الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلاصات تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 (1)

سامر أبوالقاسم

2012 / 8 / 17
التربية والتعليم والبحث العلمي


إن مدرستنا اليوم هي ورش مفتوح. ولأنها تهم مصير أزيد من ستة ملايين من أبناء بلادنا، وتمثل المحدد الأكثر حسما في توجيه مسار الفرد، وتستأثر بحصة مهمة من الموارد المالية الوطنية، ولأن تدبيرها القويم يعتبر شرطا ضروريا لتحقيق تنمية بشرية عالية؛ فإنها تقع غالبا في صميم كل ا لآمال، وتشكل محط إحساس بالإحباط، أحيانا. لكنها تظل دائما مثار تساؤلات مشروعة.
فالأسر اليوم، ومعها المتعلمون والفاعلون التربويون، يطرحون أسئلة لا مناص من تقديم أجوبة عنها، في عالم تحتدم فيه التنافسية يوما بعد يوم؛ عالم أضحت فيه مردودية البلدان مرتبطة ارتباطا وثيقا بأداء منظوماتها التربوية، وأصبح فيه البحث عن الكفاءات يتجاوز الحدود الجغرافية، وأضحت فيه سيادة اقتصاد المعرفة أمرا واقعا. فهل ما تزال مدرستنا تضطلع بدورها في تعليم أبناء بلادنا، على النحو الأمثل، بإكسابهم المعارف والكفايات الأساسية، التي تؤمِّن نجاحهم في الحياة؟ هل تربي المدرسة أجيالا قادرة على الإسهام في ترسيخ مجتمع مواطن؟ هل تُعِدُّ الأفراد لولوج الحياة المهنية على أكمل وجه، كل بحسب مؤهلاته؟ هل تنجح فعلا في لعب دورها، بوصفها فضاء لتكافؤ الفرص وتعميم المعرفة؟
كل هذه التساؤلات، وعديد غيرها، أسهمت في إذكاء نقاش إيجابي حول مستقبل مدرستنا، مجسدة بذلك تزايد الاهتمام بالحالة الراهنة للمنظومة. وحتى يتحول هذا الاهتمام إلى تعبئة شاملة وفعالة حول المدرسة، ويكون مبنيا على أسس متينة ووقائع موثوقة، فإن المجلس الأعلى للتعليم سبق وأن عرض نظرته حول المدرسة، وبصيغة مقتضبة نلخص المحاور الأساسية لتقريره السنوي الأول عن حالة المنظومة وآفاقها.

1. نتائج واعدة حققتها المدرسة المغربية، رغم وجود بعض الاختلالات:

على الرغم من بعض الاختلالات، الناتجة عن عقود من التردد والتقلبات في الخيارات التربوية الاستراتيجية؛ فإن مدرستنا نجحت، مع ذلك، في التغلب على الكثير من النقائص، التي ظلت تتخللها. وتتجسد هذه النجاحات، التي غالبا ما تكون بارزة من الناحية الكمية، والتي أرست اللبنات الكفيلة بالتوجه نحو ورش الرفع من الجودة، في مجالات أساسية، تهم: تحديث الإطار القانوني والمؤسساتي للمدرسة؛ تعميم ولوج التربية؛ تطوير الموارد؛ التجديد البيداغوجي؛ وإرساء لبنات حكامة جديدة للمنظومة.
وهكذا، فقد اقتربت المنظومة من رفع رهان تعميم التعليم. ولم يكن تحقيق هذا الهدف بالأمر الهين، بالنظر إلى المسار السابق للمنظومة: فقد بلغت نسبة التمدرس في سلك التعليم الابتدائي%94 خلال الموسم الدراسي 2006 ـ 2007، ويوجد اليوم ما يفوق مليون طفل إضافي بالمدرسة، مقارنة بالموسم الدراسي 2000 ـ 2001، كما أن أعداد المسجلين بالثانوي الإعدادي والتأهيلي تطورت بنسبة 40 % في نفس الفترة. ونجحت المنظومة أيضا في رفع رهان المساواة، بما أن التعميم واكبه تقدم ملحوظ في تقليص الفوارق في ولوج التربية؛ بحيث أضحت اليوم نسبة تمدرس الفتيات القرويات تقارب عتبة التكافؤ بين الجنسين. كما تقلص التباين بين المجالين القروي والحضري، بارتفاع نسبة تمدرس الفتيان بالوسط القروي، بما يكاد يعادل نفس النسبة المسجلة بالوسط الحضري.
وقد واكب تعميم التمدرس ودمقرطة التربية تطور في الموارد البشرية والمادية والمالية المخصصة للمنظومة، حيث تم إحداث مناصب شغل للتدريس، وهو ما أسهم نسبيا في الرفع من التأطير. كما تزايد عدد المدارس الابتدائية منذ سنة 2000.
وبالنسبة لقطاع التكوين المهني، فقد تم رفع العرض التكويني وتنويع مسالكه وملاءمتها، على نحو يستجيب لتزايد الطلب، سواء من طرف المتدربين أو المشغِّلين، مما أدى إلى مضاعفة عدد المتدربين في غضون السنوات المنصرمة. علاوة على ذلك، عرفت ميزانية الدولة المرصودة لقطاع التربية والتكوين زيادات مطردة منذ سنة 2000.
وقد شهدت الجوانب البيداغوجية بدورها تطورات ملحوظة؛ حيث تمت مراجعة المناهج والبرامج بمختلف أسلاك التعليم المدرسي، وكذا صياغة معينات ديداكتيكية جديدة، واعتماد الكتاب المدرسي المتعدد، وإدماج مواد تعليمية جديدة، وإدراج تدريس الأمازيغية في التعليم الابتدائي.
كما تمت إعادة التنظيم البيداغوجي، ولاسيما بربط التعليم الإعدادي بالثانوي، وإساء جذوع مشتركة في السنة الأولى من الثانوي التأهيلي. وعلى مستوى التعليم العالي، تم إرساء الهندسة البيداغوجية الجديدة وإحداث عدد من المسالك والتكوينات، مما سمح بتحقيق المزيد من المرونة والملاءمة مع الخيارات الفردية للطلبة في مساراتهم الجامعية، ومع متطلبات الاقتصاد الوطني.
إلى جانب ذلك، نجحت المنظومة في إرساء لبنات حكامة جديدة لامتمركزة، وذلك في اتجاه ملاءمة أفضل للحاجات الجهوية والمحلية، واستجابة أنجع للمشاكل على صعيد المؤسسات التعليمية، وفسح المجال أمام إطلاق المبادرات على مختلف المستويات. وقد تجسد هذا التوجه الجديد، على الخصوص، في نقل بعض الصلاحيات المتعلقة بالتخطيط وبتدبير الموارد البشرية، والتمويل، وتتبع سير المؤسسات التعليمية إلى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. واتسع هذا النهج ليشمل الجامعات، التي أضحت تتمتع، بدورها، باستقلالية أكبر على المستويات البيداغوجية والأكاديمية والإدارية والمالية. وبالفعل، فإن الجامعة المغربية اليوم تحظى بوضع متميز يخول لها حرية واسعة في صياغة عرضها التربوي، ولاسيما إحداث مسالك وتكوينات جديدة، وتنويع مصادر التمويل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة