الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(أمة عاجزة عن إنهاء الحرب)

عمار عكاش

2012 / 8 / 27
القضية الكردية


(أمة عاجزة عن إنهاء الحرب)
لالَه كمال – ترجمة: عمار عكاش
تكمن معضلة الدولة التركية الرئيسة في عجزها الواعي أو غير الواعي عن تشخيص مشكلات الأمة بدقة بما يمكنّها من تطبيق العلاج الصحيح لها. فعلى سبيل المثال أدان جميع السياسيّين التورك بأشدّ نبرة ممكنة الهجوم الإرهابي الأخير، الذي استهدف هذه المرة مدنيّين بينهم طفلة تبلغ من العمر عاماً واحداً، وذلك حين انفجرت مساء الاثنين ثاني أيام عيد الفطر ( العطلة الدينية) سيارة مفخّخة بواسطة جهاز تحكّم عن بعد في مدينة غازي عنتاب جنوب شرقي تركية.
فلو افترضنا أن الإدانة هي الوسيلة الوحيدة المتاحة للتعامل مع الهجمات الإرهابيّة من قبل القادة السياسيين للأمة، فمن هي الجهة التي يقع على عاتقها إذاً إيجاد الحلول للمشكلات المستديمة، يدلّنا هذا الأمر على عجز مريع لدى الدولة حين يتعلق الأمر بعلاج المشكلات الجوهرية.
ورغم أن حزب العمال الكردستاني PKK المحظور في تركية أنكر مسؤوليته عن الهجوم المميت، فلن يكون مفاجئاً أن يعلن بعض أتباع الحزب مسؤوليتهم عن الهجوم، كما حدث في الماضي.
وكما جرت العادة، نقلت جميع الصحف اليوميّة التركية الحادثة – مع وجود استثناء واحد- وفقاً للطريقة المتعارف عليها، فنشر الساسة تعليقاتٍ على الصفحات الرئيسة تدين الهجوم الإرهابي. رغم أن كل هذه العناوين الرئيسة تفتقر إلى مقاربة بنّاءة للموضوع تشجّع الساسة على السعي إلى اعتماد إصلاحات جديدة في المجال الكوردي؛ تساعد على تبديد حجج حزب العمال الكوردستاني في اللجوء إلى الانتفاضة المسلحة.
كان الاستثناء الوحيد في طريقة تقديم خبر الهجوم الإرهابي في الصحف اليومية في صحيفة تاراف ؛ والتي انطلقت فقط عام 2006.فوفقاً لما جاء في العنوان الرئيسي لجريدة تاراف -عدد 22 آب والذي تناول هجوم غازي عنتاب: " تركية2012، إنها طفلة من بلدٍ عجز عن إنهاء الحرب وإحلال السلام. اسمها آلمينا، وسيبقى عمرها عاماً واحداً إلى الأبد". وبجانب تعليقها هذا نشرت تاراف صورة آلمينا، التي قضت في الهجوم مع والديها.
في الوقت الحاضر، سنكون مجحفين مالم نقرّ بوقوع تغيرات في أسلوب نقل الأخبار المتعلقة بمسألة الإرهاب في بعض الصحف اليومية في السنوات الأخيرة، وذلك بالتوازي مع فشل جهود حزب العدالة والتنمية AKP عن استخدام وسائل سياسية مجدية في التعامل مع المشكلة الكورديّة. غير أن اللغة البنّاءة والإيجابية في الصحف الموالية للحكومة وتحديداً المتعلقة بقضية الإرهاب تلاشت أيضاً بالتوازي مع الانقلاب الحاصل في السياسة السابقة للحكومة والقائمة على إيجاد حلٍّ سلميّ للمسألة الكوردية. كما أنه من الجدير ذكره أن الإعلام يجب أن يأخذ دوره في إرشاد صنّاع القرار إلى الحل السلمي للقضية الكوردية بدلاً عن اتخاذ مواقف تتوافق مع تلك المتخذة من قبل القادة السياسيين.
لقد أُهملت طويلاً الإصلاحات التي تعامل السكان الكورد في تركيا والبالغ عددهم 12 مليون كمواطنين متساويين مع التورك، وفشلت الإصلاحات البسيطة كإقرار بث برامج باللغة الكوردية على تلفزيون الدولة، في إرضاء الحاجات الكوردية.
ومنذ أن بدأ PKK العمل المسلح في آب عام 1984 لم تتغير عقليّة كل من القيادة السياسيّة والإعلام التركيين إلا بصورة ضئيلة. ويمكن أن نصف هذه العقلية بأنها تتمثل في عجز صناع القرار ووسائل الإعلام عن اتخاذ خطوات إيجابية ولعب دور بنّاء في إيجاد حل سياسي للمسألة الكوردية.
وكلما زاد إهمال تركيّة لهذه القضية كلما زاد لجوء حزب العمل الكردستاني إلى العنف في خضم سعيه إلى حكم ذاتي في المنطقة الجنوبية الشرقية الكوردية هذا مالم يكن يسعى إلى بناء دولة كورية مستقلة. ويبقى السيناريو الأشدّ خطورة على تركية هو الانقسام المحتمل وقوعه في صفوف الأمة بين التورك والكورد مالم تعمل الدولة بسرعة على إيجاد علاج للمظالم الكوردية. ذلك أن حزب العمال الكوردستاني لن يتمكن من إيجاد مبرّر لأعماله العنيفة ضد المدنيين لو أن الحكومة الحالية كانت صادقة في سعيها للوصول إلى حل للمشكلة الكوردية.
إن إطالة أمد القتال ضد حزب العمال الكردستاني لا يمكن أن تؤدي إلا إلى الإبقاء على الوضع الراهن، الذي يؤدي إلى نشوب الحرب، ويخلق الأعذار لاستمراريته على حساب استقرار تركية. كما أن كلاً من القيادة السياسية، وأحزاب المعارضة على حدّ سواء، عن علم أو غير علم، تتصرفان بطريقة تقود إلى تعزيز العناصر غير القانونية داخل الدولة الأمر الذي يقود إلى إطالة أمد الحرب ضد الإرهاب.
هذا ويتوجب على الصحف التركية أن تغير لغتها قبل فوات الأوان، وأن تحذو حذو جريدة تاراف في موقفها القائم على التشخيص الصحيح للمشكلة: فقد فشلت الدولة طوال 28 عاماً في معركتها ضد حزب العمال الكوردستاني في إنهاء الحرب وإحلال السلام.
يجب علينا أن نسأل أنفسنا لماذا عجزت تركية العضو في حلف الناتو NATO عن إنهاء الحرب ضد الإرهاب، في حين أن حلفائها في الحلف كإسبانيا وبريطانيا العظمى خففوا إلى حدّ بعيد من عنف المنظمات الإرهابية كمنظمة إيتا ETA والجيش جمهوري الإيرلندي IRA.
ترجمة: عمار عكاش – كاتب ومترجم سوري
http://www.todayszaman.com/columnist-290115-a-nation-that-cant-finish-the-war.html

22 August 2012, Wednesday- Today s Zaman








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -الخسائر بلبنان غير مقبولة-.. المتحدث باسم الأمم المتحدة: أو


.. موفدة العربية ترصد تطورات التصعيد على الضاحية ومأساة النازحي




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - ‏الأمم المتحدة تدين العدوان الإسر


.. بتوقيت مصر يناقش رفض مصر للتصعيد في المنطقة أمام الأمم المتح




.. تفاقم معاناة النازحين في لبنان