الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزرائيل أو أهرمن - قراءة في تأثيرات الزرادشتية في الإسلام 3

مختار العربي

2005 / 2 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عزرائيل الفارسي والمسلم:
وصل أسم اسم عزازيل إلى المسلمين من اليهود، وتوجد هذه الكلمة في التوراة العبرية ( اللاويين 16: 8 و10 و26. ) ولكنهم اتخذوا قصة خروجه من جهنم من الزردشتية، من كتاب بهلوي عنوانه: »بوندهشينة« (أي الخليقة). فورد في »قصص الأنبياء« (ص 9) »خلق الله عزازيل، فعبد عزازيل الله تعالى ألف سنة في سجن، ثم طلع إلى الأرض فكان يعبد الله تعالى في كل طبقة ألف سنة، إلى أن طلع على الأرض الدنيا«. وورد في »عرائس المجالس« (ص 43) أن إبليس يعني عزازيل أقام ثلاثة آلاف سنة عند باب الجنة بالأمل أن يضر آدم وحواء لامتلاء قلبه بالحسد. وورد في (بوندهشينه) (فصل 1 و2) (أهرمن يعني إبليس كان ولا يزال في الظلام غير عالم بالأشياء إلا بعد وقوعها، وحريصاً على إيصال الضرر للآخرين وكان في القعر.. وذلك الميل للضرر وتلك الظلمة أيضاً هما محل يسمونه )المنطقة المظلمة«. وكان أورمزد يعرف بعلمه التام بوجود أهرمن لأن أهرمن يهيج نفسه ويتداخل بالميل للحسد حتى الآخر.. وكان أورمزد وأهرمن مدة ثلاثة آلاف سنة بالروح، يعني كانا بدون تغيير ولا حركة.. فالروح الضار لم يعرف بوجود أورمزد لقصور معرفته. وأخيراً طلع من تلك الهاوية وأتى إلى المحل الباهي. ولما شاهد نور أورمزد ذلك اشتغل بالأضرار).
فالفرق بين الأحاديث وبين هذا القول ظاهر، لأنه ذكر في الأحاديث أن عزازيل كان يعبد الله قبل خروجه من سجن، ولكن الزردشتية قالوا إن أهرمن لم يدرِ بوجود أورمزد أولاً. ولكن توجد مشابهة أيضاً بين هاتين الروايتين، وهي أن عزازيل وأهرمن دخلا الوجود في سجن أو في الهاوية، وصعد كل منهما من هناك، وبذلا جهدهما في الإضرار بخلق الله.
عزازيل أو أهرمن : فالبرهان على وجود علاقة بين هاتين القصتين، يتضح من الأحاديث ومن كتب الزردشتية أن الطاووس وافق من بعض الوجوه عزازيل الذي هو أهرمن، لأنه ورد في »قصص الأنبياء« أنه لما جلس عزازيل أمام باب الجنة ورغب في الدخول فيها رأى الطاووس الذي كان جالساً على الجنة واحداً يتلو أسماء الله العظمى الحسنى. فسأله الطاووس: »من أنت؟« فقال له: »أنا أحد ملائكة الله). فسأله الطاووس: (لماذا أنت جالس هنا؟). فقال له عزازيل: (أنظر الجنة وأتمني الدخول فيها«. فقال له الطاووس: »لم أومر بإدخال أحد إلى الجنة ما دام آدم عليه السلام فيها«. فقال له: »إذا كنت تأذن لي بالدخول فيها أعلّمك صلاة من تلاها نال ثلاثة أشياء: أحدها أنه لا يكبر، وثانيها أنه لا يصير عاصياً، وثالثها أنه لا يطرد من الجنة«. فأخبره إبليس بهذه الصلاة فتلاها الطاووس فطار من سور الجنة إلى الجنة ذاتها وأخبر الحية بما سمعه من إبليس. وذكر بعد هذا أنه لما أهبط الله آدم وحواء وإبليس من الجنة إلى الأرض طرد الطاووس معهم أيضاً.
أما قصة الطاووس في كتب الزردشتية فتختلف عن هذا، غير أنهم في قديم الأيام ظنوا أنه مساعد لأهرمن. فقد ورد في كتاب أرمني قديم يسمى »ردُّ البدع« (باب 2) تأليف يزنبق »عن الزردشتية في تلك الأعصر، قالوا إن أهرمن قال إنه ليس أني لا أقدر أن أعمل شيئاً من الخير، ولكني لا أريده. وخلق الطاووس لإثبات هذا الكلام«. فإذا كان أهرمن أو عزازيل هو الذي خلق الطاووس فلا غرابة إذا كان هو الذي علمه وصار معينه وطرد معه من الجنة.
الصراط الزرادشتي والإسلامي:
يري العلماء المسلمون إن النبي (ص) محمداً قال إنه بعد دينونة يوم الدين الأخيرة يُؤمر جميع الناس بالمرور على الصراط، وهو شيء ممدود على متن جهنم بين الأرض والجنة. وقالوا إن الصراط هو أدق من الشعرة وأحدُّ من السيف، فيقع منه الكفار ويهلكون في النار. فمن أراد معرفة منشأ هذا القول وجب عليه أولاً أن ينظر في اشتقاق كلمة (صراط) لأن أصلها ليس من اللغة العربية، فلابد أنها اتُّخذت من لغة أخرى، لأن (صراط) معربة من أصل فارسي. والزردشتيون يسمّون (الصراط) (جينود). وبما أنه لا يوجد حرف ج في الأبجدية العربية، استُعمل بدلاً عنه حرف ص، فكل كلمة أعجمية تكون تبدأ بحرف ج ويُراد تعريبها، يُبدل حرف ج إلى ص. مثلاً جين تصير صين. وعلى هذا القياس تكون كلمة صراط معربة عن (جينود). ولم يتخذ المسلمون من قدماء الزردشتية كلمة صراط فقط، بل اتخذوا عنهم هذا الاعتقاد كله، كما يظهر من مجرد التأمل في العبارة الآتية المأخوذة من كتاب بهلوي يسمى (دينكرت) (جزء 2 فصل 81 في قسمي 5 و6) ونصه: (أهرب من الخطايا الكثيرة. أحافظ على نقاوة وطهارة سلوكي بحفظ طهارة قوى الحياة الست، وهي الفعل والقول والفكر والذهن والعقل والفهم حسب إرادتك يا مسبِّب الأعمال الصالحة العظيم. وإني أؤدي عبادتك بعدالة بحسن الفكر والقول والعمل، لأستمر في الطريق الباهية، لكي لا أعاقب بعقاب جهنم الصارم، بل أعبر على جينود، وأصل إلى ذلك المسكن المبارك المملوء من العطريات والمسر بأجمعه والباهر دائماً).
وتعني كلمة (صراط) في الأصل (الجسر الممدود) فقط، إلا أنهم توسعوا في معنى هذه الكلمة بعد ذلك، فصارت تفيد الطريق، كما وردت بهذا المعنى في سورة الفاتحة. ومعنى الصراط الحقيقي (الذي لا يمكن أن يُستفاد من العربية) واضح إذا اطلعنا على اللغة الفارسية القديمة، لأنها مشتقة من كلمتين فارسيتين قديمتين معنى إحداهما الاتحاد ومعنى الثانية معبر، فيفيد جمع هاتين الكلمتين »القنطرة« التي قال الزردشتية إنها توصِّل الأرض بالجنة .
الإسلام هو ناسخ الديانات هكذا علمنا سدنة النص! وهو بذلك يصبح المكمل لهم لا الآخذ عنها! وينشأ سؤالنا عن أثر الديانة الزرادشتي أو المجوسية التي هي في عرف النص كفر ووثنية بالرغم من صفاتها الروحية وفلسفتها الخاصة بها، فكيف يأخذ الإسلام من الزرادشتية وهو غير مؤمن بها ولا مسلم بصحتها؟ ولماذا الزرادشتية بالذات وهي البعيدة عن واقع العرب الثقافي والحضاري؟ وتعتبر المجوسية فلسفة أكثر من كونها ديانة! أي تحمل عناصر الرهانات المعرفية والآليات الفكرية المتجددة! والإسلام كبقية الأديان السماوية يصر على أحقيته وتفوقه على بقية الأديان على الرغم من أن الإسلام هو الإبراهيمية المخففة أو كما يسمونها الحنفية السمحة البعيدة عن الترهب والأثر المسيحي! فالتاريخ العربي يخبرنا عن كثير من الحنفاء أي الإبراهيمين والقرآن ذاته يذكرنا بذلك فقد ذكر الدكتور جواد على : ذكرت كلمة الحنفاء في القرآن 10 مرات ( جواد على- المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام - الجزء السادس) وهو المصلحون الذي رغبوا عن عبادة الأصنام وتعرفوا عن قرب على الديانة المسيحية (النصاري في ذلك الوقت) واليهود، ولكن الغريب في الأمر رفض النبي لكل هؤلاء واعتبارهم مهرطقين والسطو على التراث الفارسي واعتماد أساطيره كأساطير إسلامية! فمن قام بالترجمة والأسلمة؟ يبقي هذا هو السؤال؟؟؟ أحييكم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمطار ورعد وبرق عقب صلاة العصر بالمسجد الحرام بمكة المكرمة و


.. 61-An-Nisa




.. 62-An-Nisa


.. 63-An-Nisa




.. 64-An-Nisa