الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعترف بالله تكون مُتخلِّفاً وأنكِرهُ تكون مُتحضّراً

سامي بن بلعيد

2012 / 9 / 2
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


في البداية أحب أن أوضح ميولي الى اليسار الثوري الذي يهدف الى بناء ألإنسان على أساس منهجي علمي إنساني يعيد بناء حلقات التكوين العام لهوية الشعوب , ولكن ألأمر المُحيّر هي تلك الدوامة التي يعيشها الكثيرون ممن يمثل التيارات الثورية العلمانية والذي تركوا ميادين العمل الحقيقي الذي يوصل الى مدارك ألإنسان ويوجه ألأفكار نحو الزوايا الحقيقية للبناء الحضاري وللأسف نرى الكثيرون لا يمتلك غير أفكار التهجُّم على الدين وإنكار الله

إنها معادلة خطيرة جداً وتخدم القوى الرأسمالية والظلامية ومصاصي الدماء , وفي هذا ألإطار الشائك أُريد أن أُحذّر من هذه الظاهرة السلبية , فمن يمارس ذلك النشاط في الغالب يدركون ويؤمنون بإن ألأديان من صناعة الإنسان وهم يدركون تأثيرها السحري على مر العصور , ولكنهم يعملون بطريقة تستنهظ القوى الرأسمالية لإستغلال ألأديان لخدمة أغراضها أللآإنسانية والتي تقوم بتجنيد الكثيرين للعمل بطريقة مُضادة للتصدّي لمن تسميهم الملحدين , والمعروف إن الكثيرين ممن يعمل جُندياً في ذلك المجال يُسخّر بالمادة وينظم اليهم الكثيرين من العامة بدرايةٌ وبغير دراية نظراً لقصور في وعي ألإنسان من جانب ومن الجانب ألآخر والأهم هو إن اليساريين لم يتمكّنوا من وضع أيديهم على ألأفكار الذي توصّلهم الى الشعوب بل أكتفى الكثيرون بحمل الشعارات وحمل نبوءات ماركس وإنجلز ولينين وماو وجيفارا وغيرهم ومنتظرين على قارعة طريق الزمن وأحداثه لحتى تتحقق نبوءة إن الرأسمالية تحفر قبرها بيدها ومُنتظرين تحوّل علاقات ووسائل العمل والإنتاج

متناسين إن ألإنسان هو من يصنع التغيير , والتغيير لا يمكن أن يحصل إن لم تتغيّر وتتحرر العقول منهجياً وعلمياً وإنسانياً , لإن العقول هي وسائل إنتاج المعرفة والإهتمام بها يجعلها قادرة على تجاوز ألأزمات والصعاب ويجعلها قادرة على مغادرة مواقع الجمود والإنطلاق نحو الميادين الرحبة للبناء الحضاري المتكامل

فلا بد من ألأُتيان من المسالك المؤدية الى العقل أمّا في حال ألأُتيان من المسالك العكسية فذلك يساهم على إبقاء ألإنسان داخل دوائر التعصُّب الفكري والديني ألأعمي الذي لا يخدم بالأخير غير قوى ألإستبداد والرأسمالية السلطوية

مما يجدُر ألإشارة اليه هو إن العالم المدني قد ساهم في بناءه الكثير من المفكرين والعلماء ذات ألإنتماء الوسطي العقلاني وشذرات كثيرة من العلماء المُتدينين أيضاً لأنهم أدركوا إن بناء الحياة لا يقوم على قواعد العداء لله وللأديان كما إنّه لا يقوم على قواعد التعصُّب للأديان أو لأي أفكار إنسانية أُخرى

فأين الدهاء والتوازن الذي يسخّر ألأشياء من حولنا لخدمة الإنسان على قواعد القبول والتكامل ألإيجابي وكذلك على قواعد ألإختلاف الذي ينطلق من عقول نقديّة تدرك حقائق التغيير ألإنساني وتدرك حركة التأريخ ومقتضيات العصر ومُتغيراته

فإذا ما لاحظنا أداء من يدعي الحضارة والتمدّن لمجرّد إنكار لله وللدين سوف نستدل على حقائق مُرّة تزيد من حجم المُتعصبين الذين تحتضنهم قوى ألإستغلال والإستبداد وتسخّرهُم لخدمة أغراضها الدنيئة , كما إن ذلك ألأداء يصنع الحواجز والعقبات أمام التيارات اليسارية والثورية والتقدميّة , وهو يحمل في طياته تعصُّب غير صحي وفي حال أن يتسع في صفوف اليساريين سيجعل منهم مُجرّد ظاهرة صوتية تكتفي بالصراخ والنواح وتترك الواقع لمن لا يستحق إن يسيطر عليه

وحتى في حال ملاحظة نشاط المتعصبين دينياً , هل تعصبهم يعطي نتائج إيجابية لخدمة الدين ؟ أنا أعتقد إن ألإيجابة واضحة للعيان , فأولئك هم وضع الدين في مأزق وهم من وضعه على حالة تقاطُع مع كل شيئ من حوله , والعاقل هنا يجب أن يحسبها بطريقةٌ صحيحة

فأرجوا ممن يستخف بالأفكار العلمانية الثورية وممن لديه قصور في فهم تلك ألأفكار أن يقف وقفت مراجعة حقيقية من أجل تحقيق ألأهداف المأمولة لأن الزمن مناسب والظروف ملائمة جداً وبالذات في عصر ثورات الشعوب وإنتفاضاتها الذي يعتبر عصر إحتضار للقوى الرأسمالية الذي تعتبر الفيروس الخطير الذي يعذّب الشعوب بإسم الأديان وبأسم الديمقراطية الزائفة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نقد تصرفات رجال الدين لا يعني نقد الدين
سمير الحكيم ( 2012 / 9 / 2 - 23:03 )
تحياتي واحترامي
جميع الاديان بلا استثناء تسمو بالانسان إلى اعلى مراتب الانسانية لما لها من مبادئ واسس وفضائل، ولكن استغلال الاديان على مدى التاريخ من قبل رجال آلهو انفسهم وفسروا ايات الكتب المنزلة على هواهم واعتبروا تفسيرات الاقدمين والاحاديث التي اعتبرت كالكتب المنزلة اساس لهدايتهم رغم بان اغلبيتها كتبت لارضاء اهواء الحكام وتثبيت ملكهم.
فالنقد والبحث ليس تهجما على الاديان بل ونلاحظ بان العلماء فندوا وبحثوث وزي ما بقول المثل فلوا الانجيل المقدس حرفا حرفا وكتبوا بما اقتنعوا ولم يكفرهم احد او يتهمهم بالزندقة وخصوصا بعد النهضة الثقافية او الفكرية.
نحن يجب ان نتخلص من هيمنة رجال الدين واستغلالهم لمكانتهم لتجهيل العامة واعتبروا نقدهم تهجم على الدين.
في الدول العلمانية يستطيع الانسان ان يعبد من يشاء ويصلي للحجر وله كامل الحرية ولكن لا يستطيع فرض اراءه على المجتمع بالقوة ويجب عليه احترام معتقدات الاخرين مهما اختلفوا معه في العبادة..ولا يستطيع رجال الدين استغلال هيبتهم لفرض نفوذهم على الانسان لان الانسان حر ولا يستطيعوا تكفير ما يخالفهم الراي واباحة دمه.
خلط الامور هو تهيج العامة ضد التنوير


2 - لا أختلف مع كلامك أستاذ سمير
سامي بن بلعيد ( 2012 / 9 / 3 - 06:42 )
قد أُضيف شيئ بسيط وهو
يتمثّل في البحث عن البدائل وتثبيتها لإن عملية تفكيك المفاهيم الثقافية لا بد أن يكون بشكل منهجي ويرافق ذلك عملية بناء موازي وذلك يضمن بقاء هوية الشعوب
نحن في البلاد العربية من الصعب علينا أن نمارس نفس نشاط الشعوب المتقدمة فنحن نقف على أرضية هشّه بينما هم يقفون على قواعد حضارية متينه ولذلك نحن بحاجة الى بناء الانسان أولاً لحتى يصل الى درجة تمكنه من فهم الاشياء من حوله والتعامل معها بوعي وذلك ألأمر لا يمكن تحقيقه في ظل الصراع والتآكُل والاختلاف السقيم
كل الاحترام لجنابك

اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران