الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدخل للتفكير في سؤال ما الكتابة؟؟

خلود العدولي

2012 / 9 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الباب الثاني:ما الكتـــابة؟؟
إن سؤال ما الكتابة يفاجئنا بطرحه لعديد الأسئلة المتوالدة منه.إذا أردنا أن نفكر في تعريف للكتابة فإنني سأبدأ بأبسط فكرة يمكن أن تتبادر إلى ذهني و أنا أكتب الآن:إن الكتابة تسجيل لأفكار,حيث أننا نفكر بطريقة لا مرئية و لا مسموعة و بشكل سريع جدا حيث تتقافز آلاف الأفكار إلى عقلنا دفعة واحدة في لحظات وجيزة و هذا ما يجعل من الكتابة طريقة لحفظ أبرز الأفكار و التخيلات التي ترد علينا إنطلاقا من نشاط"التفكير".إن الذي يمارس فن الكتابة لا يمكن أن ينخرط فيه دون المرور أولا بنشاط "التفكير"و بالتالي علينا إستنتاج صفة أخرى للكتابة من خلال هذا التمشي ألا و هي "التخطيط المسبق" حيث أن الكتابة لا يمكن أن تكون إعتباطا و لا شكلا من أشكال الإلقاء بالنفس في أحضان الكلمات,و لا شكلا من التزويق الإستيتيقي المتكلف:إنها "مهارة" بكل ما تعنيه هذه الكلمة من حرفية ,ذكاء,تخطيط و مرونة.
إن الكتابة لا تختلف كثيرا عن "فن السحر" حيث أنها تحتاج أسلوبيا للخدعة و الحيلة و الخفة في التنقل من حدث لآخر و في إدراج الأحداث الجديد,و لا تبتعد الكتابة أيضا عن "فن الرقص" بما فيه من تحركات رشيقة تحتاج الخفة و المرونة و يمكن أن نفسر هذا إنطلاقا مما قاله جيل دولوز:أن تملك أسلوبا هو أن تتوصل للتلعثم في لسانك الخاص و في خلق خط هروبي.و هذا ما يؤكد أن الكتابة هي لعبة خفة تتطلب رشاقة أسلوبية و هروبا متواصلا من الخطية.إن الكتابة كما أشرنا من البداية تحمل في معناها البديهي وظيفة تسجيل الأفكار التي تتبادر إلى ذهننا و بالتالي في تحمل "البعد الشخصي" و سواء تجلى هذا البعد في الكتابات الموضوعية كالأساطير و القصص الخرافية و الحكايات الشعبية أو في الكتابات اللاموضوعية اي في الروايات و المذكرات و الشعر,فإنه في كلتا الحالتين تشترك الكتابة في بعد شخصي واحد:هو "الإنسان".إنك لتنظر في هذه الأساطير لصفات إنسانية و تنظر كذلك في مذكرات شخص ما لهذه الصفات,لكن الكتابة اللاموضوعية تميزت دومت بنوع خاص من البعد الشخصي الذي يمثل "ذات الكاتب".إن الشعر و المذكرات و الروايات كانت دوما ترسم لنا و لو بشكل غير ملاحظ و بخطوط رفيعة صورة عن ذات الكاتب.
إن ما يلفت نظرنا كذلك ضمن صفات الكتابة أنها ضرب من الوجود الجديد.إن الإنسان يوجد فوق الأرض منذ الأزل و من الواضح أنه مل من هذا الوجود القدري الذي جعله يرغب في خلق وجود جديد لنفسه و بالتالي أصبح الفن و الكتابة و الحرف و الفلسفة أنواع جديدة من "الوجود الموازي" لكن بقدر أكبر من الحرية و مجال أكبر من قدرة الخلق,و بالتالي فإن الكتابة تدعونا لرؤيتها على أنها وجود يتخطى الفضاء الورقي ليصبح قادرا على حكل الوجود االأرضي السابق.إن قدرة الكتابة المذهلة تظهر في إمتصاصها لعناصر من الوجود الخارجي اليومي و إعادة تفكيكها و تركيبها ضمن بنية مبدعة و ضمن صورة جديدة بأسلوب رشيق,مخادع و مبدع ضمن الوجود الورقي.
إن ما تقوم به الكتابة هو أعظم من الخلق حيث أنها لا تكتفي بنقل ما يوجد أمامها عن طريق المحاكاة و النقل بل إنها تخلق أحداثا و تصورات بشكل فريد لكن بمعنى لا يمكن أن يرتبط إلا بالواقع و ما نعيشه من صراعات كونية و إنسانية.إن الكتابة طريقة لخلط الواقعي باللاوقعي و الوجود المرير بشهوة الحلم :إنها عبارة عن مزج دقيق غير قابل لمنطق الصدفة من أجل رسم ملامح الإنسان في بعده الذاتي و الكوني.إن هذه الصفة هي ما تحدث عنها ماركيوز متحدثا عن الفن عموما حيث يقول:"يتجاوز الفن الواقع و يحطم الموضوعية المتشيئة ليبعث بعدا جديدا للتجربة تتجسد فيه رغبة الذات في التحرر و التمرد".إن الكتابة فعالية خلق متواصلة يجب أن تتجاوز مجرد تسجيل الأفكار, توصيف الحالات , نقل العواطف و علاج حالات الكآبة الشخصية لتستحيل فعالية "ذكاء و مهارة" تتعالى بذلك عن قوانين الطبيعة و المجتمع , سلطة الدولة , سلطة الطبقة و إلزام الواجب لتنفتح على الكونية و الشمول.
يبقى الآن سؤال :لما نكتب؟؟و لمن نكتب؟؟ هي أسئلة سيتم التفكير فيها في مقالات قادمة

ملاحظة:يندرج هذا التفكير ضمن قاعدة أن الحقيقة نسبية و ليست مطلقة اي أنه تفكير نسبي يحتمل الإضافة و التغيير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا