الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الغالب والمغلوب

نشأت المصري

2012 / 9 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما خلق الله الحيوانات جعلها نوعين حيوانات رعي آكلة العشب وحيوانات مفترسة آكلة للحوم, بعد ان وضع لكل من هذه الحيوانات وسائله للحفاظ على النوع.
فمن طبع الحيوانات المفترسة الشراسة والقدرة على التخفي والحيلة وغيرها من المقومات التي تجعلها مفترسة تسعى للعيش.
ومن طبع الحيوانات العشبية السرعة والقدرة العالية على التنفس والنشاط الزائد والحذر والتكاثر وغيرها من الصفات التي تجعلها متوازنة عددياً في الطبيعة.
فتجد الطبيعة تعيش حالة توازن طالما لا يتدخل الإنسان, فليس هناك غالب أو مغلوب على مستوى الغابة ولكن على المستوى الفردي فهناك مفترس وضحية.

ولكن الله خلق الإنسان نوع واحد متوج للطبيعة وكل الخليقة فقد خلقه على صورته ومثاله, ونفخ في جبلته نسمة حياة, فصّير الإنسان نفساً حية.

ولكن الإنسان كثير النسيان فنسي الوصية وأكل المعرفة حتى أنه صار أكثر الحيوانات شراسة وأكثرها وحشية وسفك دماء, فكان شغله الشاغل اختراع أدوات الموت بدل أدوات الحياة, البحث عن السيطرة بدل من البحث عن المواطنة.

فجاءت الأديان لتقوم طرق الإنسان ولكنه استعمل الأديان لتكفير باقي البشر حتى يجعل من نفسه قاض وجلاد في نفس الوقت فيقتل من يشاء ويحرق من يشاء مادامت له الفرصة.

فنجد في العهد القديم وقبل إنجيل السلام, أنه كانت نبوة الملاك عن إسماعيل أن يكون وحشياً (انه يكون انسانا وحشيا يده على كل واحد و يد كل واحد عليه و امام جميع اخوته يسكن تك 16 : 12)) أي أنه سوف يكون محارب يأخذ حقه بسيفه.

ومما سبق يتضح لنا أن الخطية والمعصية التي سقط فيها الإنسان ردته من مكانته إلى مكانة أقل من الحيوان فبات الإنسان يبحث ويتباحث كيف يكون غالب على المستوى الفردي وعلى المستوى القبلي, مخالفاً بذلك كل الشرائع السماوية وكل الغايات الجميلة التي من شأنها خلق الله الإنسان.

ولكن المجتمعات كما فيها أمثال إسماعيل فيها أيضاً من يسعى للسلام والمحبة والمواطنة, فشرع الإنسان لنفسه عهود ووثائق, وجميعها مستمدة من الشرائع السماوية, وطالب البشر التباحث فيها والتوقيع عليها وسميت وثائق حقوق الإنسان, التي من شأنها الحفاظ على البشر فلا يكون غالب أو مغلوب.

فماذا لو اتبعت البشرية هذه الوثائق؟ فيكون القانون سيد المجتمع والكل تحت القانون سواسية, فلا يتعدى أحد على حق جاره أو يضطهد أحد جاره فينمحي الصراع والانشقاق بين أفراد المجتمع.

ومن التجربة الرائعة هذه,, جميع من وقع هذه الوثائق وطبقها أصبح من الدول المتقدمة, والمزدهرة اقتصادياً, وجميع الدول المخالفة لهذه الوثائق أصبحت ميادين قتال وتقاتل وتكفير ونهب وسلب وغيرها من وسائل القمع والاضطهاد.

ومن الدول التي لا تحترم ما أبرمته هذه الوثائق مصر, ونتيجة هذا تفشت ظاهرة خطيرة وهي الغلبة فكل فرد من المجتمع المصري يريد أن يكون غالب ولا يقبل التنافس بل يزهق المتنافس أو المختلف معه, والنتيجة :ـ
• عدم استقرار
• التحفز والترقب
• ضياع الهدف
• فقد لطاقات المجتمع وأفراده نتج عنها عدم القدرة على العمل والإنتاج, أو معنى آخر لا يوجد وقت للعمل والإنتاج كل الوقت للصراع والقتال.
• الفقر لأن كل المكاسب موجهه للتسلح.
• تصبح الدولة ضعيفة ومطمع لكل الدول التي لها إستراتيجية مستعمرة.
• السرقة والبلطجة.
• عدم الأمانة في تأدية العمل.
• هروب وهجرة.
• ضياع الاستثمار الخارجي والداخلي.

ومن مظاهر مرض الغلبة الذي بات يهدد المجتمع المصري:ـ
• المواطن يريد أن يغلب الحاكم.
• المواطن يريد أن يغلب الحكومة.
• الموظف يريد أن يغلب الحكومة والجمهور المتعامل معه ورؤساءه في العمل.
• المسلم يريد ان يغلب المسيحي فيقهره مستعملاً سلاح الكثرة العددية, المغالبة العددية.
• والمسيحي يريد أن يأخذ حقه مستعملاً سلاح الغلبة بعلو الصوت واضعاً نفسه في موضع المدافع لأنه لا يملك قدرة الهجوم.
• حتى طابور العيش أو أي سلعة فنجد من يريد أن يغلب باقي الواقفين في الطابور.
• الحكومة والحاكم يريدون قهر الشعب بالسلطة وقوانين الطوارئ, التي لا تلجأ لها غير الدول المنشقة والفقيرة.

كل هذه الانقسامات تجعل المجتمع يتجمع في مجموعات على الأقليات مكوناً مجموعات عدائية للآخر, فعندما ينال الغلبة تنقسم مجموعته إلى مجموعات أقل فتتصارع على نفس الغنيمة, وفي النهاية لا تجد غالب بل الكل بدون استثناء مغلوب.

لأن النتيجة في مجملها ضياع وخراب مصر

يجب أن نعطي للتسامح مساحة حتى تعم المواطنة فالزهرة الواحدة لا تصنع بستان فالتنوع مطلوب وتعدد الثقافات والأديان قوة للمجتمع وليس العكس فلا مجال للتصارع والتعارك وطلب الغلبة على الآخر المختلف, فيجب أن نعمل بروح الفريق لنقهر أنفسنا وتحيا مصر للمصريين جميعاً.

نشأت المصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