الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لله درك ايها الشيخ الصغير

صادق إطيمش

2012 / 8 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ألم تجد شيئاً من كبائر ومفاسد قومك لتحدث به الناس قبل ان تصب جام غضبك وحقدك الغير مُبَرَر على الشعب الكوردي وفي العراق بالذات . جاء كل ذلك في المحاضرة التي أتحفنا بها الشيخ الصغير والذي اراد من خلالها القفز بعيداً على معارف ملائيته المحدودة المعالم والولوج في العلوم الجيوسياسية والتاريخيه والفلسفية التي ، وحسب ما دلَّت عليه اقواله في هذه المحاضرة ، لا يفقه فيها شيئاً فعمد إلى إلصاق مقولات بشخصيات إسلامية مرموقة لها تاريخها المشهود له في العلم والمعرفة وفي تبنيها للإنسان وقيمه الإجتماعية ، والتي تنأى بنفسها عن ان تكون من دعاة العنف أو ناشري الكره بين كل مَن آمن برسالة السماء التي جاء بها جد هذه الشخصيات الإسلامية ، رسول الإسلام محمد (ص) . والرسل الذين من قبله أجمعين .

في كثير من الأحيان التي يفتقر فيها بعض الناس إلى الموقع الذي طالما يحلم بتبوءه في حياته كأن يكون هذا الموقع في مجال العلم كي يُسمى الشخص الحالم به عالماً ، او في مجال الفن ليُسمى فناناً او في أي مجال آخر يتطلب الضلوع في كل جزئياته مساحة واسعة من المعارف المؤَهِلة لإحتلال هذا الموقع ، يلجأ مثل هذا الإنسان إلى الحالة التي طالما تلجأ إليها الضفادع حينما تنفخ بنفسها عظمةً وكبرياءً لا يؤدي بها في المحصلة النهائية لإنتفاخها هذا إلا الرجوع إلى ما كانت عليه والقناعة بالهيكل الذي وُجدت عليه . إنه في الواقع تصرف ذكي من هذه الضفادع التي تعترف أخيراً بما هي عليه ، بالرغم من تكرارها لمثل هذه المحاولات منذ ملايين السنين ، اي منذ ان وُجدت فيها هذه الضفادع على الأرض .

وياحبذا لو لجأ بعض البشر إلى التعلم من هذه الضفادع وعدم تكرار التجارب البائسة التي حاولها من سبقوهم من الأجيال البشرية الذين قفزوا على واقعهم قفزات بعيدة جداً اوقعتهم ومَن معهم من مريديهم وأبرياء كثر غيرهم في مهالك شتى لا زالت بعض الأمم تعاني منها حتى اليوم . قد يبعدنا الولوج في التاريخ الإنساني القديم والحديث والتفتيش عن هذه النماذج البشرية عن موضوعنا هذا الذي نريد من وراءه الدفاع عن الشخصيات الإسلامية الفذة المعروفة بعلمها وورعها وتقواها وابتعادها عن كل ما يثير الحقد والعداوة والكراهية بين الناس لأنها جُبلت على التعاليم السماوية التي تدعوا إلى أن يكون الإنسان عوناً وسنداً لأخيه الإنسان لا قاتلاً له. ولا اعتقد بأن مثل هذه الشخصيات المعروفة بعلمها وتدينها وإنسانيتها بحاجة إلى الدفاع عنها ، إذ أن تاريخها شهيد عليها .

إلا أن الذي قد يحتاج إلى التوضيح اكثر هو الدفاع ايضاً عن شعب كالشعب الكوردي الصديق ، وخاصة في العراق ، الذي طالما تعرض للقتل من السفاكين المجرمين ووقع تحت ظلم الظالمين وظلماتهم واستنجد بكل المقدسات بان تعينه في نضاله ضد هؤلاء المتجبرين الطغاة والذي قدم فيه الآلاف من الضحايا وعانى بسببه الكثير الكثير من الحرمان والقهر والعذاب . فهل من المعقول والحالة هذه ان يقوم إمام تقي ورع مؤمن بحب الناس لا يريد سوى الخير للإنسانية جمعاء ، بحملة قتل على مثل هذا الشعب المظلوم بنساءه واطفاله وشيوخه وشبابه ومؤمنيه بنفس رسالة هذا الإمام ، والناطقين بالشهادتين ، وإن يكرر نفس المآسي التي جرها الجبابرة على هذا الشعب الذي ظلمه كل مَن إستطاع النيل منه والتحكم بمصيره ؟

لقد أساء الشيخ الصغير إلى ابسط المبادئ الإسلامية التي يفهمها الضالعون في الدين والمتفقهون بفلسفة رسالة السماء الداعية للمحبة بين اهل الدين الواحد على الأقل ، وعدم الإقتتال بينهم . ناهيك عن الدعوة للمحبة بين البشر اجمعين الذين طلبت منهم هذه الرسالة ، حينما جعلت منهم شعوباً وقبائل ، بأن يتعارفوا لا ليتقاتلوا .

السؤال الذي يطرحه كل مَن يأخذ امور الحياة التي نعيشها اليوم في وطننا العراق بجد ومسؤولية وطنية ينطلق من الإدعاءات التي يصرح بها بعض مُدعي التدين بين الحين والآخر والمتضمنة زعمهم بالوقوف إلى جانب الحق والعدالة بين الناس هو : ماذا عملتم من اجل خير الناس ، يا ايها المدَّعون ، خلال السنوات العشر الماضية التي آل فيها الحكم والتحكم بشؤون الناس لكم ولأحزابكم وتابعيكم فعملتم على إفقار الفقير من المحرومين والبائسين ، وفي إغناءكم ومريديكم من المزورين واللصوص والمطبلين لكم في كل محفل ، بعيداً عن كل ما تتبجحون به من إيمان بالقيم السماوية ومبادئ العدالة الإجتماعية ومفاهيم الحرام والحلال التي اصبحت اقوالاً تُنطَق فقط بين الحين والحين ، وكلما دعت الحاجة الذاتية إلى ذلك ؟

ألم يتبق للشيخ الصغير وكل النافخين في ابواق نشر الحقد والكراهية بين اهل العراق ، مرة بالأساليب الطائفية المقيتة ومرة بالإصطفافات العشائرية والمناطقية المتخلفة وهذه المرة بتأليب العداء بين القوميتين الكبيرتين في وطننا العربية والكوردية اللتان تجرعتا ، إلى جانب القوميات والأديان والمذاهب الأخرى في العراق ، مرارة الدكتاتوريات الساقطة وحملات التوجهات الشوفينية البائسة ، ألم يبق للصغير وجماعته في وطننا العراق المبتلى بلصوص ومزوري الإسلام السياسي موضوعاً يتناولونه في احاديثه غير التأليب على الشعب الكوردي الذي بدأ الآن يسترجع بعض انفاسه في هذا الجزء من وطنه التي حاولت كبتها تلك الزمر التي ينحو منحها اليوم الشيخ الصغير وامثاله ؟

إن قومك ، ايها الشيخ الصغير ، والضالعين معك في احزاب الإسلام السياسي التي تتصدرون مواقعها ، هم اليوم مدار حديث الإنسان على الشارع العراقي ، خاصة ذلك الإنسان البائس الفقير الذي يسألكم ايها السيدات والسادة الكرام عن :

!! إجراءاتكم ضد المفسدين والمزورين واللصوص الذين يملأون كافة مؤسسات الدولة بدون إستثناء مع العلم ان هذه المؤسسات يحتلها أصحابكم من المعممين والأفندية من ذوي الجباه المكوية والمحابس المفضية الذين لا يبدأون أحاديثهم النارية وأكاذيبهم إلا بالبسملة التي يُستغل فيها إسم الله ابشع إستغلال ؟

!! إجراءاتكم ضد عصابات كواتم الصوت وزمر القتل الأجير التي تسخرها وتديرها جهات لا تخفى عليكم وانتم على سدة الحكم ، ومن حق المواطن العراقي ان يطلب الأمن والأمان منكم لا من غيركم وأنتم الذين صرفتم الملياردات من اجل ذلك ؟

!! إجراءاتكم ضد المتلاعبين بقوت وراحة الناس والمتاجرين بحصص البطاقة التموينية وتجار المولدات الكهربائية والمتلاعبين باموال الخدمات العامة في مجالات الصحة والطرق والمجاري والبيئة ، وسارقي الموارد النفطية في وضح النهار واصحاب المقاولات الوهمية الذين هربوا بالملياردات وليس الملايين وهم الآن خارج الوطن يتلذذون بخيرات العراق رغم انف حكامه والمتسلطين على مقدراته وشؤون شعبه ؟

!! إجراءاتكم ضد زمر وعصابات البعث التي ظلت تعبث في كل اجهزة الدولة العراقية حتى بعد إنهيار نظامها المقبور والتي تحتل اليوم مواقع هيأتم انتم لها إحتلالها ظناً منكم انها ستخلص لكم ، كما يخلص التوابون لزملائكم الآخرين ، ضد أعداءكم السياسين ؟

!! إجراءاتكم ضد الإرهاب والإرهابيين الذين يستثمرون عراك الدِيَكة على الساحة السياسية العراقية أفضل إستثمار للإيقاع بالشعب العراقي ، ضحية الإرهاب الكبرى . وكل ما يسمعه الناس من اجهزتكم الأمنية والإعلامية بعد سقوط العشرات من الشهداء بأنها " مسيطرة على الموقف " إلا ان الواقع يرينا مَن الذي بيده زمام التحكم بهذا الموقف حقاً وحقيقةً ؟

!! إجراءاتكم لإنهاء الحالة المأساوية التي يمر بها الشعب العراقي من خلال إنتشار الخزعبلات والخرافات والأكاذيب والفوضى التي تدير إنتشارها عصابات تنسب اعمالها المقيتة هذه إلى التعاليم الدينية التي لا صلة لها بكل هذه الأوهام التي ادت إلى تخلف المجتمع والتهرب المُشرعن من العمل في مؤسسات الدولة واحتقار المرأة والإستهانة بالتربية العلمية في المؤسسات التعليمية ومحاولات تسويف القضاء العراقي وفرض المفاهيم الداعية إلى تفكك المجتمع واقتسامه بين الطوائف والأديان والقوميات ، وما دعوة الشيخ الصغير هذه إلا واحدة من هذا السياق المتنامي اليوم على ارض العراق ؟

لو اردنا الإستطراد في التفتيش عن إجراءاتكم على ارض الواقع العراقي الماساوي ، ايها الشيخ الصغير ، لأحتجنا إلى صفحات وصفحات ، لكننا قد نكتفي بسؤال بسيط نختم به هذه الإستفسارات ، وهو بسيط فعلاً بشكله معقد بمضمونه والذي يتوجه به الشارع العراقي إلى كل مَن أُنيطت به المسؤولية بعد سقوط دكتاتورية البعث أو كل مَن تبوأ موقعاً في السلطة والمجتمع ، وهذا السؤال هو :

من أينَ لكَ هذا ؟

اي ان تقارن ، ايها المسؤول السياسي او الديني ، بنزاهة وتجرد وأمام قناعاتك وحسابات ضميرك بين ما كنت تملكه من مال وعقار ووسائل العيش قبل التاسع من نيسان عام 2003 وبعد هذا التاريخ إمتداداً إلى الوقت الحاضر .

لا اعتقد بأن الشيخ الصغير سيهتم بمثل هذه الأسئلة كثيراً ، إذ ان إهتمامه منصب الآن على التفتيش عن مارقين وهو يحتاجهم حالاً ، نعم الشيخ الصغير يحتاج وأكرر يحتاج إلى مارقين حسب ما جاء بخطبته حول مروق الكورد ، فوجد مبتغاه في الشعب الكوردي وفي العراق بالذات ، في هذا الشعب المناضل المكافح الطيب الذي عانى الأمرين من تسلط الجبابرة عليه ، حتى من بني قومه . نعم " نحتاج إلى مارقين " بمواصفات خاصة جداً . إذ لا يجب ان يكونوا عرباً ولا تُركاً حتى ولا كورداً خارج مناطق العراق التي يتواجد فيها الشعب الكوردي . وهؤلاء " المارقون " وهم الكورد العراقيون سيُقتلون جميعاً كي يعم الأرض ألأمان والسلام وتنتشر العدالة على الأرض التي عاث فيها هؤلاء المارقون الفساد !!! . وبخلو الدنيا من كورد العراق تخلو في نفس الوقت من كل الوحوش البشرية .

هكذا تنقلب المفاهيم لدى بعض الناس الذين تعودوا على التفتيش عن كبش الفداء ولكن ليس بين المذنبين ، بل بين الضحايا . فالله در مثل هؤلاء .

الدكتور صادق إطيمش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العراق للجميع
ابو محمد الجبورى ( 2012 / 8 / 17 - 19:51 )
احى فيك روح التحدى لهؤلاء الاقزام ونقول له ولجميع الشوفينيين العنصريينمن العراقيين جميعا بان العراق يبنى بسواعد الناس الذين يؤمنون بحقوق المواطنه للعراقيين جميعا بغض النظر عن انتماؤهم القومى او الطائفى اوالعشائرى وجميع العنصريين سيرمون على مزابل التاريخ فنساءل الصغير ما الذى قدمه لطائفته من الخدمات ومن القضاء على البطاله غير التعليم كيفية اللطم والتطبير ضحكا على هذا الشعب الساذج فياخى صادق كانو يدعون معارضة صدام ليس لانه دكتاتور ولكن كانو منا فسين له للحصول على الكراسى وهؤلاء ه فليعرفهم الشعب العراقى اذا كان يملك ذرة من الوعى والوطنيه وشكرا


2 - خزعبلات
جميل مزوري المانيا ( 2012 / 8 / 17 - 23:08 )
شكرا لك ايها الكاتب المبدع الراقي نحن العراقين في مرحله جديده في العراق وكان الافضل لهذا الصغير يرجعنا الى ايام السقيفه والجمل و بدل اللوم والتهجم على الكورد كان المفروض التغير والانفتاح و الاعتراف بالاخطاء و تقديم الاعتذار للشعب الكردي والاحتكام الى القانون والدستور في حل المشاكل العالقه بين المركز الاقليم بالطرق السلميه والقانونيه وكلام هولاء المعممين لاينقصون من مايجري في الاقليم الكوردي هي تتطور وتذدهر يوم بعد يوم وعلى كل عراقي ومن اي طائفه واي مذهب ودين عليه ان يفتخر بالاقليم، لاانه جزء من العراق اولا ومن ثم لاانهم عملوا وقدموا... واخلص وابدع وابتكر هذا الشعب الذي ناضل وجعل جزء من العراق وهو الاقليم الكوردي مكان للتعايش السلمي لكل العراقين من البصره الى زاخوا وكما يقول المثل الكلمات بالاف ولكن واحده مفيده فمن عنده كلمه مفيده وتخدم العراق بكل اطيافه ليقول ولايتبجح بعده كلمات يصب في خلق الفتنه والشقاق بين العرب والكورد لاان الثرثره سهله لكن عواقبها وخييمه ومره اخرى لك مني وكل الشعب الكوردي كل التقدير


3 - تحية
هشيار بنافي ( 2012 / 8 / 18 - 07:48 )
اذا كان امثال الصغير هم الذين يهيمنون على المجتمع من خلال الاف المنابر اضافة النفوذ السياسي الكبير لديهم من المستحيل امكانية العيش في العراق بكرامة و بكامل حقوق المواطنة و الانسان. لان الاسلام تصنف البشر الى نوعين ((مسلمين)) و ((كفار)) و المذهبيون يكفرون بعضهم البعض ايضاً. لا توجد حل الا بفصل الدين نهائيا عن الدولة، و لكن يأبى شيوخ الاسلام التنازل عن مكاسبهم و سوف لا يقبعون في معابدهم الا بعد انهار اخرى من الدماء. شتان بين المفكر الشيعي الرائع الدكتور ((أحمد القبانجي))، و هذا الصفيق ((الصغير)) و غيره من الصغار سنة و شيعة و ملالي الاكراد. اجمل تحياتي للكاتب القدير الدكتور صادق العزيز.


4 - الصغير صغير
احمد البابلي ( 2012 / 8 / 18 - 18:41 )
استاذنا صادق
كنت ارغب طوال هذا الزمن الردئ ان تعم العدالة ولو لبعض الوقت في العراق المحكوم عليه بالردائه من قبل هكذا رجال الدين بان تفتح فايلاتهم المملوئة بالقاذورات وبالاخص فايل هذا الصغير والذي هدده المالكي بفتحه اذا لم يسكت وكم كنت اود ان تعلن للناس عدد الضحاية الذين دفنهم الصغير والقى بهم في بئر جامع براثا... وفتح تحقيق مع مكتب ابنه الذي يأخذ اتاوات من الشركات والمقاولين بحجت ان جميع الاعمال في العراق عائدة لمكتبه. كما حدث امامي في تطوير شارع المطار ولكن من يقول ان فم السبع جايف..و من اين نأتي بحجاج اخر ليخلصنا من هذا الصغير وامثاله ...شكرا لك استاذ صادق
ملاحظة
ارجوا من الاكراد ان لا يتحكمون فيهم امثال هذا الصغير البائس لانهم كالارضة يجب مكافحتم دائما...

اخر الافلام

.. رئاسيات إيران 2024 | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامي


.. 164-An-Nisa




.. العراقيّ يتبغدد حين يكون بابلياً .. ويكون جبّاراً حين يصبح آ


.. بالحبر الجديد | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامية الإ




.. جون مسيحة: مفيش حاجة اسمها إسلاموفوبيا.. هي كلمة من اختراع ا