الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


«الشريعة».. أزمة مجتمع أم أزمة إسلاميين؟

هانى جرجس عياد

2012 / 8 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


«لا يمكن لعاقل أن يلغى الدين من حياة المصريين، وهم أقدم من شيدوا المعابد، وﻻ يصح أبداً لـديمقراطى أن يعترض على حق الأغلبية فى تطبيق الشريعة الإسلامية» هكذا تفضل علينا الدكتور عصام عريان، لا فض فوه.
والدكتور عصام العريان، لمن لا يعرف، ولا أظن أن هناك من لا يعرف، هو «مناضل» إخوانى حتى النخاع، وهو القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة الذى أسسته الجماعة الخارجة على القانون وقالت عنه إنه ذراعها السياسى، وهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى البرلمان السابق، وبرلمانى مخضرم سبق له أن شغل عضوية البرلمان عدة مرات فى زمن تزوير الانتخابات وتفاهمات الإخوان مع أمن لدولة.
وعندما يقول من هو فى مكانة عصام العريان وخبرته إن هناك من يحاول «إلغاء الدين من حياة المصريين» علينا أن نتساءل هل يعتقد الرجل صادقا أن هناك من يفكر –مجرد تفكير- فى مثل هذه الفكرة المجنونة، التى لا تثير حتى الضحك بل الشفقة على صاحبها؟ هل حقا يصدق العريان ذلك؟ أم أنه يتعمد التضليل والتشويه؟
إلغاء الدين من حياة الناس يعنى ببساطة هدم دور العبادة ومصادرة وإحراق الكتب الدينية، سواء النصوص السماوية أو كتب الفقه والتفسير واللاهوت، ونشر المخبرين السريين فى زوايا وأركان المحروسة لإلقاء القبض على كل من تسول له نفسه ارتكاب «جريمة الصلاة»، فهل سمع الدكتور عصام العريان أن هناك من يحاول أن يفعل هذا؟ وهل هذا الجنون –على افتراض أن هناك من يفكر بجنون- يستدعى كل هذا الاهتمام من عصام العريان؟ أم أن الرجل يحاول (محاولة تفتقد العقل أيضا) الخلط بين فصل الدين عن المجتمع (وهو جنون) وفصل الدين عن السياسة وعن الدولة؟
وإذا كان من حق العريان وجماعته أن يرفضوا فصل الدين عن السياسة وعن الدولة، فالمؤكد أنه ليس من حقهم تضليل الناس، والبسطاء منهم خاصة، بأن ذلك يعنى «إلغاء الدين من حياة المصريين»، لأنهم بذلك ينتقلون من الدعوة لموقف سياسى/دينى، إلى ارتكاب جريمة التضليل والتزوير عن سابق علم وتعمد.
ويواصل الطبيب الإخوانى حتى النخاع إبداعاته العقلية فيقول إنه «ﻻ يصح أبداً لـديمقراطى أن يعترض على حق الأغلبية فى تطبيق الشريعة الإسلامية» فماذا يفعل «الديمقراطى» إذن؟
من حيث الشكل يقدم لنا الدكتور الإخوانى مفهوما جديدا لوذعيا لمعنى الديمقراطية، فالديمقراطى عنده لا يحق له الاعتراض على ما تريده الأغلبية، وتتحول الديمقراطية –بالتالى- عند المناضل الإخوانى إلى إجماع.
يعرف الدكتور العريان جيدا أنه إذا كان من حق الأغلبية أن تطبق برنامجها، فمن حق الأقلية أن تعارض هذا البرنامج، وتنتقده و«تطلع فيه القطط الفاطسة»، دون أن يكون من حق الأغلبية أن تتنطع وتعلم الأقلية دروسا فى النقد البناء، وما الذى يجب نقده وما الذى يتعين تأييده، المعارضة حق مطلق للأقلية لا يجوز للأغلبية أن تدس أنفها فيه، يعرف الدكتور ذلك لكنه يتجاوز حتى حدود التنطع فى تلقين الدروس، وصولا إلى سلب حق الأقلية فى المعارضة بصورة نهائية، ليصبح الديمقراطى عند صديقنا الإخوانى هو من لا يعترض، أى من يهلل ويزمر وينافق، ليتحول المجتمع بأكمله إلى مفهوم «البيعة» و«السمع والطاعة»، تحت اسم الديمقراطية التى لا يحق فيها الاعتراض على ما تريده الأغلبية.
ومن حيث المضمون يخلط المناضل الإخوانى عن عمد وإصرار بين الدستور وبرنامج الأغلبية، ليصبح الاثنان شيئا واحدا، وبما يضعنا أمام نموذج نموذجى من الكذب والتضليل لا يليق بأخلاق المسلمين والإسلام، لكنه جزء أساسى من أخلاق جماعة تتحدى القانون وتدوسه بأقدامها.
يعرف الدكتور العريان، لكنه يتعمد التضليل، أنه من حق الأغلبية أن تطبق برنامجها، وأن البرامج تتغير مع تغير الأغلبية فى الانتخابات، لكن الدستور ليس برنامجا انتخابيا، ولا يتغير مع كل انتخابات تأتى بأغلبية مختلفة، وهو يسعى –عبر هذا التضليل- لفرض «تطبيق الشريعة» فى الدستور، بينما مكانها الأصلى، إن كنا نتحدث عن أغلبية وأقلية، فى برنامج نهضة الشاطر.
ثم أن الدكتور الذى يخلط، عن سابق إصرار وتضليل، بين البرنامج الحزبى والدستور، والمتحمس لتطبيق الشريعة لا يقول لنا ما هى هذه الشريعة التى يريد تطبيقها، وأنا هنا أتمنى عليه أن يجيب لنا باختصار على بعض الأسئلة:
* هل جلد المرأة التى تلبس بنطلونا ومنع النساء من قيادة السيارة، هو من الشريعة؟ وما هو رأيك فى ذلك؟
* ما هى رؤية الشريعة التى تريد تطبيقها لأزمة العلاج والصحة؟ هل توافق الشريعة على المستشفيات الاستثمارية ذات النجوم الخمس؟ وكيف ستحل الشريعة أزمة المستشفيات الحكومية التى هى «داخلها مفقود وخارجها مولود، إن خرج»؟
* كيف يمكن أن تضمن لنا الشريعة التى تريد تطبيقها حل مشكلة الدروس الخصوصية؟ وكيف لها أن تنهض بالتعليم المنهار؟ والبحث العلمى الذى لم يعد له وجود فى مصر المحروسة؟
* هل تقدم الشريعة حلولا للمشكلة الزراعية ومأساة استيراد معظم غذائنا من الخارج؟
* ما هو موقف الشريعة من التماثيل والآثار الفرعونية؟ هل يجب هدمها؟ وكتب نجيب محفوظ؟ هل يجب حرقها؟
* كيف ستحل الشريعة مأساة أطفال الشوارع الذين يبيتون تحت الكبارى، وكارثة الأسر التى تتكدس معا فى شقة واحدة؟
* ما هو موقف الشريعة من الأضرحة والموالد؟
* ما هو موقف الشريعة من مصادرة الآراء، ومنع نشر المقالات التى تنتقد الإخوان؟ والاعتداءات الهمجية على كتاب وصحفيين وإعلاميين؟
أزمة عصام العريان، وكل التيارات الإسلامية، أنهم يحدثوننا عن شيء مجهول اسمه الشريعة، هم لا يعرفون ما هى الشريعة، ولا يتفقون على مضمون واحد لها، كل فريق منهم يقدم لنا شريعة مختلفة عن تلك التى تقدمها لنا الفرق الأخرى، فالدكتور العريان نفسه فى نظر عبد المنعم الشحات يرفض تطبيق الشريعة لأنه لم يعلن صراحة موافقته على حرق كتب نجيب محفوظ وهدم التماثيل، لكنهم يحاولون –مجتمعين- تصدير أزمتهم للناس والمجتمع، بالادعاء كذبا أن هناك من يحاول إلغاء الدين من حياة المصريين.
حلوا أولا أزمتكم، واتفقوا على ما هى الشريعة التى تريدون تطبيقها، هذا أجدى لكم من المخاتلة والتضليل والخداع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وقفوا ازعاج العالم برسائلكم البريدية
عاصم كامل ( 2012 / 8 / 21 - 20:14 )
الى العاملين على السايد الحوار المتمدن. منو اعطاكم الحق حتى تغرقون البريد ياهو . ايميلات يعني اتورطنا وشاركنا مرة في التعليق على موضوع وها انتم تمطرون بريددي الياهو برسائل ما لها معنى. ومن دون الاذن ماعندكم الحق.اذا ماتوقفوا بالازعاج فهاي تضر بسمعتكم


2 - تشَيلْنى وأشَيِللك
‎هانى شاكر ( 2012 / 8 / 22 - 03:29 )

ياعم عاصم أهدا بالله ..

كلملنا حد يحوش عنا ألشريعة .. وأنا أكلم لك ياهو ( yahoo ) ينضف لك ألبريد تبعاتك ياأحلى زلمة ..

شكراً ياعم هانى على كتاباتك وحبك للوطن

...


3 - الديمقراطية ليست صندوق اقتراع
جبين عاري بلا أسماء ( 2012 / 8 / 22 - 18:00 )
يا سيدي الخطاب الاسلامي بجميع أطيافه لا يعيش ويتنفس إلا في أجواء التأزيم والتشنج والتوتر والعداء.. الآخر الذي لا يشاركهم فكرهم ورؤيتهم بالنسبة إليه هو عدو يريد القضاء عليهم.. هم أصلا غير متصالحين مع أنفسهم فكيف يتصالحوا مع الآخر.. و حتى لو لم يكن لديهم عدو لاختلقوا لهم واحدا

شخصيا.. أنا لا أعتقد بأنه يمكن الجمع بين قيم الاسلام وقيم الديمقراطية.. ديمقراطية بلا حريات كاملة هي دكتاتورية الأغلبية.. هؤلاء المتخلفون يحصرون قيم الديمقراطية في صندوق اقتراع 

دمت بخير


4 - ارجو المعذرة
عاصم كامل ( 2012 / 8 / 23 - 21:16 )
اقدم اعتذاري للسايت على التعليق الذي ارسلته لكم والمنشور اعلاه. ولم اقصد الاهانة ولكم مني فائق الاحترام والتقدير. ودمتم ذخرا لكل الشرفاء والاحرار

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah