الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى يتوقف الإسلاميون المتزمتون عن تدمير الآثار الإنسانية؟

منعم زيدان صويص

2012 / 9 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الأخبار الواردة من ليبيا، وقبل ذلك من جارتها مالي، عن هدم أضرحة ونبش قبور من يوصفون بأنهم أولياء مسلمين وتفجير مساجد تحمل أسماءهم من قبل إسلاميين متشددين وسلفيين، تدعوا إلى الرعب الممزوج باليأس من إصلاح كثير من أفكار المتزمتين الإسلاميين، وخاصة في شمال إفريقيا. ولقد رأينا على شاشات التلفزة صورا لمساجد وأضرحة كانت قبل أسابيع او أيام تُحفا فنية تشهد على جانب مضيء من مخلفات الحضارة والثقافة الإسلامية. وقالت الأنباء أن السلطات الليبية أدانت هدم أضرحة أولياء مسلمين من قبل إسلاميين متشددين، ووعدت بملاحقة مرتكبي هذه الإعمال. ودان مسؤولون بالحكومة هدم مسجد سيدي الشعاب الدهماني، القريب من وسط العاصمة طرابلس. وقالت التقارير بأن الحكومة ألقت بالائمة على جماعة مسلحة تقول إنها تعتبر مقابر وأضرحة الشخصيات الصوفية مخالفة للتعاليم الإسلامية.

وقد تم تفجير ضريح للعالم الصوفي الشيخ عبد السلام الأسمر، الذي عاش في القرن التاسع عشر، وأضرم السلفيون النار في مكتبة مسجد في مدينة زليتن. وبيّن شريط فيديو بثته شبكة الفيسبوك تفجير الضريح بحضور عشرات المتشددين وسط هتافات "الله اكبر". كما تعرضت مكتبة وجامعة تحملان اسم الشيخ الأسمر لاعمال تخريب ونهب وفق مصادر أمنية محلية.

وشجب رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي، الذي إنتخب حديثأ، محمد المقريف، "الهدم والتخريب والحرق وإتلاف العديد من الممتلكات والأوقاف والوثائق والمخطوطات التي تمثل حلقة من تاريخ بلادنا". وأضاف إن "تدمير المباني ذات الصبغة العلمية والثقافية والحضارية والتاريخية وتدنيس مقابر المسلمين ونبش القبور الموقوفة شرعا على أصحابها، مرفوضة ومستهجنة ومستنكرة شرعا وعرفا وقانونا."

أما في مالي فقد دمر ما وُصفوا بمسلحين إسلاميين باب جامع يعود إلى القرن الخامس عشر وستة أضرحة من أصل 16 لأولياء مسلمين في المدينة. وأعلنت اليونسكو عن أسفها للتدمير"المأساوي" لأضرحة تمبكتو من جانب الإسلاميين المسلحين الذين يسيطرون على شمال مالي، وأدرجت اسم هذه المدينة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي المعرض للخطر.

وإثر هذه الأحداث أعلن وزير الداخلية الليبي إستقالته يوم 25 آب ولكنه عاد وسحبها يوم الثامن والعشرين، وظهر على شاشات التلفزة يتحدث عن هذه التفجيرات بصورة تصالحية قائلا إنه لن يجازف "بخوض مواجهة مسلحة مع اسلاميين متشددين". ودافع عن قرار قوات الامن عدم مواجهة المهاجمين واشار الى ان "المجموعات المدججة بالسلاح ربما تتفوق على القوات الحكومية في العتاد." وقال: "هؤلاء الناس قوة كبيرة من حيث العدد والعتاد موجودة في ليبيا ولن ادخل في معركة خاسرة واقتل الناس من اجل ضريح."

والحقيقة أن تصريحات الوزير تعادل في خطورتها، إن لم تكن أخطرمن تدمير هذه المقامات، فالقضية قضية مبدأ وثقافة وحضارة والتفجيرات تُظهر عدم التسامح وضيق الأفق وعدم المسؤلية. ويذكرنا هذا بتفجير ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في العراق في شباط عام 2006 من قبل إرهابيي القاعدة، وادّى إلى اشتعال الفتنة بين سنة العراق وشيعته المخلصين للعراق والذين حاربوا، مع صدام، إيران الشيعية ثماني سنوات. ونتيجة لهذه التفجيرات ظهرت العصابات الشيعية التي كانت تقتل السنة على الهوية وتعمقت الهوّه بين المذهبين.

ونذكر أيضا بعض الإسلاميين في مصرالذين نادوا بتدمير الآثار الفرعونية، وكيف قامت مجموعة منهم بقتل 62 سائح الماني في ما يعرف بمذبحة الأقصر في 17 تشرين الثاني 1997.

قبل الغزو الأمريكي لأفغانستان في آذار سنة 2001، كانت حكومة طالبان تهدد بتفجير التمثال الهائل لبوذا، وثار العالم المتمدن على هذا التهديد، فذهب الشيخ يوسف القرضاوي على رأس وفد من كبار علماء المسلمين ليحاول إقناع حكومة طالبان بالعدول عن عزمها تدمير التمثال، ويا ليته لم يذهب. ففي مقابلة مع قناة الجزيرة بعد عودته مباشرة امتدح القرضاوي طالبان ولم يعارض تدمير التمثال، قائلا انه شرح لزعماء طالبان انه يتفق معهم على مبدأ الهدم ولكنّ "الظرف غير مناسب."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه


.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب




.. البابا تواضروس الثاني : نشكر الرئيس السيسي على تهنئته لكل أق