الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خُلِقْ العربي ليعيش تابعاً مُستضعفاً

سامي بن بلعيد

2012 / 9 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في حال النظر والتمعُّن في التأريخ العربي منذ ألأزل بصورة حيادية وواقعية بعيدة عن واقع ألولاء والتعصُّب لتبيّن لنا إن العربي يعيش سجيناً لأفكاره ومشاعره التي تصنع منه شخصيّة قوية أو ضعيفة ينتهي أمرها في حدود الولاء للآخر سوى كان في إطار ألأفراد أو الجماعات أو الأحزاب والدول

ففي زمن الحياة البدائية أو الجاهلية او العصور الوسطى أو صدر ألإسلام أو التأريخ الحديث والمعاصر تجد العربي وكأنّه جُبل على الخضوع والولاء , يتعصّب للعشيرة وزعيم العشيرة من الزمن البدائي الى حد اللحظة , خضع للقبائل وشيوخ القبائل وما زال يخضع الى حد اللحظة , تتحرر شذرات من هذه الشعوب من الولاء العشائري والقبلي فتدخل في الولاءات الحزبية بصورة علمية جعلتها تصنع قيودها بأيديها

سمعنا وقرأنا والتمسنا عن الثورات العربية منذ قيام الثورة السورية في 1946 لحتى نهاية الستينات , وما إن أحتفلت الشعوب بإنتصاراتها حتى وجدت نفسها تُساق وبإرادةٍ حُرّةٍ شعبية الى نفس مدارات الخضوع والمولاة , فلا ننسى من قدّس ألإتحاد السوفيتي وقدّس أفكاره حتى أصبح لا يتحرّك من موقعه إلاّ برضاء ومباركة إشتراكيّة عُظمى , وعلى الواجهة ألأخرى بقي من أحتفظ بتعبُّدُه للغرب وصار يبدع ويتفنن من أجل الحصول على رضاء ألآلهة الغربية

أنتقدوا المؤمنين بمحمد وربه فعبدوا لينين ونظريته أكثر , وهناك من تظاهر بإسم العقيدة ألإسلاميّة وهو يبيعها جملةً وتفصيلا الى الغرب الرأسمالي الذي يقتات على دماء الشعوب وحريتهم وكرامتهم وأولئك هم ألأخطر والأسوى

لاحظوا معي الى الكثير من المثقفين العرب وذوي المؤهلات العالية وبالذات من يمتلك الثقافة الواسعة التي تحمل في طيّاتها عقلية جمعية شامله وتلك ألأشكال هي من يعوّل عليها في تغيير وجه الحياة ولكن للأسف الشديد نجد إن ثقافة ألخضوع والولاء والخنوع لا تقف عن حدود شيخ العشيرة والقبيلة أو رئيس الحزب وزعيم الدولة أو المفتي ورجل الدين بل إنّه تعدى ذلك الى حدود التكوينات الثقافية والفكرية , فأصبح خيط الولاء والخضوع يلتف حول عقل العربي ويتجاذبه ويتقاذهُه في جميع ألإتجاهات , وحيث ما ولّى وجهه وجده أمامه , فصار له ألأب والأُم فالمدرسة والجامع وشيخ القبيلة والعشيرة وزعيم الحزب ورئيس الدولة وصار له روسيا وأمريكا وأوروبا والى آخره من الحلفاء

الذاكرة العربية لا تجيد إنتاج أي أفكار غير أفكار الولاء والتأييد والخضوع منذ فجر التأريخ وطبيعة العربي ألإنفعالي تجعله يضن بأنّه يعرف كُل شيئ عن الآخرين ولكنه للأسف لا يعرف شيئ عن نفسه , وبغض النظر إن يكون ذلك العربي إ.دكتور أو عالم أو جاهل أو غير ذلك فكلهم يتحركون داخل نفس المربعات السقيمة
فالعربي لم يصل الى درجة التفكير بالعقل في العقل كما قالها الجابري وذلك ألأمر يمنعه من رؤية ذاته فيصبح فاقد القدرة على إصلاحها وبالتالي لا يمكنه معرفة الطريق الحقيقي العام للتغيير ألإنساني والحضاري

فإذا ما ظل العربي يفكّر بنفس الطريقة ويتحرّك بنفس نتائجها سيظل حبيس سجونه الفكرية العتيقة مهما غيّر لهجة الخطاب فلن يكون ذلك إلاّ مجرّد ديكور يستخدم في الغالب للإنتصار على ألآخر العربي وإظهار ألإخلاص لمن يخضع له العرب سوى من إتجاه الشرق أو الغرب

فهل سيأتي يوم يفكّر فيه العرب بعقولهم ويتحركون بشخصياتهم المستقلّة ؟ أم إننا خُلقنا كي نكون تابعين ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم يا سيدي هذا هو ورثنا
نيسان سمو ( 2012 / 9 / 6 - 09:15 )
اخي العزيز هذه هي مصيبتنا لقد ورثنا هذا النهج الخاضع اباً عن جد وشيخ عن شيخ وإمام عم إمام وحاكم عن حاكم ولايمكننا ان نتخلص من ذلك الورث إلا بالتغيير الجذري لموروثنا اي ان نتغير من الأساس او ان نغّير القاعدة ، نغيّر المدرسة ونربي جيل جديد لا يؤمن بما ورثناه .. تحية وتقدير


2 - الى ألأستاذ الكريم نيسان سمو
سامي بن بلعيد ( 2012 / 9 / 6 - 10:21 )
أشكرك على إضافتك الرائعة
وبالفعل نحن بحاجة الى تغيير جذري يغادر كل مواقع الصراع والتخلُّف والتبعيّة والخنوع
وأعتقد إن ثورات الربيع إذا أُحسِن إستخدامها وفهمها ستكون هي بداية الطريق نحو الحقيقة التي تتيح المجال للعقل والعلم والإبداع وتدفع الجميع نحو القبول والتكامل والنظر الى الجوانب المشرقة من الحياة بدلاً من حالات ألإنطواء والقوقعة والتكلُّس
إحترامي لشخصك الكريم


3 - العقل العربي
وليد مهدي ( 2012 / 9 / 6 - 10:22 )
اخي الزميل بن بلعيد

شكرا لك على الموضوع , ولكن لا يمكن اعتبار كل تاريخ الامة خاطئ بهذا الشكل

فلسفة التاريخ الحديث هي فلسفة حضارات وامم , وليست فلسفة عمومية شمولية للتاريخ الإنساني

بالتالي

هناك عوامل موضوعية في تشكل بنية الحضارة العربية( الإسلامية )حسب التصنيف
المعرفي الحديث لها في الغرب
لابد وان تكون اسهمت في كل هذا التشتت


تحية لك مرة اخرى
وشكرا لاثارة مثل هذا الموضوع


4 - الزميل العزيز وليد مهدي
سامي بن بلعيد ( 2012 / 9 / 6 - 10:43 )
الحضارات ألإنسانية العريقة تترك شيئ من الروابط ونقاط ألإلتقاء , هناك لحظات قوّة وهناك لحظات ضعف , وهناك محطات وقوف ومراجعة , نحن العرب لا توجد لدينا محطات وقوف ومراجعة , الحركة عندنا مستمرّة ولكنها سلبية , حركة تبني نفسها على أساس إرضاء جهةٌ من الناس , وكما أشرت في سالف الكلام إننا ننطلق من خارج مياديننا الحقيقية ونعلّق مصائرنا بيد مجهول أو بيد جهةٌ لها الغلبة , وكأن المنطق لا يتماشى مع الشخصية العربية
وبالنسبة للشريعة ألإسلامية فهي الوحيدة التي أسست وعي جمعي للعرب حتى وإن كان يقوم على العاطفة على ألأقل إنه مثل جانب من السلوك الحضاري المطلوب
إحترامي


5 - نعم , اتفق معك
وليد مهدي ( 2012 / 9 / 6 - 11:06 )
بالفعل

ما قلته صحيح

وهو جوهر ما طرحته انا في المقال الاخير

رغم ذلك

هناك لحظة تاريخية حاسمة بدات في تونس

ولن تنتهي عند حدود تغيير الحكومات فقط

الثورة الفرنسية قتلت الملك وقتلت معه رمز الرب

هذه الثورات ستحدث في الاجيال القادمة تغييرا جوهريا في الوعي الجمعي
رغم اللتي واللتيا ورغم كل عوامل التراجع والنكوص الحالية فإن حركة تاريخ الحضارات تقول ان الامة على اعتاب مرحلة تحدي جديدة نامل بان تكون عاقبتها الخير والحسنى

اطيب امنياتي


6 - ألأستاذ وليد : لقد أتيت بالقول الفصل
سامي بن بلعيد ( 2012 / 9 / 6 - 12:07 )
ردّك ألأخير أنا أعتبره بيت القصيد وهو ما يفترض أن تُركِّز عليه أقلامنا
بالنسبة لمقالك ألأخير هو عميق ومنهجي ولا تؤاخذني في النقد الجاف نوعاً ما وألأسباب هي تتعلّق بذلك التخوُّف الذي سكن ويسكن أذهاننا من الحصول أو الوصول الى مزيداً من ألإنقسامات التي ما برِحَتْ توقض مضاجعنا وخاصةً في المرحلة التأريخية المهمة من حياة الشعوب
أستاذ وليد : قليلون هم أمثالك ممن يكتبون بعمق وسعة ومنهجيّة , أتمنى أن تعطي إشارات الى ألأهداف التي تريد الوصول اليها في كتاباتك في كُل موضوع على حِده حتى ولو كانت في النهاية ستأتي بخاتمة الإطروحات وتفاصيلها وذلك نظراً لعدم قدرتنا على التحليل للمواضيع التي تحمل قضايا إستراتيجية
شيئ آخر نحن نخشى المزيد من ألإنقسامات وبالذات في هذه المرحلة المهمة من حياة العرب , فيا حبذا لو تتكاتف ألأقلام من أجل إحداث التغيير المنشود
الزميل وليد : لك أطيب تحيّة


7 - سقوط الحضارة و الدول العربية ضمن الحضارة البشرية
علاء الصفار ( 2012 / 9 / 7 - 18:02 )
اجمل التحيات سامي بن بلعيد
لقد وصف كارل ماركس, بما معناه! بربرية الراسمالية بانها تسحق البشر بالاستغلال الطبقي, وحين تصبح سلطة الراسمال امبريالية ستدوس على ملايين الجماجم في العالم من اجل مصالحها الطبقية!ع
ان حضارتنا هي في الحقيقة تتقاطع وتتشابك في ذات الحين بين سلطة الدكتاتور العميل البربري و همجية سلطة راسمال الامبريالية وحروبها الدموية
ان عنف السلطة الدكتاتورية العربية وغيرها في العالم, هو متأتي ومدعوم من عنف السلطة المتمثل بدكتاتورية طبقة الدولة الراسمالية في الغرب و رأس رمحها الامبريالية الامريكية, التي تعمل على طمس و حرف الصراع الطبقي للشعوب على المستوى العالمي لقمع تحرر الشعوب من بربرية استغلال الانسان أينما كان في العالم. الدول الراسمالية الغربية عملت و تعمل على استغلال الانسان للانسان, وبنهب و تدمير الشعوب النازعة للتحرر بالحروب, و يرافقه تدمير واستنزاف لثروات الشعوب و تدمير النسيج الاثني والوطني لها وتهميش والغاء الكثير من الشعوب وحضاراتها القديمة,مع تدمير للبيئة والطبيعة و الانسان
لان الغرب بتسلطه يرسخ سقوط الحضارة وسقوط الانسان في كل مكان.نحن عبيد عصر امبريالية امريكا


8 - أستاذ علاء : أنت رائع
سامي بن بلعيد ( 2012 / 9 / 8 - 01:10 )
وقد أتيت بطرحك من واقع المعاناة
وإن لم ينتبه الجميع الى الخطر الرأسمالي الذي يسخّر ألأديان ويستغل كل المتناقضات وكل الظروف الصعبة التي يمر بها الناس سوف يصل الجميع الى طريق أللآعودة
وعلى العرب أولاً وأخيراً إصلاح ذاتهم وقبول بعضهم والعمل على أساس قواعد الشراكة الوطنية , طالما والوطن للجميع , ومتى ما حصل ذلك وفُتحت ألأجواء السلمية بين العلماني والديني سيكون ذلك بداية إنتصار حقيقي على قوى الاستغلال الرأسمالي
ومن تجربتي خلال أكثر من عقدين من الزمن عِشتها في الولايات المتحدة الامريكية أنا أرى إن الشعب الامريكي بغالبيته وبديمقراطييه يعانون من هيمنة قوى المال والسلطة فقد سخروا أغلب القوانين لخدمة تلك القوى بشكل علمي منهجي خطير جعل من الشعب يتحرّك بطريقة تعطي ثمار نتائجها لتلك القوى المسيطرة التي تحميها الاجهزة الامنية والعسكرية تحت ما يسمى النظام والقانون المصنوع أصلاً بعقول وأيادي رأسمالية
أستاذ علاء تسلم على إضافتك الرائعة
أطيب تحيّة


9 - بين الصواب والخطأ
عادل التونسي ( 2012 / 9 / 11 - 21:27 )
ان الموضوع المطروح جدلي يحمل المعاني ورغبة في النقد الا انه لايحمل الرغبة في التصحيح للأخطاء ورغبتك في الكتابة دفعتك الى ان تكتب ما ليس صوابا ولا خطأ فقد كتبت عزيزي ان العربي يعيش سجينا لافكاره ومشاعره ولكن من منا لا يفعل فلو هاجمك جدلا عشرة اسود افلن تكون سجينا لافكارك ومشاعرك عن كيفية اكلهم لك وخوفك منهم وعلى النقيد لو كنت فارسا بألف فارس فسوف تكون افكارك عن مدى اهمية التحدي الموجود امامك وعليه فأن هذه النقطة مفروضة على كل انسان لا على العربي وكونه شخصية قويه او ضعيفة هو الذي سيحدد موقفه لاموقفه هو الذي سيحدد كونه شخصية قوية او ضعيفة
*الفقرة الثانية لقد حاولت التذاكي فيها فأستخدمت في البداية التعاقب الزمني من الجاهية الى صدر الاسلام الى اللحظة ثم استخدمت صورة الجبل لتظهر ان العرب مشبعين في التبعيه والجبن الى الشعيرة والقبليو ولكن اليس هذا حال الانسان بلعموم ففي اليابان توجد للعائلات الكبيرة نفس انظمة عشائرنا والحال نفسه في الصين والقبائل الهندية والشراكس والاتراك والاكراد وشيشان والقبائل الافريقي ع


10 - بين الصواب والخطأ
عادل التونسي ( 2012 / 9 / 11 - 22:09 )
لم تكفي الالف حرف لتعليق لذلك اكمل لك اخي العزيز
ولقد صدقت في الفقرة الثالثة فقد سلم الاباء والاجداد وانقسموا للاتحاد السوفياتي او الحلف الاطلسي ولكن العالم كله فعل من كوبا الى استراليا عبر الشرق الادنى والاوسط ودول العالم العظمة والصغرى والذين لم يدخلوا في الصراع ابتكروا جبهة ثالثة وسموها دول عدم الانحيازوانا واثق من انهم كانوا يرغبون في الدخول في الصراع ولكن قدراتهم ومواقعهم الجغرافية لم تساعدهم ونحن كعرب او مسلمون نهوى المدايين وحكم موقعنا الجغرافي وانتشاره الواسع وضعف ثغور حدودنا جرنا الى ذلك النزاع وعدم توحد كلمتنا زاد من قسوته علينا,ومع اننا لم نكن الوحديون في تحمل اعباء الحرب الباردة وسباق التسلح وحرب النجوم الا اننا كنا المتميزون
لكن في النهاية خسارة معركة لايعني خسارة الحرب نعم ذاك هو الحال بين حروب الامم يجب ان تجد الاسلوب في جوانب صفحات كتاب التاريخ لتزيل دخان العار وتبصر من جديد يجب ان تجد لضعيفي النفوس الامل من اجل العمل من اجل الغد من اجل الامة من اجل امر الرب بعمار الارض فلتحيا اغصن الزيتون ولتطول اعمار البشر ليشهدوا العزة والنصر وليكون العمل كله كد دون ملل


11 - الحياة رحلة بين الخطأ والصواب
سامي بن بلعيد ( 2012 / 9 / 13 - 07:37 )
عادل التونسي مرحبا
أشكرك على ملاحظاتك ونحن يا عزيزي نعيش في البرزخ بين الخطأ والصواب وهدف ما أكتبه هو الدفع الى التغيير
التغيير الذي أشرت اليه في خاتمة كلامك وهو
لكن في النهاية خسارة معركة لايعني خسارة الحرب نعم ذاك هو الحال بين حروب الامم يجب ان تجد الاسلوب في جوانب صفحات كتاب التاريخ لتزيل دخان العار وتبصر من جديد يجب ان تجد لضعيفي النفوس الامل من اجل العمل من اجل الغد من اجل الامة من اجل امر الرب بعمار الارض فلتحيا اغصن الزيتون ولتطول اعمار البشر ليشهدوا العزة والنصر وليكون العمل كله كد دون ملل
أنا أشكرك على هذا الطرح العقلاني الذي يدفع نحو الحياة
بغض النظر عن سابق الملاحظات التي دهست عجلاتها كل شيئ من حولها ما عدا جانب واحد

اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح