الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


... ومازال الإخوانى عصام العريان يتجلى!!

هانى جرجس عياد

2012 / 8 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يبدو أن موسم النشاط الفكرى للدكتور عصام العريان قد بدأ.
قبل ساعات قليلة انتهى الرجل من إطلاق ما كنا نعتقد أنه أخر إبداعاته وابتكاراته عن الذين يريدون إلغاء الدين من حياة المصريين، وعن ديمقراطية السمع والطاعة التى يريد أن يفرضها على المجتمع، لكن الرجل فاجأنا بما لديه من جديد، مؤكدا صحة المثل القائل «ياما فى الجراب يا حاوى»، وربما الأصح الآن أن نقول ياما فى الجراب يا عصام.
جديد الدكتور عصام العريان الإخوانى حتى النخاع يتعلق هذه المرة باليسار المصرى.
يقول المناضل الإخوانى العتيق «النفوذ اﻷجنبي والتمويل الخارجى والهاجس اﻷمنى والتشرذم والتفتت وإهمال دور الدين بل احتقاره والنخبوية والتعالى على الشعب أبرز أسباب فشل اليسار»، والواقع أنه كان من الممكن أن نأخذ الكلام عن التشرذم والتفتت على محمل الجد، وهى أسباب حقيقية بالفعل، لكن العريان لا يدع لأحد فرصة للتعامل مع كلامه بجدية، حيث يرفق التشرذم والتفتت مع «النفوذ الأجنبى واحتقار الدين..الخ»، لنجد أنفسنا بصدد اتهامات أمنية وليس محاولة جادة ومسئولة لدراسة أسباب ضعف اليسار (وهى محاولة يبدو أنها أكبر من قدرات الدكتور العريان).
هكذا –إذن- يتحفنا التلميذ النجيب لحسن البنا بإعادة إنتاج خطاب أمن الدولة فى «نقد؟» اليسار، وهو شيء طبيعى جدا، على الأقل بحكم العدوى، لمن اعتادوا عقد «الصفقات» مع أقذر وأحط الأجهزة الأمنية فى زمن مبارك (وقد أسماها عصام العريان نفسه «تفاهمات»)، أما غير الطبيعى فهو –أولا- أن يبدو مفكرنا العبقرى عاجزا عن تطوير «خطاب المخبرين» فيردده كما هو، رغم أن تهمتى «النفوذ الأجنبى» و«التمويل الخارجى» أصبحتا تثيران السخرية منذ سقوط الاتحاد السوفييتى والمنظومة الاشتراكية، أى قبل أكثر من عشرين سنة (إلا إذا كان العريان يقصد أن طوال العمر فى الخليج يمولون الشيوعيين والناصريين!!). كان الاتهام الجاهز دائما لأى يسارى أنه يتقاضى أموالا من موسكو، دون أية أدلة أو مستندات، وبقى ذات الاتهام حتى بعدما انتهى «زمن موسكو»، وهو شيء مفهوم وطبيعى بالنسبة لمخبر لا تتجاوز قدراته حدود إعادة تكرار اتهامات مكتوبة وجاهزة من سنين، أما أن يكشف لنا الدكتور عصام العريان أنه عاجز عن التجديد، وأن قدراته الذهنية لا تتجاوز قدرات مخبر فهذا هو غير الطبيعى.
ويا دكتور عصام، عندما رحل القديس أحمد نبيل الهلالى عن عالمنا، عام 2006، هتف مشيعوه فى قلب ميدان التحرير، أثناء خروج النعش من مسجد عمر مكرم، «الهلالى ده يبقى مين.. يبقى زعيم الشيوعيين»، وكان مرشدكم السابق مهدى عاكف الذى شارك فى التشييع شاهدا، وزعيم الشيوعيين هذا هو المحامى الذى كان حاضرا فى جميع قضايا الإخوان المسلمين، وهو من حمل لواء الدفاع عن حقكم فى تنظيم شرعى (بدلا من الصفقة مع عمر سليمان أيام الثورة)، وهو من رفع صوته عاليا ضد المحاكمات العسكرية لأعضاء جماعتكم، فهل تلقى «زعيم الشيوعيين» تمويلا أجنبيا للدفاع عنكم؟.
ثم أن ما ذهب إليه الدكتور الإخوانى عصام العريان، يبدو غريبا –ثانيا- لأنه نسى، أو بالأحرى تناسى بعض أهم أسباب ضعف اليسار، ومنها أنه هو شخصيا، عندما كان طالبا فى كلية الطب، كان مسئولا عن المجموعة الإخوانية المكلفة بمواجهة الطلاب اليساريين، بمختلف فصائلهم، وكانت المواجهة تتمثل فى تمزيق وإزالة كل شعاراتهم ومجلات الحائط التى تخصهم، ثم افتعال المشاجرات معهم، وكان الطالب عصام العريان يفعل ذلك بيديه.
كانت المواجهة الفكرية، ومقارعة الحجة بالحجة والرأى بالرأى، عملية صعبة وخارج القدرات الذهنية والفكرية لطلبة الإخوان، وبينهم الطالب عصام العريان، فلم يكن أمامهم سوى منطق القوة وأسلوب العنف وطريق الإرهاب. والحق يقال فقد أدى الطلبة الإخوان، أينما وجدوا فى كل جامعات مصر، وليس فقط فى كلية الطب القصر العينى، عملهم على أكمل وجه بإشراف ورعاية وحماية أجهزة أمن الرئيس المؤمن أنور السادات.
ومن بين أسباب ضعف اليسار التى تناساها المناضل الإخوانى، أن الرئيس المؤمن، عندما أطلق سراح الإخوان من السجون وأعاد الهاربين منهم من منفاهم فى شبه الجزيرة العربية العربية، أشرف بنفسه على توزيع السنج والمطاوى على الإخوان، ليتولوا التعامل مع الناصريين والشيوعيين، ويريحوه من صداع مزمن اسمه الناصرية والشيوعية.
كان الرئيس المؤمن يعرف الإمكانيات الفكرية للإخوان، كما كان يعرف أيضا قدراتهم الدموية، وهو شاهد عيان على تاريخهم، وقد أجاد استخدامهم، وأجادوا هم أداء الدور، بشهادة وقائع ما جرى فى أسيوط فى مطلع سبعينيات القرن الماضى، تحت إشراف محافظها آنئذ محمد عثمان.
الحرب التى خاضاها الإخوان، يا أيها المناضل الإخوانى، ضد اليسار، فى سبعينيات القرن الماضى، بإشراف رئيس الدولة وحماية أجهزة أمنه، كانت واحدة من أهم أسباب ضعف اليسار، فهل نسيت؟ التاريخ لا ينسى، والذين كانوا معك فى الجامعة مازال الكثير منهم على قيد الحياة ومازالوا شهودا. ولا يصح لمن ساهم فى هذا الدور القذر أن يعطى أحدا دروسا، كما لا يليق بمن هو قائم بأعمال رئيس حزب (حتى ولو كان حزب الحرية والعدالة) أن يهبط إلى مستوى مخبر متخلف فى ترديد الاتهامات.
ويضيف عصام العريان فى موسم نشاطه الفكرى «إن القيم الإنسانية كالحرية والعدل والمساواة والكرامة الإنسانية جاءت بها الشرائع السماوية، وأن المذاهب الوضعية تجارب بشرية وتطور تاريخى للشعوب ﻻيمكن نقلها» ليكشف لنا فى جملة قصيرة عن مستويين متداخلين من قدراته الفكرية والذهنية، المستوى الأول هو تردى معلوماته إلى الحضيض وما هو أقل، فالبشرية عرفت القيم الإنسانية، من عدل وحرية ومساواة وغيرهم، قبل أن تظهر الأديان السماوية بمئات السنين، ومن سوء الطالع أن عصام العريان صاحب الخبرات العميقة فى تمزيق مجلات الحائط الخاصة باليساريين، لم يسمع من قبل عن أرسطو وسقراط، وعندما جاءت الأديان السماوية لتؤكد على هذه القيم فإنها أضفت عليها درجة من القدسية. أما المستوى الثانى فى قدرات صديقنا المناضل الإخوانى العتيد فهو قدراته اللامحدودة فى ممارسة التضليل والخداع، حيث يقول «... وأن المذاهب الوضعية تجارب بشرية وتطور تاريخى للشعوب ﻻيمكن نقلها»، والمؤكد عندى أن الدكتور العريان يعرف تماما أن الرأسمالية والديمقراطية والليبرالية والنظام البرلمانى والنظام الرئاسى...الخ.. هى من «المذاهب الوضعية» التى هى «تجارب بشرية وتطور تاريخى للشعوب» وكان من الممكن دائما نقلها حتى عمت أرجاء العالم، بينما الدكتور الإخوانى يدعى كذبا وتضليلا أنه لا يمكن نقلها.
يوجه الطبيب الإخوانى سهامه الخائبة إلى الاشتراكية تحديدا بين كل المذاهب الوضعية، لكنه لا يستطيع أن يقول لنا لماذا كان ممكنا نقل الرأسمالية التى تقوم على استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، ولا يمكن نقل الاشتراكية التى تقوم على المساواة والكفاية والعدل؟ ولأنه حاول الهروب من هذا المأزق، فكان أن سقط فى مستنقع الكذب والتضليل (بحكم العادة) مدعيا «أن المذاهب الوضعية تجارب بشرية وتطور تاريخى للشعوب ﻻيمكن نقلها».
ويا أيها الطبيب الإخوانى المناضل، حاول أن تهدأ قليلا، فلقد أصبت حزبك وجماعتك بالخجل فاعتبروا أن كلامك يعبر عنك وحدك.
ويا أيها الجماعة الخارجة على القانون وذراعها السياسى أضبطوا أنفسكم قليلا، فقد كان صبحى صالح صاحب نوادر فلوطية مثيرة للسخرية، بينما عصام العريان يثير الشفقة، عليكم أولا ثم عليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
احمد صالح سلوم ( 2012 / 8 / 23 - 07:59 )
تحليل منطقي ضد همج الارهاب الفكري والمالي والخياني الاخوانجي وعلى رأسهم الجاهل كما كل اخوانجي وسلفي عصام العريان..


