الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملك اليمين (١)

جمال البنا

2012 / 9 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



رأيت الكـُتـَّابُ يكتبون عن الانتخابات.. والدستور.. والرئيس ومجلسه الاستشارى.. والأحاديث الطويلة عن أخونة الدولة.. فرأيت أن أغير الموضوع شيئاً ما.. وأشرك القراء فى موضوع طريف.. وفى صميم القضية الاجتماعية والإسلامية، وهو «ملك اليمين»، وهو التعبير القرآنى الذى يُطلق على فئة الجوارى التى لم يستخدمها القرآن بهذا المعنى أبدًا.

والفكرة الرئيسية فى الموضوع أن الإسلام أقام قناة موازية للزواج تضم «مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»، وتنشئ علاقة جنسية مشروعة بمعنى أنها لا تكون زنى، ولكن فى الوقت نفسه ليست زواجًا كالزواج العادى، ويطلق الفقهاء عادة على من يتزوج بهذه الطريقة «تسرّى بــ» «وليس تزوج بــ»، وبهذا أحلّ المجتمع من مشكلة كبرى من مشاكله، وإن تصور البعض أن موضوع الجوارى بأسره موضوع سيئ بالنسبة للدين أو للقراء، وهذا يعود إلى فرع من أصل هو الرق، وقد أراد القرآن فى هذا الجانب الحساس الابتعاد عن هذا الأصل وإعطاء الذين أطلق عليهم «مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» صفة بعيدة عن معنى الرق.

وليس معنى هذا ألا نتحدث عن العلاقة ما بين الجوارى والرق، لأن الأمر لا يتضح إلا فى ضوء هذه العلاقة.. فلماذا ظهر؟

بادئ ذى بدء، الرق ظهر، ببساطة، لأنه شرعة القوى على الضعيف، فالقوى يغنم الضعيف ويستبد به.. ويدعى استعباده، ولكن المصدر الأصلى والأعظم للرق هو الحرب، فعندما يقتتل جيشان كل منهما من مائة ألف فلا بد أن يؤدى ذلك إلى وجود الألوف من الأسرى والجرحى، وهؤلاء يكون مصيرهم الاسترقاق، بالإضافة إلى ذلك، فهناك ما تؤدى إليه بعض الحوادث الطبيعية كالزلازل والبراكين وتخلف المئات من الجرحى والمصابين.

والحق أن الرقيق لم يتحرر بفضل جهود المصلحين.. ولا دعاة المشاعر الإنسانية فى العصر الحديث، ولكن الرق آذن بالأفول عندما ظهرت الثورة الصناعية وحلت الآلـة محل العبد، وهى أكثر إنتاجية منه، بحيث أصبح وجوده عبئاً.. بعد أن كان كسبًا، وأصبح من الضرورى التخلص منه، وكان التخلص منه بتحريره.

وقد جابه الإسلام قضية الـرق على مستويين:

الأول تفريغه من كل ما ينتهك الكرامة الإنسانية من تسخير أو سب أو إساءة معاملة أو غير ذلك من صور الإيذاء التى تفرق بين الأحرار والعبيد، كما وضع نظمًا للمكاتبة، أى أن يطلب العبد السماح له بممارسة عمل يعطى صاحبه جزءًا منه لقاء تحريره بعد عدد من السنين، وقد شجع القرآن المكاتبة، وحث المؤمنين على قبولها وعلى مساعدة العبيد لينجحوا فيها، كما جعل نصيبًا من الزكاة لعتق الرقاب، وجعل عتق رقبة كفارة لعدد كبير من الذنوب والآثام، وأوصى الرسول - صلى الله عليه وسلم- المسلمين «ألا يقولوا عبدى وجاريتى.. ولكن فتاى وفتاتى»، بل إنه جعل «اللطم على الوجه - الصفع ــ مبررًا لعتق العبد»، ولدينا عدد من الحالات منها:

«أ» جارية أبناء مقرن- وكانوا ثمانية وليس لهم سواها- صفعها أحدهم على وجهها فغضب الرسول، وقال «اعتقوها»، فقالوا يا رسول الله ليس لنا خادم سواها فأمر بالإبقاء عليها حتى يتيسر لهم غيرها وعليهم عتقها.

«ب» وهناك حالة الصحابى «أبومسعود» الذى كان يضرب عبده، فقال له الرسول «اعلم أبا مسعود أن الله أقوى عليك مما أنت على هذا الغلام .. فقال هو حر لوجه الله».

«حـ» وكان لعبد الله بن رواحة جارية تتعاهد غنمه وأنه أمرها أن تتعاهد شاة، فتعاهدتها حتى سمنت الشاة، واشتغلت الراعية ببعض الغنم، فجاء الذئب فاختلس الشاة، وعلم عبدالله بن رواحة بذلك فلطم الراعية ثم ندم على ذلك، وأخبر النبى، فاشتد بالنبى- صلى الله عليه وسلم- الغضب حتى أحمر وجهه وهاب أصحابه أن يكلموه، وقال- عليه الصلاة والسلام- وما عسى الصبية أن تفعل بالذئب، ووجه الحديث لعبد الله بن رواحة: «ضربت وجه مؤمنة! فقال: إنها سوداء لا علم لها، فأرسل إليها النبى- صلى الله عليه وسلم- فسألها: أين الله؟! فقالت: فى السماء. قال: فمن أنا؟! قالت: رسول الله. قال: إنها مؤمنة فأعتقها».

«د» جاء رجل إلى النبى- صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله إن لى مملوكين يكذبوننى ويخونونى ويعصونى فأضربهم فكيف أنا منهم فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بحسبك ما خانوك وعصوك وكذبوك، وعقابك إياهم إن كان دون ذنوبهم كان فضلاً لك عليهم، وإن كان بقدر ذنوبهم كان كفافاً لا لك ولا عليك. وإن كان فوق ذنوبهم أقتص لهم منك الفضل الذى بقى قبلك فجعل الرجل يبكى بين يدى رسول الله، ويهتف فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ما له؟! ألم يقرأ كتاب الله «وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ؟»، فقال الرجل يا رسول الله ما أجد شيئاً خيرًا من فراق هؤلاء أى عبيده، وإنى أشهدك أنهم أحرار كلهم.

والمستوى الثانى الذى أراد الإسلام أن يستأصل به الـرق هو أنه حصر الـرق فى أسرى الجيش، وجعل مصير هؤلاء الأسرى «فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً»، أى أن يمن عليهم بتحريرهم أو يأخذ فدية لقاء ذلك، فإن لم يكن عند الأسير ما يدفعه فيمكن أن يكلف بأداء خدمات تحرره فى النهاية من الـرق، وقد فعل الرسول هذا فى أسرى بـدر، وكان منهم من كلف بتعليم عشرة من الأنصار.

على كل حال، فإن الدارس للمجتمع بصرف النظر عن كل العوامل التى أشرنا إليها يرى أن المجتمع كان فى حاجة إلى قنوات لتنظيم المخالطة الجنسية، ولعل المجتمع العربى الجاهلى هو أفضل مثال على ذلك، فرغم سذاجة المجتمع وبساطته فإن هذا المجتمع عرف فنوناً من الزواج،

حدثتنا عنها السيدة عائشة فقالت: «كانت منها أن يشترك الرهط من الرجال فى الدخول على امرأة واحدة، فإذا ولدت طلبتهم فجاءوا، فقالت قد عرفتم ما كان منكم والولد منك يا فلان، فلا يستطيع لها دفعًا، ومنها نكاح الاستبضاع وهو أن يرسل الزوج زوجته عندما تكون على طهر إلى رجال ممن اشتهروا بالقوة والشجاعة ليكون لها منهم ولد فإذا ولدت كان الابن ابنها، كما كان منها السـفاح بالبغاء العلنى، وكان للبغايا خيمات ينصبن عليها الأعلام وكن من الإماء.

كما كان منها نكاح المتعة المؤقت، ومنه نكاح الشغار، وهو أن يزوج كل من الرجلين ابنته أو أخته أو غيرهما ممن تحت ولايتهما بدون صداق، ومنها نكاح البدل والمبادلة وهو أن ينزل رجلان كل منهما عن امرأته للآخر».

وقد أبطل الرسول كل هذه العلاقات الشاذة، ولم يبق إلا على الزواج العادى مع السماح بتعدد الزوجات.

فهل هذا كان كافيًا؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اتلوى عنق الحقائق لتجميل الاسلام !!!
حكيم العارف ( 2012 / 9 / 5 - 07:13 )
حاولت جاهدا ان تلوى عنق الحقائق لتجميل الاسلام ولكن .. لا

مش هاقولك ان شريعةاله الاسلام لملكات اليمين ليست منسوخه ليوم الدين .. وانها معطله بفعل الضمير الانسانى

ولكن تجارة العبيد انتهت من كل العالم واخر البلاد التى حرمت فيها كانت البلاد الاسلاميه .!!!!...

يعنى كل كلامك عن عتق العبيد كان كلام فارغ لانهم فيما يعتقون عبيد يحاربون وياتون بعبيد اخرين اصغر واقوى .....

مش كده ولا ايه ...


2 - زواجات
حمورابي سعيد ( 2012 / 9 / 5 - 08:15 )
ولا تنسى يا حاج ان في الوقت الحالي ما يسمى زواجات مثل المصياف والفريند والمتعة والعرفي وبنية الطلاق والوناسة ,ماذا تسمي هذه ؟


3 - إنتهى زمانكم
الباشت ( 2012 / 9 / 5 - 11:44 )
حاول أن تضحك بهذا الكلام على المؤمنين البسطاء فهم..لقد جاء العلم وزهق الدين إن الدين كان زهوقا..قل لي ألا تكفينا وثيقة حقوق الإنسان؟ فما حاجتنا لكتبكم الصفراء وتبريراتكم التي لم تعد تنطلي إلا على العوام وأنصاف المثقفين..متى ستفهمون أن زمانكم قد ولى وستطحنكم عجلة العلم إن عاجلا فآجلا..بلا ملك يمين بلا ملك يسار


4 - امتى حتعرف امتى
شاكر شكور ( 2012 / 9 / 5 - 22:39 )
يقول الشيخ جمال البنا المحترم (وقد أبطل الرسول كل هذه العلاقات الشاذة ، ولم يبق إلا على الزواج العادى) ، لا تزال آية زواج المتعة شغالة لحد الآن (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة) فزواج المتعة ابطله عمر ولم يبطله اله محمد ، ولم نسمع ان الرسول ابطل تبادل ملكات اليمين في الآية (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك)، متى ستعرف يا شيخ بأن ربك الخالق لا يميز بين خلائقه ولا يمكن ان يشّرع شيئ اسمه ملكات اليمين وان القرآن صنعه محمد لأغراضه الدنيويه ؟ متى ستقوم بتطبيق الآية التي تقول فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك ، تحياتي واحترامي


5 - هل هناك زواج في الأسلام ؟
أحمد حسن البغدادي ( 2012 / 9 / 6 - 00:21 )
إنّ العلاقة الزوجية هي من أسمى العلاقات ألأنسانية، وقد سميت بالمسيحية بالزواج المقدس،

في الأسلام، فأن عقد الزواج يسمى عقد نكاح،

وما تعريف الزواج الشرعي في ألأسلام؟

سأقدم لكم تعريف الزواج الشرعي حسب ما هو منشور في صفحة وزارة ألأوقاف المصرية، ويمكنكم الرجوع إليه، يقول;

عن/ المجلس الأعلى للشؤون الأسلامية/ جمهورية مصر العربية.

((الزواج شرعاً; عقد يتضمن إباحة الأستمتاع بالمرأة والوطأ والمباشرة والتقبيل والضم، وغير ذلك، إذا كانت المرأة غير محرمة بنسب أو رضاع أو صهر، وهو عقد وضعه الشارع ليفيد ملك إستمتاع الرجل بالمرأة، وحل إستمتاع المرأة بالرجل.)) إنتهى التعريف.

عند قراءة هذا التعريف، نجد أن الزواج الشرعي في الأسلام هو;

١- عقد لغرض الأستمتاع فقط وليس لبناء أسرة ولتعمير الأرض، بجو من المحبة والألفة.
٢- هذا العقد هو، عقد إستملاك الرجل للمرأة، وليس مشاركة زوجية، حيب السطر ماقبل الأخير( ملك إستمتاع).
٣- للمرأة حق واحد في هذا العقد، وهو حقها الأستمتاع بالرجل.

التعليق.

أليس هذا زواج بائس، عقد كل الغرض منه هو إمتلاك المرأة والأستمتاع بها.


6 - نحن العرب
نيسان سمو ( 2012 / 9 / 6 - 09:25 )
اعتقد يا سيدي الكريم تعلم اكثر مني بأن العرب وبصورة عامة لديهم ورث وفي كل المجالات تفوق منه رائحة فمن الافضل ان لا يتم خلطه او قلبه او تحويله او حتى الاقتراب منه لأن اللعب فيه تعطي رائحة اكثر فأكثر ولهذا تركه حتى يجف وينتهي مفعوله الرائحي افضل من اللعب معه !! تحية وتقدير


7 - !!!!!
عبد الله خلف ( 2012 / 9 / 6 - 16:10 )
نجد الكثير هنا -أصحاب التعليق- يحاولون جاهدين النيل من رسول الله -صلى الله عليه و سلم- و من دين الإسلام! .
الشيء الذي يفرحني و يبشر بالخير , هو : أن هؤلاء الملحدون أمرهم إلى أفول و زوال , و الدليل :
فوز الإسلاميين في كلاً من :
1- تركيا
2- مصر
3- ليبيا
4- تونس
5- المغرب
6- اليمن
7- الأردن
8- العراق
9- السودان
10- بلاد الخليج

هؤلاء المحاربون للإسلام بأوا يعلنون الحرب بالعلن , و لكن النتيجه انتصار الإسلام و رسوله و لله الحمد و المنه .


8 - رد على عبد الله خلف
أحمد هارون ( 2012 / 9 / 7 - 14:58 )
الإسلام ينتصر بالظلم و الغداع و النفاق و إخفاء الحقائق فأين ضمائر المسلمين؟
وما الفائدة من دين ظالم مبني على الكذب؟


9 - تصحيح
أحمد هارون ( 2012 / 9 / 7 - 16:53 )
قصد الخداع و ليس الغداع عفوا