الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع أجيال .. أم أن السُلطة لها أحكام؟!

هبه سعد أبوالمجد

2012 / 8 / 27
المجتمع المدني


"ممنوع" هذه الكلمة ما أكثرها في بيوتنا المصرية! بل لن أبالغ إذا قُلت ما أكثرها في بيوتنا العربية!

مقدمتي القصيرة لا تعني أني أرفض أن يمنع الوالدين أبنائهم من أشياء يعتقدون بأنها ضد مصلحة هؤلاء الأبناء، لكن العيب حينما لا يكون عند الآباء سببًا مقنعًا أو حتى منطقيًا لهذا المنع؛ فقد يكون المنع دون سبب سوى حرصًا على تأكيد سلطة الآباء، أو حتى عقاب الأبناء على خطأ ظنوا أنهم قد نسوه ولكن عقولهم الباطنة تتذكره بوضوح وتحاول الانتقام لكرامتهم، وقد يكون المنع لسبب ولكن يستنكر الآباء أن يوضحوا لأبنائهم هذا السبب، وإن سأل الأولاء والديهم عن السبب اعتبر الوالدان هذا السؤال ما هو إلا تبجح من الأبناء...

قد يكون ما هو مباح للأولاد غير مسموح به للفتيات في نفس المنزل، من حق الفتى أن يخرج ويتأخر دون رقابة، أما البنت فلا خروج إلا برقيب لا بل "شاويش" يرصد كل تحركاتها وأفعالها ونظراتها بل حتى يحصي عليها أنفاسه...

قد يكون مباح للولد أن يأخذ مصروفًا أكثر من أخته، بل قد يكون هذا الولد يحصل على أموال غير معلومة المصدر ولا يسأله أحد عن مصدر هذه الأموال بحجة أنه مسؤول عن نفسه، بالإضافة إلى أنهم قد يعتبرون هذا رجولة مبكرة حتى وإن كان مصدر هذه الأموال من السرقة أو النصب أو حتى المخدرات، أما البنت إذا عملت يقال أنها تعيش في بيت بلا رجال، بل يقال عنها منحلة حتى لو كانت هذه الفتاة في منتهى الاحترام الذي قد يفتقر إليه شقيقها الذي يأتي بأموال غير معلومة المصدر....
وقد يكون ما هو مباح للفتيات غير مسموح به للفتيان في نفس البيت، بحجة أن البنت "مكسورة الجناح" ولابد أن تُعامل معاملة خاصة عن شقيقها، أما الولد فلابد أن يُعامل معاملة جافة لأن هذا عنوان الرجولة....

وفي عصر المعلومات والانترنت والقنوات الفضائية قد يجلس الشاب يتصفح مواقع الانترنت دون أن يسأله أحد ماذا تفعل، أما البنت فمحظور عليها التعامل مع لغة العصر، وإن وافق أهلها على تصفحها للانترنت فكل دقيقتين تجد من يجلس بجانبها يراقب ما تكتبه وما تفعله....

الغريب في مجتمعنا الشرقي أن الأمثال الشعبية هي المسيطرة على عقولنا من مثل "شرف البنت زي عود الكبريت" و"الولد مهما عمل مش هيجيب العار لأهله" وأشياء كثيرة من هذا القبيل، وكأن البنت موسوم عليها الخطأ والدخول على المواقع الإباحية والولد معصوم من الغواية، بل وإذا أخطأ الشاب ولو أزنى يستهينوا بالأمر وكأنه لم يكن، وكأن ما يخافونه على ابنتهم لا يخافونه على بنات غيرهم اللاتي قد يغوينهم أولادهم من الشباب.....

نعم.. لقد طالت مقدمتي ولكن كان لابد من إيضاح الأمر _من وجهة نظري_، وحقًا يوجد سؤال يحيرني بشدة ألا وهو: "لماذا كل هذا؟ هل هذا صراع أجيال؟ أم أن التربية تتعدد مفاهيمها باختلاف الأسر؟ أم أنه حب السُلطة وفرض الرأي بحجة أنهم الكبار وأن الأولاد لا يعرفون مصلحتهم؟"

لا أظن بأنه يوجد إجابة محددة فكل ما سبق جائز ومحتمل، فللأسف لا يفرق الآباء بين الظروف التي رُبوا فيها وبين الظروف التي يتربى فيها أولادهم، فهيهات هيهات بين هذه البيئة وتلك، الآن في عصرنا الحديث عصر المعلومات تزداد المغريات وتتضاعف الإلهاءات، وهذا بالطبع يحتاج إلى توعية أكثر ورعاية وترشيد لا منع لمجرد المنع....

لا نحرم الآباء والأمهات من حقهم في الخوف على أبنائهم ورقابتهم، ولكن لنقنن كلمة "ممنوع" فلنجعلها نابعة من نفوس أبنائنا لا أن يسيروا برؤوسنا، فلنوعِ أبنائنا بالأمور الصحيحة وفي المقابل بالأمور الخاطئة، فلا يمكن أن نربي أبنائنا من جانب واحد بل لابد أن نطلعهم على الجانبين....

لنضع أولادنا في مواقف مباشرة وغير مباشرة بها الصواب وبها الخطأ، فمثلاً إن كان هناك فيلم سينمائي يعالج قضية اجتماعية ما فنشاهده كأسرة ونحن بجانبهم، وفي الفواصل الإعلانية نناقش معهم الأحداث، ما يرونه صوابًا فيقبلونه وما يرونه خاطئًا فيرفضونه، لنفهم إلى أين تسير رؤوسهم، وفي هذه الحالة إذا وجدنا خطأ ما في طريقة تفكيرهم ومعالجتهم للأمور فلنوجههم إلى الطريق الصحيح عن طريق توضيح عواقب هذا التفكير إيجابيًا وسلبيًا......

لا تجعل أولادك كالخارجين من غرفة مظلمة وحينما خرجوا ظلوا يتخبطون لحين اتضاح الرؤية؛ فقد يكلفك هذا ويكلفهم ما لا تُحمد عواقبه، ولا تكن كما قال الشاعر:
ألقاه في اليم مكتوفًا وقال له إياك إياك ان تبتل بالماء

علّم أولادك السباحة أولاً بالصبر والمثابرة ثم اتركهم في البحر أو حتى في المحيط ولن يخذلوك، ثق في نفسك قبل أن تثق فيهم، ثق في تربيتك لهم.......
ربّهم تربية سليمة ثم راقبهم لكن اترك لهم مساحة من الخصوصية، اسألهم واسمح أو امنع لكن اترك لهم مساحة من الثقة، ودائمًا ضع في اعتبارك ضغوط المجتمع الذي يعيشون فيه، وعصر الانفتاح والتكنولوجيا الحديثة فنحن في عصر المعلومات الذي هو سلاح ذو حدين، فقط وججهم للطريق الصحيح، املأ أوقات فراغهم، والأهم من كل ذلك:
"كن قدوة حسنة يقتدوا بها...."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: عملية رفح تخدم هدفي إعادة الأسرى والقضاء على حماس


.. شبكات | تفاصيل صفقة تبادل الأسرى ضمن الاتفاق الذي وافقت عليه




.. الدبابات الإسرائيلية تسيطرعلى معبر رفح الفلسطيني .. -وين ترو


.. متضامنون مع فلسطين يتظاهرون دعما لغزة في الدنمارك




.. واشنطن طالبت السلطة الفلسطينية بالعدول عن الانضمام للأمم الم