2 - اخطاء الاخوان واخطاء اليسار 1
هاني عبد العليم ( 2012 / 8 / 23 - 15:28 )
الخطا لايبرر الخطا -وعندما يوجه رئيس الحزب التابع للاخوان نقدا لليسار
فلايجب معايرته بانه كان كذا او كذا فعلي الرغم من صحه مااوردته بخصوص
الادوار التاريخيه للاخوان وللعريان فلايجب ان تنصرف عن مضمون النقد نفسه
لان اغلبه صحيح للاسف وان كان لاينسحب علي جميع اليساريين بطبيعه الحال
التشرزم لايختلف عليه احد والنخبويه لايختلف عليها احد اما النفوذ الاجنبي
فلا خلاف علي ان اليسار الستاليني كان له علاقات نفعيه بالحزب الشيوعي السوفيتي
ولااعتقد ان الاستاذ هاني يجهل ان بعض الشيوعيين كان يرسلون ابنائهم في بعثات
دراسيه للاتحاد السوفيتي علي حساب الشعب السوفيتي المسكين والادهي من ذلك كام بعضهم يستمتع بالسياحه في البحر الاسود وفارنا علي حساب الشعوب المسكينه
في روسيا وشرق اوربا واحيلك للحوار الذي اجرته مجله الاهرام العربي مع القيادي
الشيوعى ابراهيم بدراوي عام2002 وفجر فيه الرجل فضيحه استيلاء بعض الشيوعيين المعروفين علي اموال من الاموال التي كانت تحصل عليها الاحزاب
الشيوعيه ومنها الحزب المصري(وبعضهم مازال بقياده حزب التجمع واداره جريده
الاهالي)-يتبع


3 - اخطاء اليسار واخطاء الاخوان 2
هاني عبد العليم ( 2012 / 8 / 23 - 15:45 )
ماذا تقول ايضا عندما يجعل الحزب اليساري الرسمي الوحيد خده مداسا لنظام مبارك
ومورد انفار للمهازل الانتخابيه علي مدي عشرين عام مع العلم ان هذا الحزب
تسيطر عليه مجموعه تتبع الحزب الشيوعي ايضا-وهذه المجموعه هي التي ايدت
الاحتلال السوفيتى لافغانستان
وهي نفسها التي سخرت جريده الحزب للسخريه من المحجبات وبطريقه غايه في الفجاجه والغباء وذلك خلال الثمانينيات
اما عن التنظيمات السريه فعليك بالرجوع لكتاب (المبتسرون) للمرحومه اروي صالح التي اصابها الاكتئاب جراء الواقع المزري الذي لامسته بنفسها داخلها
وكل ما عرضته الان غير خاف علي اي متابع وله شهود من داخل اليسار نفسه
لماذا ندفن الرؤوس في الرمال-حتي لو كان العريان شيطانا رجيما فالنقد الذي وجهه
لليسار غير بعيد عن الحقيقه


4 - مراجعات
حائر ( 2012 / 8 / 23 - 18:13 )
ليس من العيب بل من الضروري اجراء مراجعات جادة لمواطن ضعف اليسار العربي،واعادة بناء يسار متجدد لمواجهة الدمويين السابقين واللاحقين.


5 - إلى الأستاذين هانى عبد العليم و«حائر»
هانى عياد - الكاتب ( 2012 / 8 / 23 - 22:13 )
من قال إن اليسار فوق مستوى النقد، ومن قال إنه لا يحتاج إلى دراسة جادة وموضوعية لأسباب تراجعه؟ لقد قلت فى بداية حديثى إنه كان من الممكن أن نتعامل مع ما قاله العريان، وخاصة عن التففت والتشرذم بجدية لعمل مثل هذه الدراسة لكن الرجل لم يتح لنا هذه الفرصة وسرعن ما تحول النقد إلى اتهامات أمنية مثل«احتقار الدين والتمويل والنفوذ الأجنبيين، والتعالى...الخ، وبالتالى تعاملنا مع ما قاله بالمستوى الذى يليق به. وأظن أن كلام الأستاذ هانى عن المنح الدراسية يراوح حول ذات المستوى، لقد كانت مصر فى الستينيات تعطى مئات المنح الدراسية لطلاب من مختلف أنحاء العالم، وخاصة إفريقيا، ومازال الأزهر يقدم عشرات المنح الدراسية لطلاب مسلمين من أربعة أرجاء المعمورة، ولم يقل أحد إن مصر الستينيات والأزهر حتى الآن يعطى تمويلا أجنبيا لأحد أو أن أى منهما يمارس نفوذا أجنبيا فى هذه الدولة أو تلك
ليس هكذا تورد الإبل، تراجع وفشل اليسار يحتاج لدراسة جادة وعميقة وليس بإطلاق اتهامات عشوائية، وفى كل الأحوال لم يكن ما قاله عصام العريان مناسبا لبدء مثل هذه الدراسة


6 - اليسار والمنح وايضا اليسار والسادات
هاني عبد العليم ( 2012 / 8 / 24 - 07:19 )
كانت المنح التي اشرت اليها تعطي حسب الانتماء السياسى او بتوصيه من بعض الشيوعيين اصحاب العلاقه ببعض الدوائر في الا تحاد السوفيتي وذلك لمعارفهم واصدقاثهم وابنائهم وابناء اصدقائهم ولوكانت هناك معايير موضوعيه للمنح لما كانت هناك مشكله
وعلي جانب اخر ايضا لاتنس ياستاذ هاني ان السادات ابان سنوات حكمه الاولي
وعندما كان يمارس تخريبا منظما للسياسه والاقتصاد والمجتمع كان اثنان من القيادات التاريخيه لليسار يحتلان موقعان وزاريان هامان في حكومات السادات
بل ان الاقتصادي الماركسي العتيد ظل وزيرا للتخطيط حتي منتصف السبعينات
اي بعد تطبيق سياسه الانفتاح الاقتصادي الفوضوي
ليس الاخوان فقط هم من تواطئ مع السادات ولكن بعض اليسار ايضا
ولماذا نذهب بعيدا والاقتصادي اليساري المعروف ظل وزيرا للتضامن الاجتماعي خلال عام ونصف من حكم العسكر ولم يجد ما يدفعه لتقديم استقالته بعد المذابح التي
حدثت في ماسبيرو ومحمد محمود والعباسيه ولم يمنعه الحياء من التصريح بانه
اعطى صوته لشفيق
طبعا ممكن الرد بانها حالات فرديه ولاتعبر عن موقف عام ولكن حتي الموقف العام
غير قائم بسبب التفتت الشديد وهذه مشكله اخري

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah