الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 (5)

سامر أبوالقاسم

2012 / 8 / 17
التربية والتعليم والبحث العلمي


أ‌. جبهة تكافؤ الفرص، بالتفعيل الحقيقي لإلزامية تعليم جميع الأطفال المغاربة إلى غاية بلوغهم 15 سنة من العمر:

يتمثل الرهان الحالي في رفع تحدي دمقرطة التعليم بالحفاظ على التلاميذ في المدرسة، لأكبر مدة ممكنة. يتطلب تحقيق هذا الهدف إنجاز مشاريع تخص الأسلاك الثلاثة للتعليم الإلزامي:

• التدخل على مستوى التعليم الابتدائي: من خلال بلوغ هدفين اثنين: التعميم التام للتمدرس، وتحسين معدل الاحتفاظ بالتلاميذ في المنظومة. يظل تحقيق هذين الهدفين رهينا بتنويع العرض التربوي والرفع من جودته، في مدرسة متعددة الأساليب، مع تشجيع الأنشطة التربوية والثقافية والرياضية المندمجة، والعناية بالمتعلمين ذوي الحاجات الخاصة، وكذا بالتركيز على المعارف الأساسية )القراءة والكتابة والحساب(، عبر نهج مقاربة بيداغوجية تراعي حاجات وخصوصيات كل متعلم على حدة، وتعزيز الدعم التربوي، بوصفه أنجع بديل للتكرار.
• التدخل على مستوى التعليم الإعدادي: تمر دينامية هذه الحلقة الحاسمة من المنظومة، عبر توطيد دور المدرسة الإعدادية في ترسيخ المعارف والكفايات الأساسية، وتنمية استقلالية التلاميذ، في إطار إعدادهم لممارسة مواطنتهم، وتمكينهم من اكتشاف مهاراتهم الفردية. ويمكن تحقيق هذه الأهداف بتعزيز تأطير الإعداديات، والانخراط في برامج جريئة لتوسيعها وتجديدها، والرفع من نسبة تغطيتها بالوسط القروي، وإعادة الاعتبار لدبلوم التعليم الإعدادي.
• التدخل على مستوى التعليم الأولي: يمكن أن تنتظم المبادرات اللازم اتخاذها في هذا الشأن حول هدفين اثنين: إرساء مفهوم بيداغوجي جديد لتعليم أولي عصري، يراعي هويتنا الوطنية وخصوصياتنا الثقافية؛ وإنجاز مشاريع رائدة، يتم على أساسها اختبار هذا المفهوم الجديد، في اتجاه العمل على تعميمه تدريجيا إلى غاية 2015.

ب‌. جبهة استقلالية الجامعة والامتياز في التعليم ما بعد الإلزامي وفي التكوين المهني:

إن الثانويات التأهيلية، التي من المنتظر أن تستقبل أعدادا متزايدة من الشباب المغاربة، في حاجة إلى إعدادها لرفع حصتها من التحدي التربوي. وذلك، بإعطائها استقلالية أوسع، ومدها بوسائل عمل تخول لها الانخراط في برامج تربوية أكثر تنوعا. ومن شأن جودة وتنوع هذه المشاريع أن يعزز تطور الثانويات التأهيلية المغربية، في اتجاه البحث المستمر عن الابتكار والامتياز. ومن بين المبادرات الواعدة في هذا الشأن، إرساء ثانويات مرجعية، وإحداث شعب متخصصة في المهن أو الرياضة أو اللغات...
أما على مستوى التعليم العالي، فإن تطوير الجامعة يستدعي تعميق استقلاليتها من خلال ثلاثة مناح: أولها استثمار كل الإمكانات التي ينص عليها القانون رقم 00 - 01 ، والارتقاء بآليات الحكامة الجيدة، واستكشاف فضاءات جديدة للاستقلالية، في اتجاه جامعة أكثر إنتاجية، تكون في مستوى رهانات التنافسية الدولية، وذلك، بناء على مشاريع يتم تقويمها، في إطار علاقة تعاقدية مع الدولة.
في هذا الصدد، تنتظر الجامعة المغربية تحديات كبرى ترتبط بتطوير البحث العلمي والابتكار، بوصفهما قاطرة للنمو الاقتصادي والتنمية. وهو خيارضروري، وليس مجرد ترف فكري، وإن تعلق الأمر بمجتمع يعاني من نسبة عالية من الأمية، ومن ضعف جودة التعليم الأساسي. لذا، تظل تنمية البحث العلمي هدفا في متناول بلد كالمغرب؛ وذلك بالعمل على ثلاث واجهات أساسية:

• توسيع القاعدة العلمية للبلاد، من خلال تعبئة المزيد من الباحثين المغاربة، داخل الوطن وخارجه، بل وتعبئة الباحثين الأجانب أيضا، عبر محفزات علمية ومادية، حول مشاريع وطنية للبحث العلمي.
• مد القنوات والجسور مع المراكز العالمية للابتكار العلمي، ومواكبة حركية الكفاءات العلمية والتقنية عبر مختلف أرجاء العالم، بإبرام شراكات ذات قيمة مضافة عالية مع مراكز البحث الدولية، على أساس مبدأ الفائدة المتبادلة.
• توطيد أو إطلاق مبادرات موجهة للبحث والابتكار، تستهدف مجالات محددة وذات قيمة مضافة، بتعاون مع النسيج المقاولاتي، من قبيل البيوتكنولوجيا والنانوتكنولوجيا، والاقتصاد الرقمي، والطاقات المتجددة والصحة والبيئة...، وتسهيلها عن طريق آليات تشجيعية من قبيل: تدابير ضريبية ملائمة، عقود برامج، رأس مال اُخمطر، حاضنات للمقاولة داخل المؤسسات الجامعية...

ت‌. جبهة القضايا الأفقية:

يتعلق الأمر بالقضايا التي ما فتئت معالجتها تتأجل إلى اليوم. وهي قضايا من شأن إيجاد حلول ملائمة لها، أن يكون له أثر حاسم على جودة المنظومة، وتهم، أساسا:

• انخراط المدرسين وتثمين مهنتهم: وذلك بحفز المدرسين، وترسيخ مسؤوليتهم وتدقيق مهامهم في اتجاه مهننتها، باعتبارهم الفاعل الأساسي في إنجاح العملية التربوية. وتتمثل الإجراءات اللازم اتخاذها في هذا الشأن في بلورة تعاقد للثقة بين المدرس والمدرسة، بتقديم أجوبة جديدة لمشاكل الغياب غير المبرر والدروس الخصوصية المؤدى عنها، واستعمال القطاع الخاص لمدرسي القطاع العمومي.

• الحكامة القائمة على ترسيخ المسؤولية: إن اللاتمركز، وتوضيح المسؤوليات وتدقيقها، وتعميم ثقافة وآليات التقويم، تعد مقومات ضرورية لإرساء نظام لقيادة المنظومة، يقوم على ترسيخ المسؤوليات لدى الفاعلين فيها. ويتمثل الهدف في إعادة تنظيم المنظومة التربوية في إطار مؤسسات متوسطة الحجم، تسمح بالمعالجة الناجعة للمشاكل. وتتمثل الخطوة الأولى في الاتجاه نحو لاتمركز ترابي ووظيفي، يتيح تخويل الاستقلالية الإدارية والبيداغوجية للمؤسسات التعليمية، مع احتفاظ للإدارة المركزية بتدبير الجوانب الاستراتيجية المرتبطة بتوزيع الموارد، وتحديد التصورات المتعلقة بالمناهج والبرامج، والتنشيط، والتقويم، في حين تمنح للمؤسسات المزيد من الموارد، بإدارة تربوية ومجالس للمؤسسات أكثر نجاعة وفعالية.

أما الخطوة الثانية، فتتمثل في نهج لامركزية تهدف إلى إشراك أقوى وأوسع للجماعات المحلية في حياة المدرسة، من خلال شراكات مستدامة مبنية على مبدأ القرب؛ تضطلع بموجبها الجماعات المحلية بمسؤوليات جديدة على مستوى البنايات والتجهيزات والصيانة وأمن المؤسسات التعليمية. مما من شأنه أن يسمح للمدرسة بتركيز الاهتمام على مهامها التربوية والثقافية، وغيرها من الأنشطة المندمجة.

• التحكم في اللغات: يتعين على المنظومة نهج مقاربة جديدة للرفع من كفايات إتقان المتعلمين للغة الوطنية وللغتين أجنبيتين، على الأقل. في هذا الصدد، تقتضي تقوية اللغة العربية، في المقام الأول، بذل مجهود خاص يتجه نحو تحديث طرق تدريسها وتطوير آليات معيارية لتقويم مستوى التحكم فيها بانتظام؛ وكذا تركيز الجهود على إعداد مخطط موجِّه للتحكم في اللغات الأجنبية، يُعنَى بتجديد تقنيات تدريسها وإتقان الكفايات التواصلية؛ الكتابية والتعبيرية، واعتماد برامج لتعميق تكوين المدرسين في اللغات، وتقوية الدعم التربوي في هذا الشأن. كما يتعين تمكين أكبر عدد من التلاميذ من تعلم الأمازيغية، التي تعد تراثا مشتركا لجميع المغاربة، وبلورة إطار عمل وطني واضح يحدد وضعها في المنظومة التربوية.

• التوجيه التربوي وإعادة التوازن بين المسالك: من أجل ملاءمة أفضل للمدرسة وحاجات المحيط الاقتصادي، يتعين مراجعة وظيفة التوجيه داخل المنظومة، وإعادة التوازن بين المسالك وتحديد الكفايات الواجب اكتسابها من قبل المتعلمين، في السلكين الثانوي والعالي. فعلى مستوى المسالك، يتعلق الأمر بعكس مجرى تدفقات نظام التوجيه، في اتجاه الرفع من نسب التوجيه نحو المسالك العلمية والتقنية. وبالنسبة للكفايات، فيتعين التركيز على إكساب المتعلمين مهارات النقد والمبادرة والحركية الثقافية والاقتصادية، ولا سيما عبر تشجيع التدريب بالوسط المهني والجمعوي. ومن أجل ذلك، يمكن أن ينطلق العمل بمجهود استكشافي، على المستوى الجهوي، لمهن وحرف المستقبل، وبمباشرة عملية التوجيه ابتداء من السنة الثانية من الإعدادي، فضلا عن تقوية هذا النظام برفع عدد مستشاري التوجيه، وبتفعيل الشبكات المحلية للتربية والتكوين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي