الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصطلح العلمانيه 3

محمد عبدالحكيم

2012 / 8 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في القرن الخامس قبل الميلاد أنكر أنكسا غوراس الطبيعه الإلهيه للأجرام السماويه ، و ذهب للقول أن القمر أرض فيه جبال و وديان ، فأنكر ملاك الحقيقه المطلقه الذين يؤمنون بأن كل ما هو سماوي هو إلهي ، فأتهم بالالحاد وتم الحكم عليه بالإعدام و لكنه غادر أثينا و لم ينفذ الحكم.
عام 450 ق.م قدم إلى أثينا بورتاغوراس و نشر كتاب أسمه "الحقيقه" عرض فيه أن الانسان هو المقياس للأشياء جميعاً أي أن الحقائق نسبيه بنسبية الإنسان و رتب على هذه العباره جمله أخرى " لا أستطيع أن أحكم إذا كانت الألهه موجوده أم لا ، فإن أمور كثيره تحول بيني و بين هذا العلم أخصها غموض المسأله وقصر العمر" . فأتهم بالإلحاد و حُكم عليه بالأعدام ولكنه لاذ بالفرار .
أما سقراط فكان يعتقد أن حكمته تقوم بعلمه بجهله بينما غيره جاهل يدعي العلم ، فمضى يحاور السياسين في حلقات واسعه ، فلا يلبث أن يبين لهم أنهم لا يعلمون شيئاً ، و أن ما يعلمونه إما ظن أو إلهام إلهي و كلاهما لا علاقه له بالعلم ، فأتهم أنه يُنكر الألهه فحُكم عليه بالأعدام و قبل سقراط الحكم .
من هذه المقدمه نستطيع أن نستنتج أن العلمانيه لها جذور تاريخيه قديمه ، و أنه بالفعل لا توجد جماعه إنسانيه على وجه الأرض تخلو من عناصر العلمنه ، ولكن هذه العناصر كامنه و تنتظر اللحظه التاريخيه المناسبه لكي تظهر صراحةً على الرغم من محاولات القمع التي تتعرض لها . و اللحظه هنا بالمعنى المجازي حيث أن العلمانيه لكي تعلن عن نفسها تحتاج لظروف سياسيه وإقتصاديه و إجتماعيه معينه و تخرج من القاعده للقمه و ليس العكس ، أي أن الشعب هو من يطالب بها و غالبا تكون مصحوبه بعمليات عنف ، بمعنى أخر العلمانيه تتحقق على عدة مراحل زمنيه و دور النخبه فقط في الأسراع بمراحل تحققها وليس الأنشغال بعملية التحقق لأن هذه مهمة الشعوب . و اللحظه التاريخيه لكي تظهر العلمانيه بشكل صريح كانت على مرحلتين ، المرحله الأولى و هي المرحله الفكريه و التي تكون محصوره في الفكر بدون إجراءات عمليه لأن الافكار يتم قمعها من قبل التيار الأصولي "ملاك الحقيقه المطلقه" ، و البشريه كان من الممكن تكون محصوره في هذه المرحله إلى ما لانهايه لولا الضربه القاضيه التي وجهت للمطلق المتمثل في التيارات الأصوليه عام 1543 على يد كوبرنيكس عندم آلف كتاباً أسمه "في دوران الأفلاك السماويه" و الذي ذكر فيه ان بقاء اكبر الأجرام ثابتاً على حين تتحرك حوله الأجرام الصغرى أفضل من دوران الأجسام جميعاً حول الأرض . و بالتالي لم يعد الإنسان مركزاً للكون حتى يدعي أمتلاكه للحقيقه المطلقه ، بل أصبحنا نعيش في عالم نسبي حركتنا فيه نسبيه بالنسبه لدوران الأرض حول الشمس ، و لا وجود لمطلق في عالمنا النسبي و كل من يزعم أمتلاكه لحقيقه مطلقه فهو واهم .
و المرحله الثانيه في اللحظه التاريخيه و هي المرحله العمليه ، حيث أن كل مجتمع سياسي حين تتوفر الظروف الملائمه لظهور العلمانيه كإجراءات رسميه تتحقق عملية ظهور العلمانيه بشكل كامل و صريح . نختصر اللحظه التاريخيه في فكره تمثل ضربه قاضيه للأفكار الأصوليه يتبعها تأيد شعبي لكي يتم الإقرار بالعلمانيه بشكل رسمي ، و خير مثال على ذلك صُلح وستفاليا في عام 1648 بعد حرب الثلاثون عاماً التي مزقت أوروبا حيث أنه لأول مره تظهر الدوله القوميه الحديثه ، و الدوله القوميه من أشكال عملية العلمنه السياسيه ، و أيضاً صاحب ظهور الدوله القوميه إستخدام المصطلح العلماني ، و تم حصر تعريف المصطلح في عملية مصادرة أموال الكنيسه أو بمعنى أخر فصل الدين عن السياسه ، و كما نعلم أن المصطلحات هي لتوصيف ظواهر فلا يعقل أننا آلفنا مصطلح للجاذبيه الأرضيه ثم بحثنا عنها !! الطبيعي أن ظهور مصطلح الجاذبيه نتيجة لوجود ظاهره تحتاج لتعريف و قد تم ذلك على يد نيوتن ، كذلك العلمانيه فهي ظاهره طبيعيه لصيقه بأي مجتمع إنساني في أي مكان و في أي زمان ، و المصطلح الذي ظهر هو مجرد توصيف لظاهره ، و ظهور المصطلح "العلمانيه" تأخر كثيراً جدا مثل تأخر مصطلح الجاذبيه الأرضيه ، ولأول مره يتم إستخدام مصطلح "العلمانيه" بالمعنى الحديث كان على يد جون هوليوك في القرن التاسع عشر حيث وضع لها تعريفاً "العلمانيه هي الايمان بإمكانية إصلاح حال الانسان من خلال الطرق الماديه دون التصدي لقضية الايمان سواء بالقبول او بالرفض" و هذه اللحظه التاريخيه لظاهرة العلمانيه حيث أصبحت منهجاً مكتملاً و لها نظريات معرفيه و متخصصون لها ، و أي فرع علمي يتم تدريسه يعتبر إعترافاً بوجودوه و أهميته بالنسبه للبشر ، بالتالي العلمانيه الأن موجوده بشكل رسمي في أغلب دول العالم و علمياً تدرس ، و كما أسلفت إجتماعيا موجوده منذ القدم ، و من يُنكر وجودها كمن ينكر وجود الجاذبيه الأرضيه .
و في إطار المراجعات التاريخيه للمصطلح كانت هناك بعض التحفظات على المصطلح نفسه ، و من وجهة نظري أعتبر هذا النقاش لا فائده منه لأن المصطلح قد تم سكه بالفعل ، و حتى المراجعات لتعريفات العلمانيه لا طائل منها ، النقاش يجب أن يكون على أشكال العلمانيه و خطواتها العمليه ، فالتنوير و الحداثه و العولمه و نظريات العقد الإجتماعي كل هذه أشكال و نواتج للعلمانيه لم تحظى بالقدر الكافي من الدراسه و التحليل.
و في الختام العلمانيه ظاهره تاريخيه شامله كاسحه ، تاريخيه بمعنى أنها قديمه و مستمره ، و شامله لأنها تشمل جميع مجالات الحياه ، و كاسحه بمعنى أن من يقف في إتجاه حركتها ستقتلعه من جذوره ، و هنا الخوف على الدين ، فمن يعارض العلمانيه بإسم الأسلام هو عدو الأسلام لأن حركة التاريخ في صالح العلمانيه و العلمانيه لا ترحم ، فالنتيجه لهذه الحماقه أنه سيدفع حياته ثمناً لهذه المعركه الخاسره و الخساره الأكبر أن دينه سيكون ضحيه هذا الصراع الذي تسبب فيه ، و لكم في المانيا و انجلترا أسوةٌ حسنه ، و في فرنسا عِبره لمن يعتبر .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah