الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنوير

محمد عبدالحكيم

2012 / 8 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم أجد كلاماً يقال عن التنوير أفضل من مقاله منشوره لكانط عام 1784 بعنوان جواب عن سؤال : ما التنوير ؟ . و هذا جزء مترجم للمقاله نشره الفيلسوف مراد وهبه في كتابه الأصوليه و العلمانيه :

{ إن التنوير هجرة الإنسان للارشد ، و اللارشد هو علة هذه الهجره . و اللارشد يعني عجز الإنسان عن الإفاده من عقله من غير معونة الآخرين . كم أن اللارشد سببه الإنسان ذاته هذا إذا لم يكن سببه نقصاً في العقل ، و إنما نقصاً في التصميم و الجرأه في إعمال العقل من غير معونة الآخرين . كُن جريئاً في إعمال عقلك . هذا هو شعار التنوير . فالكسل و الجبن هما السببان في بقاء معظم البشر في حالة اللارشد طوال حياتهم ، مع أن الطبيعه قد حررتهم من الإعتماد على الآخرين . بل هما السببان في تسهيل الأمر للآخرين . إنه يطيب لنا أن نكون من غير الراشدين ، بل يطيب لنا أن يكون الكتاب بديلاً عن عقلي ، و الكاهن بديلاً عن وعي ، و الطبيب مرشداً لما ينبغي تناوله من طعام . و ليس ثمة مبرر للتفكير إذا كان في مقدوري شراؤه ، فالآخر كفيل بتوفير جهدي . إن الغالبيه العظمى من البشر ( و من بينهم الجنس اللطيف برمته) تدرك أن الطريق إلى الرشد ليس فقط وعراً بل محفوفاً بالمخاطر . و لهذا السبب فإن هؤلاء الأوصياء قد تكفلوا برعايتهم رعايه جمه ، و حذروهم من الإعتماد على أنفسهم ، و ذلك بعد إحالتهم لأغبياء ، و منعوا هذه الكائنات المسالمه من ترك المشايات التي إعتادوا إستخدامها . و مع ذلك فالخطر ليس دائماً . فهم سرعان ما يقعون على الأرض و يتعلمون كيف يمشون . و لكن إذا ما حدث ذلك مرة واحده فإنه كفيل بإدخال الفزع و تثبيط الهمه من إعادة المحاوله و من ثم فإنه من العسير على الإنسان العثور على مخرج من اللارشد الذي يتحول إلى نوع من الغريزه الطبيعيه ، بل يصبح اللارشد محبباً إلى الإنسان . و من ثم يكون الإنسان غير مؤهل لإعمال عقله ، لأنه محروم من محاولة إعماله . فثمة قواعد و صيغ معينه ، و أدوات آليه للممارسه السيئه لمواهب الإنسان الطبيعيه ، و هي حجر الزاويه لهذا اللارشد الدائم إلا أنه يقفز قفزه ، لا تخلو من المخاطر ، فوق فجوه ضئيله ، لأنه لم يتدرب على مثل هذه الحركه الحره . و لهذا فثمة نفر من البشر كان قادراً على تحرير ذاته من اللارشد و على السير قدماً بخطى ثابته و ذلك بمجهود ذاتي .
إن التنوير ليس في حاجه إلى الحريه ، و أفضل الحريات خلواً من الضرر هي تلك التي تسمح بالاستخدام العام لعقل الإنسان في جميع القضايا.
و هنا قد أسمع أصواتاً تنادي قائله : لا تفكر . يقول الضابط : لا تفكر بل تدرب . و يقول الممول : لا تفكر بل إدفع . و يقول الكاهن : لا تفكر بل قل آمين . و لكن ثمة سيد واحد في العالم ينادي قائلاً : فكر كما تشاء و فيما تشاء ، و لكن أطع ! و معنى ذلك أن الحريه مقيده . و لكن ما القيد الذي يعرقل التنوير ؟ بل ما الذي لا يقيد التنوير ؟ جوابي على هذا النحو الآتي :
حرية الإستخدام العام للعقل . و هذه الحريه هي التي تنير البشر . أما الإستخدام الخاص فقد يكون مقيداً ، و لكنه لن يكون مانعا من تقدم التنوير ، و أعني بالإستخدام العام للعقل إستخدام الأديب لعقله بالنسبه إلى القراء جميعاً . و أعني بالإستخدام الخاص إستخدام الإنسان لعقله في وظيفته المدنيه . }

من كلام كانط نستطيع أن نستنتج أن التنوير يهدف لتحرير العقل من أي سلطان إلا سلطان العقل ، و يدعو لإعمال العقل حتى في ظل وجود نص ، حتى لو كان نصاً دينياً .
بالتنوير إستطاعت أوروبا الخروج من عصر الظلمات .. بالتنوير قامت الثوره الصناعيه . و التنوير هو ثمره من ثمار العلمانيه ، و الطبيعي من يرفض التنوير أن يرفض العلمانيه لأن التنوير هو أحد أوجه العلمانيه ، و الشعوب التي تترنح من سكرات أمراض التخلف تكون مثل المريض الذي وصل به الحال من شدة المرض أن يرتعب من منظر الطبيب ، و الطبيب هنا التنوير ، لكن في نهاية المطاف لن يتحمل المريض الألم و سيستسلم للطبيب ، لذلك التنوير هو أمر حتمي لا مفر منه .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah