الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأس السنة القبطية لعام 1729 ش (تقويم الشهداء)

نيفين عاطف مشرقى

2012 / 9 / 5
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


رأس السنة القبطية لعام 1729 ش (تقويم الشهداء)
(عيد النيروز)

تحتفل الكنيسة القبطية فى شهر سبتمبر من كل عام بعيد رأس السنة القبطية (عيد النيروز)، والنيروز كلمه فارسيه أستخدمها الفرس عندما دخلوا بلادنا و أرادوا أن يحتفظوا بالتقويم المصري القديم ، و أطلقوا لفظ (ني روز) علي أول يوم من التقويم ومعناها ( اليوم الجديد )، و كان هذا اليوم عند الفراعنة هو تاج الأعياد لأنه يرتبط بحياة مصر الزراعية و كانوا يحتفلون به احتفالا رائعا باعتباره عيد الفيضان الذي يحي أرض مصر، وأستمر أجدادنا المصريون القدامى يحيون هذا العيد حتى عهد الإمبراطور الروماني دقلديانوس الذي تولي الحكم سنه 284 للميلاد، و في ذلك العهد ذاق الأقباط ألوان مختلفة من التعذيب ، و ذبح منهم أعدادا كبيره قدرت بنحو 840 الف نسمه ، ومن هنا فكر أجدادنا أن يجعلوا رأس سنتهم الزراعية رأسا لتقويم جديد أسموه ( تقويم الشهداء ) أو التقويم القبطي ، فقد دفعتهم هذه الظروف المريرة أن يستبدلوا ذكري فيضان النيل بذكري فيضان دماء الشهداء الغزيرة ، و شهر (توت) هو( أول شهور السنة القبطية)، نسبه إلي العلامة الفلكي الذي وضع التقويم المصري القديم و اخترع الأحرف ، وقد ولد توت في قرية منتوت التي ما تزال موجودة وتتبع مركز أبو قرقاص محافظه المنيا بصعيد مصر بنفس اسمها القديم.

نشأه التقويم المصري القبطي

وقد كانت بداية نشأه التقويم المصري القبطي في سنه 4241 قبل الميلاد أي في القرن الثالث والأربعين قبل الميلاد، عندما رصد المصريون القدماء نجم "الشعرى اليمانيه" وحسبوا الفترة بين ظهوره مرتين، وقسموها إلي ثلاث فصول كبيره (الفيضان والبذار والحصاد)، ثم إلي أثني عشر شهر كل شهر، منها ثلاثون يوما وأضافوا المدة الباقية وهي خمسه أيام وربع وجعلوها شهر أسموه بالشهر الصغير، وسارت السنة القبطية 365 يوما في السنة البسيطة و366 يوما في السنة الكبيسة، وقد أحترم الفلاح المصري هذا التقويم نظرا لمطابقته للمواسم الزراعية ولا يزال يتبعه إلي اليوم.

الشهور القبطية
لم يطلق قدماء المصريين علي شهورهم في بادئ الأمر أسماء بل اكتفوا بالقول في الشهر الأول ثم الثاني .. الخ بالتعبير عنها بالأرقام ، و لكن في عهد الفرس في أيام الأسرة السادسة و العشرين و في القرن السادس قبل الميلاد أطلقوا علي كل شهر أسم معبود من معبوداتهم وربطوا كل شهر بمثل شعبي يميز مناسبة معينة على النحو التالى :
توت : مشتق من اسم الإله ( تحوت ) إله المعارف و مخترع الكتابة، وفي هذا الشهر كان يعم ماء النيل أراضي مصر وتطلق التقاوي من الغلال لزراعة الأراضي ، وفيه توجد أنواع متعددة من المحاصيل مثل ا لرمان والزيتون والقطن والسفرجل ويقولون في الأمثال ( أزرع ولا فوت)
بابه : وهو مشتق من أسم الإله ( بي تبدت ) إله الزرع وفيه يخضر وجه الأرض بالمزروعات ، ومن محاصيل هذا الشهر التمر والزبيب والسمسم والقلقاس ويقولون في الأمثال (إن صح زرع بابه غلب القوم النهابه وان هاف زرع بابه ما يبقاش فيه ولا لبابه)
هاتور: وهو مشتق من أسم الإله( أثور ) إله الحب والجمال ،وفي هذا الشهر يتجمل وجه الأرض بجمال الزراعة لذلك يقولون في الأمثال (هاتور أبو الذهب المنثور) وفيه يظهر زهور البنفسج والنيلوفر ويكثر العنب .‏
كيهك: وهو مخصص للمعبود ( كا ها كا ) أي عجل أبيس المقدس، وفي هذا الشهر يزرع الخيار بعد إغراق أرضه، وفيه يتكامل بذر القمح والشعير والبرسيم ويستخرج خراج البرسيم بالوجه القبلي وفيه يكون إدراك النرجس والفول الأخضر والكرنب والجزر والكراث الأبيض واللفت ويقولون في الأمثال (كيهك صباحك مساك تقوم من فطورك تحضر عشاك)
طوبي : و هو مخصص للمعبود( أمسو) و يسمي أيضا خم و هو شكل من إشكال أمون رع إله طيبه بمصر العليا أو إله نمو الطبيعة، وفي هذا الشهر يظهر الفول الأخضر والنبق وفي الأمثال يقولون (طوبه تخلي الصبية كركوبه من البرد والرطوبة)
أمشير : وهو مأخوذ من إله( الزوابع ) وفيه تكثر زهور البنفسج ويقولون (أمشير أبو الطبل الكبير والزعابيب والعواصف الكثير) .
برمهات : و ينسب إلي ( بامونت ) إله الحرارة ، وفي هذا الشهر يظهر الفول والعدس كما تزهر الأشجار و يكون اللبن الرائب أطيب كثيراً عن جميع شهورا لسنة ويقال في الأمثال (برمهات روح الغيط وهات) .
برموده : مخصص للإله ( رنيو ) أو) إله الرياح القارسه أو إله الموت و يصور بصورة أفعى، وفي هذا الشهر يكثر الورد ويزرع الخيار والملوخية والباذنجان و يقطف أوائل عسل النحل وينفض بذر الكتان ، و يقولون في الأمثال (في برمودة دق بالعامودة ) .
بشنس : مخصص للإله ( خنسو ) إله القمر وفي هذا الشهر يبدأ ظهور البطيخ والمشمس والخوخ الزهري ويجني الورد الأبيض ،ويقولون في الأمثال (بشنس يكنس الغيط كنس) .
بؤونة : و ينسب إلي إله المعادن، وفي هذا الشهر يظهر الخوخ الزهري والمشمش ويطيب التوت الأسود، ويقولون فى الأمثال (بؤونه تكثر فيها الحرارة الملعونة).
أبيب : وهو ينسب إلى ( هوبا ) إله الفرح أو ( هابي ) اله النيل، وفي هذا الشهر يكثر العنب ويطيب التين وتكثر الكمثرى السكرية و يقطف بقايا عسل النحل ويقولون فى الأمثال (أبيب طباخ العنب والزبيب) .
مسري :وهو يقابل برج الثور و اسمه مأخوذ من ( ماسي )، وفى هذا الشهر يدرك الموز و الليمون التفاحي والرومان.

وقد لازم الاحتفال بعيد النيروز بعض العادات والتى كانت تمارس من قبل الشعب كنوع من الاحتفاء به وما زال بعض هذه العادات موجود حتى الآن :-

- الاستحمام فى النيل صباح يوم النيروز وهو يشير إلى الاغتسال من خطاياه العام الماضى والتزام طهارة القلب فى العام الجديد، وقد جاء فى كتاب السنكسار أنه فى هذا اليوم ( أول توت ) استحم أيوب الصديق بالماء، فبرئ من أوجاعه فصارت عادة مستمرة مع العام الجديد أن يستحم بعض الناس ليتباركوا بالماء فى رأس السنة.
-ارتداء الملابس الجديدة ، ومعناها تجديد النيات الصادقة والعزم على عمل كل ما هو صالح.
- بعض الأسر تأكل خبز خاص فى صباح يوم النيروز مجردًا من الخمر ، ويرمز إلى وجوب العيش بلا خبث أو رياء كوصية .
- كان وجهاء الشعب يأكلون خبزًا يتكون من سائر الحبوب التى تنبت فى مصر، مخلوطًا بعضها ببعض مع الملح ، ويشير إلى عهد وثيق يتجدد سنويًا لتأييد الاتحاد بين الحكام والرعايا من جهة وبين هؤلاء بعضهم وبعض من جهة أخرى.
- كان من عادة الحكام والأمراء والكهنة أن يزوروا حقل النيروز بمحافظة أسيوط وهو من منتوت إلى الاشمونين ، حيث يقدم رؤساء كهنة الإله توت للملك محراثان تجره بقرتان من نتاج أبيس المقدس، فيحرث به خطًا واحدًا ثم يجارى الملك فى ذلك الأمراء وغيرهم، وذلك كى يستلم المصريون أن الزراعة حب مصر وان من الواجب تشجيعها.
ومن أشهر أنواع الفاكهة المرتبطة بعيد النيروز البلح والجوافة وذلك لاعتبارات رمزية ، حيث يرمز البلح الأحمر إلى دم هؤلاء الشهداء، وقلبه الأبيض يدل على نقاء سريرتهم، أما نواته البيضاء صلبة لا تنكسر وترمز إلى صمودهم رغم العذاب. والأمر نفسه تقريبا مع الجوافة التى يكون «قلبها أبيض» وبذورها كثيرة مثل المسيحيين الشهداء.
ويذكر أن المقريزى وصف الاحتفال بالنيروز بأنه جملة من المواسم تتعطل فيه الأسواق ويقل فيه سعى الناس فى الطرقات، وتوزع فيه الكسوة لرجال الدولة وأولادهم ونسائهم ، وقد ظل الاحتفال بعيد النيروز كعيد وطنى يتوحد فيه كل المصريين لفترة من الزمن ، حيث كان محمد على الكبير يحتفل به وطنيا وتدق الطبول وتعطل فيه جميع الأعمال، وأمر سعيد باشا والى مصر بمرسوم صدر فى يوم السبت 7يوليو عام 1855م أن يصبح التاريخ القبطى (المصرى) هو التاريخ الرسمى للبلاد فى دواوين الحكومة، وظل معمولا به لمدة عشرين عاما حتى جاء إسماعيل باشا ونقض هذا الأمر وتحول إلى التقويم الافرنجى، ولكن ظل الفلاح المصرى الأصيل محتفظا بالتاريخ المصرى والاحتفال بعيد نيل مصر وبقيت معه الكنيسة المصرية الأم تحتفل بهذا اليوم كعيد وطني وكنسي تذكاراً لأولادها من الشهداء ، و ظل كذلك إلى أن صدر قرار فى عام1962 م بإلغاء عطلة النيروز وعدم الاحتفال به كعيد وطنى والذى نتمنى أن يعود الاحتفال به كعيد وطنى لتعود معه مظاهر الاحتفال والتى تخلق حالة الألفة بين نسيج الوطن الواحد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - توت أو جحوتي إله مصري قديم
محمد بن عبد الله ( 2012 / 9 / 5 - 18:38 )
مقال جميل يشوبه خطأ صغير...هذا الكلام الذي لا أساس له ويتعارض مع علم المصريات:

((( (توت) .....، نسبه إلي العلامة الفلكي الذي وضع التقويم المصري القديم و اخترع الأحرف ، وقد ولد توت في قرية منتوت التي ما تزال موجودة وتتبع مركز أبو قرقاص محافظه المنيا بصعيد مصر بنفس اسمها القديم. )))

قد يكون الكلام منقولا عن شطحات هذا الطبيب المصري الهاوي للتراث الشوفيني العنصري الهوى الذي يخلط بين العلم الحقيقي وتصورات خياله الخصب فيشوّش أفكار أجيال

أدينه لكنني أدين أيضا غيره ممن ينشر تخاريف وخزعبلات أخرى لا تقل شططا باسم الاعجاز العلمي

مسكينة يا مصر في أنصاف متعلّميكي وهواة الشهرة الذين اجتاحوا موجات الأثير بسخافاتهم !

اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. تقارير: الحرب الإسرائيلية على غزة دمرت ربع الأراضي الزراعية




.. مصادر لبنانية: الرد اللبناني على المبادرة الفرنسية المعدّلة


.. مقررة أممية: هدف العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ البداية ت




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على خان يونس