الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة الدين

داود روفائيل خشبة

2012 / 8 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يواجهنا الدين بمشكلة كبرى. وفى اعتقادى أن أصدقائى من اللادينيين والملحدين لا يقدّرون أبعاد المشكلة حق التقدير. لقد كان الدين عبر تاريخ الإنسان قوة عظيمة الأثر فى الجماعات البشرية. وإن صح أن ما ألحقه الدين بالبشر من بلاء يتجاوز ما أسداه من خير، فإن النظرة الموضوعية لا يمكن إلا أن تعترف يأنه فى مراحل كثيرة من تاريخ البشر كانت للدين وظيفة حيوية إيجابية، وأن الدين لا تزال له هذه الوظيفة الحيوية الإيجابية فى قطاعات عريضة جدا من جموع الجنس البشرى.
يمثل الدين بالنسبة للغالبية العظمى من البشر ركيزة أساسية لحياتهم تضفى عليها معنى وقيمة. وقبل أن يَهُبّ القارئ فى وجهى غاضبا أذكـّره بأنى أكتب من منطلق مناوئ للدين، وأنّ لى أن أستعير كلمات مارك أنطونى فى مسرحية يوليوس قيصر لـ شكسپير فأقول: ما جئت لأمدح قيصر بل لأدفنه. لكن الغالبية العظمى من البشر عامة ومن شعبنا خاصة تؤمن بالدين إيمانا قويا راسخا، ومحاولة محاربة الدين بكشف ما فيه من لاعقلانية وما جرّه على البشرية من ويلات لن تكون نتيجتها إلا أن تفقد القوى العقلانية والتحررية كل فرصة للتأثير على جموع البسطاء من الناس. وحتى فى الغرب الذى انتشر فيه التفكير العلمى وقطعت فيه العقلانية شوطا طيبا فإن شطط مجموعة تيار ما سُمِّى بالإلحاد الجديد لم يأت إلا بنتيجة عكسية، ومع أن مؤلفات هذه المجموعة لاقت رواجا عظيما أكسب كتابها مكسبا ماديا طائلا، إلا أننا لو سألنا: مَن يا ترى قرأ هذه الكتب ومَن تحمّس لها لوجدنا أنهم من كانوا مقتنعين بدعواها من قبل، أما المتدينبن فلم تزدهم إلا تشبّثا بدينهم.
إننا كى نحارب سيطرة الدين، خاصة فى أسوأ صوره، على عقول الجماهير، نحتاج وسائل أهدأ وأبعد مرمى. هذا عمل التثقيف والتنوير عن طريق التعليم والتربية ونشر العلوم والأدب الجاد والفن الرفيع. ولكن ليس هذا مقصدى الآن. إننا الآن نواجه خطرا داهما، فالإسلاميون، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون، يُحكمون قبضتهم على البلاد العربية وعلى مصر على وجه الخصوص. هذا الخطر الداهم يتحتم على كل مثقف، كل عقلانى، كل وطنى مخلص، أن يحاربه بكل ما أوتى من قوة.
إنهم يسلبون عقول الجماهير بأكاذيب وضلالات، ويستغلون إيمان بسطاء الناس. هؤلاء لا يصلح فى حربهم أن نـُظهر ما فى عقيدتهم من مساوئ وتناقضات. ليست غايتنا أن ندخل فى حوار عقلانى معهم، إنما غايتنا ألا نمكنهم من السيطرة على جماهير الشعب وأن نكسب هذه الجماهير إلى جانبنا، ولكى نحقق هذا علينا أن نحارب الإسلاميين لا فى عقيدتهم وإنما فى أطماعهم السياسية. إنهم يسعون للسلطة والقوة والمال. ربما تكون منهم قِلـّة يدفعها هوس عقائدى، لكن قادتهم، كل قادتهم، منافقون هدفهم وغايتهم السلطة والقوة والمال، وهذا ما يجب أن نصل به إلى وعى الجماهير.
إن مما يخدم غرض الإسلاميين أن ينزلق العلمانيون والتحرريون والوطنيون إلى مجابهتهم فى معركة يملكون هم مفاتيخها ويملكون أسلحتها. علينا أن نأخذهم إلى حيث يقفون عراة، مفضوحة أباطيلهم، مكشوفة أطماعهم.
هذه معركة فـُرضت علينا وعلى كل واحد منا، كل امرأة حرّة وكل رجل حرّ، أن يبذل فيها جهد طاقته.
القاهرة، 26 أغسطس 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدين والجهل والدولة الفاشلة
محمد البدري ( 2012 / 8 / 27 - 00:12 )
وهل تعامل أحد بعقلانية مع الدين؟ مشكلة الدين انه محصنا وراء اسوار يحرسها أجهل البشر في المجتمع ويحميهم ويحمي الدين الدولة الفاشلة بنفسها. فالدين وحده ساقط لان اي راصد سيكتشف ان البشر كانوا يغيرون الالهة وياتون بنصوص وكتب جديدة ويجبرون الناس علي قناعات عقائدية مستجده واي تعليم سليم سوف يجعل من الدين اضحوكة. انها الدولة الفاشلة التي ترعاه وتبدد ثروة المؤمنين مجانا علي رجاله الاكثر جهلا. الم يتم ترويج كل هذا التدين في ظل افسد النظم التي احتاجت لثورة لتقتلعها؟ الم تتحجب كل هذه النساء الاغبياء في ظل نظام حرمهم من فرصة تعليم وعمل جيدة لم يسال احد نفسه كيف يكون الفاسد هو المروج للدين؟ انه الغباء والامية والجهل المعرفي مناط التدين. اما نصوص الاديان في كل الكتب السماوية فهي نصوص تدعو للسخرية والضحك وتثير الاسي في عقل قارئها لو ان له عقل.


2 - المشكل في العقول
سامي بن بلعيد ( 2012 / 8 / 27 - 04:08 )
العقول هي أدوات ألإنتاج للمعرفة وفي حال إن تكون معافاه تتعاطى ألأشياء من حولها بوعي , وإن كانت ألأشياء غير متوازنة فالعقول السليمة توازنها
العقل العربي لم يستطع التعامل مع الدين ولا العلمانية ولا المعرفة بشكل عام
العقل العربي يدعي المعرفة للأشياء عن طريق النقل والحفظ أو التقليد والنقل عن ألآخر
فهو في ألأصل جامد ولا يحسن غير التعصب وإقصاء ألآخر
العقل العربي بحاجة الى ثورة تغيير دائمة وعلى مدى الزمن الطويل لكي يصل الى الحالة الإنسانية العامة التي تجعل منه إنساناً قبل أي شيئ آخر
فالمشكل ليس في الدين ولا في ألإشتراكية ولا في الديمقراطية ولا في العلوم والآداب ولكنها في العقول التي لا تحسن التعاطي مع ألأشياء ومن أراد يطرح كلام غير هذا فالواقع العربي خير شاهد


3 - موضوع ممتاز حول دور الدين
احمد جاير ( 2012 / 8 / 27 - 21:00 )

موضوع ممتاز حول دور الدين

اخر الافلام

.. 114-Al-Baqarah


.. 120-Al-Baqarah




.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم


.. 116-Al-Baqarah




.. 112-Al-Baqarah