؤول عن رعيتك أمام الله فعليكم بتعليم الناس أن حياتهم تكمن في الاختلاف..فعار في دولة ديمقراطية أن يتقدم رئيس وزرائها صفوف خصوم لغة أغلبية أهل هذا البلد.. فبعد عدة أشهر من توليتك زمام السلطة مازالت الأمور على حالها إن لم تكن أسوأ مما كانت.. فيوسف الصديق حين عين مستشارا لحاكم مصر بدأ بإخراج السجناء من السجن لأنه يعلم أنهم زج بهم هناك ظلما و عدوانا رغم أنه كان عبدا كنعانيا ولم يكن مواطنا مصريا إلا أن العدل و الاستقامة لا وطن لها.. وأما أنت فالبلد بلدك و لم تأت من بلد آخر وقد نظرت إلى الاعترافات كيف تستخرج و إلى المحاكمات كيف تقام في هذه البلاد التي لم تتغير كثيرا على حال مصر في عهد البعث العربي أو "الدينصورات و الحيتان" كما يحلو لك أن تردد.. كلما سمعت هاتين الكلمتين إلا و تبادر إلى دهني البيتين التاليين
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا **** فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك و المظلوم منتبه **** يدعو عليك و عين الله لم تنم
ولكن يبدو أنك ما زالت مشغولا عن معانات السياسيين الأمازيغ المعتقلين لمجرد إبداء الرأي في مسألة حسمها الملك بجعلها مسؤولية الجميع ولم تحرك ساكنا حتى حين ذكرتكم النائبة البرلمانية تباعمرانت بضرورة إطلاق سراحهم و العمل على تسريع إخراج القانون التنظيمي المتعلق بالأمازيغية لأنه لم يعد مقبولا أخلاقيا و أدبيا و حقوقيا أن يعتقل مواطن في بلد ديمقراطي كالمغرب بمجرد أن يقول "أنا أما زيغي" في حين تستنطقون فيه البشر و الحجر و الشجر لكي يقول "أنا عربي .. و أشهد أن لا إله إلا العروبة و أن المغرب عربي".. و العياذ بالله من هذا التعصب العرقي و الديني الذي لم يكن أجدادنا يتعاملون به حتى مع الأسرى فما بالك مع أهل البلد لأنهم يعلمون أن فوق كل جبار جبار ..

من العيب تدخلك لإطلاق الإسلاميين دعاة العنف و الدسائس تحت شعار"أنصر أخاك ظالما و مظلوما" وأمرت بالزيادة في تعويضات البرلمانيين 4500 درهم لكل واحد لأن أغلبيتهم إسلاميين يطيعونك و لا يقولون لك أف.. وعلى منوالك مشى الإسلامي محمد مرسي فأقدم على إطلاق سراح مجموعة من الإسلاميين من سجون مصر وهم الذين قتلوا حرس حدودهم.. أما الإسلامي الغنوشي بتونس فقد أطلق سراح ثلة من "الإرهابيين" الإسلاميين و تعويضهم بمبالغ خيالية دفعت بوزير المالية إلى الاستقالة احتجاجا على هذا العمل المخجل .. فهل من المروءة أن يترك المسالم (الأمازيغي) في السجن و يرسل المحرضين على العنف خارج أسواره بذريعة "عفا الله عما سلف"..
و أخيرا سيدي الرئيس وبما أنكم زعيم حزب يدعي معرفة السماء ويتكلم باسم الإسلام – وبعد خداعكم للكثير من المغاربة كما كان كهنة معبد أمون في عهد يوسف الصديق يفعلون لكسب ود البسطاء مستغلين تكوينهم العاطفي و النفسي - فإنني أراني هنا مضطر أن أذكركم - ونحن في العشر الأواخر من رمضان- بقوله تعالى في الحديث الشريف "اشتد غضبي على من ظلم من لم يجد له ناصرا غيري"..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في الصميم
محمد بودواهي ( 2012 / 8 / 15 - 19:51 )
نشرنا تعليقا يساير ما جاء في المقال غير أن الإدارة حجبته بدعوى مخالفة القواعد
مقال في الصميم نشكر الكاتب عليه ...


2 - العدالة مرأة البلدان الديموقراطية
ZAHEUR MOHAMED ( 2012 / 8 / 15 - 22:02 )
نعم كان على مؤسسة رئيس الحكومة أن تسعى إلى محو كل الإنتهاكات التي نالت من كرامة المناضل، و أخص بالذكر مناضلي القضية الأمازيغية الدين تم تفضيلهم على الإرهابيين و دعاة العنف...
و ليس هدا كله إلا تأكيد على العداء الدي يكنه هذا الحزب لقضية الشعب المغربي ، و ما يزكي هدا الطرح هو المباراة التي أعلنت عنها ( وزارة العدل ) و الخاصة بالتراجمة فقد تم استتناء اللغة الأمازيغية فهذا مؤشر للتنزيل اللاديموقراطي للدستور إن كان هناك بالفعل أي تنزيل... بالفعل هدا بلد السحر فلا حاجة إلى مطاردة الساحرات عملا بالمبدأ القائل -عفا الله عما سلف-


3 - العدالة مرأة البلدان الديموقراطية
ZAHEUR MOHAMED ( 2012 / 8 / 15 - 22:03 )
نعم كان على مؤسسة رئيس الحكومة أن تسعى إلى محو كل الإنتهاكات التي نالت من كرامة المناضل، و أخص بالذكر مناضلي القضية الأمازيغية الدين تم تفضيلهم على الإرهابيين و دعاة العنف...
و ليس هدا كله إلا تأكيد على العداء الدي يكنه هذا الحزب لقضية الشعب المغربي ، و ما يزكي هدا الطرح هو المباراة التي أعلنت عنها ( وزارة العدل ) و الخاصة بالتراجمة فقد تم استتناء اللغة الأمازيغية فهذا مؤشر للتنزيل اللاديموقراطي للدستور إن كان هناك بالفعل أي تنزيل... بالفعل هدا بلد السحر فلا حاجة إلى مطاردة الساحرات عملا بالمبدأ القائل -عفا الله عما سلف-


4 - لعل العيد يأت بجديد
علي جديد ( 2012 / 8 / 16 - 00:46 )
شكرا لكل الاخوة على مرورهم
الاخ محمد بودواهي شكرا على تعليقك يعني لي الكثير
اما تعليقك الاخ محمد زهور فانني اتفق معك في كون الامازيغية مهمشةفيما يخص مباراة وزارة العدل كما كانت في العديد من الميادين وهدا ظلم ..ولو كانت حكومة الاسلاميين جادة بالفعل لمكنت الامازيغية من -التمييز الايجابي- لترد لها الاعتبار بعد السنوات العجاف ..تغير العالم و نرجوا منهم ان يتغيرو ايضا لما فيه مصلحة الوطن ..تنمرت سي محمد


5 - لعل العيد يأت بجديد
علي جديد ( 2012 / 8 / 16 - 02:51 )
شكرا لكل الاخوة على مرورهم
الاخ محمد بودواهي شكرا على تعليقك يعني لي الكثير
اما تعليقك الاخ محمد زهور فانني اتفق معك في كون الامازيغية مهمشةفيما يخص مباراة وزارة العدل كما كانت في العديد من الميادين وهدا ظلم ..ولو كانت حكومة الاسلاميين جادة بالفعل لمكنت الامازيغية من -التمييز الايجابي- لترد لها الاعتبار بعد السنوات العجاف ..تغير العالم و نرجوا منهم ان يتغيرو ايضا لما فيه مصلحة الوطن
..تنمرت سي محمد


6 - تحية
بن عبد الريح ( 2012 / 8 / 16 - 22:42 )
موضوع من الاهمية بمكان وكان الكاتب اطلع على كل ما يدور في رؤس المغاربة وكتبه عنهم بالنيابة الف شكر وتحية صادقة

اخر الافلام

.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت


.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان




.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر


.. حديث السوشال | فتوى تثير الجدل في الكويت حول استخدام إصبع أو




.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا