الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النوادي الاجتماعية في بغداد..مرة اخرى

جمال الهنداوي

2012 / 9 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ان بعض الظن أثم..اي ليس كله,وهذا الهامش الذي يوفر لنا امكانية ان يؤخذ كلامنا على محمل الظن الحسن هو ما يجعلنا نحاول ان نلج في خضم كل ذلك التراشق المسرف للاتهامات الذي رافق تداعيات قيام قوة خاصة تابعة للجيش العراقي بإغلاق بعض النوادي الاجتماعية في بغداد بالقوة وسط انباء تتحدث عن استخدام "الهراوات واعقاب البنادق لضرب الزبائن وعدد من المغنين الذين كانوا يحيون الحفلات"..وقد يكون تحرجنا في الخوض في هذا الموضوع هو ضخامة الاتهامات التي يطلقها الطرفان والتي تتارجح في بون شاسع من الاختلاف مابين الدمغ بالاصولية والرجعية والانغلاق والاعتداء على الحريات العامة والرمي بالفسق والفجور والكفر البواح..
ونفس هذا الظن,ولكن في شقه الآثم,هو ما يدفعني,لان اسجل البراءة الروتينية التي اصبحت من المسلمات في مثل هذه النصوص واعلن باني لست من شاربي الخمر ولا معاقري الراح ولست من مرتادي هذه المنتديات, لكي اضمن بان لا اصنف ضمن"ثلة"المفسدين والداعين الى الفجور والفحشاء والمنكر والمحللين لما حرم الله,وان كنت لا اعتقد ان فئة الغفلة والجهل والانسياق وراء الافكار الغربية والوافدة سوف تخطئني ..من قبل البعض على اقل تقدير..
ولكن مع كل ذلك,وعلى الرغم من الوجاهة المفترضة للمعطيات التي يقدمها مؤيدو مثل هذه الممارسات ,لا يمكن باي شكل من الاشكال,التغاضي عن الطابع التفردي المتجاوز القافز على الآليات القانونية والدستورية والتي تحدد وتلزم جهة القرار بالخطوات الواجب اتخاذها في مثل هذه الاحوال,خصوصا وان هذه الاندية تخضع لضوابط وقوانين نافذة تحدد وتنظم عملها,وحاصلة على اجازات بممارسة المهنة مما يجعل من الصعب الاقدام على اغلاقها ، لان الاجازة تعني موافقة القانون والدولة على عملها..
وليس من المفيد تجاهل وتناسي ان مثل هذه المشاريع قد تمت بتشجيع ودعم وتمويل -عن طريق الاقراض الميسر -وتسهيل حكومي تمثل باضفاء الحماية عليها باعتبارها جزء من متنفس تحتاجه العاصمة وسكانها من المواطنين الذين قد لا يتفقون تماما مع معتقدات السادة الذين كانوا وراء اصدار القرار بمداهمة هذه النوادي,بل اننا كنا نقرأ ان الدولة كانت قد انذرت بعض القائمين عليها ممن امتنعوا عن ممارسة نشاطاتهم -خوفا وفرقا وتجنبا لسطوة المجاميع المسلحة التي تستهدفهم-بسحب اجازاتهم ومنعهم من ممارسة عملهم في حالة عدم فتح محلاتهم..
والاغرب هو ان العديد من الجهات قد تبرأت من هذا الفعل حد ان محافظة بغداد ذكرت بانها قد "اصدرت اعماما الى شرطة بغداد ومراكزها ومفارزها بمنع منتسبي الشرطة من مداهمة النوادي الاجتماعية والاتحادات الادبية والفنية إلا بموافقة المحافظة".مما يثير الكثير من علامات الاستفهام عن الجهة التي تملك صلاحية تحريك قوة عسكرية تقوم بـ"تجاوزات ومداهمات على النوادي الاجتماعية والأدبية دون علم المحافظة ".
كما ان "الجهود"التي تبذلها لجنة الأوقاف والشؤون الدينية البرلمانية،في تشريع قانون لـ"مكافحة الخمور"يعرض على مجلس النواب للعمل على استصداره,رغم التأكيد على عدم اولويته ضمن المتأخر من القوانين المهمة التي تنتظر تشريعها من قبل نواب الشعب, قد يمثل حلا "قانونيا"لكل ذلك التطير من تلك النوادي الاجتماعية ,ومبررا لبعض التأني في تجريد الحملات الامنية التي يتبرأ منها الجميع بعد ذلك,خصوصا وان حجم ونفوذ الاحزاب الدينية في المجلس قد تسهل -الى حد كبير- تمرير مثل هذا القانون..
كما ان طبيعة المجتمع العراقي المحافظة وضآلة التأثير الذي تمثله تلك الملتقيات وقلة عددها واقتصارها على مواقع ذات صفة محددة تعسر امكانية التوسع في اعداد مرتاديها قد تجعل الامر برمته قابل لبعض الانتظار المجدي الذي قد يسقط عن هذه الاجراءات تهمة الاساءة للحريات الشخصية..
من الصعب ان نجد مبررا لهذا الاسلوب الصادم والمؤلب المفتقر للتهيئة الاعلامية اللازمة واتباع الطريق الطبيعي في تنفيذ القانون,فان بناء المجتمع المدني التعددي الحر وسيادة الدستور والقانون هو الجائزة الوحيدة التي يمكن ان تساوي الدماء الغزيرة الطاهرة التي اريقت على درب التحرر والاستقلال..
كما ان مثل هذه الممارسات توحي للاسف بالتجاهل والاستخفاف بالرأي العام الذي يعد علامة فارقة في الادارة العراقية,وكان اضافة للكيفية والانتقائية والاجتزائية والفوقية التي حكمت اسلوب اصدار القرارات في النظام البائد هي محور التقاطع الرئيسي مع غالبية شرائح المجتمع العراقي..وانه يجب في دولة يحتوي دستورها على عشرات الاشارات للحرية الشخصية ان لا يتخذ اي قرار من الممكن ان يعد مساسا بها الا من خلال اليات بالغة الصرامة والشفافية هي من اهم ثوابت ومتبنيات دولة العدل والمواطنة والقانون التي ننشد والتي انتخبنا من انتخبنا على اساس الوعد ببنائها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية